تاريخ الاستشهاد : 10 - 03 -2003

رجل بألف .. خاض المعركة وحيدا لمدة عشر ساعات ولم يلق سلاحه حتى استشهد

لم يدر بخلد الجنود الصهاينة بأنهم سيندمون في يوم من الأيام لأنهم استوقفوا حافظا،هذا الرجل الذي لم يطأطء رأسه أمام احد الجنود على حاجز صهيوني في حارة الرجبي، وقال له بعد أن تلقى صفقة منه "سأريكم" ولم يزد على هذه الكلمة .

حافظ الرجبي مواطن عادي . كان متدينا هادئا. حافظا لكتاب الله عز وجل له أسرة جميلة مكونة من زوجة طاهرة وطفلان يحلقان في فناء بيت هاديء لم تنغصه سوى استفزازات الجنود الصهاينة والمستوطنين بين الحين والآخر.. ،لكنه كان رجلا صبورا فذا ليس ككل الرجال تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة طارق بن زياد ، حافظ لم يكن عاشقا للقتل ولا للدماء .. لكنه كان يسكن بجانب الحرم الإبراهيمي الشريف حيث وضع جنود الاحتلال نقطة عسكرية دائمة أمام منزله وكان الجنود يوقفونه كثيرا حتى انه كان يقول لزوجته اتصلي بي بعد خمس دقائق من خروجي من المنزل لكي تعرفي أين وصلت لانه كان يتحسب باستمرار من الاحتجاز على الحاجز.

حافظ الرجبي مواليد مدينة القدس في 1/12/1978 لقد كان ربيب المحنة تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة طارق بن زياد حتى الصف العاشر تزوج من ابنة عمته في عام 1996 وأنجب ابنه انس الذي يبلغ حاليا من العمر 2,5 سنة ومحمد وعمره 5 اشهر وكان ترتيبه الرابع في أسرة مكونة من 9 بنات وثلاثة أولاد .

كان الشهيد (أبو انس) يعمل صانع أحذية في مدينة حيفا وقد كان يحمل بطاقة زرقاء لأنه كان من سكان القدس وانتقل مع عائلته إلى مدينة الخليل لظروف خاصة ويقول والده أبو منير أن الشهيد كان متيسرا في عمله غير أن ظروف الانتفاضة وتراكم الضرائب على المحل أوصله إلى ترك العمل وعاد إلى مدينة الخليل حيث كان يعمل سائقا على شاحنة وقد ظل أخواه إسماعيل ومنير يعملان في مدينة حيفا ، وبعد عملية حيفا التي قام بها الشهيد محمود القواسمي في 7/3 اعتقلتهم سلطات الاحتلال ومكثوا حتى الآن ضمن المعتقلين الذين تم احتجازهم احترازيا.

صفات الشهيد وأخلاقه

يقول والده أبو منير وهو حاليا عاطل عن العمل إن الشهيد كان هادئا ولم في حياته كما انه لم يعرف عنه أي نوع من النشاطات السياسية وحسب ما ذكرت ام انس فان الشهيد كان يخرج مع رجال الدعوة والتبليغ . في إحدى المرات خرج لمدة أربعين يوما ومرة أخرى خرج للدعوة مدة ثلاثة أيام ولكن كان يخفي في قلبه محبة عظيمة لكتائب القسام وحركة حماس وكان يكثر من ترديد كلمة لا اله إلا الله وكان يحب قيام الليل والصلاة في جوف الليل والناس نيام يناجي ربه وأجمل صفاته على الإطلاق البشاشة وحب الدعابة . وتضيف أنها لم تشعر في يوم من الأيام بان حافظا يمكن أن يقوم بما قام به لشدة حفاظه على السرية ولأنه لم يكن يطلع احد على أسراره . ويقول والده أبو منير أن آخر عهده به عندما شاهده قبل استشهاده بأيام قليلة وسأله عن حاله وقال له (يا أبي الشباب بسلموا عليك) ويقول أبو منير لا اعلم أي نوع من الشباب يقصد ، ثم قال لي يا ابت التزم الصلاة وأدعو الله لي.

عاشق القسام والجنة

تضيف ام انس بان الشهيد استدعاها من منزل أهلها قبل استشهاده بثلاثة أيام ثم اتصل بها مرتين وهي في الطريق وتقول بأنها ساورها الشك في الأمر ولما سألته قال لها اشتقت لكم وتقول بأنه احضر لها ملابس جديدة كما احضر ملابس أخرى للطفلين انس ومحمد وقال لها إذا استشهدت أعطي صورتي هذه (ويقصد المرفقة بالتقرير) لتكبيرها وقال لها عليك أن تكوني قوية لأنك ستكونين حينئذ ملكة الحوريات وكان يحدثني كثيرا عن الجنة والشهادة حتى ملأ علي نفسي. وتضيف بان الشهيد ترك العمل على السيارة مؤخرا وقال لها بان السيارة شطبت عن الخط ولا يصلح العمل عليها وقال بانه سوف يذهب للبحث عن عمل في مدينة القدس . وفي أيامه الأخيرة كان يحدثني فقط على الهاتف وكان يقول بأنه في مدينة القدس.

وتضيف أن الشهيد كرس حياته كلها في خدمة الدعوة الاسلامية وكان دائما يدعوا أهله وذويه للالتزام بالصلاة ، والنساء الالتزام بالزي الشرعي وتقول ام انس انه قلبه معلق بمسجد المؤمنين ومسجد طارق بن زياد وكان لا يحب إلا صلاة الجماعة فيهما.

وتضيف انه كان يوجهها دائما أن تربي أبناءه تربية إسلامية ويدعوها للحرص عليهم.

أما الصغير انس فقد دار حولنا كأنه بدر جميل وعندما سألناه أين بابا أشار إلى صورة والده المعلقة على الجدار وقال ها هو حافظ.

وتقول ام انس إن الصغير انس كان يميز صوت سيارة والده عندما كان يأتي للبيت ويقول لقد جاء حافظ .

صاحب الحسنيين

في 10/3 حصل اشتباك مسلح بين الشهيد حافظ ودورية صهيونية راحلة في حارة النصارى القريبة من مستوطنة كريات أربع ولمهارة الشهيد في إطلاق النار والاختفاء من منطقة إلى أخرى اعتقد الجنود الصهاينة أن عددا من الاستشهاديين يقفون وراء الهجوم وبعد ساعة انتقل الهجوم إلى حارة أبو اسنينة وقامت سلطات الاحتلال بزج المئات من الجنود في الأحياء السكنية هناك غير ان الشهيد غير تكتيكه بالعودة إلى حارة الرجبي .وبحسب روايات شهود فقد تعالى صراخ الجنود وعويلهم وأصبحوا يندبون ويتصارخون كالنساء … وبعد ساعتين قالت المصادر الصهيونية إن مصادر النيران اكتشفت في احد المنازل في البلدة القديمة وتحديدا في حارة الرجبي وبعد مرور 10 ساعات على الهجوم أضافت تلك المصادر انه يعتقد بان عددا من الاستشهاديين يتحصنون في المنزل في هذه الأثناء لجأ الشهيد حافظ إلى أسلوب الكر والفر واستخدم أكثر من نقطة لإطلاق النار مما جعل الجنود يفقدون صوابهم وأخيرا قاموا بقصف المنزل بصواريخ مضادة للدبابات وتم تدمير منزل الشهيد كليا و يتكون من ثلاثة طوابق وقبل قصف المنزل قاموا باستخدام كلاب بوليسية مدربة حيث قام الشهيد بقتل احد الكلاب وبعد تدمير المنزل احضروا جرافة كبيرة وقاموا بإزالة الركام وبحسب روايات شهود عيان فقد اخرجوا جثة الشهيد ثم وضعوها على الأرض وداسوا عليها بالجرافة حتى شوهوها كليا وتقول ام انس أنها لم تتعرف على الشهيد سوى من حذائه وجراباته وقدميه حيث اقتلع جنود الاحتلال رأس الشهيد عمدا وأخفوه عنا حتى يغيظونا ، وفي تمام الساعة الثالثة من فجر اليوم التالي استدعينا من قبل قيادة المنطقة للتعرف على الجثة اما الجنود الصهاينة فقد اشتد غيظهم منا عندما شاهدونا ونحن نتعرف عليه بصبر يعجز عنه الجبال حيث لم نصرخ أو نبك وتقول شقيقته ام سمور التي تسكن في مكان قريب من حارة الرجبي إن المواطنين اشتموا رائحة زكية تبعث من الحي بعد استشهاد شقيقها وتقول بان أهالي الحي اعتقدوا بان المواطنين حطموا زجاجات العطر في المكان ، وتقول ام انس ان المقربين من الشهيد اشتموا رائحة زكية خلال مشاهدتهم للجثمان وأنا واحدة منهم.

وبحسب روايات المواطنين فان سيارات الإسعاف نقلت عددا من الجنود القتلة من المكان وان الضربة كانت قوية غير الصهاينة لم يعترفوا سوى بمقتل جندي وإصابة خمسة بجروح وأشاروا إلى أن الجنود كانوا يصرخون ويبكون مثل النساء . وقد اعتقد المواطنون الفلسطينون أن الصراخ ناتج عن عائلات فلسطينية ولكن بعد الاشتباك اتضح أن الجنود كانوا يتصارخون من شدة الرعب.

والشهيد حافظ هو الشهيد القسامي السادس الذي انطلق من مدينة الخليل في غضون أسبوع واحد فقد انطلق الشهيد محمود القواسمي في تاريخ 5/3 ونفذ عملية حيفا البطولية التي قتل في 17 صهيونيا وتبعه الشهيد حازم ومحسن القواسمي الذين دخلا مستوطنة كريات أربع وقتلا مستوطنين وأصابا ثمانية آخرين في حين انطلق الشهيدان فادي الفاخوري وسفيان احريز ونفذا عملية أخرى في مستوطنة نفغوت جنوب الخليل إلا نهما استشهدا قبل الدخول للمستوطنة وفي العاشر من نفس الشهر التحق بالركب الشهيد حافظ وبحسب اعتراف العدو فقد قتل في العمليات الخمسة 20 صهيونيا وأصيب أكثر من 70 آخرين الأمر الذي افقد الصهاينة صوابهم وجعلهم يطلقون النار على بعضهم مما أدى إلى مقتل جنديين من حراس مستوطنة بني حيفر جنوب الخليل اعتقادا منهم أنهم استشهاديين.


المراجع

موقع مملكة القصص الواقعية

التصانيف

قصص