خلعتُ عليكم خلعة الحب حقبةً |
وقلبى بأثواب الهوى يتصدّق
|
وقد خاب ظني في هواكم فليتني |
لخلعة أشواقي عليكم أمزّق
|
أساطيرُ من حب تهاوت نجومهُ |
فأصبح تاريخاً على الوهم يعشق
|
ولو أنكم متم لهانت فجيعتي |
وكنت عليكم من أذى اللوم أشفق
|
ولكنكم في العائشين وحسنكم |
يعيش بمصقول الخداع ويرزق
|
كفرت بروحي يوم همت بحسنكم |
فحسنكم اللماح حسن مزوّق
|
تزاويق صغتم من سداها حبالةً |
بأمراسها الصب المتيّم يشنَق
|
أمن خطواتٍ بين داري وداركم |
أبلغ فيها الرمز حين أصفّق
|
ترون بأن البعد اصبح شاسعاً |
وأن مجال اللوم في الهجر ضيّق
|
بخمسة أرقام تدار دعابة |
يراكم حبيب هائم الروح شيّق
|
إذا صلصل الهتاف قلت لعلهم |
إلى سمع صوتي بالغرام تشوقوا
|
فيسمعني الهتاف ما لا أريده |
خومٌ بأصوات الكراهة تزعق
|
وما يصنع الهتاف والكون غابةٌ |
بها الليث يضوى والحمام يطوّق
|
تعالوا أعينوني على وأد فتنةٍ |
يمزق روحي ظلمها ويشقّق
|
إذا لم تغيثوني فإني لذاهبٌ |
إلى أبدٍ فيه لمن ضميمَ موثق
|
تطول الليالي هل تطول فما رأى |
بأني لشيءٍ بعدكم أتشوق
|
غرائبُ من دنيا الغرام رأيتها |
فأنكرتها والقلب بالدم يشرق
|
وحلوان ما حلوان تلك مدينة |
لها بفؤادي في الصبابة جوسَقُ
|
أقمت بها حيناً فطابت إقامتي |
وكدت بأحلامي من الحب أغرق
|
إذا بلدُ العشّاق خان فإنني |
بأمر هواه في الوفاء لمعرق
|
إذا جزت أشواقي إليه فإنني |
أصافح أزهار المعادي وأنشق
|
أحبّ المعادي أرضها وسماءها |
وصحراءها إني عليها لمشفق
|
يقيم بها جيلٌ من الناس أمرهم |
غريبٌ كأمري في الغرام وأخفق
|
تجاور فيها الخلق من كل ملة |
وقد غرّبوا فيما أرادوا وشرّقوا
|
ألا إنما مصر الجديدة دارنا |
نرَدُّ إليها حالمين فنوثق
|
بها نهضت داري قبالة داركم |
فأصبح منكم بالجمال وأغبق
|
تلوذون بالتاريخ تاريخ صبوتي |
وهل يسمع التاريخ يوما فينطق
|
إذا لحاضر الوهاج خابت ظنونه |
فأمر الهوى الماضي حديث ملفق
|
وما لي وللذكرى أعيش بروحها |
ومن جيبها المعمور بالوهم أنفق
|
إذا ما الهوى قد صار ذكرى فإنني |
عليه بأطياف الجوى أتصدّق
|
فلا تحسبوني سادراً في ضلالةٍ |
أغرّبُ فيها تارة وأشرّق
|
لقد خلت الدنيا خلت من أحبتي |
فيا لك من دنيا تضيم وترهق
|
ومن أنت يا دنيا لحا اللَه زوجة |
بأيسر أسباب الخلاف تطلّق
|
أعندك يا دنيا دواءٌ لعاشق |
يرى أن وأد العشق بالحر أليق
|
أحباء في السراء يرجى وصالهم |
فإن غدر الدهر الغدور تفرّقوا
|
وفيّون في حبي لمالي فإن رأوا |
سحابة فقرٍ أسرعوا فتمزقوا
|
لصحراء يوم البؤس أعددت حبهم |
وقد يظمأ النبع الأصيل فيورق
|
أأسأل عنهم قد سألت فما الذي |
أجابوا به إني عليهم لمشفق
|
سراعٌ إذا النعماء طاب رحيقها |
فإن لمحوا ضرى بدهر يتعوّقوا
|
تعالوا تعالوا ما زماني بغادر |
ولا أنا في سعي إلى المجد مخفق
|
أنا الأسد الضاري الذي تعرفونه |
ومن صولتي يعيا الزمان فيحنق
|
تعالوا تعالوا قبل أن يخمد الجوى |
فأنسى وقد أنسيت حبّي فصدّقوا
|
نسيت الذي قد كان بيني وبينكم |
أفي الحق أني كنت أهوى وأعشق
|
أطابت ليالي العيد حيناً فلم تكن |
سوى جمرة للهائم الصب تحرق
|
على ليلة العيد التي تذكرونها |
سلامٌ وإن لم يبق للعيد موثق
|
لقد طاب ليل العيد ما طاب وانقضت |
أحاديث نرويها فنأسى ونُطرق
|
أكانت لياليى العيد حلماً صنعته |
بوهمي فاضحى وهو زورٌ مزوّق
|
ليالٍ قضيناها وكان يروضها |
أزاهيرُ يرويها الغرام يتعبَق
|
ليالٍ قضيناها وللدهر غفوةٌ |
وما كلّ ليل مقلة الدهر تأرق
|
طربنا وغنّينا وكان غناؤنا |
وساوس يحكيها الشراب المروّق
|
تضجّ بنا النجوى فنخرس صوتها |
ويبدو لنا طيف الجمال فنزعق
|
هتكنا حجاب السر في الحب دونه |
نمائمُ بالقول الأثيم تلفّق
|
وما أثم الواشون هيهات إنهم |
بآثامهم فينا أبرّ وأصدق
|
وما العيدُ عيد الناس فالعيد عيدنا |
ونحن عليهم رحمة نتصدق
|
إذا فاز خلّ من خليل بنظرة |
فعن أمرنا في الحب يحيا ويرزق
|
لقد ضاع ماضيكم لديّ أضعته |
بأمري وأمري في الجحودين مطلق
|
إذا خاب ظني في حبيب هجرته |
وأنكرته والغدر بالغدر يرشَق
|
لقد كذب الماضي ومان فخنتهُ |
وصيرتُه أكذوبة تتفيهق
|
إلى النار صيروا أو على البحر فاذهبوا |
فكل غدورٍ محرق أو مغرّق
|
أمثلى يرى منكم عقوقاً لحبه |
وشعري بعد الله للحسن يخلق
|
سأذكر ليل العيد أني عشقتكم |
ولم أك يوما لاعباً يتعشق
|
سأذكر ليل العيد ما كان من هوىً |
نعمنا به والدهر كالصل مطرق
|
سأذكر ليل النحر والبدر يرتمى |
بأمواجه والنور كالزهر يخنق
|
سأنحر قلبي في غد قد نحرتهُ |
فلم يبق لي قلبٌ يميم فيوثق
|
سلامٌ على قلبي سلامٌ ورحمةٌ |
وأنشودةٌ كالزهر أو هي أعبق
|
وهل كان لي قلبٌ أراجع عهده |
وأزعم يوما أنه كان يخفق
|
وهل كنت أهواكم وأدخل داركم |
أشبّب فيها بالجمال وأعشق
|
لقد تبت تاب القلب إني ذبحته |
وصيرته بالدمع والدم يدفُق
|
إلى أين صرتم هل نزلتم بدارةٍ |
لها من سناكم في دجى الليل مشرق
|
خبلتم فؤادي أو خبلتُ فؤادكم |
ألا ليتني من محنتي أتحقق
|
أأنتم رحلتم عامدين كأنكم |
مللتم جواري والملالة تصلق
|
أحاول نسيان الذي كان بيننا |
أحاول أمراً ما أراه يوفق
|
أأنسى ولن أنسى لياليَ أُنسكم |
وأنتم بقلب الصب أدنى وألصق
|
أعود إلى الذكرى أعود فإنها |
بقية ما أبقى الفراق المفرّق
|
ستذهب أيام طوال وينقضى |
زمان وقلبي من هواكم ممزّق
|
تنامون عني يغضب الحب غضبةً |
عليكم وسهم الحب أمضى وأمرق
|
بكيت بقلبي لا بدمعي من النوى |
وفي جوف قلبي جمرة تترقرق
|
تنامون عني كيف طاب نعاسكم |
أجيبوا فإني لا أكاد أصدّق
|
تظنون أني سوف أبكي ودادكم |
كما كنت أبكي والهوى البكر محرِق
|
تظنون والظنّ الأثيمُ ضلالةٌ |
بأني بما أسرفت في الصدق أحمق
|
ألم تعلموا أني أريد خداعكم |
خذوا الدرس عني إنني أتحمّق
|
سأسهر ليل العيد وحدي لعلني |
أصدق أني من جوي الوجد معتق
|
سأنسى سأنسى قد نسيت صبابتي |
وطلّقتها والعزم كالسهم يمرق
|
لمن أمركم بعدي وأين زمامكم |
أضعتم زكيّا وهو أحنى وأرفق
|
إلى اليتم ما صرتم إليه بجهلكم |
فذوقوا عذاب اليتم أو فتذوقوا
|
قتالُ الجمال السهل رأيٌ رأيتهُ |
وأبصرتهُ إني امرؤ يتحقق
|
ستقضون ليل العيد في عضّ كربة |
إذا بسمَت كانت جحيماً يطقطق
|
خذوا ليلة العيد الجديد بصرخة |
يكاد لها غافٍ من الدهر ينطق
|
خذوها خذوها واشربوها صريحة |
هي الدهر صرفاً وهي أدهى وأوبق
|
خذوا ليلة العيد السعيد بحسرة |
تكاد بها الشم الشواهق تصعَقُ
|
خذوها خذوها إنني لا أريدها |
وإن كان قلبي بالتوله يشمق
|
تظنون أني سوف أذكر عهدكم |
وأحرم من طيب المنام وآرق
|
بهذا الخيال الحلو ضاعت حلومكم |
لكل خيالٍ كاذب الوهم خيفق
|
أعاتبكم هيهات ما أنا عاتبٌ |
ولا أنا بالحب الكذوب مصدّق
|
أعاتبكم من ذا أعاتب إنني |
لأجهل من بالحب والعتب أرشق
|
أراجع أحلامي فأنسى عهودها |
إلى بهرة النسيان سهمى يفوّق
|
فلا تسكتوا عني فما لي إطاقة |
على لجة في مائها المر أغرق
|
تعالوا تعالوا إنني في بليةٍ |
أكاد بها من رجفة الهول أصعق
|
يحاول أو شابٌ من الخلق صحبتي |
ولى مهجة كالماس بالختل تسرَق
|
إلى أين صرتم آه إني أبحكم |
ومن صدكم عني أخاف وأفرق
|
تعينون أيامي عليّ بصدكم |
عفا الحب عنكم وهو بالحسن يرفق |