الشهيد إبراهيم عبد الكريم بني عودة الطموني من قرية طمون ولد في عام 1965 في دولة الكويت ونشأ وترعرع هناك مصليا في مسجد ابن هجاج في مدينة خيطان وقد ولد لأبوين محافظين نشأ في كنفهما على الطاعة والإيمان وحب الدين والصلاة في المسجد وقد ظل في الكويت حتى أتم الدراسة الابتدائية والمتوسطة وجزءا من المرحلة الثانوية حيث انتقل مع أهله في العام 1983الى الأردن ليأخذ شهادة الدراسة الثانوية بتفوق من مدارسها وحصل على معدل عال يأهله لدخول أي كلية يرغبها إلا أنه اكمل الدراسة الجامعية في كلية الشريعة من الجامعة الأردنية متتلمذا على أيدي علماء أفاضل من أمثال الشيخ المجاهد الشهيد عبد الله عزام والدكتور فضل عباس والدكتور أحمد نوفل وغيرهم، وقد تخرج من الجامعة الأردنية بامتياز عام1987.
فترة الإعداد
ثم دخل بعدها الى الخدمة العسكرية رغم استطاعته تأجيلها إلا أن حب الإعداد الذي أراده الشهيد والتدريب العسكري على مختلف الأسلحة وميادين القتال كان أكبر دافعا له من تأجيل الخدمة التى أمضى فيها عامين كاملين صقلت منه النواة الأولية للمجاهد ثم لبى النداء الذي وجهه له إخوانه المجاهدين في أفغانستان حيث انتقل هناك ليزيد من المهارة العسكرية وليلتقي بمعلمه الأول الدكتور عبد الله عزام هناك وليواجهه بما حصل عليه من تدريب عسكري قوة عظمى كجزء من التدريب العملي الذي يؤهل تفكيره المستقبلي لواجبه المنتظر وكان له صولات وجولات في المعارك هناك فتح الله على يديه بها انتصارات لإخوانه الأفغان.
الأرض المباركة:
ويأتي الدور الأول والواجب الذي كان يفكر فيه الشهيد منذ القدم فمعركته الأولى هناك في أرض المقدسات الاسلاميه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أرض فلسطين حيث جال الفكر مليا عن الطريقة التي من خلالها يصل إلي فلسطين إلى أن يسر الله له الزواج بقريبة له هناك عملت على تقديم معاملة لم الشمل له.
وعلى غير العادة وبتوفيق من الله سبحانه صدر له التصريح خلال ستة أشهر انتقل بعدها إلى الأرض المباركة ليبدأ مشواره الجهادى الذي حلم به منذ الصغر والذي أعد له العدة الكاملة متوكلا على الله وحده وتاركا خلفه الأهل والإخوان والأعمال التجارية التي يعمل بها أهله.
ألام تتحدث
وقد حدثتنا والدته عن فترة الإعداد هذه التي انتظر فيها خروج التصريح فقالت:
كان إبراهيم الله يرضى عليه قوي البنية تدرب أنواعا كثيرة من القتال حتى انه كان يتحدى جميع رفقائه في القتال ولم يفلح أحد منهم على أن يوقعه أرضا ولو لمرة واحدة يحب التحدي ولا يعرف اليأس يعمل في أي شئ وينجح فيه بل يبرع في أكثر الامور كان يركض كل يوم تقريبا بعد الفجر بعد أن يعود من الصلاة من المسجد والتي كان يحافظ عليها اكثر شئ حتى أنها فاتته مرة جماعة فوجدته يبكي بكاء شديدا نعم من طلب العلا سهر الليالي وعلى هذا الدرب سار الشهيد إلي أن انتقل إلي العمل العسكري في فلسطين وكان من أهم ما يميزه السرية والكتمان والتي أبعدت الأنظار عنه بتوفيق الله من قبل الجميع حتى ظنوه شخصا أقل من العادي مع إخفائه حقيقة بهرت الناس جميعهم بعد استشهاده متمثلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان"
بعض الأعمال التي عرفت عنه:
كثيرة هي الأعمال التي كان يقوم بها الشهيد حتى كأنك تظنه قد وضع هم الجميع على رأسه فتارة يعمل في تدريب الخلايا وتارة في إعداد المتفجرات الجديدة والكيماوية وتارة في تنفيذ الهجمات أو التفجيرات وتارة في التخطيط لها وغيرها من الأمور التي لم يكن أحد ليعلم منها شيئا لولا كلام الشهيد نفسه قبل ثلاثة أيام من استشهاده فقط للشيخ الشهيد جمال منصور والذي رافقه في الاعتقال عند السلطة الفلسطينية لمدة تزيد عن السنتين ونصف لم يستطع خلالها أحد التعرف عن هذا الشخص المجهول الذي كان مسؤولا عنهم في المعتقل والذي كان يؤمهم في الصلاة لحفظه لكتاب الله سبحانه وتعالى.
حيث أرادت السلطة إخراج المعتقلين من السجن خوفا من أن يسقط اليهود على السجن أية متفجرات أبان بداية انتفاضة الأقصى فدار حديث بينه وبين الشيخ جمال منصور فقال له أنا أعلم أن اليهود لن يتركوا من جهدهم بدا لاغتيالي ولولا أنني لا أريد شق الصف بيننا لخرجت من السجن الى مكان لا يطالني اليهود فيه فلما أصر الشيخ جمال منصور تقبله الله على معرفة السبب قال له الشهيد إن اليهود الآن يعرفون من أنا حيث أن السلطة اعتقلتني بعد أن وردهم اعترافات من خلايا كنت أدربها عن وجود مواد كيماوية بسيطة إذا وضعت في أماكن معينة و أجريت لها بعض التفاعلات فان اليهود سيدفنون موتاهم لشهور وصار جليا عندهم أنني المسؤول عن عبوات المغفلين التي كنت أزرعها لليهود حيث كنت أفخخ لهم أشرطة الفيديو وعلب المكياج وغيرها من المواد مما أدى الي مقتل العشرات منهم والله أعلم بغيرها من أمور حيث الله وحده سبحانه الذي يعلم ماذا قدم هذا الشهيد من خدمات للعمل الجهادي في فلسطين لشدة تكتمه ولطبيعة عمله السري الذي كان ينفرد في العمل به لوحده فقط من دون مساعدة أحد.
بدء الاعتقال:
فلقد شاء قدر الله سبحانه أن يقع بيد اليهود أحد الخلايا التي تعامل معها الشهيد ليعطي أحد الاخوة أوصاف الشهيد لهم بعد التعذيب الشديد الذي تعرض له من اليهود حيث شاهد الأخ الشهيد قدرا من خلال العمل معه دون قصد لأن الشهيد كان يتعامل مع إخوانه في العمل من خلال النقاط الميتة فلا أحد يرى الآخر إطلاقا وهذا ما ساعد في تأريق اليهود أيضا في معرفة الشخص الذي يكون الخلايا ويمدهم بكل ما يحتاجونه من أموال ومواد وخطط ويدعى رائد وهو الاسم الذي تكنى به الشهيد نعم فلقد كان رائدا في كل المجالات التي عمل بها حتى استحق هذا الاسم عن جدارة.
ثم تم التعاون بعدها مع أجهزة السلطة في الكشف عن هذا الشخص ليتم اعتقاله في شهر 8 من عام 1998 بعد البحث المتواصل عن شخصيته ومطابقة الأوصاف من مكتبه في مدينة نابلس ليوضع الشهيد بعدها تحت التعذيب الشديد من أجهزة السلطة الفلسطينية والتي تركت آثارا على جسم الشهيد رأتها أمه عندما زارته في السجن بعد قرابة السنتين كشاهد أمام الله سبحانه لما تعرض له هذا الشهيد من ضرب وتعذيب استمر نحو الخمسة أشهر باء الجلادون بعدها بالفشل في أخذ ولو اعتراف واحد من الشهيد ليسطر أسطورة في التحمل والمسؤولية والفداء.
بداية جديدة
وحيث أن الشهيد كان في الأردن مع أهله وحيث أنه لا يوجد عنده أي أحد من اخوته أو أبويه أو شقيقاته ولانتقال الشهيد للعيش في نابلس جبل النار ليتسنى له أن يكون قريبا من خطوط المواجهة مع اليهود وليؤكد من خلال العمل الذي اختاره لنفسه الساتر الذي يتخفى من خلاله عن شخصيته حيث عمل الشهيد في حقل أدوات السمع والبصر والأدوات الطبية نافيا عن نفسه أي تفكير ولو من أقرب الناس علاقته بحماس أو طريق المقاومة وكل ذلك أثر على مجريات الأمور بعد اعتقال الشهيد حيث أن السلطة كانت تعتقل كل من يزوره في السجن وتعذبه مما ساعد على انقطاع الناس عن الشهيد ناهيك عن قلة المعارف والأقرباء وعن جهل الناس بإبراهيم بني عودة الذي قاد كتائب الشهيد عز الدين القسام وكان يعد المهندس رقم 3 فيها بعد الشهيد يحيى عياش والشهيد محيى الدين الشريف تقبلهم الله جميعا.
وفي هذا الظرف ظهر شخص يدعى علان وهو قريب للشهيد من الجد الخامس هذا الشخص كان يزور الشهيد في سجنه باستمرار ويعرض على الشهيد تقديم الخدمات بشكل مستمر مما أشعر الشهيد بأن لهذا الشخص حكاية في العمالة كيف لا وقد كان الشهيد مسؤولا عن الجهاز الأمني في الكتائب لفترة ليست بالبسيطة وكان يضرب لإخوانه الأمثال في التحركات خارج السجن حيث كانت السلطة تعطيهم ما يسمى بالإجازة كل شهر بأن يخرجوا بكفالة يوما أو يومين فكان الشهيد يعقد لهم الدورات الأمنية المختلفة في فن التنقل والتنكر وكشف التعقب حتى لا يقعوا في يد اليهود أو العملاء جاعلين من السجن مدرسة للجميع تعينهم على أمور الدنيا والآخرة فمن دروس فقهية الى ألعاب رياضية الى حفظ للقرآن الى تسلية وترفيه وغيرها من الأمور وليس فترة تمر من العمر من دون فائدة أو عمل.
وقد نظم الشهيد أيضا بعض الخلايا وفي السجن فلا مكان للكسل أو القعود حتى في السجن.
استغل الشهيد علان هذا في كل الأمور موهما إياه بعدم شكه فيه واعطائه كل الأمان كقريب ومساعد له وانه لا يوجد غيره من الناس يساعده وهذا ما كان يبحث عنه هذا العميل الذي لم يأل جهدا في التعرف ولو على معلومة واحدة من الشهيد دون جدوى.
وعندما زارت أم الشهيد ابنها في السجن قبل استشهاده ب4 أشهر فقط بعد غياب من الاهل زاد أكثر من سنتين حيث كان الشهيد يرفض أن يسافر اليه أحد من أهله خاصة أمه وأبوه حتى لا يستغل اليهود وجودهم في الضغط عليه لاستخراج أية معلومة ولو بسيطة الا أن اصرار والدته المجيء سمحت لها الاطلاع عليه عن قرب ودارت بينهما علاقة لم تعهدها الام من قبل ولمدة شهر كامل من زيارتها له في السجن حيث تعرفت على كثير من الامور التي كانت تجهلها عن ابنها والتي لم يجد الشهيد في معرفتها لها من بأس أو خطر وشاهدت العلاقة التي كانت بينه وبين هذا الشخص والذي حذرته لما لبعض أفراد عائلته من عمالة مع اليهود فما كان من الشهيد إلا أن قال لها أنا أعرف يا أمي من هو علان ولكن في نفسي شيئا له ظهر فيما بعد حيث كان الشهيد رحمه الله يخطط لاختراق الشاباك والشين بيت من خلال العمل لبعض العمليات النوعية من خلال هذا الطعم الذي وصل إليه فلا بد من استغلال كافة الفرص المتاحة مهما كانت صغيرة لكن قدر الله لم يسنح له بذلك فعسى أن يؤتيه الله الأجر بالنية إن شاء الله.
كرامة من الله سبحانه
وقد كانت أم الشهيد لا تعرف الكثير عن ابنها كما ذكرنا لشدة تكتمه عن طبيعة عمله وسريته التي اشتهر بها الشهيد فمن شدة الإصرار عليه أخبرها بقصة شاء الله سبحاته أن يخبرها إياها لتكون دليلا على كرامة أهداها الله سبحانه وتعالى للشهيد قبل اعتقاله حيث كان الشهيد يتعامل مع قذيفة هاون أكلها الصدأ لفكها والاستفادة من المواد الموجودة فيها في صناعة العبوات إلا أنها ومع استخدام العنف قليلا معها سقطت بين يدي الشهيد وانفجرت القذيفة والتي تحدث أثرا مدمرا وقاتلا لدائرة تقدر قطرها ب15 مترا وتحدث دويا مرعبا خاصة انه يتعامل معها في حي محاط بالمارين وبالعمارات فتوقع الشهيد بأن الأجل انتهى وقام وهو يدور حول نفسه يرى ما حل به أو في المكان وينظر إلي الخارج من نوافذ الغرفة التي كانت في الدور السابع فإذا عناية الله تتدخل ولا يحدث أي مكروه للشهيد سوى غبار تطاير على ملابسه أخذ بنفضه وكأن الصوت الذي حدث كان في بلد آخر فلم يسمع به حتى جيرانه فعلم أنها عناية الله وأن الله قد كتب له عمرا جديدا ليكمل المشوار الذي قد بدأه بقوة وعزيمة وإصرار وإيمان بأن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
لا مجال للراحة والتوقف
وتمر الايام وتبدأ انتفاضة الأقصى المبارك لتعطي لشهيدنا دفعة جديدة في الجهاد حيث خرج من السجن احترازيا لعدم القاء اليهود متفجرات على السجن الذي كان يعتقل فيه أناس من خيرة المجاهدين وبعد الخروج بيوم تقريبا ليجهز مباشرة عملية تفخيخ سيارة في مدينة الخضيرة المحتلة قبل 4 أيام من استشهاده ليقتل بها وحسب الرواية اليهودية الكاذبة اثنان ويجرح 55 ويحرق ما لا يقل عن 16 محلا تجاريا حيث قال شهود عيان بأنه قتل فيها مالا يقل عن 22 شخص وجرح أكثر من 100 ودمر قريب من 35 محلا تجاريا لشدة الانفجار والمواد الموضوعة فيه.
وتظهر بصمات الشهيد على العملية ليقرر اليهود بعدها ضرورة التخلص من الشهيد ناشرين صوره على أجهزة التلفزة والإعلان عن ضرورة إلقاء القبض عليه حيا أو ميتا كواحد من أخطر خمسة مطلوبين في الضفة وإذا كانت النفوس عظاما تعبت من مرادها الأجسام فها هو الشهيد يعد لعملية ثانية بعد يومين فقط من الأولى مع اخوته في كتائب العز والفخار ليتم التخطيط والتجهيز وبدء التنفيذ.
في يوم 23/11/2000 حيث كان الشهيد يبحث عن سيارة لنقل المواد إلي إخوانه المعنيين لينطلقوا باسم الله إلى هدفهم فيأتي علان هذا العميل والذي اتخذ اليهود منه ومن أمثاله حذاء يلبسونه يدوسون به شوك المجاهدين الأبطال إن استطاعوا حتى إذا ما انهوا مهمتهم خلعوه وقذفوا به ليدخل إلى مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها وليظل عارا عليه وعلى أمثاله يأتى علان عارضا سيارته للشهيد كأمانة يضعها عنده لأنه سيتوجه الى رام الله لمدة 3 أيام وأنه لم يجد أحدا غير الشهيد يعطيها له فيأتي قدر الله سبحانه ويسيطر على فكر الشهيد الهم الأكبر وهو تأمين المواد للمجاهدين ناسيا الأمنيات في هذا الموضوع حيث أن الشهيد ما كان يركب في سيارة العميل ولو لمرة واحدة أو كان يؤمن منه أي غرض يعطيه إياه إلا أنه قدر الله سبحانه وحكمته فيركب الشهيد السيارة وينطلق العميل بالاتصال بسادته اليهود أنه فيها وقد أخذوا السيارة من العميل قبلها بيومين وفخخوا مسند الرأس بعبوة شديدة الانفجار موجهة الى الرأس تنفجر لاسلكيا من طائرة كانت تحلق في سماء نابلس ليقع الأسد الهصور شهيداً ... اللهم أحينا سعداء وأمتنا في سبيلك شهداء بعد طول عمل وحسن بلاء يا رب العالمين
ختامها مسك
وينزل الخبر على كل من عرف الشهيد كالصاعقة نعم لقد استشهد البطل إبراهيم بني عودة وروى بدمه أرض نابلس جبل النار وتناثر دمه ولحمه على أرضها ليكون دمه نورا لكل من سار على هذا الدرب العظيم ونارا تحرق الخونة والمحتلين فيحمل البطل على الأكتاف ويمنع أهله من الوصول إليه ليكون أهل نابلس وأهل فلسطين كلهم أهله ويسيروا به في جنازة مهيبة لم تشهد نابلس مثلها من قبل بعدد قدره البعض ب100 ألف شخص ساروا مرددين يهتفوا بأعلى صوت:
بالروح بالدم نفديك يا شهيد...لا اله إلا الله والشهيد حبيب الله الانتقام...الانتقام يا كتائب القسام ... وغيرها من العبارات التي ظلت محفورة في ذهن كل من شارك في جنازة العقيد إبراهيم بني عودة الذي استحق الرتبة عن جدارة وأما الأهل فقد أم بيت الفرح عندهم الآلاف والذي كان يرفض والد الشهيد أن يسميه عزاء بل كان يقول للحاضرين من أراد أن يسلم علي فليهنئني بابني ولن أسمح له بالعزاء كيف لا وقد ارتفع له نجم يضيء في السماء وعسى الله سبحانه أن يشفعه فيه وفي أهله يوم القيامة.
مصير الخيانة:
وأما علان فقد ألقاه اليهود كعادتهم بعد أن نفذ المخطط الذي أعطوه اياه ليلقى القبض عليه من السلطة وليحاكم بالإعدام ولينفذ الحكم فيه في أولى عملية اعدام تقيمها السلطة وليرفض أقرباءه استلام جثته أو دفنه في بلده وليرفض أنسابه الأمر كذلك وليرفض حتى أهل نابلس الأوفياء لدم الشهيد بأن يدفن فيها حيث دفن في مكان مخصص للعملاء الذين باعوا أنفسهم ودينهم وشرفهم لليهود ولا حول ولا قوة إلا بالله
أسرة الشهيد:
أبا حذيفة استشهد وعمره 34 عاما وله من الأولاد ستة ولدين هما حذيفة وعبد الله وعمرهما 10 و9 سنوات وأربع بنات هن هناء وسناء وميساء ورجاء وعمرهن 6 و4 و2 وسنة واحدة انتقل الأولاد الى جدهم وجدتهم ليشربوا من المعين الذي تربى فيه والدهم وليكملوا الطريق من بعده ويحملوا الراية من بعد أبيهم على الطريق الذي رباهم به على حب الله ورسوله ودينه وحب الجهاد وأهله
كلمات خالدة:
قالها الشيخ الشهيد جمال منصور عند تأبين الشهيد في نابلس كان مخلصا لا يعرفه أحد فلما استشهد فاح عطر الإخلاص منه حتى صار الجميع يعرفه متبسم حتى بعد استشهاده.
رفضنا وضع جسده الطاهر في الثلاجة فدمه أحر من أن تبرده الثلاجة أحر من الشمس الحارقة وأزكى من التغير والاختلاف.
تقبل الله الشهيد وأسكنه وإيانا فسيح جنانه وشفعه في أهله
شهادات لأسرى حول بطولات شهداء كتائب القسام
الشهادة الثامنة حول الشهيد ابراهيم بني عودة /طمون /جنين
خاص:
نعرض ولأول مرة شهادات حية لأسرى فلسطينيين يمضي بعضهم أكثر من مؤبد عسكري في سجون الاحتلال اغلبهم في سجن نفحة الصحراوي الذي يفتقر الى أدنى المقومات الإنسانية وتتركز هذه الشهادات حول بطولات كتائب القسام والتي استحقوا وسام الشهادة لأجلها وقد أطلقنا عليها اسم شهادات( حية )لأنها حدثت فعلا وأخذت مصداقيتها من المشاركة الفعلية مع هؤلاء الأبطال أو بالحديث مباشرة مع أهالي هؤلاء الأشاوس وها نحن نتحدث عن شهادة جديدة حول بطل من أبطال القسام وستشمل هذه الشهادة أبطالا من الضفة الغربية وقطاع غزة ممن توفرت حولهم هذه الشهادات
الشهيد ابراهيم بني عودة / طمون
لعل اعظم جريمة ارتكبت بحق قضية فلسطين تمثلت بابعادها عن عمقها الاسلامي والباسها ثوب القضية تارة ، والشرق اوسطية تارة اخرى ، والقضية الوطنية اخيرا بدعوى استقلالية القرار الفلسطيني ، وبعد ان كانت دعوات الجهاد تنطلق من مسجد ( أيا صوفيا ) في اسطنبول فيتردد صداها في المسجد الاموي في دمشق ، والزيتونة في المغرب ، ويهب المجاهدون لنصرة اخوانهم ورد كل عدوان عن ارض الاسلام ، صارت دعاوي التضامن والشجب والتنديد هي اقصى ما يقدمه العرب والمسلمين لنصرة فلسطين وأهلها وما ذلك الإجراء عزل فلسطين عن عمقها الاسلامي..
ونلتقي اليوم بشهيد لم يعترف بحدود ( سايكس بيكو ) ولم تقيده دعاوى الوطنية والقومية ، فانطلق مجاهدا لتحرير افغانستان من نيران الاحتلال الشيوعي وانتهى به الترحال شهيدا على ثرى فلسطين ، وقد ولد شهيدنا ( ابراهيم عبد الكريم بني عودة ) ابو حذيفة في الاردن على الضفة الشرقية للنهر حيث نشأ ، وتلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي في مدارس الكويت ، ثم عاد الى الاردن ليلتحق بالجامعة الاردنية ويحصل على الامتياز في اصول الدين ، وهكذا تقوده الجغرافيا والعقيدة للتعلق بفلسطين ، وتكون خطوته الاولى للجهاد عبر خدمته كمكلف في الجيش الاردني ويتمنى الالتحاق بالمجاهدين في فلسطين ، غير ان حدود فلسطين محروسة باجراء الاستعمار لمنع عبور المجاهدين فيلتحق ( ابو حذيفة ) بالمجاهدين العرب في افغانستان ، ويبلى احسن البلاء مجاهدا في الميدان وداعيا ومعلما بين الافغان ويشتهر بمهارته بصنع المتفجرات باشكال متعددة ودقة متناهية وأشكال تمويهية.
ويعود الاسد الهصور الى حلمه القديم في فلسطين ويقدر الله ان يتزوج (ابراهيم ) من ابنة عمه التي تسكن قرية طمون قضاء نابلس ويحصل على لم شمل من اليهود ويرزق منها ابناءه الستة ( حذيفة ، عبد الله وهناء وسناء وميساء ورجاء ) ، وفي فلسطين يعمل تحت ستار تصنيع سماعات الصم فيما مهمته الحقيقية تمثلت بقيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام ، و رغم ما احاط نفسه به من سرية الا ان تاريخه الجهادي والدعوي دفع اجهزة امن السلطة اعتقاله ليلة ( 6 آب 1998 م ، وتم نقله الى اريحا بعيدا عن اسرته وهي سياسة تتبعها السلطة بحق السجناء السياسيين بتوزيعهم سجون بعيدة عن سكنهم ايذاء لاهلهم وابعادا لهم عن ذاكرة الجماهير وبعد نضال مرير يعاد نقله الى سجن جنيد بنابلس ،
حيث يقضي فترات اعتقاله التي استمرت حتى استشهاده بعد ان وضع الاجرام الصهيوني خطة محكمة حيث هز انفجار ضخم وسط مدينة نابلس ليتبين ان عبوة ناسفة وضعت في مسند الرأس لكرسي القيادة في المركبة التي استقلها شهيدنا بعد خروجه من سجن السلطة بساعات معدودة واحتشد آلاف المواطنين في المكان وحملوا جثمان الشهيد لطالما حمل احزانهم وقضاياهم في قلبه الكبير ، وانطلقت هتافات التكبير لتوصله الى مستشفى رفيديا فيما اغلقت المحال التجارية ابوابها تضامنا مع ( ابو حذيفة ) واستنكارا لجريمة الاحتلال ، وتبين انه اصيب بتهتك وتفجر في الرأس من الجهة الخلفية وتهتك كامل في الرقبة والدماغ والعمود الفقري والفقرات الظهرية من جهة الصدر وتمزق جميع الشرايين والاوردة وانفجار الرئة اليسرى ، وتفجر الكتف اليسر ، ولعل من مبشرات استشهاده انه قال لزوجته ليلة خروجه من السجن حين شاهد جنازات الشهداء من غزة عبر التلفاز ان لا تحزن عليه اذا استشهد وأن تردد فقط " انا لله وانا اليه راجعون "
ويستذكر زملاءه اسرى سجن جنيد أخاهم الشهيد الذي كان ممثلا للسجن عدة سنوات بأنه كان خدوما للجميع ويحظى باحترام ادارة السجن والحراس عداك عن محبة وتقدير اخوانه الاسرى وقد كان " ابراهيم " محبا للعلم فشجع زوجته ( ام حذيفة ) على الدراسة في الجامعة المفتوحة منذ اليوم الاول لزواجهما فكانت توفق بين رعاية ابنائها واتمام دراستها ومراعاة زوجها الاسير في سجون سلطة اوسلو ، اما ولده حذيفة ابن العشر سنوات فقد خاطب المحتشدين في احتفال الانطلاقة في نابلس يقول لقد كان ابي قساميا وسأكون على دربه ، اعيش حرا لا اقبل الذل والخنوع.
لقد كان استشهاده عبر تواطؤ عميل من اقاربه كان يزوره في السجن بتكليف من المخابرات الصهيونية التي كانت ترى في شهيدنا واحدا من اخطر خمسة مطلوبين فلسطينيين ، وكانت صورته مع الجنود على الحواجز العسكرية ومفارق الطرق ، وبعد القبض على العميل أصدرت محكمة امن الدولة قرارا باعدامه مع عميل آخر من غزة تحت ضغط الشارع الفلسطيني ومحاولة لوقف سلسة المحاولات وفي صفوف المناضلين والمجاهدين التي نفذها الصهاينة خلال انتفاضة الاقصى غير ان هذه الاعدامات لا تتعدى ان تكون ردات فعل مؤقتة ولا تعالج جذور ظاهرة العمالة التي استشرت وزادت في ظل مشروع اوسلو وسياسة التطبيع التي عصفت بنفسيات وعقول ابناء شعبنا ، وفي مسيرة ضخمة ضمت عشرات الألوف صبيحة يوم الجمعة زف شهيدنا الى قريته ( طمون ) حيث دفن بعد صلاة الجمعة وخطب الشيخ حامد البيتاوي جمهور المشيعين واعتبر الشهيد ابراهيم درة شهداء فلسطين وفتحت بيوت لاستقبال المهنئين باستشهاده في نابلس وطمون والزرقاء في الاردن.
فالى جنان الخلد ايها القائد البطل … وعهدا ان نمضي على الدرب حتى نفوز بالشهادة او تقر عيوننا بنصر يعز به الدين او تتطهر في ظله آخر ذرة من تراب فلسطين.
والسلام على روحك الطاهرة وذكراك العطرة.
المراجع
موقع مملكة القصص الواقعية
التصانيف
قصص