{23} إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "إنِّي وَجَدْت امْرَأَة تَمْلِكهُمْ" أَيْ : هِيَ مَلِكَة لَهُمْ اسْمهَا بِلْقِيس "وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء" يَحْتَاج إلَيْهِ الْمُلُوك مِنْ الْآلَة وَالْعُدَّة "وَلَهَا عَرْش" سَرِير "عَظِيم" طُوله ثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضه أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَارْتِفَاعه ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا مَضْرُوب مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة مُكَلَّل بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد وَقَوَائِمه مِنْ الْيَاقُوت الْأَحْمَر وَالزَّبَرْجَد الْأَخْضَر وَالزُّمُرُّد عَلَيْهِ سَبْعَة أَبْوَاب عَلَى كُلّ بَيْت بَاب مُغْلَق .
{24} وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ "وَجَدْتهَا وَقَوْمهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيل" طَرِيق الْحَقّ
{25} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ "أَلَا يَسْجُدُوا لِلَّهِ" أَيْ : أَنْ يُسْجِدُوا لَهُ فَزِيدَتْ لَا وَأُدْغِمَ فِيهَا نُون أَنْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : "لِئَلَّا يَعْلَم أَهْل الْكِتَاب" وَالْجُمْلَة فِي مَحَلّ مَفْعُول يَهْتَدُونَ بِإِسْقَاطِ إلَى "الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء" مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَخْبُوء مِنْ الْمَطَر وَالنَّبَات "فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيَعْلَم مَا تُخْفُونَ" فِي قُلُوبهمْ "وَمَا تُعْلِنُونَ" بِأَلْسِنَتِهِمْ
{26} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم" اسْتِئْنَاف جُمْلَة ثَنَاء مُشْتَمِل عَلَى عَرْش الرَّحْمَن فِي مُقَابَلَة عَرْش بِلْقِيس وَبَيْنهمَا بَوْن عَظِيم
{27} قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ "قَالَ" سُلَيْمَان لِلْهُدْهُدِ "سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت" فِيمَا أَخْبَرْتنَا بِهِ "أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ" أَيْ مِنْ هَذَا النَّوْع فَهُوَ أَبْلَغ مِنْ أَمْ كَذَبْت فِيهِ ثُمَّ دَلَّهُمْ عَلَى الْمَاء فَاسْتَخْرَجَ وَارْتَوُوا وَتَوَضَّئُوا وَصَلَّوْا ثُمَّ كَتَبَ سُلَيْمَان كِتَابًا صُورَته ( مِنْ عَبْد اللَّه سُلَيْمَان بْن دَاوُد إلَى بِلْقِيس مَلِكَة سَبَأ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم السَّلَام عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْد فَلَا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ثُمَّ طَبَعَهُ بِالْمِسْكِ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ قَالَ لِلْهُدْهُدِ
{28} اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ "اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إلَيْهِمْ" أَيْ بِلْقِيس وَقَوْمهَا "ثُمَّ تَوَلَّ" انْصَرِفْ "عَنْهُمْ" وَقَفَ قَرِيبًا مِنْهُمْ "فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ" يَرُدُّونَ مِنْ الْجَوَاب فَأَخَذَهُ وَأَتَاهَا وَحَوْلهَا جُنْدهَا وَأَلْقَاهَا فِي حِجْرهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ ارْتَعَدَتْ وَخَضَعَتْ خَوْفًا ثُمَّ وَقَفَتْ عَلَى مَا فِيهِ
{29} قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ثُمَّ "قَالَتْ" لِأَشْرَافِ قَوْمهَا "يَا أَيّهَا الْمَلَأ إنِّي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا مَكْسُورَة "كَرِيم" مَخْتُوم
{30} إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "إنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ" أَيْ مَضْمُونه
{32} قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ "قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا أَيْ أَشِيرُوا عَلَيَّ "فِي أَمْرِي مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا" قَاضِيَته "حَتَّى تَشْهَدُونَ" تُحْضِرُونَ
{33} قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ "قَالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّة وَأُولُوا بَأْس شَدِيد" أَيْ : أَصْحَاب شِدَّة فِي الْحَرْب "وَالْأَمْر إلَيْك فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ" تَأْمُرِينَنَا نُطِعْك
{34} قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ "قَالَتْ إنَّ الْمُلُوك إذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا" بِالتَّخْرِيبِ "وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" أَيْ : مُرْسِلُو الْكِتَاب
{35} وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ "وَإِنِّي مُرْسِلَة إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ" مِنْ قَبُول الْهَدِيَّة أَوْ رَدّهَا إنْ كَانَ مَلِكًا قَبْلهَا أَوْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَلهَا فَأَرْسَلَتْ خَدَمًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا أَلْفًا بِالسَّوِيَّةِ وَخَمْسمِائَةِ لَبِنَة مِنْ الذَّهَب وَتَاجًا مُكَلَّلًا بِالْجَوَاهِرِ وَمِسْكًا وَعَنْبَرًا وَغَيْر ذَلِكَ مَعَ رَسُول بِكِتَابٍ فَأَسْرَعَ الْهُدْهُد إلَى سُلَيْمَان يُخْبِرهُ الْخَبَر فَأَمَرَ أَنْ تُضْرَب لَبِنَات الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ تُبْسَط مِنْ مَوْضِعه إلَى تِسْعَة فَرَاسِخ مَيْدَانًا وَأَنْ يَبْنُوا حَوْله حَائِطًا مُشْرَفًا مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ يُؤْتَى بِأَحْسَن دَوَابّ الْبَرّ وَالْبَحْر مَعَ أَوْلَاد الْجِنّ عَنْ يَمِين الْمَيْدَان وَشَمَاله
modified by: Abdurrahman Zaidan
المراجع
موسوعة الروح
التصانيف
عقيدة القرآن الكريم