صدقتَ ولكن كيف تلك روايةٌ |
يضيق بها الراوي ويعيا المسجّل
|
رأيتك مثل الغيث ينهل غادياً |
فيحيا به وردٌ ويخضرّ حنظل
|
أأنت لكل الخلق أنسٌ وراحة |
كأنك نور البدر في الليل يبذَل
|
مكانك لا تنشد ودادي فإنني |
على شغفي بالحسن والراح أعقل
|
جمالك أذواه ابتذالك والهوى |
له في رحاب العصم مأوى وموئل
|
حرامٌ على قلبي جمال تنوشهُ |
أحابيلُ أشتاتٌ فيعيا ويذبل
|
لغيري يساق الدوح ذلّت غضونهُ |
بما عبثت فيه جنوب وشمأل
|
لغيري هدير الراح أطفأ نارها |
مزاجٌ ببرد الماء يحبوه جدول
|
إذا ما مزجت الراح بالماء أخمدت |
لحا اللَه من للراح بالماء يقتل
|
جمالك كان الراح صرفاً أديرها |
لروحي ومن لألائها العذب أنهَلُ
|
فكيف تراني أصطفيك وقد طغت |
على الكأس أقذاءٌ من الدين أثقل
|
ألا إنني أحيا بقلب منزهٍ |
عن الشرك ما فيه لمن رام مقتل
|
إذا قيل من خير الخلائق فطرة |
فإني بحمد اللَه والحب أوّل
|
ينازعني مجد الحياة أفاضلٌ |
عزازٌ ولكني أعزّ وأفضل
|
إذا ما ابتغوا حظى من المجد أخفقوا |
وإن سمعوا صوتي أفاقوا فولولوا
|
تخيرت أعدائي فكانوا عصابة |
لها في ثنيات التماجيد معقل
|
تخيرتهم برّا بعزمي وقوتى |
وقتل الأسود الصيد بالسيف أجمل
|
إذا قيل هذا يستعدّ لفرية |
عليك ويعلو في الخصام ويسفل
|
تجاهلت عن هذا تجاهل عارف |
فما عن ذباب الروض في الروض أسأل
|
تشرّف أقوام بأني خصيمهم |
هنيئاً لهم هذا الثواب المعجل
|
إذا انصرفت نفسى عن الحرب أنذروا |
بحرب وصالوا آمنين وهوّلوا
|
وإن طاب لي أن أوقد الحرب سالمت |
ذئابٌ نهاها نسكها والتبتل
|
إلى آدم أنتم عفا اللَه عن أبٍ |
بنسبتكم يرضى فلا يتصل
|
تعادونني سرّا لأجهل بغيكم |
فأسكت عنكم والفتى الحر يمهل
|
فماذا غنمتم من رياء نعيمهُ |
جحيمٌ وكتم الداء أنكى وأقتل
|
تطاول باغيكم سراراً وما درى |
بأني بفضح الكاشحين موكّل
|
أفيقوا من البغي الذي تضمرونه |
وثوبوا إلى دار المتابة واعقلوا
|
سأصرعكم جهراً وفاءً لقاضب |
حسام كصرف الدهر بل هو أهول
|
إذا قلمى هانت عليه عظامكم |
فأنتم له في ساحة الحرب مأكل
|
تمنون بالصمت المريب كأنكم |
تطيقون يوما أن تقولوا وتفعلوا
|
صدفت ولكن كيف تلك رواية |
يضيق بها الراوي ويعيا المسجل
|
معادى إلى أسيوط في صحبة الهوى |
عزيزٌ وفي أسيوط بالروح أنزل
|
إذا طاف من أسيوط طيفٌ أثارني |
وكدت له من لوعتي أتقتل
|
منارات أشجاني وهالة صبوتي |
ودوحة أحلام بها أتنقل
|
إذا ما دعا الداعي إليها تطايرت |
سرائرُ من روحي تصول وتجهل
|
فما لك يا فتان توحى بفتنةٍ |
يراع بها القلب المشوق فيذهل
|
ستشهد في أسيوط ما لا تريده |
إذا ما لوّامٌ وأرجف عذّل
|
تقول بأن الركب فيه وهيبةٌ |
وفيه سناها المشرق المتهلّل
|
إذا صح ما تروى فهاتيك ضرة |
لمحبوبة قلبي لها الدهر منزل
|
وماذا الذي ارجو وعطف وهيبةٍ |
وليدٌ كعطف الطفل حين يدلل
|
أأعشق طفلاتٍ وأهجر غادةً |
جلاها بوحي الحب والحسن صيقل
|
سيوطيةٌ في سنتريس مهادها |
وقد ينفع الحسن الأصيل التنقل
|
عفا الحب عنها كيف بانت وباعدت |
فلم يبق من معروفها ما نؤمل
|
أنا الظالم الجاني عليها بجفوتي |
وإني لمظلومٌ عن الظلم يسأل
|
أسافر في يوم الثلاثاء ليتني |
سأعرف ما يوم الثلاثاء يفعل
|
يصاولني يوم الثلاثاء والهوى |
هوى القلب في يوم الثلاثاء يرسل
|
إذا صرخ الوابور صرخة راحلٍ |
يكاد بها باب الحديد يزيزل
|
تلفّت قلبي نحو شبرا وأهلها |
فلى عندها روح يجود ويبخل
|
إذا لان فهو الزهر لطفاً ورقةً |
وإن ثار مقهوراً فرعد مجلجل
|
أغنّ رخيم الصوت تحسب لحنه |
بغاماً يعل السمع منه وينهل
|
لواحظه إن غام كانت صواعقاً |
وإن لان كادت بالهوى تتوسل
|
فيا حسنها والرفق يرسل نورها |
شعاعاً بوحي الرفق يسبى ويختل
|
إذا ما تلاحظنا تلاقت سرائرٌ |
بأعماقها نار الغرام تصلصل
|
أكانت له شبراً مهاداً فأصبحت |
حدائق شبرا بالملاحة تقتل
|
أشبرا تريني في الغرام ضلالة |
وبعض الهوى غيٌّ أثيمٌ مضلّل
|
تعاليت يا شبرا تعالت صبابة |
يؤججها ذاك الغزال المكحّل
|
تعالت مقاديرٌ أصارتك روضة |
بأفنانها قلب المتيم ينزل
|
أكان لغيري ذلك الروح ساعة |
إذن خان عصفورٌ يصافيه أجدل
|
تقول أتدرى ما تقول أصادقٌ |
بأنك عنى ذاهب متحول
|
وتذكر أن اسكندرية أمرها |
إليك وفيها عاشقون وعذّل
|
على الوحدة العمياء أقبل وخلّني |
فما أنت من بعدي على الخير مقبل
|
جمالٌ عصمناه من الناس مدةً |
فأدبر عنا سائلا يتسوّل
|
فمن مبلغٌ ذاك الجمال بأنني |
تنسكتُ والقلب المطهر أرمَلُ
|
جمالك لا تذكر بخير زمانهُ |
فقد صار تاريخاً يعاد فيثقل
|
جمالك كان الراح صرفاً أديرها |
لروحي ومن لألائها العذب أنهَلُ
|
فكيف تراني أصطفيك وقد طغت |
على الكأس أقذاءٌ من الدين أثقل
|
بقايا من الشوق القديم ولوعة |
سأمرها بالدمع ساعة ترحل
|
غرام نسيناه فلا أعرف اسمه |
ولا أنا عن مثواه في الأرض أسأل
|
ليالٍ تولت هل تولت حميدة |
فلم يك فيها ما يسوء ويثقل
|
تمنيت حيناً أن أثير عجاجة |
أفضّل فيها بعض ما أنا مجمل
|
نهانى عن الحق الذي تحذرونه |
هوىً عن طريق الحق في الحب يعدل
|
هبوني أردت الثأر من جور بغيكم |
وقد يغضب السيف الجليم فيقتل
|
فكيف إذن أحيا وتحيا سريرة |
يطيب لهاف في الحب ذاك التدلل
|
سيبقى صباب من حنيني أديره |
لقلب من الأشواق والوجد ينهل
|
سأذكر قبراً فوق قلبي أقمته |
يقيم به روح عزيز مبجل
|
إذا زرته بالوهم ثارت صبابتي |
وثار فؤادٌ بالجمال موكل
|
سأذكر قبراً لو أطقت نسيته |
ألا إنما النسيان موتٌ معجل
|
أسافر في يوم الثلاثاء ليتني |
سأعرف ما يوم الثلاثاء يفعل
|
تباركت يا يوم الثلاثاء وانقضت |
دهورٌ وأنت المنعم المتفضل |