لولا الغرام بكم لعشت طويلا |
لكن كلفتُ بكم فعدتُ قتيلا
|
صيّرتمو نوم العيون محرماً |
ولطالما كان المنام جميلا
|
وجعلتمو طرف المحب معذّبا |
يبكى السوالف بكرةً وأصيلا
|
قسماً بسالف عهدكم ووفائكم |
وبما كرمتم عصبةً وقبيلا
|
ما نحت من ألم الصدود وإنما |
أشفقت أن يجد الفراق سبيلا
|
سقياً لأيام نعمتُ بطيبها |
عوّدتُ فيها القرب والتنويلا
|
لم تخل من تيه الدلال وإنني |
لأرى الدلال على الفراق دليلا
|
أسرفتُ فيها محسناً ولطالما |
كان التغالى في الغرام وبيلا
|
متّعت فيها ناظريّ وربما |
أدركت منها الضم والتقبيلا
|
أدركت منها ما ابتغيت وعفتي |
لا تستطيع عن الفؤاد رحيلا
|
ومشيت تحت الليل مشية ناسكٍ |
ألف الخشوع وأحسن الترتيلا
|
لهفي على ذاك الزمان لقد مضى |
وبقيتُ بعد ذهابه متبولا
|
متولّها يرثى العدوّ لحيرتي |
كالليل همّا والذبيح خبولا
|
أجد السبيل إلى البكاء ولن أرى |
بعد الفراق إلى السلو سبيلا
|
هم يحسدونك يا زكيّ ولو رأوا |
شكواك بلوا من شجاك غليلا
|
يا ذاهباً ليس الفؤاد بذاهب |
عما عهدت وإن نأيت طويلا
|
لم أنس منك على الزمان خلائقاً |
كالزهر طيبا والرحيق قبولا
|
اللَه يشهد ما ذكرت وصالكم |
إلا سقطت على الفراش عليلا
|
ما راعني إلا معاهدنا التي |
أمست على حكم الزمان طلولا
|
ولقد يئست وما رجائي بعدما |
سحب الهواء على الرسوم ذبولا
|
شردت نومي واستبحت مدامعي |
لما عزمت عن الديار رحيلا
|
فلئن نسيت وما إخالك فاعلاً |
لأسلطنّ على الخدود سيولا
|
وأودعن مطاعمي ومشاربي |
ولأكثرن على جفاك عويلا
|
بعداً لقلب يبتغي بك صاحبا |
لا عشت بعدك إن جحدت جميلا
|
أنا من علمت وفاءه ووداده |
فاحذر فديتك أم تروم بديلا
|
قل الوفاء فلست تعرف عاشقاً |
إلا خشيت الغدر والتبديلا
|
منى السلام على لقاك وطيبه |
وعلى كمالك بكرةً واصيلا
|
فلأنت أصدق من هويتُ مودةً |
ولأنت أكرمُ من عرفت أصولا |