السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 19 عاما, محترمة وأخلاقي عالية ولكن؛ في يوم وأنا أتصفح الفيس بوك أتتني رسالة شخصية من رجل أجنبي (أمريكي مسلم), يطلب مني التحدث معه, ويقول يريد أن يتعلم مني العربية ويعلمني هو الإنجليزية, فوافقت على ذلك,
وبعد يومين من الحديث أخبرني بأنه يحبني كثيرا, ويريد الزواج مني, وأنه جاد في كلامه, ولا يقصد شيئا آخر.
في الحقيقة أنا استغربت من ذلك, فسألته لم كل هذا؟ فأجاب بأني لطيفة جدا, وذات أخلاق ودين لذلك هو يريدني, ولكني شعرت بمجرد الحديث معه أن ذلك يغضب الله, وخفت من الله أن لا يحقق لي ما أريد في أي أمر كان, من شفاء, وتوفيق, وبركة, ونجاح, وسعادة بمجرد أن أفعل شيئا يغضب الله, فأخبرته بشعوري
فقال إنه سيخبر عائلته عني لأنه يريد الزواج مني, وطلب مني أن أخبر والدي بذلك كي ينتهي الأمر ولا نستمر على هذا الحال, ولكني أرى من الصعب جدا أن أخبر والدي بذلك, وأيضا قلت له إنه من الصعب علي فعل ذلك, فقال لي: أنه سيفكر في حل لتلك المشكلة.
أنا لا أزال في حيرة من أمري, لا أدري ماذا أفعل, وكيف أخبر والدي بذلك, كيف أخبره بأن هناك شابا أمريكيا مسلما تعرفت عليه عن طريق الإنترنت يريد الزواج مني
؟
مع أني أشعر بأنه صادق في كلامه ولا يكذب, وهو جدا متفهم ومؤدب, وأنا متأكدة من صدقه تماما, وأيضا لم يزعجني إطلاقا.
في المقابل لا أريد التحدث معه -وإن كان حديثا عاديا- وليس بيني وبينه ما يحل لنا شرعا, وهو يعلم أيضا بذلك, ويوافقني الرأي, مع العلم أني بدأت أشعر بالحب تجاهه, فماذا أفعل؟
أرشدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك ابنتنا الفاضلة تواصلك مع موقعك، ونشكر لك كذلك هذا الحرص على الخير، وهذه المشاعر النبيلة، وهذا الخوف والمراقبة لله تبارك وتعالى، ونسأل الله لك الثبات والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ونحن حقيقة نفخر بأمثالك العاقلات الفاضلات، التي تدرك أن الرجل لابد أن يأتي البيوت من أبوابها، وأيضًا نتفهم مشاعر هذا الأمريكي وحرصه على الخير، وتفهمه لهذه الضوابط، وشعوره بالحرج من هذا الذي يحدث.
ولستُ أدري إذا كان هذا الأمريكي في بلدنا – أو في البلد الذي أنت فيه – ويستطيع مثلاً أن يقابل أهلك مقابلة مباشرة ويأتي البيت من بابه، ويطلب من أهلك الارتباط بك، ولو كان ذلك عن طريق أي أحد من معارف الأسرة، أو أصدقاء الأسرة.
يكلمه ليكون وسيطًا له، يكلم الوالد في هذا الأمر، وليس من الضروري أن يقول بأن المعرفة كانت عن طريق النت أو نحو ذلك، ولكن يمكن أن يقول شاهدنا ابنتكم في السوق أو في الجامعة أو في الطريق أو في أي مكان، وهذا الشاب الأمريكي يريد أن يرتبط بها على كتاب الله وعلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد يكون من المفيد جدًّا أيضًا الارتباط بداعية والوصول إلى إمام مسجد أو عالم من العلماء بهذا الأمريكي يطرح رغبته ويبلغه بأنه يرغب في الارتباط بفتاة عربية مسلمة ليتعلم منها العربية ويعلمها الإنجليزية.
ويكون هذا الزواج بداية دعوة إلى الله تبارك وتعالى, ورغبة في إخراج ذرية تخدم هذا الدين العظيم، وإذا وجد منه إمام المسجد –أو الداعية المشهور– صدقا وخيرا, ويفضل أن يكون الداعية على صلة بالعائلة أو محبوبا من الوالد حتى يوصل له هذه الفكرة التي عند هذا الشاب الأمريكي.
وعند ذلك إذا عرضوا عليك الأمر فمن حقك أن توافقي، ولن تشعر الأسرة أن الأمر مخطط ومدبر له، وهذا لعله من الأشياء المهمة جدًّا.
هذه الخطوات التي سرت فيها – هذا التوقف – هذا الحرج يدل على أنك على الخير، ولكن لطبيعة بيئتنا العربية فقد يصعب على الأسرة إذا شعروا أن العلاقة بدأت بهذه الطريقة أن يقبلوا بها، لذلك الإسلام دائمًا يدعو إلى العلاقة التي تبدأ تحت ضوء الشمس, وتحت سمع الأهل وبصرهم بالضوابط الشرعية التي وضحها القرآن وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
وأرجو أن تقترحي على هذا الشاب هذه الطريقة بأن يُدخل واسطة ويعلن رغبته عن طريق أشخاص لهم وزن في المجتمع، قد يكون أيضًا مدير شركة عاقل، قد يكون أيضًا رجلاً حتى من غير الجنسية أو من البلد لكن له وضع اجتماعي كمدراء الشركات الكبرى، عند ذلك يمكن لهؤلاء أن يتفهموا رغبة الأمريكي.
أو يذهب إلى مراكز الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، مراكز دعوة الجاليات، هؤلاء أيضًا يتفهموا مثل هذه الرغبات، وعندهم من يقدم مثل هذه الطلبات، وعند ذلك يمكن أن يأتوا بأي طريقة بأنه تعرف على هذه الفتاة بأن رآها وكذا أو سمع عنها, وأخبرته عنها أخت شقيقة أو نحو ذلك.
ويمكن إذا كان له أخوات أن يتواصلن معك، فيترك الأمر لأخواته وشقيقاته ووالدته، وهذه الوالدة يمكن أن تقابلك في أي سوق أو في أي مكان، فيقول المعرفة جاءت عن طريق والدتي، شاهدت فلانة في السوق الفلاني أو في المكان الفلاني فأعجبت بذوقها وأدبها, ورغبت في أن تكون زوجة لولدها أو زوجة لأخيها، هذا ما ننصح به.
وإلا فالناحية الشرعية ليس هناك ما يمنع، وبعد أن يأتي بهذه الطريقة فإنه ينبغي أن تكون هناك رؤية شرعية، فإذا تأكد لكم أن الشاب صاحب دين، ونظرت لهذا الشاب, وارتحت إليه, وارتاح هو إليك, وقبلته العائلة، وطبعًا ستقبل العائلة، حتى ولو في البداية ترددوا فإنهم سيقبلوا لأنك راضية به حسب الواسطة التي يُدخلها هذا الرجل الأمريكي.
ونعتقد أن هذا سهل على رجال الدعوة إلى الله والعلماء والفضلاء من أصحاب الوجهات في المجتمع، خاصة الذين درسوا في بلاد غربية يتفهموا صدق هؤلاء في مثل هذه الأحوال، عنده آلاف بل ملايين الفرص.
لكنه يريد فتاة لأدبها ولدينها وله أهداف كبيرة من هذا الزواج، فهذا يتفهمه الذين يعرفون طبيعة هؤلاء الأقوام، الذين إذا أسلم الواحد منهم فإنا نشعر فيهم بصدق كبير, ونشعر فيهم برغبة كبيرة في خدمة هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وفي النهاية إذا وجدت الشاب صادقًا فعند ذلك ستؤجرين على هذه النية، والإنسان في مثل هذه المواقف يتذكر أم سليم التي لما خطبها أبو طلحة – وكان مشركًا، حتى لم يكن مؤمنًا – لكن قالت له: (مثلك لا يُرد، ولكن أنت كافر) وجعلت مهرها الإسلام، فاجعلي مهرك العمل لهذا الدين، واجعلي مهرك نُصرة هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
ونحن أيضًا نؤكد أن مثل هذه الزيجات ناجحة جدًّا، بل - إن شاء الله تعالى – سبيلاً لإخراج عباقرة ونماذج طيبة في خدمة هذا الدين العظيم، لأنه سيجمع بين الخير العربي والبيئة العربية والصفات العربية وبين ميزات الغرب أيضًا في جديته وفي عمله في الحياة.
وفي البداية والنهاية نحب أيضًا أن توقفوا هذه العلاقة، تجمدوا هذه العلاقة حتى توضع في إطارها الشرعي، فإن تيسر ذلك فبها ونعمت، وإلا فعند ذلك من الأفضل أن تكلفي أحد الرجال أو يتواصل مع أحد الرجال ليتعلم منه العربية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
الكاتب: د. أحمد الفرجابي
المراجع
نداء الايمان
التصانيف
تصنيف :عائلة
|