محمد قدري باشا أحد أعلام القانون له مؤلفات في الفقه الإسلامي خاصة الحنفي، عمل على اصدار قانون خاص بالأحوال الشخصية. (1237 هـ - 1306 هـ = 1821 - 1888م): عالم مشارك في عدة علوم، ومن رجال القضاء في مصر. ولد بها في ملوي وكان والده حاكماً بها، وأصل أبيه من الأناضول "من بلدة كوبرولي" وأمه مصرية الأصل حسنية النسب. تعلم بملوي والقاهرة، ودخل مدرسة الألسن فأتمّ فيها دروسه، وكان منهج دراسة اللغة العربية بها مشابهاً لنظيره في الأزهر أيام رئاسة رفاعة الطهطاوي لهذه المدرسة، ومع ذلك فكثيراً ما كان يتردد على الجامع الأزهر لدراسة اللغة العربية حتى بعد تعيينه مترجماً مساعداً بهذه المدرسة مما يدل على شغفه بدراسة العلوم الشرعية واللغوية الذي ظهر أثره فيما ألّفه بعد ذلك من مؤلفات تدل على خبرة عميقة بالفقه الإسلامي، وقد نبغ محمد قدري في معرفة اللغات كالتركية والفارسية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية. ولما تَخرّج من مدرسة الألسن عُيّن مترجماً بوزارة المالية.

أخذه شريف باشا مترجماً معه حينما عُيّن والياً على الشام من قِبَل الحكومة المصرية، ثم زار الآستانة مع شريف باشا أيضاً، وبعد مدة عاد إلى مصر وعُيّن مدرساً لتعليم الأمير إبراهيم أحمد.. واختاره الخديو إسماعيل مربياً لولي عهده الأمير توفيق وإخوته، ومدرساً في مدرسة ولي العهد، ثم تقلّب في المناصب، فكان مستشاراً في المحاكم المختلطة، ثم ناظراً للحقانية، ثم وزيراً للمعارف فترة قصيرة عاد بعدها وزيراً للحقانية مرة أخرى، وقد صدرت لائحة ترتيب المحاكم الأهلية أثناء توليه هذه الوزارة، وكان مكلّفاً بالاشتراك في وضع القانون المدني وقانون تحقيق الجنايات.

قبل ذلك كان السلطان عبد العزيز قد طلب من الخديو تكليف قدري باشا ومصطفى أفندي رسمي تنقيح الدستور العثماني، مما يدل على مدى الشهرة التي نَعِم بها قدري باشا في إحاطته بالعلم القانوني، وكان وراء ترشحيه بعد ذلك لتولّي وزارة الحقانية ثلاث مرات، وقد أتمّا مهمة تنقيح الدستور بهمة فائقة باللغات التركية والعربية والفرنسية مما يدل على معرفتهما بتطور القانون الدستوري في الغرب. وكان دمث الخلق، كريم الطباع، وآخر مناصبه التي تولاها كانت وزارة الحقانية. وتوفي بالقاهرة سنة 1306 = 1888م.

لم يشغله تقلُّد هذه المناصب وتولِّيه هذه المسئوليات عن التأليف والترجمة في عدد من المجالات اللغوية والأدبية والتاريخية والقانونية والفقهية، وتدل مؤلفاته اللغوية والأدبية على تمكّنه من اللغتين العربية والفرنسية، كما تدل مؤلفاته القانونية والتشريعية على سمات مشروعه الحضاري الذي تجدد في ظل الهيمنة الغربية التي سيطرت على البلاد الإسلامية في ذلك الوقت. ومحمد قدري باشا جمع بين دراسة الفقه الإسلامي وإلمامه بالتقدّم الذي حققه العلم القانوني الغربي، يكشف عن مقدار ثقافته هذه ترجمته لقانون العقوبات الفرنسي وقوانين المحاكم المختلطة، وكذلك اشتراكه في تنقيح الدستور العثماني.

رأى أن القوانين واللوائح التي أصدرتها السلطات السياسية المتعاقبة في مصر لم تكن متفقة مع مفاهيم العدالة في الدولة الحديثة، كما لم يكن أداء النظام القضائي في مستوى هذه المفاهيم، ولذا انحاز قدري باشا، بين مَن انحاز من النخبة المؤثرة، إلى استلهام القوانين الغربية، وترجمة القوانين الفرنسية والإفادة منها فيما سعى إليه من إصلاح قضائي وتشريعي. لقد بدا الإصلاح التشريعي أمراً واجباً عند جميع المصلحين، لكن لم يكن بالوسع إقناع القوى السياسية المؤثرة في ذلك الوقت بإمضاء هذا الإصلاح بمنهج "مرشد الحيران" الذي يقوم على تغيير الترتيب وإضفاء شيء من التبويب والتنظيم، فلم يبق سوى إمضاء التغيير المنشود بمنطق الثورة على الأوضاع التشريعية والقضائية السائدة وإحلال غيرها محلها، وهو ما تحقق بصدور مجموعات القوانين الأهلية التي صدرت في عهده.

من كتبه: "الدر المنتخب من لغات الفرنسيس والعثمانيين والعرب" و"قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف" و"مختصر الأجرومية الفرنساوية" و"مفردات في علم النباتات" و"لمحة تاريخية لمصر" و"الدر النفيس في لغتي العرب والفرنسيس"و "رسالة في علم الصرف" و"قطر أنداء الديم في النصائح والمواعظ والحكم" في الأدب، و"ديوان شعره" و"قانون الجنايات والحدود" ترجمه عن الفرنسية، وقام بتنقيح القوانين المصرية الأهلية. وغير ذلك. راجع الأعلام للزركلي7/232،231- معجم المؤلفين3/ 601،600رقم15281- معجم المطبوعات2/1496،1495- الأعلام الشرقية1/111:109رقم147- اكتفاء القنوع بما هو مطبوع ص502:494- مقدمة قانون العدل والإنصاف تحقيق د.سراج ص29:24.

المراجع

ويكيبيديا الموسوعة الحرة

التصانيف

مواليد 1237 هـ  مواليد 1821  وفيات 1306 هـ  وفيات 1888