إِذا اِفتَخَرَ الشَرقُ القَديمُ بِسَيِّدٍ |
تَميدُ بِذِكراهُ اِبتِهاجاً مَحافِلُه
|
وَنُصِتَ مَوازينُ الفِخارِ وَقَد أَتى |
يُماتِنُ كُلُّ خَصمِهِ وَيُساجِلُه
|
فَمَن كَصَلاحِ الدينِ تَعنو لِذِكرِهِ |
رُؤوسَ أَعاديهِ وَمَن ذا يُعادِلُه
|
يُخالِطُ أَعماقَ القُلوبِ وَلاؤُهُ |
وَتفعَلُ أَفعالَ الشُمولِ شَمائِلُه
|
وَاُقسِمُ لَو في الحَيِّ نودِيَ بِاِسمِهِ |
لَدى سَنَواتِ المَحلِ لا خُضرُ ماحِلُه
|
لَهُ عامِلا حَربٍ وَسِلمٍ كِلاهُما |
كَفيلٌ بِإِذلالِ العَدُوِّ وَقاتِلُه
|
مُهَنَّدُهُ في عُنقِ قَرنٍ مُساوِرٌ |
وَمِنَّتُهُ في عُنقِ خَصمٍ يُجامِلُه
|
وَما قَتَل الحُرُّ الأَبِيُّ الَّذي زَكَت |
سَجاياهُ كَالعَفوِ الَّذي هُوَ شامِلُه
|
وَما كُلِّ يَوماً عَضبُهُ عَن كَريهَةٍ |
وَلا مَلَّ مِن حِلمٍ وَلَو مَلَّ عامِلُه
|
تَظَلُّ طَوالَ الوَقتِ تَندى سُيوفُهُ |
دِماءً وَتَندى جانِبَيها فَواضِلُه
|
فَكَم مِن عَدُوٍّ قَد تَرَدّى بِحَربِهِ |
قَتيلاً وَعاشَت مِن نَداهُ أَرامِلُه
|
وَفي الحَربِ قَد تَخَطّى مَراميهِ مَرَّةً |
وَفي كُلِّ حالٍ لَيسَ يُخطِئُ نائِلُه
|
تَفيضُ عَلى بُؤسِ العِداةِ دُموعُهُ |
وَلَم يُلفِ يَوماً سائِلُ الدَمعِ سائِلُه
|
كَأَنَّ الوَرى كانوا أَهاليهِ جُملَةً |
فَمَهما يَكُن مِن بائِسٍ فَهوَ كافِلُه
|
وَمَن فَهِمَ الإِنسانَ في الناسِ فَهمُهُ |
رَأى أَنَّ كُلَّ العامِلينَ عوائِلُه
|
كَذَلِكَ مَن كانض التَمَدُّنُ دَأبُهُ |
سَجِيَّةَ صِدقٍ مَحضَةً لا تُزايِلُه
|
وَلَيسَ كَمَن باتَ التَمَدُّنُ يَدَّعي |
مَقاوِلُهُ قَد كَذَّبَتها مَفاعِلُه
|
تَعَلَّم أَهلَ الغَربِ طَراً قَضُّهُ وَقَضيضُهُ |
وَفارِسُهُ رامَ النِزالَ وَراجِلُه
|
مِئاتُ أُلوفٍ وَالفَرَنسيسُ وَحدَهُ |
غَداً أُمَّةً في الأَرضِ أَن صالَ صائِلُه
|
وَريكارَد قَلبُ اللَيثِ في كُلِّ مَوقِفٍ |
يُؤازِرُهُ في طولِهِ وَيُماثِلُه
|
وَمِن أُمَّةِ الأَلمانِ جَيشٌ عَرَمرَمٌ |
يَسيرُ بِهِ مِن أَبعَدِ الأَرضِ عاهِلُه
|
هِيَ الأَرضُ الكُبرى وَما ثَمَّ قَيصَرٌ |
سِواها وَلَم تَزحَف إِلَينا جَحافِلُه
|
فَصادَمَهُم مِن نَجلِ أَيّوبَ وَحدَهُ |
فَتىً بِهِم جَمعاً تَميلُ مَوائِلُه
|
حَليفُ وَفاءٍ لا يُضامُ نَزيلُهُ |
وَلَكِنَّهُ أَمسى يُضامُ مُنازِلُه
|
لَهُ ثِقَةُ اللَهِ لَيسَت بِغَيرِهِ |
وَمَن يَرجُ غَيرَ اللَهِ فَاللَهُ خاذِلُه
|
وَقالَ وَقَد تَعيى الجِبالُ جُموعُهُم |
لِيَفعَلَ إِلَهي اليَومَ ما هُوَ فاعِلُه
|
وَيَصطَدِمُ الجَمعانِ حَولَينِ كُلَّما |
خَبتَ نارُ حَربٍ أَوقَدَتها مَشاعِلُه
|
ذَرا بِرِجالِ الشامِ شُمَّ جُيوشِهِم |
فَعادوا كَعَصفٍ بَدَّدَتهُ مَآكِلُه
|
وَسَخَّرَ هاتيكَ المَعاقِلُ كُلَّها |
وَلَيسَت سِوى آيَ الكِتابِ مَعاقِلُه
|
وَسَل عَنهُ في حِطينِ يَوماً عَقَبقَباً |
غَداةَ لِواءِ الحَقِّ عُزِّزَ حامِلُه
|
وَعَن مَلِكِ الإِفرِنجِ وَهوَ أَسيرُهُ |
وَلِرناطِ إِذ تَبكي عَلَيهِ حَلائِلُه
|
هُنا اِنتَصَفَ الشَرقُ الأَصيلُ مِنَ الَّذي |
أَغارَ عَلَيهِ وَاِستَطالَت طَوائِلُه
|
فَهَل كانَ مِثلُ الشامِ حِصناً لِأُمَّةٍ |
تَمَشّى إِلَيها الغَربُ تَغلي مَراجِلُه
|
وَمِن قَصدِ الشامِ الشَريفِ فَإِنَّهُ |
لِيَعرِفهُ قَبلَ التَوَغَّلِ ساحِلُه
|
فَيا وَطَني لا نَترُكِ الحَزمَ لَحظَةً |
بِعَصرٍ أُحيطَت بِالزِحامِ مَناهِلُه
|
وَكُن يَقِظاً لا تَستَنِم لِمَكيدَةٍ |
وَلا لِكَلامٍ يُشبِهُ الحَقَّ باطِلُه
|
وَكَيدٌ عَلى الأَتراكِ قيلَ مُصَوَّبٌ |
وَلَكِن لِصَيدِ الأُمَّتَينِ حَبائِلُه
|
تَذَكَّر قَديمَ الأَمرِ تَعلَم حَديثُهُُ |
فَكُلٌّ أَخيَرُ قَد نَمَتهُ أَوائِلُه
|
إِذا غالَتِ الجَلِيَّ أَخاكَ فَإِنَّهُ |
لَقَد غالَكَ الأَمرُ الَّذي هُوَ غائِلُه
|
فَلَيسَت بِغَيرِ الاتِّحادِ وَسيلَةٌ |
لِمَن عافَ أَن تَغشى عَلَيهِ مَنازِلُه
|
وَلَيسَ لَنا غَيرَ الهِلالِ مَظَلَّةً |
يَنالُ لَدَيها العِزُّ مَن هُوَ آمِلُه
|
وَلَو لَم يَفدِنا عِبرَةً خَطَبَ غَيرَنا |
لَهانَ وَلَكِن عِندَنا مَن نُسائِلُه
|
سَيَعلَمُ قَومي أَنَّني لا أَغشَهُم |
وَمَهما اِستَطالَ اللَيلُ فَالصُبحُ واصِلُه |