تَحَدَّري يا دُموعي بِالمَيازيبِ |
وَعارِضي السُحبَ أَسكوباً بإسُكوبِ
|
وََأَدرِكي كَبِداً لَجَّ الأُوارُ بِها |
عَن مارِجٍ في صَميمِ القَلبِ مَشبوب
|
هَيهاتَ أَيُّ الرَزايا بَعدَ تَرمِضُني |
وَأَيُّ داهِيَةٍ دَهياءَ تَلوي بي
|
وَأَيُّ خَطبٍ مَلّى أَن أَقولَ لَهُ |
يا عُمري اِنفَضَّ أَو يا مُهجَتي ذوبي
|
مَضى الَّذي كانَ فيهِ مُنتهى أَمَلي |
وَمَن نَشَدَت لِتَعليمي وَتَهذيبي
|
وَمَن عَنِ الأَخذِ عَنهُ شَدُّ راحِلَتي |
وَمَن لِلُقياهُ إِسآدي وَتَأويبي
|
شَعَرتُ إِن خِلتُ الدُنيا بِمَصرَعِهِ |
لَم يَكفِني طولَ تَشريدي وَتَغريبي
|
فَمَن أَناجيهِ بَعدَ اليَومِ في حَزَني |
وَمَن أَرى بَثُّهُ بَثّي وَتَعذيبي
|
واهاً عَلى حَجَّةِ الإِسلامِ حينَ خَبا |
ذاكَ الشِهابُ بِلَيلاتٍ غَرابيبِ
|
واهاً عَلى عِلمِ الأَعلامِ حينَ هَوى |
فَلا تُصادِف قَلباً غَيرَ مَنخوبِ
|
هَوى وَكُلُّ جِبالِ العِلمِ دانِيَةٌ |
عَن شَأوِهِ فَهيَ مِنهُ كَالأَهاضيبِ
|
أَينَ الَّذي كانَ إِن أَجرى يَراعَتُهُ |
في أَيِّ فَنٍ أَتانا بِالأَعاجيبِ
|
هَذا المُصابُ الَّذي كُنّا نُحاذِرهُ |
نَظَلُّ نَلبِسُ مِنهُ جِلدَ مَرعوبِ
|
مِن قَبلُ رَزناهُ فَقداً غَيرَ ذي عَوَضِ |
وَكَم حَسِبناهُ صَدعاً غَيرَ مَرؤوبِ
|
حَتّى إِذا حَلَّ لَم تَعقِد مَناحَتُهُ |
إِلّا عَلى حادِثٍ مِن قَبلُ مَرهوبِ
|
قَضى الإِمامُ الَّذي كانَت مَكانَتُهُ |
بَينَ الأَئِمَّةِ في أَعلى الشَناخَيبِ
|
لَو كانَ أَنصَفَهُ الإِسلامُ يَومَ ثَوى |
لَبّاتٌ يَرفُلُ في سودِ الجَلابيبِ
|
كانَ المُقَدَّمُ في عِلمٍ وَفي عَمَلِ |
وَالجَمعُ ما بَينَ مَنسوبٍ وَمَكسوبِ
|
لَهُ شَمائِلَ أَمثالَ النَسيمِ سَرى |
وَيَكرَهُ العَفوَ أَن يَأى عَنِ الحوبِ
|
لَم تَعرِفِ الحِقدَ في يَومِ سَريرَتُهُ |
وَلا وَعى سِرُّهُ شَيئاً سِوى الطيبِ
|
كَم قَد تَلَقّى أَعاديهِ وَقَدَ كَشَحوا |
بِفَضلِ ذَيلٍ عَلى الآثامِ مَسحوبِ
|
يَلقونَهُ حَملاً حَتّى إِذا عَبَثوا |
بِالدينِ أَصبَحَ كَالبَزلِ المَصاعيبِ
|
هُناكَ لا هُدنَةً يَدري وَلا خَصمِ |
إِلّا سَيَأخُذُ مِنهُ بِالتَلابيبِ
|
هُناكَ أَعظِم بِفَحلٍ غَيرَ ذي نَكلِ |
لَدى اللِقاءِ وَسَيفٌ غَيرَ مَقروبِ
|
يَصولُ صَولٌ عَلَيَّ في وَقائِعِهِ |
فَلَيسَ يَعرِفُ قَرناً غَيرَ مَكبوبِ
|
عَدا عَلى عَبقَرِ مَن لَيسَ ذا صِلَةٍ |
مَعَها عَلى الرُغمِ مِن نَعتٍ وَتَلقيبِ
|
فَالعَبقَرَيَّةُ وَصفٌ في رَشيدِ رِضا |
وَالعَبقَرِيَّةُ لَيسَت بِالأَكاذيبِ
|
قِس كُلَّ صاحِبٍ فَضلٌ مَعَ رَشيدٍ رِضا |
قَيسَ الرُهامِ إِلى الطَيرِ المَناسِبِ
|
تَسمو المَنابِرُ إِعجاباً بِوَطأَتِهِ |
لَها وَتَخضَعُ أَقواسَ المَحاريبِ
|
سُبحانَ مَن زادَهُ عِلماً وَأَلهَمَهُ |
تِلكَ البَراهينِ في أَحلى الأَساليبِ
|
رُبَّ الوَفاءِ الَّذي اضربى بِشُهرَتِهِ |
حَقّاً عَلى مِثلٍ في العَهدِ مَضروبِ
|
لَم يَدرِ بُغياً عَلى الإِخوانِ في زَمَنٍ |
سادَت عَلى الجَمِّ فيهِ شيمَةُ الذيبِ
|
لَهُ المَنارَ الَّذي كانَت تُنارُ بِهِ |
سَفائِنُ القَومِ في لُجِّ التَجاريبِ
|
مَقَلَّةً مِن أُصولِ الشَرعِ أَشرِعَةً |
تَمشي مَعَ العَقلِ تِسيارُ الأَصاحيبِ
|
كانَ المَنارُ لِحِزبِ الحَقِّ مُعتَصِراً |
يَهديهِم بِشُعاعٍ غَيرَ مَحجوبِ
|
غَدَت بِهِ مِلَّةُ الإِسلامِ حَجَّتَها |
شَهباءَ في حازِبٍ مِنها وَمَحزوبِ
|
جَميعُ أَجزائِهِ تَأتي عَلى نَسقٍ |
مِثلَ اِطِّرادِ العَوالي بِالأَنابيبِ
|
فيهِ الفَتاوي الَّتي يَرضى الجَميعُ بِها |
فَلا تَرى حاجَةً في نَفسِ يَعقوبِ
|
تَجري بِآذانٍ مَن يَصغي لِقارِئِها |
لَحنَ السَريجي في سَمعِ المَطاريبِ
|
ما بِالمَنارِ ضِياءٌ غَيرَ مُقتَبَسِ |
وَلَيسَ فيهِ هِلالٌ غَيرَ مَرقوبِ
|
وَكَم كِتابٌ لَهُ غَيرَ النارِ غَداً |
فَوقَ الكَتائِبِ في حَشدٍ وَتَكتيبِ
|
في كُلِّ عامٍ تَآليفٌ يَجودُ بِها |
كَالغَيثُ يُرسِلُ شُؤبوباً بِشُؤبوبِ
|
مَواقِفٌ لَن تَرى مَن يَستَقِلُّ بِها |
وَلَن تَرى طامَعاً مِنها بِتَقريبِ
|
سَر نَحوَ رَبِّكَ مُبَكِّياً بِكُلِّ دَمٍ |
قانٍ عَلى صَفحَةِ الخَدَّينِ مَصبوبِ
|
وَاِنعَم لَدَيهِ بِما قَدَّمتُ مِن عَمَلٍ |
وَفُز بِقِسطِكَ مِن بِرٍّ وَتَثويبِ
|
وَاِترُك ثَناءً كَنَفحِ الطيبِ لَيسَ يَنى |
يَملَأُ البِلادَ بِتَشريقٍ وَتَغريبِ
|
قَد يَغلِبُ الحُزنَ أَقوامٌ بِصَبرِهِم |
لَكِن حُزنُكَ عِندي غَيرَ مَغلوبِ
|
أُبكيكَ ما دُمتَ في الدُنيا وَما بَقيتُ |
إِلّا بَقِيَّةَ عَيشٍ غَيرَ مَحبوبِ
|
لي مَعَكَ عَهدٌ فَآبى أَن أَخيسَ بِهِ |
حَتى أَصيرُ إِلى لَحدٍ وَتَتريبِ |