عُمَان دولة عربية تقع على الخليج العربي وبحر العرب. وعُمان اسم قديم لمنطقة منذ آلاف السنين. وكان لها تاريخ حافل على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
تحتل سلطنة عُمَان المركز الثالث، بين دول شبه الجزيرة العربية من حيث المساحة، فهي تبلغ 309,500كم². وتشغل الرُكْن الجنوبي الشرقي منها، فيما بين دائرتي العرض40 َ16 ° و20َ 26° شمالاً، وخطي الطول 50َ 51° و40َ 59° شرقًا، عند رأس جتر أبعد الأراضي العربية قاطبة نحو الشرق. كما تمتلك عدة جزر في مضيق هرمُز وفي بحر العرب.
كان لهذا الموقع البريّ والبحريّ دوره في تاريخ عُمَان والمنطقة المحيطة بها؛ فمن ناحية اليابسة ، تُعَدُّ السلطنة جزءًا من شبه الجزيرة العربية؛ تحيط بها غربًا دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تفصلها أيضًا عن منطقة مسندم في الشمال ثم المملكة العربية السعودية. أما جمهورية اليمن، فتجاورها في الجنوب الغربي.
ذلك الموقع جعلها على صلة وثيقة بشبه الجزيرة العربية، وجزءًا لا يتجزأ منها إذ عمّرتها في الماضي البعيد العرب البائـدة؛ أمثال العمـاليق، وقبيلة عُمَان بن قحطـان ابن هـود، وثمـود التي جابت الصخر بالـواد في منطقة الأحقـاف فيمـا بين عُمان وحضرموت. كما عاشت بها قبائل صُحَار وجَديس.
كذلك جاءتها هجرات عديدة من العرب العاربة القحطانية، خصوصًا من الأزد منذ ألفي عام، ثم من العرب المستعربة العدنانية من أمثال عبد القيس وبني سامة وبني سعد الذين جاءوا عُمَان؛ لما في أرضها من خيرات وفيرة، ولما في سواحلها من أرزاق، نتيجة اتصالها بالعالم الخارجي. ومن خلال الأودية الكثيرة التي تشق جبالها، يمكن العبور من صحراء عُمَان إلى بحرها خصوصًا سمائل والجزي وحتَّى.
ومن شبه الجزيرة العربية جاءها الإسلام؛ فآمن به العُمَانيون جميعهم، وتمسكوا بتعاليمه وبروحه واهتموا بنشره في بلاد المحيط الهندي.
مبنى كلية عُمان الفنية الصناعية أما من ناحية البحر، فهي تطل على مضيق هرمز، كما تمتد على طول خليج عُمان وبحر العرب لـمسافة 1700كم. يحيط بعُمَان مضيق هرمز من جهة الشمال، الذي يفصل بين الخليج العربي وخليج عُمَان. وهو مضيق تتقاسمه معها اليوم إيران. ولكن المجرى العميق الذي تبحر فيه سُفن العالم، هو الذي يقع في المياه العمانية فيما بين رأس مسندم وجزيرة بنات سلامة (قوين الصغرى)، طوله 18كم وعرضه 9كم، ويخرج منه 40% من النفط المستهلك في العالم يوميًّا.
أما السواحل الشرقية فيخلو معظمها من الشعاب المرجانية، وتحتضن عدة خلجان ومرافئ طبيعية مهمة، وموانئ ملاحية، مثل: سمهدم، خور روري، صحار، قلمات، صور، مسقط وغيرها. فالمياه هنا هادئة الموج ولا تتعرض للاضطرابات الجوية أو الأعاصير الخطيرة كما أنها غنية بالثروات الطبيعية. والأرض غنية بالنحاس واللبان. وهناك أيضًا منتجات زراعية وحيوانية.
مشروع تجميل مسقط العاصمة.
نرى الاهتمام بالمساجد التي تظهر في أبهى صورها الجمالية. تعاملت السفن العُمانية مع كل دول الخليج العربي في الشمال، ومع دول المحيط الهندي، حيث الهند في الشرق والساحل الإفريقي في الغرب بمساعدة انتظام هبوب الرياح الموسمية بين الشتاء والصيف في هذا المحيط. بل لقد تجاوز النشاط البحري هذه المياه إلى عالم المحيط الهادئ حيث الصين فيما عُرف بطريق الحرير البحريّ، وإلى عالم البحر الأبيض المتوسط عن طريق الاتصال المبكر، مع مصر الفرعونية لإمداد معابدها بما تحتاج إليه من البخور واللبان.
وبذلك تجمعت في موانئ عُمَان منتجات الشرق من الحرير والمنسوجات والتوابل ومنتجات إفريقيا من ريش النعام والعاج والجلود والثمار.
ولهذا تعرَّضت عُمَان ـ في فترات الضعف نتيجةً لموقعها الاستراتيجي في المحيط الهندي، وعلى مدخل الخليج العربي ـ للغزو الأجنبي الذي استهدف نهب خيرات البلاد واستثمار موقعها الملاحي. أما في فترات القوة والازدهار، فقد تأثرت عُمان حضاريًا بكثير من الشعوب، وضمت إليها ممتلكات واسعة على الجانبين الفارسي والإفريقي. كما كان لأسطولها السيادة على مياه المحيط الهندي. وشهد هذا الأسطول تطورات كثيرة في بنائه، وما زال ميناء صور يمثل أكبر ترسانة لبناء السفن في عُمَان.
لقد ترك هذا الموقع الجغرافيّ بصماته على شخصية العمانيين وسلوكهم؛ فهم أهل شجاعة وصبر، وحب للاكتشاف، وقدرة على تقبل ما يلائمهم من الجديد، وعلى اكتساب الاتجاهات الحضارية العالمية، دون التفريط في خصوصية هذه الأمة وروحها، وفي العطاء السخي في تشكيل حضارتها ونهضتها.
نظام الحكم
مبنى بلدية مسقط الجديد.
أعضاء مجلس الشورى أثناء انعقاد إحدى جلساته. نتيجة لاستقرار الحكم في عُمَان، وبفضل القيادة الرشيدة منذ السبعينيات من القرن العشرين؛ تبوأت عُمَان مكانتها اللائقة بتاريخها وبأمجادها وبإمكاناتها الجغرافية المتعددة.
رأس الدولة: السلطان قابوس بن سعيد.
نوع الحكم: سلطاني وراثي في الذكور من ذرية السيد تركي بن سعيد بن سلطان ويشترط فيمن يختار لولاية الحكم من بينهم أن يكون مسلمًا رشيدًا عاقلاً وابنًا شرعيًا لأبوين عمانيين مسلمين.
الجهاز الحكومي والإداري: يتكون من عدة أجهزة تحت إمرة سلطان البلاد، قابوس بن سعيد الذي له حق إصدار القوانين والمراسيم وعقد الاتفاقيات الدولية والمعاهدات، على النحو التالي:
- ديوان البلاط السلطاني
- وزارة مكتب القصر
- مجلس الوزراء والأمناء التابعون له، وهو أعلى سلطة تنفيذية في الدولة ويتكون من 25 وزيرًا
- المجالس المتخصصة
- مجلس الشورى
- محافظات مسقط، ظفار، مسندم.
المجلس التشريعى: ويسمى مجلس عمان، ويتكون من مجلسين: مجلس الدولة وبه 41 عضواً ومجلس الشورى، ويتكون من 82 عضوًا لفترة ثلاث سنوات كان آخرها في أكتوبر 1997م. وقد تكون أول مجلس للشورى عام 1991م.
السكان
جانب من جامعة السلطان قابوس أجرت السلطنة تعدادًا سكانيًا في ديسمبر 1993م، دلت نتائجه إلى أن عدد سكان السلطنة وصل إلى 2,018,074 نسمة، 74% منهم عُمانيون والباقي أجانب. ويوجد أكبر تجمع للأجانب في الحواضر الكبرى، حيث يشكلون 47% من مجموع سكان محافظة مسقط البالغ عددهم 549,150 نسمة، وذلك لكثرة الأنشطة التجارية والخدمية والصناعية بها. وكانت نسبة الذكور العُمانيين 51%، والإناث 49%.
وكانت أكبر التجمعات السكانية في مناطق العاصمة والباطنة والشرقية والداخلية، بينما كانت أقل تلك التجمعات في المنطقة الوسطى. وبلغت الكثافة العامة للسكان 7,3% أشخاص /كم². ونسبة سكان الحضر 13%، حيث توجد الأعمال التجارية والإدارية والخدمية المختلفة. ومعظم العمانيين من أصول عربية حتى البلوش العائدين من إقليم مكران وبلوخستان والزنجباريين من شرق إفريقيا، كل هؤلاء أصولهم عربية، وكانوا قد أقاموا بهذه البلاد عندما خضعت للحكم العُماني. كما توجد أقليات من أصل إيراني ولواتي من عرب الدكن.
أما الأجانب فغالبيتهم من الآسيويين مع قلة أوروبية من أهل الخبرات والكفاءات العالية.
الإسلام الدين الرسمي للدولة، ولا توجد امتيازات لمذهب على آخر، فإلى جانب الإباضية، مذهب السلطنة الرسمي، تنتشر المذاهب الإسلامية الأخرى، كما ترتفع آلاف المآذن للمساجد في البلاد.
والعمانيون قوم متدينون، وتستمد قوانينهم قوتها من الشريعة الإسلامية. ويرتدي رجالهم الجلباب الأبيض، مع الكمة والمسرة بألوانها الجميلة على الرأس، والخنجر الفضي على الوسط.
أما النساء فلهن أزياء محلية، ملونة يرتدين فوقها العباءة السوداء الفضفاضة وبعضهن محجّبات والقليل منهن منقّبات. وهن يشاركن الرجال في جميع الأعمال ويحصلن على الأجور نفسها التي يحصل عليها الرجال. وتشهد البلاد تطورًا سريعًًا في مجالات:
التعليم والثقافة العامة والإعلام والصحة، والبيئة والمرافق العامة (ماء، وكهرباء، وبريد، وهاتف وإرسال تلفازي وطرق معبدة) والخدمات العامة (مصارف، أندية رياضية، فنادق، مطاعم). ففي مجال التعليم على سبيل المثال، ارتفع عدد المدارس الحكومية في السلطنة من 3 مدارس في 1969م إلى 967 مدرسة في نهاية عام 1997م. وسيرتفع العدد إلى 1039 مدرسة مع نهاية الخطة الخمسية الحالية عام 2000م. وارتفع عدد الطلاب من 909 طالب عام 1969/1970م ليصل إلى 514,315 طالبًا وطالبة عام 1998م. وارتفع عدد طلاب جامعة السلطان قابوس من 511 طالب وطالبة في الدفعة الأولى عام 1986م، ليصل إلى أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة عام 1998م.
وفي مجال الخدمات الصحية تنتشر المستشفيات (47 مستشفى) والمراكز الصحية ( 114 مركزًا) في كل محافظات ومناطق السلطنة ويعمل بها 2,381 طبيبًا وتحتوي على 4401 سريرًا حتى نهاية عام 1999م. الحقول الخضراء والآلات الزراعية وتنمية شاملة للإنتاج. تغطي المرتفعات 15% من المساحة الكلية لعُمان، والرمال ومناطق الكثبان 20%. والباقي تشغله السهول الساحلية والداخلية.
وتنقسم مظاهر السطح في عُمَان إلى مايلي:
منطقة مسندم ، وهي جزءان: الجزء الجنوبي ويتكون من جبال جيرية وعرة، ترتفع إلى 1800م، تعرف باسم رؤوس الجبال. وقد عملت الانكسارات وعوامل التعرية المختلفة على شدة تجزّئها. أما الجزء الشمالي، فيشمل شبه جزيرة جيرية تتخللها الخيران والخلجان الشبيهة بفيوردات النرويج، وترتفع جدران بعض خلجانها رأسيّاً لعدة مئات من الأمتار، مثل خليج الفنستون وجبلين وأشام. ونتيجةً للهزات الأرضية الباطنية الرأسية والبطيئة؛ تكثر في هذه الجزر المناطق المنخفضة التي تغمرها المياه لتكون المضايق المختلفة، مثل مضيق هُرمز. كما تكثر المناطق المرتفعة على شكل جزُر، مثل أم الغنم وسلامة وبناتها وبوراشد والفجار، والمخروق وفاتاكو والخيال وسودا وحمرا..الخ.
ونظرًا لقلة السهول في مسندم وندرة المياه الجوفية والأودية المهمة باستثناء خصب والعين، فقد صعب مد شبكة جيدة من الطرق، كما تحددت بالضرورة مواقع الزراعة والسكن وسادت حرفة صيد الأسماك ثم تربية الماعز.
مجموعة جبال عُمَان.
تقع في شمالي السلطنة، وتتجه من الغرب إلى الشرق ومن الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. وهي ذات قاعدة أركية قديمة من أصل الرصيف العربي ثم تراكمت عليها صخور من مختلف العصور الجيولوجية؛ نارية وطفحية بازلتية ورسوبية ومتحولة. وقد اعتبرها العمانيون عمود بلادهم الفقري؛ فشرقها المكون من فتاتها الذي حملته الأودية وذرته الرياح وألقت به الأمواج هو الباطنة، وغربها هو الظاهرة. وتتكون مما يلي:
منطقة الحجر الغربي تمتد من أقصى الشمال حتى وادي سمائل جنوبًا والجبل الأخضر غربًا بمساحة 5000كم²، وهي تتكون من صخور نارية أساسًا كالسربنتين الأحمر والجابرو الأخضر، مع تكوينات سمائل وصخور الحواسنة التي تمثل رواسب البحر العميق مع تخلل للطفح البركاني والتحول المتوقع في الصخر. والصخور غنية بالنحاس ومعادن فلزية أخرى، كما سهلت عبورها العديد من الأودية كالجزي والحسنى والصرامي والحواسنة والخروص، والمعاول ثم سمائل الخوض في أقصى الجنوب.
الجبل الأخضر
هضبة جيرية على قاعدة أركية، كثيرًا ما يظهر بعضها على السطح. وقد تقطَّع إلى عديد من الهضاب والجبال بفعل الانكسارات والتعرية. ويبلغ سمك الطبقة الجيرية في بعض المواقع 3000م؛ حيث بداية تراكمها في أواخر العصر البرمي. وأعلى قممه جبل شمس 3019م. والجبل الأخضر خزان ضخم لحفظ مياه الأمطار المتساقطة عليه وإعادة توزيعها في الأراضي المحيطة به.
جبال الحجر الشرقي تنفصل عن الغربي بوادي سمائل الأخدودي. وفي وادي حطاط جنوبي مسقط، يظهر جانبا الحجرين الشرقي والغربي على شكل حوائط قائمة من الصخور الأركية، والأفيوليت القاعدية وفوق القاعدية. وتظل الجبال في امتدادها الجنوبي الشرقي حتى مناطق جعلان في الجنوب. ومعظمها من الحجر الجيري، وهي أقل ارتفاعا واتساعًا من نظيرتها في الشمال، وتمتد فيها أودية عدى، وميح، ومجليس، والخبة، والفليج، وبني خالد.
ولجبال عمان أهمية تعدينية ورعوية وسياحية وعسكرية. كما أنها الخزان الطبيعي لمياه الأمطار التي تنبجس منها على شكل عيون تجري في الفلجان بمياهها شرقًا وغربًا.
كما تتدخل كثيرًا في تحديد مناطق الزراعة والعمران. سلسلة جبال ظفار. تقع في أقصى الجنوب، وتمتد من الشرق إلى الغرب نحو 400كم، وبعرض 23كم. وقد تأثرت بتهدم الأخدود الإفريقي العظيم، فارتفعت على شكل قباب في حركة بنائية. كما ظهرت بها انكسارات باتجاهات شمالية جنوبية موازية للبحر الأحمر، وأخرى شرقية غربية موازية لخليج عدن.
وقد انقسم ذلك الإقليم إلى عدة كتل جبلية ذات سطوح مستوية لها جوانب شديدة الانحدار نتيجة ظهور الطفح البركاني. ومن أشهر كتلها جبل سمحان في الشرق، والذي يصل أقصى ارتفاعه 1,786م، والقرا في الوسط، ثم القمر في الغرب وأعلى قممه يبلغ ارتفاعها 1,300م. كما أعادت عوامل التعرية المائية تشكيل تضاريس الجبال وامتداد أوديتها مثل دربان وأرزات. السهول الساحلية. أهمها سهل الباطنة الممتد من خطمة ملاحة شمالاً حتى رأس الحمراء جنوبًا لمسافة 300كم، وبمساحة 6000كم². وبمتوسط عرض 20كم، وهو سهل ساحلي شرقي، يتدرج غربًا إلى بهادة ومنطقة دالات ومخاريط مروحية. وتشقه عشرات الأودية في طريقها من الجبال إلى البحر وهو أكبر منطقة زراعية بالسلطنة. ويليه سهلا زالوت ثم صلالة في الجنوب حيث توجد التربة الغرينية، والأمطار الصيفية والنشاط الزراعي المتميز بمحاصيله المدارية المختلفة. السهول الداخلية. أ - غرب جبال عُمان، حيث مناطق الظاهرة والداخلية وأودية صيفة، ضنك، شيبة لهبان، حانيا، العين، وهي تنتهي غربًا في الصحراء ثم حلفين وعندام وينتهيان جنوبًا في بحر العرب.
ب- شمال جبال ظفار، وحتى الربع الخالي حيث توجد أودية عرش، قتابت، حلوف، غادون، بيثينا، عديم، شيهان. وهنا يكون التجمع في الواحات أو في بطون الأودية حيثما يتوافر الماء، كما أنها تحتوي على معظم نفط عمان. الجزر الساحلية. إلى جانب مجموعة جزر مسندم، تمثل جزيرة مصيره أمام بر الحكمان أكبر الجزر وأهمها؛ حيث يصل طولها 60كم، وعرضها 12كم ومساحتها 800كم². وهي من أغنى مصائد الأسماك بالسلطنة وأنواع الأسماك فيها مرتفعة القيمة. تليها جزر الحلانيات (كوريا موريا) وهي الحسكية والسوداء والحلانيات ثم القبلية، ومعظمها صخري، ولكنها ذات أهمية عسكرية في بحر العرب.
لقد كان لهذا التنوع في مظاهر السطح والمناخ آثاره على أرض عُمَان المتمثلة فيما يلي:
التنوع في النشاط الاقتصادي ما بين زراعة ورعي وتعدين وصيد أسماك، ثم صناعات عديدة تقليدية وحديثة بناء على المواد الخام والطاقة المتوافرة.
التنوع في أنماط السكن مع ارتفاع ملحوظ في نسبة سكان المدن التي زادت في الآونة الأخيرة، وتحول المساكن القديمة إلى أبنية حديثة، حيث كانت في الماضي مواني تجارية أو أسواق تجارية في الداخل أو مراكز قبلية. أما اليوم فهناك 20 مدينة ساحلية (اختفى القديم منها) تشكل 41% من مجموع المدن، و29 مدينة داخلية تشكِّل 59%.
وبينما تمتد المجموعة الأولى على طول الساحل أو في مواقع محمية عند مَصاب الأودية، تنتشر المجموعة الثانية وسط الواحات أو عند أطرافها أو عند مخارج الأودية من الجبال، مثل بهلا، الرستاق، نزوى (نزوة)، أو في أرضية الوادي نفسه كالحمراء، أزكي سمائل، أو عند سفوح الجبال مثل أدم وعبرى.
هذا فضلاً عن المستوطنات الجبلية الصغيرة المتباعدة مثل سيق والشارجة في الجبل الأخضر، أو التي تعيش فيها جماعات الشواوي والجباليون. أما المساكن المؤقتة لبدو الصحراء كالربع الخالي ورمال دهيبة أو لصيّادي الأسماك فكثيرة وبسيطة.
التنوع البيئي والثقافي العام.
فبينما كانت التجمعات الساحلية هي واجهة الاتصال الخارجي، وموطن التجديد والإضافات الحضارية، كانت التجمعات الريفية في السهول، عماد الإنتاج الزراعي والحيواني لتحقيق الاكتفاء الغذائي من ناحية، ولتوفير منتجات التبادل التجاري مع تجار الساحل من ناحية أخرى. أما التجمعات الداخلية، وفي قلب الصحراء، فقد حافظت على التراث الثقافي وعلى أصالته واستمراره.
ولا شك أن هذا كله يتعرض للتحديث، ولكن في انضباط محسوب لايُلغي أصالة التراث العماني. المناخ. تخضع عمان للمناخ الجاف (الصحراوي) وشبه الجاف (الإستبس)، مع ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة معظم العام ـ عدا المناطق المرتفعة والجزر ـ وهي تتجاوز في النهار 45°م صيفَا، ولا يقل متوسط الحرارة في أبرد الشهور عن 20°م بحكم مرور مدار السرطان في ثلثها الشماليّ.
ونظرًا لموقعها الهامشي بين أعاصير العروض الوسطى، والموسميات في العروض الدنيا؛ أصبحت الأمطار قليلة ومتذبذبة في الكمية وفي توقيت التساقط. وهي شتوية في شمالي عمان نتيجة وجود المنخفضات الجوية التي تتعرض لها ويبلغ متوسطها 100ملم سنويًا. وهي أغزر ما تكون على الجبال وكذلك في الظاهرة، وأقل ما تكون في الباطنة، ثم في الجهات الداخلية والوسطى. وتسيل بها الأودية والشعاب التي تحدد مواقع العمران والتنمية. ولذلك اهتم العمانيون كثيرًا بحفر الفلجان ـ القنوات الصغيرة ـ وصيانتها المستمرة وإقامة سدود التغذية على الأودية الرئيسية التي تسهم في تجديد المخزون السنوي من المياه الجوفية على شكل عيون طبيعية أو بحفر الآبار الارتوازية.
أما في جنوبي البلاد، وخصوصًا على جبال ظفار، فالأمطار صيفية نتيجة لهبوب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية. وقد يزيد معدلها خلال هذا الفصل على 150ملم. كما تتجمع السحب ويتساقط الرذاذ حول الجبال هناك، مما ساعد على نمو نباتي غني تقوم عليه تربية الماشية والإبل. وقد ساعدت الأمطار الشتوية والصيفية على نمو المراعي والنباتات الطبيعية المختلفة من أشجار شوكية أو نباتات صحراوية، وعلى نجاح الزراعة في عُمان، وتركَّز السكان في مواقع معينة حددها توافر المياه بها.
وتتعرَّض البلاد معظم العام للرياح التجارية الشمالية الشرقية التي قد تتحوَّل إلى شمالية غربية مصحوبة بالأمطار شتاء. أما في جنوبي البلاد، فإنَّ الرياح الجنوبية الغربية الممطرة تهب عليها صيفًا.
وبينما يتميز داخل عُمَان بالجفاف، مما يخفِّف من وقع الحرارة الشديدة على الناس، تتميز المناطق الساحلية بارتفاع كبير في درجة الرطوبة النسبية مما يرفع من درجة الإحساس بالحرارة. تشهد عُمَان حاليًا تحديثًا لمجالات الإنتاج المختلفة، من زراعة وصناعة وتجارة وفق خطط خمسية بدأت منذ عام 1976م، ونفذت الخطة الرابعة (1991 - 1995م). ثم بدأت الخطة الخمسية الخامسة (1996 - 2000م) بالاهتمام بتنمية الموارد البشرية وزيادة دور القطاع الخاص والعمل على زيادة حصة القطاعات غير النفطية في الناتج الوطني الإجمالي.
الزراعة.
إيمانًا من السلطنة بضرورة تنويع مصادر الدخل؛ فقد أولت الزراعة اهتمامًا خاصًا، وقامت بمسح زراعي عام 1979م؛ لتبني عليه خططها. وإذا كان العمانيون قد ظلوا يمارسون النشاط الزراعي التقليدي، إلا أنهم أخذوا بجدية توجيهات وزارة الزراعة لهم من حيث تحسين البذور، وتنويع التركيب المحصولي لتغطية حاجة السوق المحلية وفق نتائج محطات التجارب والبحوث الزراعية، واستخدام الأسمدة وطرق الري الحديثة، وترشيد استهلاك المياه، والتوسع في استخدام الآلات الزراعية، وتصنيع بعض المنتجات الزراعية.
والمشكلة الرئيسية التي تقف عقبة أمام التوسع الأفقي للزراعة، هي نقص الماء، ثم قلة رقعة التربة الصالحة للزراعة؛ حيث إن 15% فقط من أرض عُمَان صالح للزراعة، ولا يزرع منها إلا النصف تقريبًا أي 61,500 هكتار. وتنقسم إلى 90,000 حيازة، مما يدل على صغر حجم الملكية. وتتركز الزراعة أساسًا في سهلي الباطنة وظفار ثم الواحات والأودية الكثيرة بالداخل مع اختلاف ملحوظ في أنواع الزراعة في الشمال عن الجنوب.
أهم المنتجات الزراعية. أ - الأشجار المثمرة والفواكه، تشغل وحدها 1,2 مليون فدان (47,000 هكتار)، منها 21,000 هكتار مزروعة بالنخيل تضم ثمانية ملايين نخلة تنتج سنويا 200,000 طن من التمر الجيد، يُصدّر بعضه للخارج.
والليمون العماني في شمالي السلطنة له شهرة وأهمية تجارية، أما في جنوبها فهناك فواكه متميزة مثل الموز وجوز الهند والمانجو والباباي. ب ـ الخضراوات وتنتشر على مساحة 7,000 هكتار صيفا وشتاء، وتكاد تُغطِّي حاجة الاستهلاك المحلي. ج ـ الأعلاف وبخاصة البرسيم، وتغطي كذلك 7,000 هكتار، ولكنها لا تكفي الأعداد المتنامية للثروة الحيوانية. د ـ هناك محاصيل حقلية أخرى من أهمها الحبوب الغذائية.
الإنتاج الحيواني.
تصَدِّر السلطنة بعض الحيوانات الحية لدول الخليج كالإبل والخيل وتستورد حيوانات حية أخرى لاستهلاك لحومها. وبالسلطنة أكثر من 94,000 رأس من الأبقار، وثلاثة أرباع مليون من الماعز و148,000 من الأغنام و94,000 من الإبل. وحيث لا تكفي المراعي الطبيعية هذه الثروة، فإن الرعي الجائر هدد مراعي ظفار تهديدًا مباشرًا، ولذا أصبح تصنيع الأعلاف أمرًا ضروريًا. أما عن الطيور الداجنة فدورها التجاري محدود للغاية.
الأسماك.
تتميز سواحل السلطنة بغناها بالأسماك، ويمكن أن تنتج سنويًا نصف مليون طن، ولكن ما يُجمع لا يتعدى ثلث ذلك (118,571 طن). وقد بلغت قيمة ماصدّرته السلطنة عام 1995م من الأسماك 51,9 مليون ريال عماني من أسماك الشارخة والروبيان والكنعد والهامور والسهوة والجيزر والتونة وزعانف القرش. كما يكثر السردين الذي يُجفف الكثير منه، لاستخدامه علفًا للماشية.
وقد تطور أسطول الصيد كثيرًا، وأصبح معظمه آليًا؛ وإن لم يدخل بعد منطقة أعالي البحار، لصيد كميات كبيرة أو لصيد أسماك القاع. كما يمتلك معظم سكان السواحل زوارق صغيرة يقضون بها في البحر عدة ساعات ليعودوا بقوتهم من الأسماك، التي تدخل في غذائهم اليومي.
التعدين.
تمتلك السلطنة ثروة معدنية لابأس بها، ويأتي في مقدمتها النفط الذي يستخرج من 70 حقلاً بريا، بالإضافة إلى حقل نجا البحري، فضلاً عن 34 حقلاً يجري تطويرها للإنتاج. ويبلغ الإنتاج اليومي 700,000 برميل. وقد استخرجت السلطنة حتى الآن 3,600 مليون برميل منذ بداية استخراجه منذ ربع قرن، وما زالت تمتلك 4500 مليون برميل من الاحتياطي. ويأتي النفط من ثلاثة تجمعات في السهول الداخلية، تُنْقل إلى ميناء العجل للتصدير عبر 2,700 كم من الأنابيب.
أما الغاز الطبيعي فيصل احتياطيّه إلى 91 مليار قدم مكعب، سدسها يصاحب النفط والباقي حر. ومن أهم حقوله مكامن نتيه في حقل جبال، ثم حقول سيح نهيده وسيح رول روك. وتستهلك وزارة الكهرباء 90% من الإنتاج اليومي لتوليد الكهرباء، ولتحلية مياه البحر، وفي مواقد المنازل والمؤسسات، مثل جامعة السلطان قابوس، ثم في مختلف الصناعات بالرسيل، وبمصانع النحاس بصُحَار.
ولعُمان شهرة في إنتاج النحاس منذ آلاف السنين؛ عندما كانت تستخرجه وتُصنِّعه لمعظم دول الخليج العربي، وبخاصة العراق الأدنى. وهي تنتج نحاسًا صافيا تبلغ كميته 15,000 طن كل عام من مناجم الأصيل والعرجا والبيضا بولاية صُحَار. كما وجدت ركائز غنية بالنحاس في مناجم الراكي وجبل السافل بولاية ينقل. ويصل احتياطيّه إلى 20 مليون طن. ويوجد الفحم الحجري حاليًا في وادي فاو، ووادي مصاوي بولاية الكامل والوافي.
كما يوجد نحو مليوني طن من خام الكروم في مواقع كثيرة حيث توجد صخور الأفيوليت. هذا إضافة إلى مليون ونصف مليون طن من احتياطي المنجنيز، في منطقة رأس الحد، وجبل الحمة بولاية القابل.
الصناعة.
قفز الناتج الوطني الإجمالي من 2,1 مليون ريال عماني عام 1975م إلى 58,903 مليون ريال عماني عام 1999م؛ مما يدل على تقدم سريع في التصنيع، بحيث أصبح يمثل 4,6% من الناتج الوطني الإجمالي. وتوجد 3,648 منشأة صناعية مسجلة، بلغت تكاليفها الاستثمارية 401 مليون ريال عُماني.
وتهدف خطط التنمية المختلفة إلى تدعيم الإنتاج الصناعي، بحيث يغطي أولاً الحاجات الضرورية للمواطنين، من صناعات الأغذية والأدوية، والملابس ولوازم البناء، ومعظمها يعتمد على المواد الخام المتوافرة محلياً، وثانيًا للتصدير.
كما تهدف خطة التنمية إلى نشر الصناعة في مراكز جديدة غير منطقة الرسيل بمسقط كالمنطقة الصناعية بشمالي مدينة صُحَار وأخرى بريسوت في صلالة وثالثة بنزوى وغيرها. وذلك لإتاحة فُرص العمل، والتقدم الصناعي ورفع مستوى المعيشة في أقاليم الدولة المختلفة.
التجارة.
كان لاستقرار الأمن والنظام، ووجود شبكة جيدة من طرق المواصلات؛ الفضل في تقدم التجارة الداخلية، حتى أصبح عدد المشاريع التجارية 8,389 عام 1996م، اشتملت على مشروعات فردية وشركات تضامنية وشركات محدودة المسؤولية وشركات مساهمة عامة. من بين هذه المشروعات 4822 مشروعًا خارج العاصمة و3,567 مشروعًا في مسقط.
بلغ الناتج الوطني الإجمالي للسلطنة عام 1995م، 52888 مليون ريال عماني. وهو يتكون من مجموعتين كبيرتين هما:
أولاً: قطاعات غير نفطية (3,250,6 مليون ريال عماني أي 61,5%).
ثانيا: قطاعات التعدين (2,038,2 مليون ريال عماني، منها 16,087 نفط والباقي غاز طبيعي. أي385%).
إجمالي الإيرادات. بلغ إجمالي الإيرادات في ميزانية عام 1996م 1934 مليون ريال عماني. أي أكثر من خمسة مليارات دولار، على أساس 76,2% من النفط (3,876 مليار دولار) والباقي من المنتجات الأخرى.
التجارة الخارجية عام 1995م. مجموع الصادرات 2,332 مليون ريال عماني. (6,133 مليون دولار) مقسمة على الوجه التالي:
1,828,2 مليون ريال عماني نفط 41,9 مليون ريال عماني معادن ومنتجات معدنية 34,98 مليون ريال عماني حيوانات حية 32,64 مليون ريال عماني منسوجات
مجموع الواردات 16,332 مليون ريال عماني. أي (42,953 مليون دولار)، وتتمثل في الآلات والمعدات الثقيلة والمركبات والكيميائيات والإلكترونيات والمشروبات والتبغ والنباتات الصناعية والمواد الغذائية والحيوانات الحية.
ومن أهم الدول التي تستورد نفط عمان اليابان ودول غرب أوروبا. أما الدول التي تستورد منها عُمَان متطلباتها ففي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة (23,8%) لقربها واتصالها البري ولتعدد موانئ الاستيراد فيها، اليابان (15,7%)، المملكة المتحدة (10,5%)، الولايات المتحدة (6,5%)، ألمانيا (5,1%) ثم بقية دول العالم. نبذة تاريخية
خريطة عُمـــان
عُرفت منطقة عمان في التاريخ باسم مجان. وتدل الأواني الفخارية والأدوات الحجرية ونظم الري والأسلحة وغيرها من الآثار على وجود مظاهر حضارية تؤكد أن عمان كانت جزءًا من الحضارة القديمة التي شملت بلاد فارس وامتدادها إلى أفغانستان، وشرقي الهند في القرن الثالث قبل الميلاد. زحف الإسكندر الأكبر -بعد احتلاله لمصر- بجيشه شرقًا لمهاجمة إمبراطورية فارس، لأنه شعر بأن مقامه بمصر محفوف بالمخاطر طالما بقي الفرس مسيطرين على السواحل الشرقية للبحر الأحمر. وبذلك تخلصت عمان ومنطقة الخليج كافة من سيطرة الفرس في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد. وشهدت القرون الميلادية الأولى محاولات عديدة من الفرس للزحف على الخليج العربي وعمان، إلا أن العرب صمدوا أمام هجمات الفرس، ولم تستقر هذه المنطقة إلا بمجيء الإسلام إليها.
جاء العرب إلى منطقة عمان من خلال هجرتين إحداهما من قلب الجزيرة العربية (نجد وما حولها) بحثًا عن مواطن الكلأ والماء ويُعرف هؤلاء بالنزاريين والهجرة الأخرى من جنوب الجزيرة العربية، فقد هاجرت بعض القبائل العربية إلى عمان إثر انهيار سد مأرب بعد أن جرفه سيل العرم في القصة المشهورة التي حكاها القرآن الكريم. استغرقت هذه الرحلة ثمانية قرون ويُعْرف هؤلاء باليمنيين أو القحطانيين. كما وفدت جماعات أخرى من خارج الجزيرة العربية وأصبحت عمانية عربية اللسان ودانت بالإسلام، وأّهمها الجماعات التي وفدت من الساحل الشرقي لإفريقيا وزنجبار، فضلاً عن الهنود والباكستانيين. عُمان في عهد الرسول ³.
في سنة 7 هـ، 629م، أرسل الرسول ³ إلى الملوك والرؤساء يدعوهم للدخول في الدين الجديد. ومن بين الملوك الذين أرسل لهم، جيفر الجلندي الأزدي حاكم عمان. وصل عمرو بن العاص إلى عمان يحمل رسالة من رسول الله ³ إلى جيفر يدعوه فيها إلى الإسلام. ولما قرأ جيفر الرسالة أعلن إسلامه وتبعه أخوه عبد وأحسن استقبال عمرو بن العاص. لم يكتف جيفر بذلك بل أرسل رسلاً من قبله إلى المناطق المجاورة لعمان يدعوهم فيها إلى الإسلام، واستجاب أكثر العرب في هذه المناطق إلى الدعوة. رفض الفرس المقيمون في عمان دعوة الإسلام فقاتلهم جيفر بمن معه من العرب وانتصر عليهم، ثم عقد معهم صلحًا على أن يخرجوا إلى بلادهم تاركين عمان.
أقام عمرو بن العاص بعمان يعلم أهلها شعائر الدين الإسلامي وظل بها حتى جاءته رسالة من أبي بكر الصديق تحمل نبأ وفاة الرسول ³، فعاد عمرو إلى المدينة ومعه عبدالله بن الجلندي وبعض قومه ليعرضوا الأمر على أبي بكر ليختار من يراه واليًا على عمان.
في عهد الخلفاء الراشدين.
أكرم خليفة رسول الله أبو بكر الصديق وفادة أهل عمان، وولَّى جيفر وأخاه على عمان وظلا يقومان بعملهما حتى وفاتهما في عهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه. وفي عهد أبي بكر، ظهرت حركات الردة في بعض أجزاء الجزيرة العربية، وظهرت في عمان بزعامة ذي التاج فأرسل أبو بكر جيشًا بقيادة حذيفة ابن محصن، ولحق به عِكْرِمة بن أبي جهل بجيش آخر بعد أن قضى على مُسَيْلمة الكذاب، وتمكن الجيش الإسلامي من الانتصار على المرتدين في موقعة دبا. وفي عهد عمر بن الخطاب، عيَّن عثمان بن أبي العاص على صدقات عُمان، وهو الذي أشار عليه بعبور الخليج إلى بلاد فارس.
في العصر الأموي.
شهدت عمان نشاط الخوارج الذين جاءوا إليها عقب هزيمتهم أمام جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه في موقعة النهروان. بعد أن آل أمر الخلافة إلى الأمويين، أعلن الخوارج عداءهم الحقيقي لمعاوية بن أبي سفيان، وتجمع الخوارج وعدد كبير من السكان الأصليين لعُمان ضد الأمويين، وأعلن أهل عمان استقلالهم عن الخلافة الأموية وظلت عُمان بعيدة عن السلطة المركزية في دمشق حتى عهد عبد الملك بن مروان.
في عهد عبد الملك بن مروان، اتجه الحجاج بن يوسف بجيش كبير إلى عُمان تمكن من استعادة عُمان لسلطة الأمويين، وفر آل الجلندي إلى زنجبار، واستعمل الحجاج الخيار بن صبر المجاشعي واليًا على عُمان، وتوالى عدد من ولاة الأمويين على عُمان.
في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، عين عمر بن عبدالله الأنصاري واليًا على عمان فسار في الناس سيرة حسنة، وظل بها حتى وفاة الخليفة عمر. بعدها تنحى الوالي عن منصبه وأعاد السلطة إلى زياد بن المهلب قائلاً له: هذه البلاد بلاد قومك فشأنك بها. المذهب الإباضي في عُمان. عاش الإباضيون في عُمان، وكان أكثرهم من أتباع عبدالله بن إباض. قام الإباضيون بدور كبير في الصراع العسكري ضد النشاط الأموي، وفي العصر الحديث امتزجت الأماني الوطنية في الاستقلال بالفكر الإباضي، وانبثق من هذا الامتزاج فكر جديد يسود عمان منذ ذلك التاريخ حتى العهد الحاضر. وجاء في كتاب سلطنة عمان ¸كان المذهب الإباضي هو النبراس الذي أضاء قلوب العمانيين، ووحد بينهم في كفاحهم لنيل استقلالهم، وكان العمانيون في هذا الكفاح يستبسلون في الدفاع عن عقيدتهم واستقلالهم·.
في العصر العباسي. لم يطل ارتباط عُمان بالخلافة العباسية فسرعان ما استقل العمانيون بشؤونهم، حيث أكدوا رغبتهم في أن يكون حاكمهم من بينهم، وعُقدت الإمامة للجلندي بن مسعود بن جيفر بن جلندي عام 125هـ. أرسل أبو العباس السفاح جيشًا بقيادة حازم بن خزيمة لقتال العمانيين تمكن من الانتصار عليهم، وقتل إمامهم في معركة رأس الخيمة ثم مات السفاح، وتُركت عُمان بدون وال حتى عام 145هـ. وعادت الولاية للعمانيين مرة أخرى وفشلت محاولات العباسيين المتكررة لاستعادة عُمان إلى سيطرتهم.
كانت الإمامة الإباضية بالانتخاب في أول الأمر، ثم تحولت إلى النظام الوراثي ثلاث مرات في عهد بني نبهان واليعاربة والبوسعيديين. واستمر حكم أئمة الإباضية حتى الاحتلال البرتغالي لعمان عام 1507م الذي استمر حتى عام 1624م، وهي الفترة التي سُميت بالعصور المظلمة في عُمان.
ثم انتقل الحكم عام 1624م إلى اليعاربة بعد أن تم لهم طرد المستعمر البرتغالي، وعادت عمان للمذهب الإباضي مرة أخرى تحت قيادة الإمام ناصر بن مرشد الذي وحَّد الصفوف، واتجه لمقاومة البرتغاليين، واستفاد من تعاون الإنجليز والفرس ضد البرتغاليين. تميز حكم اليعاربة بامتلاك جيش قوي وأسطول ضخم، كما شيدوا القلاع والحصون، وأعادوا تعمير ما دمره المستعمر خلال فترات المقاومة.
آل بوسعيد في حكم عُمان. جاء آل بوسعيد إلى حكم عمان عام 1154هـ- 1741م وما زالوا حتى الآن، ويعود تاريخ بوسعيد إلى أحمد بن سعيد، الذي عين مستشارًا لسيف بن سلطان، آخر من حكم عمان من اليعاربة، فلما رأى اضطراب الأمور في البلاد وضعف الحاكم سيف بن سلطان وتفتت البلاد في عهده، عمل على توحيد الصفوف، وقضى على القوات الفارسية الموجودة بالبلاد، وعلى إثر ذلك بويع إمامًا للبلاد، وتوالى الأئمة من آل بوسعيد حتى آل الأمر الآن للسلطان قابوس بن سعيد الذي خطا بالبلاد خطوات كبيرة نحو الحضارة. وكان استمرار آل بوسعيد في الحكم لمدة قرنين ونصف القرن قد قدم دفعة قوية لدعم الوحدة العمانية خاصة في مراحل محدودة بلغت ذروتها في عهد السيد سعيد بن سلطان (1804-1856م)، ثم في عهد السلطان قابوس بن سعيد باني نهضة عمان الحديثة.
المراجع
ريف نت
التصانيف
تصنيف :جغرافيا