الرياض / تشير الإحصائيات الطبية إلى أن 70 في المئة من عموم النساء حول العالم قد يعانين من ألم في الثدي خلال أي من فترات حياتهن، وتؤكد أيضا على أن أكثر من 10 في المئة من النساء قد يشكون من ألم متوسط أو شديد، ولمدة تزيد عن خمسة أيام، في كل شهر، وأن نسبة لا يمكن إهمالها من النساء، يشكون من ألم شديد في الثدي، يستمر لديهن طوال أيام الحيض من الدورة الشهرية.
وعلى الرغم من أن ألم الثدي قد يطال النسوة اللاتي تجاوزن مرحلة بلوغ سن اليأس، فإن غالبية الشكوى من ألم الثدي تصدر عن النسوة الأصغر سنا، وعن النسوة في عمر الفترة الزمنية التي تسبق أو ترافق بدء ظهور أعراض الوصول إلى سن اليأس.
وما قد لا يتصوره البعض، هو ما تشير إليه إصدارات الباحثين من مستشفى مايو كلينك، بأن ألم الثدي، الشديد أو المتوسط أو حتى الخفيف، قد يكون ذا تأثير سلبي مهم ورئيسي على النشاط اليومي للمرأة وعلى حياتها العملية وعلى تفاعلات علاقتها بالآخرين وعلى مستوى راحة نفسيتها.
ومع تأكيد المراجع الطبية على أن ألم الثدي ليس بالضرورة علامة على وجود أورام سرطانية في الثدي، فإن القلق والخوف الذي يعترى المرأة جراء شكواها من ألم غير مبرر في الثدي، وبخاصة من نوعية الألم الذي يستمر، قد يتطلب من المرأة أن تلجأ إلى الطبيب كي يتعرف السبب ويضع حدا للمخاوف والقلق الذي يشوش ذهن المرأة ونفسيتها ونشاطها في الحياة اليومية.
وتشير المصادر الطبية تحديدا إلى أن الشكوى من ألم الثدي لا تحصل إلا في أقل من 5 في المئة من حالات الأورام السرطانية للثدي، ولذا لا تعتبر نشرات المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة ألم الثدي من الأعراض الشائعة لدى المصابات بالأورام السرطانية للثدي، بل وتؤكد المصادر الطبية على أنه في 90 في المئة من حالات الأورام السرطانية، لم تكن الشكوى من ألم الثدي من بين أوائل الأعراض التي ظهرت لدى المصابات أو التي استدعت ذهابهن إلى الطبيب في البدايات.
وللأطباء تقسيم طبي منطقي لشكوى المرأة من ألم في أحد الثديين أو في كليهما، وهو إما أن يحصل إحساسها بالألم بصفة دورية Cyclic، أو أنه يحصل بصفة غير دورية Noncyclic.
وفي حالات التكرار الدوري للشعور بألم الثدي، يظهر بوضوح للمرأة أن الألم مرتبط بتكرار الدورة الشهرية، وخصوصا بفترة الحيض من تلك الدورة، وغالبا ما تصفه المرأة بأنه من نوعية الألم البايخ Dull وغير المحدد، والأشبه بالثقل أو الوجع، أي بخلاف الألم الحاد للوخز أو الحرقة أو غيرها من أنواع الألم.
كما أنه غالبا ما يكون مصحوبا بتورم انتفاخ الثدي، وعلى الرغم من أنه قد يطال أحد الثديين، فإنه غالبا ما يحصل في الثديين كليهما، وبخاصة في الأجزاء العلوية والخارجية القريبة من الإبط، وقد يمتد إلى الإبط نفسه، أي أنه ألم يحصل في أنسجة الثدي نفسه في غالب الأحوال.
والفترة الزمنية من أيام الدورة الشهرية، التي يشتد الألم فيها، هي الأيام السابقة لبدء خروج دم الحيض، أي أنه يحصل كجزء من أعراض الدورة الشهرية الطبيعية، وليس ذا علاقة بأي أمراض عضوية في الثدي أو أي اضطرابات غير طبيعية في الهرمونات الأنثوية بجسم المرأة، وللارتباط الواضح لهذه النوعية من ألم الثدي بالدورة الشهرية، فإنه قد يحصل خلال فترات تناول الأدوية الهرمونية لمنع الحمل، وغالبا ما تصيب هذه النوعية من الألم الشابات في مراحل العشرينات والثلاثينات والأربعينات.
أما الحالات الأقل حدوثا، التي يظهر الألم فيها بصفة غير دورية، فيتميز الألم فيها بأنه أشبه بالشد أو الحرقة أو ألم القرص، وقد يستمر لفترات، أو يزول ويظهر دونما مقدمات أو أسباب مرتبطة بالدورة الشهرية، وغالبا ما يصيب أحد الثديين، وفي أجزاء ثابتة منه، وفي حالات أقل، ينتشر إلى الثديين، أو أن يكون بسبب أجزاء من الصدر قريبة أو مرتبطة بأنسجة الثدي، كالعضلات أو المفاصل أو العظام، وغالبا ما تصيب هذه النوعية من الألم النسوة اللاتي تجاوزن بلوغ مرحلة سن اليأس.
ومن الضروري استشارة الطبيب حينما يتسبب ألم الثدي لدى المرأة في حالة من الخوف أو القلق المعيق لراحتها الذهنية والنفسية ولأدائها واجباتها اليومية.
وتتأكد الحاجة إلى ضرورة مراجعة الطبيب حينما يظهر الألم يوميا وبصفة مستمرة في الثدي لمدة تتجاوز أسابيع قليلة، أو أن الألم يزداد سوءا مع مرور الأيام، أو أنه مزعج لدرجة تؤثر سلبيا على راحة القيام بالأعمال والواجبات والعلاقات في الحياة اليومية.
كما أن من الضروري مراجعة الطبيب حينما يكون الألم ثابتا في منطقة واحدة من الثدي، أو أن يكون الألم مصحوبا بإفراز من حلمة الثدي، وبخاصة للدم أو الصديد، أو أن الألم في الثدي ظهر في أسبوع ما بعد الولادة، أو حينما يكون الألم مصحوبا بانتفاخ واحمرار وحرارة في الثدي أو أجزاء منه، أو ارتفاع حرارة الجسم ككل، أو أن تلحظ المرأة، من خلالها فحصها الذاتي لثدييها، أن في الثدي كتلة متورمة، وخصوصا التي لا تزول بعد انقضاء فترة الحيض من الدورة الشهرية.
وفي غالب الأحيان قد لا تتم معرفة السبب المباشر وراء الشكوى من ألم الثدي، ولكن لذلك الألم عدة أسباب محتملة، من أهمها هرمونات الإخصاب، والألم الدوري في الثدي ذو علاقة قوية بالهرمونات، وما يدعم وجود هذه العلاقة هو ظهور واختفاء الألم خلال الدورة الشهرية، وتكرار ذلك، إلا أنه لم يتم التعرف حتى اليوم على هرمون بعينه كسبب وراء هذا الأمر.
وتقول نظرية إن نشوء عدم توازن في الأحماض الدهنية داخل خلايا الثدي، سبب لحساسية أثداء بعض النساء لهرمونات الإخصاب، وهو ما يفسر استجابة بعض النساء لتناول أنواع من الزيوت النباتية للزهور كوسيلة لتخفيف ألم الثدي.
ويربط البعض بين الألم وتناول بعض المواد الكيميائية الموجودة في الأطعمة أو الأدوية، مثل الكافيين وغيره، وأيضا بين الإكثار من تناول ملح الطعام وزيادة تجمع السوائل في الجسم.
وفي حالات الألم غير الدوري، يكون الألم نتيجة لزيادة حجم الثدي، أو إصابات الحوادث والرضوض للثدي، أو جراحة سابقة في الثدي، أو وجود أكياس في الثدي، أو غيرها من العوامل المرتبطة بالتراكيب التشريحية للثدي أو للعضلات أو العظام أو المفاصل المجاورة له.
وغالبية حالات ألم الثدي، التي لا يوجد وراءها أسباب مرضيّة في الثدي نفسه، لا تتطلب معالجة دوائية، بل قد تفلح الوسائل غير الدوائية في تخفيف تلك الشكوى، مثل ارتداء حمالات مناسبة وجيدة للصدر، حتى خلال النوم، وتغيير نوعية وسيلة منع الحمل الهرمونية، أو حتى البدء في تناول تلك الحبوب الهرمونية، أو التوقف عن تناول الأدوية التي قد تسبب ألما في الثدي، أو تقليل تناول الأطعمة والمشروبات المحتوية على الكافيين، أو تقليل تناول الصوديوم، من خلال ملح الطعام أو غيره، أو العمل على خفض وزن الجسم.
وحينما لا تفلح هذه الوسائل، فبالإمكان تناول أحد أنواع الأدوية المسكّنة للألم، كحبوب دوائية، أو بشكل دهان موضعي كالكريم أو الجل.
المراجع
موسوعة نسيج
التصانيف
حياة