في مقابلة تلفازية أجراها معي الابن الكريم الأستاذ سعد زهير في برنامجه الناجح اليومي: (مساءات الحج) الذي تبثه القناة الثقافية السعودية، ذهب الابن الكريم إلى أن أعداد الحجيج البالغة ثلاثة ملايين نسمة تعدل تعداد سكان مدينة كبيرة، وكان رأيي أن تعدادهم يعدل تعداد دولة متوسطة من دول الجوار وكثير من دول العالم لا يصل تعدادها إلى ثلاثة ملايين، وقد يبلغ تعدادها بضعة مئات آلاف فقط. لذا فإن وجود هذه الملايين على صعيد واحد في منى وعرفات بل وفي مكة المكرمة في فترة محدودة محفوف بكل أشكال المخاطر والحوادث والأمراض وإشكاليات لا يمكن تصورها، ولكن بفضل الله ومنه وكرمه وتوفيقه لعباده المخلصين من قادة هذه البلاد ومسؤوليها ومواطنيها، تحل بيننا هذه الملايين، ويؤدون شعائرهم على أكمل وجه ويعودون إلى ديارهم سالمين غانمين دون حوادث تذكر أو أوبئة تنتشر، بل على العكس من ذلك ينعم الكثير منهم برعاية صحية فائقة قد لا تتوفر في بلدانهم كجراحات القلب وغسيل الكلى وسوى ذلك من الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة لضيوف الرحمن.

وقد أعلن معالي وزير الصحة رسمياً خلو حج هذا العام 1432هـ من الأمراض الوبائية والمعدية، وكان ذلك أمراً متوقعاً ومرتقباً، إذا وضعنا في الحسبان الاستعدادات الهائلة لوزارة الصحة قبل الحج وأثناءه وبعده، وقد بينها بكثير من التفصيل معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف والمحررين والكتاب في مكتبه بجدة ليلة الأربعاء 6/12/1432هـ، وقتها كان معاليه يتمنى انتهاء موسم الحج بالنجاح الصحي، وقد كان له ما تمنى ولله الحمد. وقد زف معاليه البشرى وقتها بأن الاستعداد تام، وأن كل المرافق قد اكتملت، وأوضح أن أعداد (الممارسين) كما سماهم بلغت عشرين ألف ممارس لخدمة الحجيج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويشمل ذلك المشاعر بالطبع، و(الممارسون) كما فهمنا يشملون الأطباء والممرضين والفنيين والمساعدين من الجنسين،

وقد لا يشملون الإداريين، ولو شملوهم، يبقى العدد كبيراً جداً، ويمكن لنا أن نقول إن وزارة الصحة جندت (جيشاً) من الممارسين لخدمة الحجيج، ولعل اللافت في إجراءات هذا العام الصحية - كما بين معاليه - أن القطاعات الصحية كلها في هذا العام عملت تحت منظومة واحدة، برئاسة وزارة الصحة حسب توجيهات سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد حفظه الله، بمعنى أن هذه المنظومة شملت القطاع العسكري والحرس الوطني وسواهما، ولا شك في أن هذا التنظيم الجديد هيأ الفرصة للتنسيق التام بين كل القطاعات الصحية العاملة في الحج، وحقق تكاملاً كبيراً في الخدمات، وألغى الازدواجية بينها، ولا عجب بعد ذلك أن ينتهي الموسم بالنجاح الصحي ولله الحمد. ومما بيّنه معالي الوزير من إنجازات هذا العام تحديث المراكز الصحية الأولية في المشاعر، وتوفير أجهزة علاج ضربات الشمس عن طريق القسطرة، وتوفير أجهزة المناظير الداخلية في المشاعر، فقد وفرت الوزارة سبع وحدات للمناظير وأربعين جهازاً للغسيل الكلوي، وتوفرت كل الإمكانات اللازمة لإنقاذ الحياة في الحالات الحرجة، مثل عمليات جراحة القلب، وحتى تأريخ لقائنا مع معالي الوزير،

أي حتى 6/12/1432هـ، أجريت 200 عملية قسطرة و12 عملية قلب مفتوح، ولا شك في أن أعداد هذه العمليات قد زادت كثيراً حتى كتابة هذه السطور. وبين معاليه إضافة إلى ذلك أن الوزارة وفرت أجهزة عزل متنقلة، إضافة إلى أربعة آلاف سرير للتنويم، و450 سرير عناية مركزة في مستشفيات عرفات ومنى، وبالمثل في المدينة المنورة، وفي اللقاء نفسه بين معاليه أنه لا توجد حالات محجرية بين الحجاج، وأن الحالات التي ظهرت كان معظمها نتيجة أمراض مزمنة كالسكري والضغط والقلب والكلى وسواها.

وإن تكن كل تلك استعدادات موسمية لرعاية الحجاج، فإن استعدادات وزارة الصحة وإنجازاتها في كل أنحاء المملكة لخدمة المواطنين قد أصبحت توازي ما يتوفر في الدول المتقدمة، وقد تتفوق على بعض منها ولله الحمد والمنة، وقد حققت الوزارة في العامين الماضيين على وجه الخصوص قفزات غير مسبوقة في كل القطاعات. ومازالت لدى الوزارة 195 منشأة صحية في طور التنفيذ منها خمس مدن طبية، ومن برامجها الجديدة: برنامج علاقات وحقوق المرضى: Patients Rights الذي يعمل فيه اليوم ألف موظف، وهو برنامج بدأ من الصفر ويهدف إلى الاستماع لشكاوى المواطن ومعالجتها، ويتيح الفرصة له لإبداء رأيه بحرية في خدمات الوزارة، ومن البرامج الجديدة برنامج الطب المنزلي الذي يعتبر تكميلياً لحالات العلاج في المستشفى وقد استفاد منه تسعة آلاف مريض، وخفف أعباء كثيرة عن تكاليف العلاج، ومن البرامج المهمة برنامج جراحة اليوم الواحد، إذ تجرى 35% من العمليات الجراحية في برنامج اليوم الواحد.

ومن الأرقام المهمة في خدمات الوزارة أنه يتبع لها اليوم 10 مراكز للقلب، و5 مراكز للأورام و170 مركزاً للكلى و152 بنكاً للدم، و13 مختبراً مرجعياً و17 مركزاً للسكري، ومن المؤشرات المهمة لنجاح الوزارة أن معدل العمر وصل إلى 74 سنة وهو مقارب للمعدل الأوروبي.. وأن المملكة واحدة من أفضل خمس دول في مؤشرات التطعيم والتحصين، وأن وفيات الأمهات عند الولادة لا تتعدى 14 في كل مائة ألف، ونحن بذلك أفضل من أوروبا. ومن المؤشرات المهمة كذلك أن المملكة تنفق 3.6% من ناتجها القومي على الرعاية الصحية. وقد ساق معالي الوزير أرقاماً دالة على أن استفادة المواطنين من خدمات وزارة الصحة في تنامٍ مستمر،

خلاف ما يشاع من أن كثيراً من المواطنين يعرضون عنها ويفضلون القطاع الخاص، ومن ذلك أن عدد المراجعين وصل إلى 66 مليون مراجع في العام وعدد المنومين بلغ مليوناً وسبعمائة وخمسين ألف منوم، وبلغت حالات الولادة 261.000 حالة ولادة، إضافة إلى خمسمائة ألف عملية جراحية في العام، ولا يقدم القطاع الخاص سوى 20% من الخدمة.

لقد كان حديث معالي وزير الصحة لرجال ونساء الصحافة والإعلام حديثاً من القلب إلى القلب، إذا جاز لنا استخدام المصطلحات الطبية، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك بما ساقه معاليه ومساعدوه من أرقام وإحصائيات أن القطاع الصحي في المملكة بخير، بل وبخير عميم وأنه في أيد أمينة، ولله الحمد، ويحقق ما يصبو إليه قادة هذه البلاد وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين من تقديم أرقى الخدمات الصحية لكل المواطنين.

لقد أحسنت إدارة الإعلام والعلاقات والتوعية الصحية في وزارة الصحة وعلى رأسها سعادة الدكتور خالد بن محمد مرغلاني بعقد هذا اللقاء المتميز، كما كان لمشاركة كبار رجال الوزارة دور كبير في الإجابة على أسئلة الإعلاميين، ومنهم سعادة الدكتور محمد خشيم وسعادة الدكتور صلاح المزروع، وسعادة الدكتورعقيل الغامدي، وسعادة الدكتور منصور الحواس.

المراجع

صحيفة نسيج الإلكترونية

التصانيف

إسلام