ها هو عام آخر أمزقه من تاريخي الشخصي كما نمزق ورقة «الروزنامة»، وها أنا أعد نفسي لتلبية نداء المؤذن للحج، وأذهب للحج/ للركن الخامس من عقيدتي الإسلام لأول مرة.

هذا الركن وإن بدا أنه الخامس إلا أنه يحمل في طياته عمق الأركان الأربعة التي تسبقه، فهو صلاة أخرى يمارسها الإنسان، ولكن مرة واحدة في حياته.

الحج وإن بدا لمن يشاهده من بعيد أنه مكان يتجمع فيه الملايين، إلا أن الحج «العبادة» ليصح، عليك ألا تشعر بوجود كل هذه الملايين، لأن الحج ما هو إلا انفصال الروح عن هذا العالم وذهابها لتلبية نداء خالقها «لبيك اللهم لبيك»، لترجو الخالق بأن يغفر للجسد الذي تسكنه، هذا الجسد المليء بالرغبات والحسد والكراهية والكذب والخوف والألم والجوع والعطش والمرض والشيخوخة والضعف، والذي يحاول دائما ألا يخطئ، لكنه ضعيف، لهذا يناجي خالقه بأن أغفر لي.

ذهابنا للحج يا صديقي لا يتطلب سوى مؤمنين ومخلصين وواثقين بأن رحمة الخالق أكبر من خطاياهم، ذهابنا ولاء وإخلاص ثابتان، بأن الله أكد لنا «إن لم نرفث ولم نفسق» ولا نحن استغللنا الحج لمصالح دنيوية وسياسية ومذهبية، ولا حاول بعض مشايخ المذاهب جعله منبرا لهم، سيعيد صفحتنا بيضاء كما ولدتنا أمهاتنا بلا خطايا.

ما يخيفي يا صديقي أن ثمة دولا لديها أطماع سياسية، ومشايخ مذاهب يريدون تحويل هذه العبادة لمنبر سياسي تتنافس فيه المذاهب، فيشوهون عبادة البشر، ويستغلونها لأطماع دنيوية.

كم أود أن أقول لهم: كفوا أيديكم عن الحج، أو ألا ينصت الحجاج لهؤلاء الذين يريدون إفشال حجة الإنسان؟

وبدل أن يعيدنا الحج للطفولة للبراءة لكائن بلا خطايا، ستبقى خطاينا، ونزيدها خطايا أخرى وأكبر، إذ نشرك السياسة مع عبادة الله، فيفشل حجنا، ونخسر نحن ويكسب تجار السياسة والدين.

المراجع

صحيفة نسيج الإلكترونية

التصانيف

إسلام