في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال في سورة البقرة «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون». كما تقول السيرة النبوية: إنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم غلام يقال له (مدعم) وفي إحدى الغزوات أصابه سهم وهو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات.. وجاء أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يعزونه في خادمه ويقولون: «هنيئاً له يا رسول الله، لقد ذهب شهيداً». ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أجابهم قائلا «كلا إن الشملة التي أخذها من الغنائم يوم خيبر لتشتعل عليه ناراً». خادم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتولى إنزال رحل الرسول في غزوة، ومع ذلك تشتعل عليه النار لأنه استحل شملة من المال العام، ولو أنها لا تساوي دراهم معدودة.. لذا فقد تصدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لكل ما يمكن أن يمس المال العام وتأصيل ضماناته وحصانته، وتهيئة الأسباب لمحاصرة الفساد والقضاء عليه. وأكد مستندا على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ومنطلقا من قول الله تعالى «ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين».

استشعارا من خادم الحرمين الشريفين للمسؤولية الملقاة على عاتقه في حماية المال العام، محاربة الفساد، والقضاء عليه، أصدر في 13/4/1432هـ أمراً بإنشاء «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» ترتبط بالملك مباشرة. وقال الملك في كلمته خلال افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى أخيراً «وكنا قد أصدرنا بعد عودتنا من رحلتنا عدة قرارات شملت قطاعات متعددة وشرائح متنوعة، نصبو من خلالها تخفيفا للأعباء وتوفيرا لأسباب الحياة الكريمة المعاشة لكل مواطن ومواطنة، وحرصا منا على تعزيز العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتلبية لاحتياجات ومتطلبات شعبنا لينعم بحاضر كريم ويطمئن إلى مستقبل آمن لأجياله القادمة بإذن الله،

ومن هذا المنبر أقول لكل الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة ولم تتوان في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، والآن تحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة تجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي أن لا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد، ولن نقبل إطلاقا أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال، ولن نقبل الأعذار مهما كانت». ولم تتوقف جهود الملك عبدالله عند هذا الحد في محاربة الفساد فقد شدد غير مرة على جميع الوزراء والمسؤولين في أجهزة الدولة بتحمل الأمانة والمسؤولية تجاه دينهم أولا ثم أبناء المملكة جميعا، وتأكيده على تنفيذ ما أوكل إليهم من مهمات اعتمدت لخدمة الوطن والمواطن، وعدم قبوله عذرا بالتقصير أو التهاون. وتهدف الهيئة بحسب نظامها الأساسي إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه. وأختم بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله «لأن يأخذ أحدكم تراباً فيجعله في فيه، خير من أن يجعل فيه ما حرم الله عليه».


المراجع

صحيفة نسيج الإلكترونية

التصانيف

إسلام