مازلت أجزم بأن المملكة تتفرد بميزة استثنائية لا تتوفر لغيرها، تستطيع من خلالها تحقيق ما لا يمكن أن تحققه كل وسائل الإعلام والدعاية والتسويق لو أحسن استثمارها وتوفرت لها العوامل والمقومات التي تخدمها وتجعلها تظهر بالشكل اللائق. موسم الحج الذي يتوافد فيه الملايين من كل بلدان العالم، وبشكل متجدد في كل عام، يختلف عن أسباب الجذب السياحي أو غيرها من الأسباب التي تتميز بها بلدان أخرى؛ لأنه موسم ثابت يضم مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية من كل دولة يوجد فيها مسلمون، أي كل دول العالم تقريبا، وبالتالي بإمكانه أن يقدم للعالم صورة أخرى غير الصورة النمطية للمملكة التي تنحصر في كونها أكبر بلد منتج للبترول، لكن مجتمعها وبنيتها وأسلوب الحياة فيها لا يعكس الاستفادة المتوقعة من ثروة هائلة كثروتها..

دعونا لا نتجادل في أن الكثير من مجتمعات العالم ورغم كل ما وصلت إليه تقنيات الاتصال والوسائط الإعلامية التي تنقل الصورة والمعلومة إلى كل مكان، مازالت تحمل صورة عن المملكة مشوبة بكثير من السلبيات، أو ليست إيجابية كثيرا في أحسن الأحوال. وللأسف الشديد فإن كثيرا من قصورنا يؤكد نسبة كبيرة من مكونات هذه الصورة عندما يصل الزائر للمملكة، خصوصا في موسم الحج الذي نتوقع أن أغلبية القادمين خلاله يصلون المملكة للمرة الأولى ويقضون فترة قصيرة يتشكل خلالها انطباعهم عنها من خلال مشاهداتهم منذ لحظة وصولهم إلى لحظة مغادرتهم.. ونحن هنا لا نتحدث عن الخدمات والتسهيلات الضخمة في أماكن أداء شعائر الحج التي تتطور كل عام، وإنما عن التفاصيل الأخرى التي يلتقطها الحاج من منفذ القدوم إلى محطة المغادرة..

طبيعة الخدمات في الأماكن الخارجة عن نطاق المشاعر، أسلوب الموظفين الذين يتعاملون مع الحجاج في تلك الأماكن، نمط الخطاب الذي يستخدمه المجتمع معهم، المشاهد والتفاصيل والمواقف التي يمر بها الحاج خلال زيارته للمملكة هي التي تشكل انطباعه العام عنها وعن مجتمعها، ولذلك لا يصح أن يقتصر تقديم المملكة خلال موسم الحج من خلال ما هو موجود في الإطار المحدود الذي يؤدون فيه مناسكهم، ولكن من خلال كل ما سوف يشاهدونه وكل من يتعاملون معه خلال هذه الفترة.


المراجع

صحيفة نسيج الإلكترونية

التصانيف

إسلام