غافلت خادمة الأثرياء الجزار الكبير واستولت على 20 ألف جنيه، أعطتها لحبيبها سائق التاكسي لكي يتم زواجهما، لكنه غدر بها واستولى على المبلغ واشترى به سيارة ليعمل عليها ورفض الزواج منها لأنها خادمة ولصة...
فلم تجد وسيلة تنتقم بها من نفسها ومنه سوى الاعتراف بالجريمة.
وسط خمسة أفواه جائعة سبقتها للحياة ولدت “أماني” في أحد الأحياء الشعبية وعاشت السنوات السبع عشرة من عمرها في عراك بين والديها بسبب المال، لم تعرف كباقي أخواتها الطريق إلى المدارس، ونادرا ما ارتدت جلبابا جديدا فجميع ملابسها حصلت عليها أسرتها من أهل الخير، ألحقها والدها منذ بضع سنوات بمكتب “مخدماتي” انتقلت من خلاله للعمل لدى عدة أسر وانتهى بها الحال للعمل لدى أسرة ثرية بمنطقة المهندسين، عرفت الطعام اللذيذ ونامت لأول مرة في حجرة مستقلة بها سرير، بعيدا عن المطبخ وطرقات الشقق، كانت تقف أمام المرآة المكسورة التي حصلت عليها من دولاب مخدومتها لفترات طويلة وهى تقلد سيدة المنزل وكثيرا ما استغلت غيابها وراحت ترتدى بعض ملابسها وتخاطب المقاعد وقطع الأثاث بلهجة من تعمل لديهم ثم تنتهي التمثيلية بعبارات تندب فيها حظها الذي جعلها ابنة لرجل يقتله الفقر والجهل والمرض ثم تسرع إلى المطبخ وهى تحاول أن تذكر نفسها بأن المطبخ هو مكانها الوحيد.
تعرفت “أماني” إلى “ماهر” الذي يعمل سائقا على تاكسي عندما تعطلت سيارة مخدومتها بالطريق وقام ماهر بتوصيلهما وانتظرت أماني بالسيارة لحين عودة مخدومتها وإنهاء مشوارها وطوال هذه الفترة وعينا ماهر لا تحيدان عنها ولا يكف عن مغازلتها وتمكن خلال هذه الفترة القصيرة أن يعرف كل شيء عن أماني وعن راتبها وتواعد معها على اللقاء، توطدت العلاقة بينهما سريعا حتى أصبحت قصة حب ملتهبة على الأقل من جانب أماني، وكان لابد أن تنتهي قصة الحب بالزواج لكن كيف وأحوال ماهر المالية أشد بؤسا من أماني، وكانت العقبة الوحيدة في طريق حبهما وزواجهما هي المال، وأثناء تردد أماني على محل الجزارة الكبير الذي يقع في وسط الحي لإحضار اللحوم للأسرة التي تعمل لديها بهرتها الأموال الكثيرة التي يحصل عليها من الزبائن والتي يقوم بدسها في الدرج الكبير.
ذات يوم وعندما كانت أماني شاردة الذهن في مسألة زواجها المتعثر بسبب المال، وبينما الجزار يلقي على مسامعها بعض عبارات الغزل كعادته معها وقعت عيناها على درج مكتبه المتخم بالأموال، تحركت أماني عدة خطوات إلى داخل المحل متظاهرة بالاستجابة لكلماته ثم بدأت تسحب رزم الأموال من الدرج وتضعها في حقيبة الخضراوات وقبل أن ينتهي الجزار من تجهيز طلبها كانت قد أغلقت الدرج وابتعدت عنه عدة خطوات في اتجاه باب المحل ثم ألقت عليه بابتسامتها، خرجت أماني من محل الجزارة وهي لا تعرف كم سرقت منه ودلفت إلى شارع جانبي وعلى الفور استوقفت سيارة تاكسي وانطلقت بعيدا، وعلى وجه السرعة اتصلت برقم الهاتف المحمول الخاص بحبيبها ماهر الذي توجه إلى المكان الذي حددته له.
أخبرته بالتفاصيل وقدمت له المبلغ الذي سرقته وقدره عشرون ألف جنيه وطلبت منه أن يستأجر لهما شقة صغيرة ويجهزها بالأثاث في أسرع وقت ثم يطلبها للزواج من والدها، وكان شعور أماني بالسعادة قد طغى على خوفها فقد كسرت الحاجز المالي الذي كان يقف في طريق حبها وعادت لمنزل مخدومتها وفي المساء أخبرتها بأنها لن تعمل خادمة مرة أخرى فسوف تتزوج قريبا وطالبتها بأن تبحث لها عن خادمة غيرها في غضون هذا الأسبوع، انتظرت أماني أن يتصل بها ماهر ويخبرها بما توصل إليه في مسألة الشقة، لكن انتظارها طال فبدأت تبحث عنه وفوجئت به قد اشترى “تاكسي” وترك التاكسي الذي كان يعمل عليه ولأنه كان دائما قادرا على إقناعها بوجهة نظره فقد أقنعها بأن الشيء المهم هو أن يكون لهما مصدر رزق مضمون وليس لأحد سلطان عليهما والآن لابد أن يواصل العمل ليل ونهار حتى يتمكن من تجهيز عش الزوجية وطلب منها مهلة ثلاثة أشهر فقط.
رغم شعور أماني بأن ما اقترفته وعرضت نفسها للخطر والسجن في سبيله لن يتحقق فهي لم تتزوج ماهر ولم تترك منزل أسرتها وبالتالي لم تترك الخدمة بالبيوت، فقد كتب عليها الشقاء مدى الحياة ومع ذلك فقد حاولت أن تقنع نفسها بوجهة نظر ماهر، ومرت الأشهر الثلاثة بسرعة دون أن يتقدم ماهر خطوة واحدة في طريق زواجهما وكانت كلما فاتحته في الموضوع تهرّب منها وادعى كذبا بأن أحوال التاكسي غير طيبة ويحتاج إلى إصلاحات كثيرة تلتهم كل الدخل الذي يأتي منه، فكرت أماني في فكرة لتضع حدا لموقف ماهر الغريب، فقد طلبت منه أن ينقل ملكية التاكسي باسمها وفوجئت به يثور في وجهها ويتهمها بالجنون، غضبت أماني واحتدت عليه وسألته:
هل معقول أن تسرق هي ويتنعم هو بمالها؟ وكان رده في منتهى القسوة فقد أجابها بأن اللامعقول أن يتزوج من خادمة سارقة، وقعت الكلمات على أماني كالصاعقة فلم تدر بنفسها إلا وهي في قسم الشرطة تعترف بأنها اللصة التي سرقت 20 ألف جنيه من محل الجزارة وأنها أعطت المبلغ لماهر سائق التاكسي الذي تربطها به علاقة حب منذ فترة أملا في أن يتم زواجهما لكنه غدر بها، تم استجواب أماني وسط دموعها واعترفت تفصيليا بجريمتها وأكدت أن نشأتها وسط أسرة فقيرة سببت لها حسرة وهى ترى أمام عينيها البنات اللاتي في عمرها يتزوجن ويتمتعن بالحياة وملذاتها في حين هي تخدم في البيوت مقابل بضعة جنيهات.
لا تراها بعينيها لكنها تصل ليد والدها من مكتب “المخدماتي” الذي يقاسمها في تعبها وشقائها، كل أحلامها كانت منحصرة في زواجها واستقلالها بحياتها وأن تكف عن الخدمة، لذلك عندما رأت ما يمتلكه الجزار من أموال ضخمة سال لعابها فلم تستطع أن تقاوم رغبتها في سرقة أمواله حتى تتزوج من الرجل الذي تحبه، تم ضبط ماهر الذي أنكر في البداية ولكن بمواجهته باعترافات أماني انهار واعترف بأنه أخذ منها المبلغ المسروق واشترى به التاكسي، أحيل المتهمان إلى النيابة ووجهت لهما تهمة السرقة وأمرت بحبسهما واستدعاء الجزار لتسلم أمواله المتمثلة في التاكسي.
المراجع
gesah2.com
التصانيف
قصص الآداب العلوم الاجتماعية