قصة عبدالرحمن الداخل وخادمه بدر

عبدالرحمن الداخل

عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك صاحب الدولة الأمويّة في بلاد الأندلس، وُلد عبد الرحمن الداخل سنة 731م في الشام في قرية "دير حنين/ خنان"، وتُوفّي أبوه شابًا بعد مولد عبد الرحمن بقرابة الخمس سنوات حوالي سنة 736م؛ لتبدأ رحلته لاحقًا إلى الغرب مع سقوط الدولة الأموية ومطاردة العباسيون للأمويين، ومن هنا تبدأ قصة عبدالرحمن الداخل وخادمه بدر.[١]

 

ظروف اللقاء وبداية القصة

جاء في بداية الحديث ذكر مطاردة العباسيّين بني أميّة، فبعد أن سقطت الخلافة الأموية أعمل العباسيون يد القتل في ما تبقى من دار الخلافة الأموية، حتى أن الخليفة العباسي الأول -أبي العباس-، ولشدة بطشه بهم، لقب بالسفاح؛ كان لذاك الحو المشبع بالدم ولربما الغدر أحيانًا أن يكون المحرك والدافع لخروج عبد الرحمن الداخل من الشام، وفي الروايات أن عبد الرحمن الداخل كان وفي قراءة نفسه يدرك أو لعله يحدس ما ينتظره في الغرب من دولةٍ وسلطانٍ، ليكون المغرب وجهته منذ البداية الأولى، وفي هذه الطريق تبدأ قصة عبدالرحمن الداخل وخادمه بدر.[٢]

لما بدأت رحلة عبدالرحمن الداخل ناح الغرب، وبعد أن قُتِل أخيه بوحشيةٍ أمام عينيه، أوفدت إليه اخته أم الأصبغ خادميه مع بعض المال والجواهر لرحلةٍ طويلةٍ وحياةٍ جديدةٍ في مكان مجهول، كان بدر أحد الخادمين، وهنا تتجذر العلاقة بينهما -السيد والخادم- ولسير الأحداث لمسات قدرٍ ربانيٍ واضحة[٢]

قصة عبدالرحمن الداخل وخادمه بدر

الطريق طويلٌ، والمصير مجهولٌ، وهنا في حال الهارب الطريد هل يستوي أن يظل الخادم خادمًا والسيّد سيّدًا؟ في قصة عبدالرحمن الداخل وخادمه بدر كانت الظروف مهيئةً لتلاشي المقامات -وإن لم تُمْحَ- لكن هذه القصة توحي أن العلاقة أخذت درجاتٍ متفاوتةٍ على صعيد العلاقة بينهما، ورغم أن الكثير من القصص والمواقف قد تروى وتحكى خلال هذا السفر وما بعده، إلا إن هذا المقال يقصد القصة المُجملة، وخروج المولى من فكرة عبوديته أو خدمته إلى ما لا يمكن إلا لقدرٍ ربانيٍّ أن يوقعه واقعًا.

ابتعاث بدر إلى الأندلس

العام 753م كان شاهدًا على اشتدادِ الخلاف في بلاد الأندلس، وما وقع من فتنةٍ وفرقةٍ بين اليمنية والمضرية، والفتى القرشي الأموي يراقب من وراء البحر، حتى أحس بفطرة الأمير وحنكة الداهية أن الفرصة مواتيةٌ، وأن ثمة شأنٌ سيعلو هناك، فابتعث مولاه ورفيق دربه بدر إلى الأندلس، ينظر في أحوالها ورجالها، يستقرأ الموقف ويحشد التأييد لسيده فيمهد قدومه، في ذات العام 753م نزل بدر في "إلبيرة" من نواحي "غرناطة" وهي منزل جند الشام الذين ابتعاثهم الخليفة الأموي لنصرة "طارق بن زياد" و"موسى بن نصير" في فتح الأندلس، فبدأ بدر ببث دعوة عبد الرحمن الداخل هناك فحشد الأنصار وهيّأ لقدوم عبد الرحمن الداخل في العام 755م ، وكثمرةٍ للجهود التي بدأها بدر في الأندلس انتصر عبد الرحمن الداخل على حاكم الأندلس "يوسف الفهري" في موقعة المصارة يوم عيد الأضحى عام 756م معلنًا عهد الإمارة للدولة الأموية الأندلسية.[٣]

محنة بعد مكرمة

في الأندلس، وبعد أن أسّس الداخل الدولة، وكان الأمير عبد الرحمن الداخل قد عرف بالوفاء وحسن المعشر، لم ينسَ فضل بدر وما بذله طوال محنته وسفره، حتى صار اليوم صاحب الدولة والسلطان، فقابل الإحسان بالإحسان والفضل بأضعافه، فقربه إليه وأكرمه، حتى أن البعض يروي أن بدرًا صار له وزيرًا، لكن الأمير لما بدى من مولاه بدر كثير تفضله عليه وتذكيره بما كان صنيعه له، عافته نفسه ومال إلى عقابه، حاله حال من وجس منهم الأمير، فأبعده ونفاه، وسلب منه ماله وما ملك، وفي ذلك يقول محمد بن الخطيب -صاحب الإحاطة- "... وكل ذلك لم يُغْنِ عنه نقيرًا لما أسلف في ادلاه عليه وأكثر من الانبساط لحرمته، فجمع به مركبٌ لحامله، حتى أورده ألمًا يضيق الصدر عنه ... فانتهى في عقابه لما سخط عليه أن سلب نعمته وانتزع دوره وأملاكه، وأغرمه على ذلك أربعين ألفًا من صامته، ونفاه".[٤]


المراجع

sotor.com

التصانيف

حكام الأندلس  أمويو الأندلس  وفيات 788   العلوم الاجتماعية