من صفات الله عزَّ وجلَّ الفعليَّة الخبريَّة التي لا يوصف بها وصفاً مطلقاً، وهي ثابتة بالكتاب والسُّنَّة.

• الدليل من الكتاب:

1- قوله تعالى:وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْـمَاكِرِينَ {آل عمران: 54}.

2- وقوله:وَمَكَرُوا مَكـْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ {النمل: 50}.

• الدليل من السُّنَّة:

حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((رب أعنِّي ولا تُعِنْ علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي...)) رواه أحمد (1/227) (1997)، وأبو داود (1510)، والترمذي (3551)، وابن ماجه (3830)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10368). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال النسائي: محفوظ، وقال الترمذي والبغوي في ((شرح السنة)) (3/153): حسن صحيح، وقال ابن تيمية في ((الرد على البكري)) (206): مشهور، وحسنه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (ص206)، وصححه ابن القيم في ((الوابل الصيب)) (196)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3830). .

قال أبو إسحاق الحربي: (والكيد من الله خلافه من الناس، كما الـمَكْر منه خلافه من الناس) ((غريب الحديث)) (1/94). .

وهذا إثبات منه لصفتي الكَيْد والْمَكْر على الحقيقة.

قال شيخ الإسلام: (وهكذا وصف نفسه بالـمَكْر والكيد، كما وصف عبده بذلك، فقال: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ، وقال: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً، وليس الـمَكْر كالـمَكْر، ولا الكيد كالكيد) ((التدمرية)) (ص 26). وانظـر كلام تلميذه ابن القيم في ((مختصر الصواعق المرسلة)) (2/32). .

وسئل الشيخ ابن عثيمين: هل يوصف الله بالـمَكْر؟ وهل يسمى به؟ فأجاب: (لا يوصف الله تعالى بالـمَكْر إلا مقيداً، فلا يوصف الله تعالى به وصفاً مطلقاً؛ قال الله تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إلَّا الْقَوْمُ الْـخَاسِرُونَ، ففي هذه الآية دليل على أنَّ لله مكراً، والـمَكْر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر، ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ((الحرب خدعة)).

فإن قيل: كيف يوصف الله بالـمَكْر مع أنَّ ظاهره أنه مذموم؟ قيل: إن الـمَكْر في محله محمود، يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه، ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق، فلا يجوز أن تقول: إنَّ الله ماكر وإنما تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً؛ مثل قولـه تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ، وقولـه: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، ومثـل قولـه تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله، ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق، بل إنها في المقام التي تكون مدحاً؛ يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحاً؛ لا يوصف بها، وكذلك لا يسمى الله به؛ فلا يقال: إنَّ من أسماء الله الماكر.

والـمَكْر من الصفات الفعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه ((المجموع الثمين)) (2/65). .

وانظر كلام الإمام ابن جرير الطبري في صفة (الاسْتِهْزَاء)، وكلام ابن القيم في صفة (الخِدَاع).


المراجع

موسوعة المعرفة

التصانيف

تصنيف :أعلام