ماساشوسيتس
ولاية تقع شمال شرقي الولايات المتحدة، وهي جزء من نيوإنجلاند وتعرف بجمالها الطبيعي، وبوسطن عاصمتها وأكبر مدنها وهي ميناء بحري رئيسي وملتقى خطوط جوية ومركز لأعمال مالية. وقد أدى وجود الجامعات والمعاهد المختلفة في بوسطن وما حولها إلى جعلها مركزًا ثقافيًا، وتربويًا وطبيًا وبحثيًا كبيرًا.
ولهذه الولاية مكانة مرموقة في التاريخ الأمريكي، فقد أُنشئت فيها أول صحيفة تظهر في مستعمرات بريطانيا الأمريكية، وكذلك أول مطبعة وأول مكتبة وأول كلية في تلك المستعمرات. كما وقعت فيها الأحداث التي أدّت إلى الثورة الأمريكية التي نشبت في 19 أبريل 1775م على ترابها. وتتمثل في هذه الولاية معالم تاريخية كثيرة، وانتهت الثورة عام 1783م. وتعرف هذه الولاية رسميًا باسم كومنولث.
السطح.
يغطي إقليم الأراضي الساحلية المنخفضة الثلث الشرقي لهذه الولاية بما في ذلك الجزر القريبة من الشاطئ. تكثر في الإقليم التلال المستديرة والمستنقعات والبحيرات الصغيرة والبرك والأنهار القصيرة الضحلة. يبلغ ارتفاع التل الكبير الأزرق الواقع جنوب بوسطن نحو 195م.
وعلى الساحل عدد من المرافئ الممتازة منها: جلوستر في الشمال، بوسطن وكونسي وويموث في خليج بوسطن، ونيوبدفورد وفول ريفر في الجنوب. ومن أكبر جزر هذه الولاية: جزر إليزابيث ومارثا فينيارد وجزيرة نانتكيت. وتكون كل هذه الجزر بالإضافة إلى كيب كود وهي شبه جزيرة تقع جنوب شرقي ماساشوسيتس، حدود نانتكيت ساوند.
يمتد إقليم مرتفعات نيوإنجلاند الشرقية إلى الغرب من إقليم الأراضي الساحلية المنخفضة إلى مسافة تتراوح بين 65 و 100كم. ويتخلل هذه المرتفعات التي ترتفع إلى 300م فوق سطح البحر أنهار كثيرة، ثم ينحدر الإقليم إلى أراضي وادي كونكتيكت المنخفضة وهي بقعة طويلة على شكل قطعة سُجُق عرضها 30كم، ويجري نهر كونكتيكت في إقليم الوادي عبر تربة تمهِّد لزراعة ناجحة في المنطقة.
ويمتد إقليم مرتفعات نيوإنجلاند الغربية، التي تُعرف أيضًا في ماساشوسيتس باسم تلال بركشاير، إلى الغرب من إقليم منخفضات كونكتيكت إلى مسافة تتراوح بين 30 و 50كم. ترتفع في الإقليم قمم مختلفة جميلة يزيد علوها على 600م. وينتصب في المنطقة جبل جريلوك وهو أعلى بقعة في الولاية، إذ يبلغ ارتفاعه 1,064م.
وتقع المدن والمزارع على منحدرات الإقليم. ويقع وادي بركشاير غرب تلال بركشاير، ويقل عرض الوادي عن 16كم، وفيه مروج خضراء تصلح لتربية الماشية. وتحيط بأقصى الطرف الغربي لولاية ماساشوسيتس قطعة ضيقة من جبال تاكونيك ولا يزيد أقصى امتداد للإقليم على عشرة كيلومترات. وتنحدر السلسلة من شمال غربي ماساشوسيتس إلى ركنها الجنوبي الغربي، حيث يُوجد جبل إيفريت وارتفاعه 793م.
الصناعة ذات التقنية العالية أخذت تزدهر في منطقة بوسطن خلال السبعينيات من القرن العشرين الميلادي. والعامل الذي في الصورة يجمع لوحة مفاتيح حاسوب في مصنع في مارلبورو. الاقتصاد. يستوعب قطاع الخدمات نحو ثلاثة أرباع عمال الولاية. وتشمل أهم أنشطة هذا القطاع التعليم والنظم المالية والرعاية الصحية والقضاء والتجارة. وتُعد مدينة كمبردج مقرًا لأكبر جامعتين عريقتين في الولايات المتحدة وهما جامعة هارفارد ومعهد ماساشوسيتس للتقنية. أسست شركات كثيرة أعمالاً في ماساشوسيتس لتستفيد من القوى العاملة الماهرة التي تخرجها الجامعتان.
تُعد بوسطن من المراكز المالية الرئيسية في الولايات المتحدة، حيث يُوجد فيها سوق أوراق مالية (بورصة) وشركات مصرفية كبرى عديدة. وهي أيضاً مركز رعاية صحية مهمة. يعد مستشفى ماساشوسيتس العمومي في بوسطن من المراكز العالمية للأبحاث الطبية.
تمر في ميناء بوسطن كميات كبيرة من تجارة الجملة وأهمها في ماساشوسيتس تجارة الجملة المتعلقة بالسيارات، أما الحوانيت والمطاعم وتجارة التجزئة الأخرى، فتجلب دخلها من السائحين الذين يزورون الولاية. وتزدهر السياحة في بوسطن لاسيما في كيب كود والجزر المجاورة وفي مناطق بركشاير.
يعتبر إنتاج الحواسيب والمعدات الكهربائية الإلكترونية النشاط الصناعي الرئيسي في ماساشوسيتس، فشمالها الشرقي أحد المراكز المهمة لصناعة الحواسيب والإلكترونيات. ويوجد كثير من مصانع الحواسيب على جانبي طريق 128، وهو شارع رئيسي يحيط ببوسطن. وأهم أنواع الأجهزة الإلكترونية التي تُصنع في الولاية أجهزة الهاتف وأجهزة الاتصالات العسكرية. أما البضائع الأخرى التي تُصنع في ماساشوسيتس فهي الآلات العلمية والمواد المطبوعة والسيارات. وتنتج المصانع في منطقة بوسطن أجهزة ضبط التشغيل الآلي ومراسم الذبذبات وآلات أخرى. وفي بوسطن دور كبرى للصحافة والنشركما يوجد في فرامنجهام مصنع كبير لتجميع السيارات.
إن للزراعة وصيد الأسماك والتعدين أثرًا يسيرًا في اقتصاد ماساشوسيتس. وتُعدُّ البيوت المحمية والمشاتل أهم مصادر الدخل الزراعي في الولاية. وتشمل المنتجات الزراعية الزهور ونباتات الزينة والشجيرات وغيرها من المنتجات الزراعية المهمة التي تدر دخلاً في ماساشوسيتس مثل التوت البري والحليب. وتعد نيوبدفورد ميناءً أمريكياً رئيسياً بالنسبة لتجارة الأسماك. وتمر نصف تجارة المحار المروحي الذي يصطاد في الولايات المتحدة الأمريكية عبر هذه المدينة. وأهم ما تنتجه ماساشوسيتس من المعادن الحصباء والرمال.
نبذة تاريخية
عاش في منطقة ماساشوسيتس قبل مجيء الأوروبيين هنود أمريكان فيهم جماعة من قبيلة الجونكويان. وربما تكون جماعة الفايكنج بقيادة ليف إيريكسون أول من وصل ماساشوسيتس من الأوروبيين في نحو القرن الحادي عشر الميلادي ونزل بارثولوميو جوسنولد الإنجليزي في عام 1602م في جزيرة كتيهنك من جزر إليزابيث وأطلق على كيب كود اسمها الحالي في عامي 1605م و 1606م، ورسم صمويل دي شامبلين خريطة الخط الساحلي لنيوإنجلاند. وأبحر جون سمث القبطان البحري الإنجليزي محاذيًا لماساشوسيتس عام 1614م وكتب عنها كتاب وصف نيوانجلاند.
وكان أول من استقر بصفة دائمة في ماساشوسيتس جماعة من المهاجرين والبيوريتانيين، وهما جماعتان من الإنجليز تبحثان عن الحرية الدينية والفرص الاقتصادية. أبحر المهاجرون إلى أمريكا عام 1620م على ظهر سفينة اسمها ميفلاور ورسوا في مرفأ بروفنستاون الحالي لكنهم سريعًا ما أبحروا عبرخليج كيب كود واستقروا في بليموث. ومات كثير منهم في شتاء 1620 -1621م.
وعلم الهنود القادمين زراعة الذرة الشامية والفاصوليا في أوائل عام 1621م. وبحلول فصل الشتاء كان عندهم من الطعام ما يكفيهم. وصل أول فوج من البيوريتان ماساشوسيتس عام 1630م بقيادة جون ورثروب المحامي الإنجليزي واستقروا مع آخرين في مستعمرة سالم لكنهم سرعان ما رحلوا، فأسسوا مستعمرة بالقرب من بوسطن الحالية في بي كولوني بماساشوسيتس. أسست في عام 1631م كلية هارفاد وهي أول كلية في المستعمرات البريطانية في أمريكا. وفتحت هذه الكلية في مدينة نيوتاون (سُميت كمبردج فيما بعد). وفي عام 1641م صيغت أول مجموعة لقوانين الولاية في وثيقة سُميت مجموعة الحريات.
صار الملك فيليب في عام 1675م زعيماً لقبيلة وامبانوج الهندية، وخوفًا من أن تؤدي إقامة الأوروبيين إلى خسائر في أرواح الهنود وأراضيهم ثار الملك فيليب على المستعمرين في كفاح عُرف بحرب الملك فيليب. لكن المستعمرين هزموه وفقد الجانبان أرواحًا كثيرة.
خرجت بريطانيا من حرب السنوات السبع (1756 - 1763م) وهي مثقلة بالديون، ففرضت مزيداً من الضرائب على المستعمرات الأمريكية.لكن المستوطنين قاوموا لاعتقادهم أنها ضرائب دون تمثيل، وازداد التوتر بينهم وبين التاج البريطاني. وفي عام 1770م قتل الجنود البريطانيون عددًا من المستوطنين لما خرج حشد منهم في مظاهرة احتجاج. وعُرفت هذه الحادثة بمذبحة بوسطن.
قام المستوطنون عام 1773م بالغارة المعروفة باسم حفل شاي بوسطن وقذفوا بالشاي في مياه مرفأ بوسطن احتجاجاً على ضريبة الشاي. وبدأت الثورة الأمريكية بمعارك لكسنجتون وكونكورد، ووقع كثير من أحداث القتال الأولى فوق تراب ماساشوسيتس. ووافقت ماساشوسيتس في عام 1788م على الدستور وصارت الولاية السادسة في الولايات المتحدة. وأقيم في عام 1814م مصنع نسيج في والثام، فأصبح واحدًا من أوائل المصانع في الولايات المتحدة.
ازدهر صيد الحيتان في نيوبدفورد ونانتكيت وبوسطن حتى الستينيات من القرن التاسع عشر الميلادي إلى أن حل زيت ¸البارافين· محل زيت الحوت. وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي لقيت حركة إلغاء الرق تأييدًا واسعًا في ماساشوسيتس. وأيدت الولاية الجانب الذي يدعو إلى الاتحاد أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1861 - 1865م). واصلت صناعة النسيج الازدهار بعد الحرب كما نمت صناعة الجلود والمعادن نمواً سريعاً. وفي عام 1876م طوّر الكسندر جراهام بل الهاتف في بوسطن.
وأنتجت ماساشوسيتس كميات ضخمة من العتاد الحربي أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، وفي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الميلادي تحولت صناعات كثيرة إلى أبحاث الفضاء والصواريخ وإنتاج المعدات الإلكترونية. وصار لأسرة كنيدي في بروكلين خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الميلادي نفوذ في الولاية وفي سياسة الولايات المتحدة القومية. كما صار جون كنيدي رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1961م إلى أن اغتيل في عام 1963م. وعندما انتخب جون للرئاسة كان ممثلاً لولاية ماساشوسيتس في مجلس الشيوخ الأمريكي، وشغل أخوه روبرت كنيدي منصب النائب العام من 1961إلى 1964م، وانتخب عُضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك عام 1964م. واغْتِيل روبرت عام 1968م أثناء قيامه بحملة انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث كان مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة. وكان الأخ الأصغر إدوارد كنيدي عضوًا في مجلس الشيوخ عن دائرة ماساشوسيتس منذ عام 1962م.
تحسن اقتصاد هذه الولاية تحسنًا كبيرًا بعد السبعينيات من القرن العشرين وفي الثمانينيات قلت نسبة البطالة في الولاية بالقياس إلى غيرها من الولايات. وفي التسعينيات تأثرت الولاية كغيرها من الولايات الشمالية الشرقية بركود اقتصادي كبير. ويعمل المسؤولون في الولاية هذه الأيام على معالجة بعض المشاكل مثل تلوث الهواء والماء والنقص في المساكن والتوتر العرقي بين بعض سكان الولاية.
المراجع
أريبيا فور سيرف
التصانيف
تصنيف :طبيعة جغرافيا تصنيف :أماكن