داخل النادي الكبير الذي اعتادت لقاء صديقاتها فيه في جلسات تمتد لساعات وربما حتى يغلق أبوابه. شعرت “شيماء” بآلام بسيطة في معدتها ثم ما لبثت أن ازدادت حتى شعرت برغبة شديدة في مغادرة المكان والوصول إلى فراشها بأقصى سرعة...

ربما يهدئ من آلامها كوب من النعناع الدافئ وقرص لمداواة التقلصات التي تعاني منها، استأذنت من الصديقات اللاتي عرضن عليها توصيلها بدلا من انتظار سائق سيارتها الخاصة لكنها شكرتهن مؤكدة أنه خارج النادي وسوف تجده أمام الباب بمجرد خروجها، بحثت عن السائق فلم تجده ولم تستطع الانتظار طويلا نظرا للآلام التي تشعر بها ولحسن حظها تصادف مرور تاكسي فأشارت إلى سائقه واستقلت السيارة، دقائق قليلة في التاكسي لكنها مرت ثقيلة عليها حتى وصلت إلى باب الفيلا التي انتقلت إليها حديثا ، لقد قدم لها زوجها رجل الأعمال الفيلا هدية كنوع من التعويض كما قال عن سنوات من العمل أخذت كل عمره ولم يعطها من وقته حقها كزوجة آثرت أن تلزم البيت راعية له ولتوأمها (ولد وبنت) اللذين كانا السبب في تركها وظيفتها المرموقة حينما فضلت أن تظل معهما توفر لهما كل ما يحتاجان إليه من رعاية.

الآن تجاوز عمرهما ال 17 عاما وأصبحا على أعتاب الجامعة ولم تعد تجهد نفسها مثلما كانت تفعل عندما كانا صغيرين، حتى تلك الخادمة الآسيوية التي استعانت بها منذ عامهما الأول لم تكن تترك لها مهمة رعاية الأطفال، عالم الأطفال لها هي، أما الخادمة فلها شؤون البيت الأخرى، 15عاما عاشت معهم هذه السيدة التى جاءت من أقصى بلاد الدنيا كانت فيها مثالا لمديرة البيت كما ينبغي أن تكون، وكان قرار سفرها المفاجئ سببا في انقلاب حال البيت رأسا على عقب فهي المتصرفة في كل شيء، أما هي، سيدة القصر، فقد شعرت بأنها قدمت الكثير وآن لها أن تجني ثمار نجاح زوجها المالي وأن تتفرغ لحياتها الخاصة وسط صديقاتها اللاتي لا يجمعهن سوى ثراء الأزواج ووقت الفراغ القاتل، وخلال أقل من شهرين عانت فيهما الكثير جاءت الخادمة البديلة، شابة عمرها لا يتجاوز 25 عاما ملابسها المثيرة لم تلفت انتباهها فهذه هي حياة البنات في بلادها وهي لم تأت بجديد، فرحت كثيرا عندما علمت أن الخادمة الجديدة تجيد الإنجليزية فذلك سيفتح حوارا بينها وبين ولديها اللذين التحقا بمدارس لغات ويؤدي إلى صقل لغتهما الإنجليزية، كل هذه الأحداث مرت في شريط سريع دفعها إليها إحساس بأن هذه الآلام على بساطتها قد تنذر بشيء خطير قد يكون بداية النهاية، هل تموت أو ترقد طريحة الفراش وتصبح خادمة المنزل هي “السيدة” التي تتحكم في كل شيء وتدير كل شيء؟ لم تفق من شرودها وأفكارها التي كادت تصل بها إلى نهاية الحياة إلا وهي تدخل المفتاح في باب الفيلا الهادئة حيث مشاعر الراحة والاسترخاء بين جدرانها الواسعة، كانت ليلة باردة فشتاء هذا العام قارس وهذا سبب إطفاء أنوار الطابق السفلي من الفيلا فمن المؤكد أن التوأم كل منهما في غرفته بالطابق العلوي استعدادا ليوم دراسي يجعلهما يستيقظان في السادسة صباحا، في خطوات بطيئة متثاقلة صعدت السلم قاصدة غرفة نومها التي تقع في نهاية الممر الذي ينتهي إليه السلم، ورغم آلامها فتحت باب غرفة نوم الابنة وبعد الاطمئنان عليها في سريرها توجهت إلى غرفة نوم شقيقها واطمأنت عليه أيضا ثم توجهت لحجرة نومها وفوجئت بالمشهد الذي أسقطها مغشيا عليها.

في الصباح عندما استيقظت وجدت نفسها في سريرها، فجأة تذكرت السبب في حالة الإغماء التي أصيبت بها، إنها حتى الآن غير مصدقة وتعتبره حلما، لا لم يكن حلما بل هو حقيقة واقعة شاهدتها بعينيها، الخادمة الآسيوية كانت تمارس الإثم في السرير مع زوجها وبحثت بعينيها عن زوجها فلم تجده، سمعت صوت دقات على الباب دخلت بعدها الخادمة، عيناها في الأرض وهي تسألها هل تريد شيئا؟ دون أن تنظر إليها طالبتها بالرحيل بسرعة ومغادرة المنزل، لكنها ردت ببرود قاتل ليس له نظير أنها محرومة من حقوقها الطبيعية، فلماذا لا تحصل عليها وقت ما تريد خاصة أنها وجدت لدى زوجها الاستعداد؟ وفي عصبية شديدة سألتها منذ متى هذه العلاقة فكانت إجابتها أكثر برودا فقد أخبرتها بأن هذه العلاقة بدأت بعد قدومها إلى المنزل بأيام قليلة، وأصيبت “سيدة القصر” بالشلل إثر هذه الصدمة التي لم تتوقعها يوما وأصبحت غير قادرة على الحركة ولا تملك سوى الدموع وهى تجيب عن تساؤلات من يعرفونها عما حدث خاصة أن زوجها قد غادر المنزل بعد أن فشلت محاولاته في الحصول على الصفح منها ولاحظ المحيطون بهما أن حالتها تزداد سوءاً كلما اقترب منها، وأرسلت إليه تطالبه بالطلاق لكنه رفض وحاول إعادة المياه إلى مجاريها من أجل ولديهما لكن دون جدوى، وكلفت أحد المحامين بإقامة دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية تطلب فيها الطلاق للهجر، وأمام المحكمة وقف الزوج يدافع عن نفسه مؤكدا أنها هي التي دفعته إلى ترك الفيلا وأنه باق على حبها ويتمنى رضاها، وتحاملت الزوجة على نفسها وأعلنت أنها لن تتحدث طويلا فزوجها يعرف سبب إصرارها على الطلاق الذي لا تريد أن تفصح عنه إلا إذا اضطرها إلى ذلك، وأمام إصرارها أعلن الزوج موافقته على تطليقها.

المراجع

مملكة القصص الواقعية

التصانيف

قصص   الآداب   العلوم الاجتماعية