يتحلى فضيلة الدكتور الشيخ عبد الرحمن السديس بخصال كريمة، وأخلاق حميدة، وثقافة شرعية عميقة وذلك إلى جانب طلاوة صوته، وحلاوة أدائه القرآن الكريم بالصلاة في المسجد الحرام.

ولقد سعدت بالتعرف عليه والاستئناس بصحبته خلال الرحلة التي شرفنا بمرافقة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز إلى لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر ربيع الثاني سنة 1419هـ لافتتاح مسجد الملك فهد (تغمده الله برحمته)، وكذا افتتاح مسجد أدنبره والمركز الإسلامي، وقد تبرع بإنشائها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز طيب الله ثراه.

وقد كان من جميل المصادفات أن أم الشيخ الدكتور السديس المسلمين في المسجد الجديد صلاة الجمعة بعد أن خطب خطبة بليغة في حاضري الصلاة.

ويشهد الله أنني سمعت الكثرة من حاضري الصلاة رجالا ونساء وهم يحمدون الله على ما أمتعهم به من سماع خطبة الدكتور الشيخ السديس وصلاة الجماعة خلفه.

وفي الطائرة من لنـدن إلى جدة طلب مني العم علي ملا كبير المؤذنين في المسجد الحرام أن ألتقط له صورة مع الشيخ السديس للاحتفاظ بها ذكرى لتلك الرحلة الكريمة ففوجئت بالشيخ السديس يمانع في ذلك بداية.

ولما قلت له: إننا في الجو؟ تبسم وقال: إذا كنت متأكدا فسارع بالتقاط الصورة التي يرغب فيها الأخ علي والله يعفو عنا وعنه وعنك أيضا.

لقد ذكرت ما سلف لتجسيد الروح الكريمة والنفس الرضية التي يتمتع بها فضيلة الشيخ الدكتور السديس ومقدار اعتزازي بمعرفته قامة وقيمة ولئلا يتصور بغيض أنني بملاحظاتي التي سأوردها لاحقا أحاول الانتقاص من مكانة الشيخ السديس رغم أنها ملاحظات تؤكد علو قدره وعمق ثقافته التي لا يختلف فيها اثنان.

والملاحظات هي ما قرأته في خطبته يوم الجمعة في المسجد الحرام الموافق 21 محرم 1431هـ. فقد عدت إلى جدة بعد رحلة قصيرة إلى خارج المملكة وخلال مطالعة صفحات «عكاظ» للأيام الخوالي سعدت بقراءة خطبة الشيخ السديس التي تحدث فيها عن محاسبة المقصرين في كارثة السيول أيا كان المسؤول بعين باصرة ثاقبة وليس من أجل التشفي والانتقاص.

وقد جاء في الخطبة: فقط انبلج صبحها عن منهج الشفافية ومنهج المحاسبة وتقصي مواطن الإهمال والتقصير في الواجبات والتهاون بالأمانات وذلك بنشر مطوي الخبايا والحقائق وكشف مخفى التجاوزات، وذلك بحثا عن العلل والأسباب واستشفافا لما وراء الستر والحجاب والناتجة عن تلك الكارثة العجاف والتي من أسبابها التفريط وأللا مبالاة والتخوض في المال العام.

وأن فساد الذمم يحيل الأمم من القمم إلى الرمم، موضحا أن الفساد بريد الكساد وهو مجلبة إلى الشرور والنقم ومسلبة للبركات والنعم وبه ينتفص إلى الأمن والنظام ويعبث بحضارة المجد والعمران وذلك باستغلال ثروات الأمة واستنزاف مواردها وانتهاز قدراتها والسطو المبطن على مدخراتها حتى أصبح الغش والتقاعس والمحسوبيات والتزوير والتواكل والرشاوى والتثاقل من الوسائل والمشارب الميمونة لتحقيق الأهداف ونجاح المقاصد ودفع المفاسد.

كلام جميل ورائع، ولكن مكانه في حرم الجامعة حيث تتوفر الثقافة لدى المستمعين، أما في المسجد والإمام يخاطب العامة من الناس فإن الأولى مخاطبتهم بلغة سهلة وكلمات دارجة لا سجع ولا إغراق في مدلولاتها، وأعتقد أن الشيخ السديس لا يرفض مثل هذه الإشارة التي ما أردت بها غير المنفعة لكافة من يستمع إليه.. نفع الله به وبعلمه.


المراجع

موسوعة نسيج

التصانيف

اسلام   الدّيانات   العلوم الاجتماعية