بحث عن الأديان جنوب الجزيرة العربية.. ليس الأعاريب عند الله من أحد؟

ألقى باحث أكاديمي من جامعة الملك خالد بحثا عن الديانات والآلهة التي كانت في منطقة عسير (هكذا) قبل الإسلام في المؤتمر العاشر لجمعية التاريخ والآثار في أبي ظبي قبل عدة أسابيع كان عنوان البحث ملفتا لأن فيه خروج عن المألوف في طرق النهج والبحث والتجديد الفكري بسبب ما ران على طرائق التعليم والإعلام ومنابر الوعظ والإرشاد من هيمنة بدأت غمتها تنقشع بحول الله منذ أن أطلق الملك عبد الله فضاءات الحوار والاعتدال والتنمية بالابتعاث لأجيال ستعود قريبا لتقود مسارات التحضر والنهضة العلمية والفكرية بعيدا عن الجمود فتعود لنا ريادة البحث العلمي والفكري قبلة واستقبالا متعولما كما هي وضعية البلد الحرام للناس كافة.

فرحت بعنوان البحث، ولم أطالعه حتى الآن، الفرحة هي في تجاوز ما كان يدعيه بعض الجهلة والمتلوين محاذير لا يحسن التطرق إليها بحث مكنوا لغة التخاذل والانتكاس ردحا من الزمن حتى كادت صورة التوجس والخوف والخنوع تطغى على الساحة الفكرية حتى على مستوى التدريس في الجامعات، ناهيكم عن خطف مناهج التعليم العام. لكن يا فرحة ما تمت كما يقول الأثر الشعبي فقد تحدث الرجل في البداية معلنا أن س، ص من الأساتذة المتخصصين قد سدداه باقتراح تبديل العنوان حتى لا يثير أي حساسية وقد فعل فغير العنوان إلى عنوان: الديانات عند الأعراب في جنوب الجزيرة العربية.وقد استجاب وبدل العنوان

هذا الحال صعقني وحيرني وعقبت على البحث بالقول: غفر الله لك أما وجدت ما تسم به الأجداد سوى أنهم لا يعلمون حدود ما أنزل الله وتسمهم بالأعراب الذين وصف الله بعضهم بأشد كفرا ونفاقا ؟ أهذا غاية التسديد ؟؟كيف تناسى الباحث الطيب أن أول امتحان للمؤمنين وأول هولوكوست في التاريخ كان في نجران. أليست صورة البروج تشهد:

والسماء ذات البروج (1) واليوم الموعود (2) وشاهد ومشهود (3) قتل أصحاب الأخدود (4) النار ذات الوقود (5) إذ هم عليها قعود (6) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (7) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (8) الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد (9) إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق (10)

هؤلاء أصحاب ديانة وحضارة ليس في نجران فقط ولكن في أماكن كثيرة من جنوب شبه الجزيرة العربية ؟ أيعقل أن يأتي حفيد بعد آلاف السنين ليسم أهله بالأعراب ؟؟ وزاد الطين بلة، أن تطوع أكاديمي آخر واقترح أن تستبدل كلمة الأعراب، وبالأعاريب عندها تذكرت طيب الذكر أبي نواس وهو من أرض تثليث حيث كان الإله القمر، حين قال:

عاج الشقي على رسم يسائله وعجت أسأل عن خمارة البلد يبكي على طلل الماضين من أسد لا در درك قل لي من بنو أسد ومن تميم ومن قيس ولفهما ليس الأعاريب عند الله من أحد لا أعلم مصدرية أو نقطة الارتكاز لمن طلب إبدال العنوان ؟ ولا لما استجاب الباحث لهذا الانتكاس وهو ليس وحيد العصر. لكن لعلي اقترح لمن اقترح التعديل أو قبله أن يقرأ أبكار السقاف في كتابها المبهر: الدين في شبه الجزيرة العربية ؟ ليجد أن العرب أهل دين حنيف لم يعبدوا الأصنام أو الأشخاص، بقدر ما جعلوهم شفعاء عند الله حمسا كانوا أو أحنافا أو صابئة وكما قالت أبكار: فإذا أراد الإنسان استحضار قوة أمر عقلي مجرد وجب أن يضع له صورة خيالية يجسمها حتى تكون تلك الصورة الخيالية معينة على طلب إدراك تلك المعاني العقلية، تماما كالمهندس فإنه إذا أراد إدراك حكم من أحكام المقاييس وضع له صورة معينة وشكلا ليصير الجسم والخيال معينين للعقل على إدراك ذلك الحكم الكلي " والقاعدة الأصولية تقول الحكم علي الشيء فرع من تصوره.

وتقول أبكار: فلم تعبد الأصنام في شبه الجزيرة العربية بصفتها آلهة قائمة بذاتها وإنما هي لا تمثل إلا تماثيل الشفعاء، لم تعبد إلا بصفتها شفعاء إلى الله، ويقينا أن هذا في ضوء الحقيقة ليس شركا فان الشيء الذي يتخذ شفيعا إلى شيء آخر لا يعد لهذا الشيء الآخر مساويا "

لقد مرت الأديان في شبه جزيرة العرب بأطوار كلها في مسارات التوحيد فكان الصيام مكتوبا علينا كما كتب على الذين من قبلنا، والحج وتمكين إبراهيم من مكان البيت كان من أكثر من 5000 سنة, والسقاية والرفادة كانت في العرب سمة طاغية، وتعظيم الأشهر الحرم ثقافة سائدة، ولن تكون هذه سمات للأعراب ولا الأعاريب ؟؟

وباللات والعزى ومن دان دينها وبالله أن الله منهم أكبر

أوس بن حجر

كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفية زور

أمية بن أبي الصلت

من يسأل الناس يحرموه وسائل الله لا يخيب

عبيد بن الأبرص

تلك السحاب إذا الرحمن أنشأها روى بها من نحول الأرض أسبابا

تلك الموازين والرحمن أرسلها رب البرية بين الناس مقياسا امرؤ القيس.

عسى الله أن ينِور قلب وعقل الباحثين إلى اتباع الحق والبعد عن التزلف والتزييف فالتاريخ صناعة وصنعة لذوي الحجى والأفهام والقلوب النابضة، لا القلوب الراجفة الواجفة.


المراجع

موسوعة نسيج

التصانيف

اسلام   الدّيانات   العلوم الاجتماعية