المَثْلَجَة كتلة ضخمة من الجليد، تتدفَّق ببطء على اليابسة. وتتشكل المثالج في المناطق القطبيَّة الباردة، وكذلك في الجبال العالية، حيث تساعد درجة الحرارة المنخفضة بهذه الأماكن، على تكوُّن الثلج بكميات هائلة، ثم يتحول إلى جليد. ويتراوح سمك معظم المثالج بين 100 إلى 3,000م.

مثلجة قارية تغطي معظم أنتاركتيكا، ويشكل الرَّصيف الجليدي المعروف باسم رف (رصيف) روس الجليدي جزءاً من اللَّوح الجليدي الضخم. وتعلو حوافه فوق سطح بحر روس على طول الحافة الغربية للقارة. أنواع المثالج. يوجد نوعان رئيسيان من المثالج هما: المثالج القارّيَّة، والمثالج الوادية. وهما يختلفان في الشكل والحجم والموقع.

المثالج القارِّيَّة ألواح من الجليد عريضة وسميكة جدًا، تغطي مساحات شاسعة من اليابسة، بالقرب من المناطق القطبيّة الأرضيَّة. فعلى سبيل المثال المثالج القارية بجرينلاند وأنتاركتيكا، تدفن الجبال والهضاب، كما تخفي الملامح الأرضية تماماً، فيما عدا القمم الشاهقة. وتتحد هذه المثالج عند المركز وتنحدر إلى الخارج في اتجاه البحر في جميع الاتجاهات.

المثالج الواديَّة أجسام طويلة وضيقة من الجليد، تملأ وديان الجبال العالية. ويتحرك العديد منها، أسفل الوديان المنحدرة من أغوار مجوفة، على شكل زبدية واقعة بين القمم. وتتكون المثالج الوادية، في جبال قرب خط الاستواء، مثل جبال شمال الأنديز بأمريكا الجنوبية، ولكن على ارتفاعات 4,500 م تقريبًا أو أكثر، كما تتشكل المثالج الوادية، على ارتفاعات أقل بجبال الألب الأوروبية وبجبال الألب الجنوبية في نيوزيلندا، وفي بعض السلاسل الجبلية القريبة من القطبين.

شكل مقطعي لمثلجة وادية

كيف تتكوَّن المثالج.

تبدأ المثالج في التَّشكل عندما تتساقط كميات من الثلج في الشتاء، لايمكن أن تذوب وتتبخر خلال فصل الصيف. فيتراكم الثلج المتزايد تدريجيًا في طبقات، ويتسبب وزنه المتزايد في دمج البلورات الثلجية تحت السَّطح، مكوِّنة كريات حبيبية الشَّكل. ويزداد اندماج الكرَّيات بعد عمق 15م أو أكثر، وتكوِّن بلورات جليدية كثيفة. وتتحد هذه البلورات، لتُشكِّل جليداً مثلجاً. وفي آخر الأمر يصبح الجليد سميكاً لدرجة أنه يبدأ في التَّحرك، بتأثير من ضغط وزنه الهائل.

تتأثر المثالج بالتغيرات الموسمية، المرتبطة بتساقط الثلوج ودرجة الحرارة. فتزيد معظم المثالج بصورة طفيفة في الحجم خلال الشّتاء، لأن الثّلج يتساقط على معظم سطحها. وتعزز درجات الحرارة الباردة تراكم الثّلج، كما تحدُّ من ذوبان الأجزاء السُّفلية من المثالج وذلك عندما تتحرّك الكتل الجليدية إلى أسفل. وفي الصَّيف يقل حجم المثالج في المناطق البعيدة عن القطبين، لأنّ ارتفاع درجات الحرارة، يسبب ذوبان الأجزاء السُّفلية. أما في المناطق القطبيَّة دائمة التَّجمُّد، فتتقلص المثالج لأسباب أخرى. وعلى سبيل المثال، عندما تصل المثالج إلى البحر، وتنفصل منها قطع ضخمة من الجليد، تسقط هذه القطع في ماء البحر لتكوِّن جبالاً جليدية عائمة.

قد تزيد أو تنقص المثالج في الحجم نتيجةً للتَّغيرات المُنَاخيَّة والتي تحدث لفترات طويلة. وعلى سبيل المثال: تزايد لوح الجليد الذي يغطي معظم جرينلاند بمعدل أقل بسبب الارتفاع التَّدريجي في درجة حرارة المنطقة، منذ أوائل القرن العشرين.

مثلجة واديَّة تنساب إلى أسفل أحد الوديان الجبلية في ألاسكا. والخطوط السَّوداء للحطام الصَّخري، وتسمى ركامًا تتخلل الجليد. وعندما يذوب الجليد فإنه يكوِّن بحيرة في نهاية المثلجة.

حركة المثالج.

تَتَدَفَّق المثالج إلى أسفل بسبب شدِّ الجاذبية، وتنزلق بلورات الجليد في عمق المثلجة بعضها فوق بعض، نتيجةً لضغط الطّبقات السَّطحيَّة. وتسبب هذه الحركات الصَّغيرة للبلورات المفردة، حركةَ كُتلة الجليد كلها. ويسهم أيضاً ذوبان وإعادة تجمُّد بلورات الثلج بمحاذاة قاعدة المثلجة في انزلاقها لأسفل. وتذيب الحرارة النَّاتجة عن الاحتكاك، والحرارة الخارجة من باطن الأرض بعض بلورات الجليد بالطبقة السُّفلية للمثلجة. ويتدفق الماء من البلورات الذّائبة، مندفعًا إلى أسفل، لملء الفراغات القريبة المفتوحة في الطَّبقة وتتجمد من جديد، مكونة بلورات جليدية جديدة.

ويكون سطح المثلجة، شديداً وصلباً على عكس كتلة الجليد السُّفلية. وغالبًا ما تتشقق لتشكل شروخًا عميقة تُعرف باسم الصدوع الغائرة حيث تسير المثلجة فوق أرض غير مستوية أو شديدة الانحدار. وتنمو كذلك الصُّدوع الغائرة، لأنَّ الطَّبقات العليا من المثلجة تتحرَّك بسرعة أكبر من طبقاتها السُّفلية.

تسير معظم المثالج ببطء شديد، وتتحرك أقل من 30سم في اليوم، ولكنَّها أحيانًا قد تسير بسرعة أكبر ولعدة سنوات. وعلى سبيل المثال: تتحرك بعض المثالج في بعض الأوقات لأكثر من 15م في اليوم. وتتحرَّك الأجزاء المختلفة من المثلجة بسرعات متفاوتة. كما تتحرَّك الأجزاء المركزية والعليا للمثلجة الواديَّة بسرعة، في حين تتحرَّك الجوانب والقاع ببطء، لأنَّها تحتكُّ بجدران الوادي وقاعه. ويقيس العلماء سرعة المثلجة بغرس أوتاد في الجليد بنقاط مختلفة وتسجيل التَّغيُّر في أماكنها كلَّ فترة.

أشكال تضاريسية تشكلها المثالج عندما تذوب المثلجة فإنها تترك أكوامًا من الصخور الصلدة وتلالاً دائرية وهضابًا ضيقة من الركام الصخري. تتجمع المياه الذائبة من المثالج بالتجاويف في الصخور المفككة لتكون بحيرات.

كيف تُشكَّل المثالج اليابسة. عندما تمر المثالج فوق منطقة ما، فهي تُسهم في تشكيل معالمها. وتبتدع أشكالاً من التَّضاريس بالتَّعرية والنَّقل والتَّرسيب للحطام الصَّخري. لقد غيَّرت المثالج وبدرجة كبيرة أسطح أجزاء شاسعة من أوروبا وأمريكا الشَّمالية، أثناء العصر الجليدي الذي انتهى منذ 14,000 إلى 10,000 سنة. انظر: العصر الجليدي.

تَحَاتُّ المثالج يحدث عندما تجرف كتلة جليديَّة متقدمة الكِسَرَ الصَّخرية، وتجرها على امتداد قاعدتها. وبهذه الطرَّيقة، فإنَّ المثلجة تطحن صخور الأساس ـ وهي طبقة الصُّخور الصَّلدة تحت الكسَر الصَّخرية المفككة ـ منتجة أسطحًا مصقولة، ولكن غالبًا ما تكون مخدوشة. وعندما يَقل حجم المثلجة، فإنَّها تترك وراءها روابي عريضة من صخور الأسْاس الصَّلدة، تعرف باسم صخور الجبال، ويكون أحد جوانب هذا النَّوع من التضاريس مستديراً وناعماً، بينما يكون الجانب الآخر خشناً وغير منتظم.

قد تنشئ المثلجة في الوديان الجبلية تجويفاً مستديراً يسمى المدرَّج بالقرب من قمة الجبل، ويتشكَّل المدرَّج عندما يزيح الجزء العلوي للمثلجة كتلاً صخريةً من الأجراف المحيطة، ويمكن أيضاً أن تحفر المثلجة منخفضاً على شكل حرف ن في الوديان النَّهريَّة. ومثل هذا المنخفض، الذي يتشكَّل تحت مستوى سطح البحر ويغمر بالمحيط يُسمى الفيورد. انظر: الفيورد.

رسوبيات المثالج تتكوَّن من طين ورمل وصخور ذات أحجام مختلفة. وتعمل المثالج على تراكم هذه المواد مشكلة تلالاً غير مستوية تسمى الرُّكام. وتعرف سلسلة التلال المحاذية لجانبي المثلجة الوادية بالرُّكام الجانبي. وعندما تلتقي مثلجتان واديتان معًا، يندمج الرُّكام الجانبي لهاتين المثلجتين، ليتشكل الرُّكام الوسطي على طول مركز التقاء الكتلة الجليدية المتضامة. ويُسمَّى التَّلُّ الشديد الانحدار، عند النِّهاية السفلى لمثلجة الوادي بالرُّكام الطَرَفي. ويتكوَّن مثل هذا الركام حول حافة المثلجة القارية. انظر: الركام الجليدي.

تشمل الأشكال التَّضاريسيَّة الأخرى، المصاحبة للرَّواسب المثلجية تلالاً جليدية بيضية الشَّكل وكثبانًا مثلجية. وتتكوَّن التلال المثلجية البيضية عادة من حطام صخري، وتتشكَّل معظم التلال المثلجية البيضية في مجموعات. والتل المثلجي، تل طويل ضيق من الرَّمل والحصى، ترسب بوساطة تيار ماء متدفق، في نفق تحت مثلجة ذائبة.

المثالج المشهورة.

توجد في أوروبا معظم المثالج العالمية البارزة، وأكثر هذه المثالج شهرة، هي تلك التي في جبال الألب الفرنسية والسويسرية. وتشمل هذه المثالج الميردي غلاس على المون بلان، ومثلجة اليتشي قرب الغنغفراو. وأكبر المثالج بالقارة الأوروبية، هي مثلجة غوستيدالا بالنرويج. وتغطي حوالي 780 كم².

تغطي مثالج عظمى أخرى أقاليم شمال غربي أمريكا الشَّمالية. وأكبر هذه المثالج وأعظمها شهرة، هي مثلجة ألاسبينا، والتي تغطي مساحة 2,176كم² على خليج ياكوتات في ألاسكا. كما توجد 12 مثلجة كبيرة في جزيرة نيوزيلندا الجنوبية. وأكبر مثلجة على الإطلاق هي مثلجة تاسمان ويبلغ طولها 29كم

.

المراجع

الموسوعة المعرفية الشاملة

التصانيف

تصنيف :فكر  تصنيف :اصطلاحات   تصنيف :مصطلحات جغرافية