وإذا كان الأمر على هذه الصورة في المفهوم الإسلامي للعبادة، وكان هدف التّعليم في نظر الإسلام هو تنشئة ذلك الإنسان العابد لله على المعنى الشامل للعبادة، فيجب أن يحقق التّعليم أمرين: أحدهما: يعرف الإنسان بربه ليعبده اعتقاداً بوحدانيته وأداء لشعائر عبادته، وتطبيقاً لشريعته والتزاماً لمنهجه، والثاني: تعريفه بسنن الله في الكون ليعبده بعمارة الأرض والمشي في مناكبها وتسخير ما خلق الله فيها لحماية العقيدة، والتمكين لدينه في الأرض، امتثالاً لقوله تعالى: } هوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فيها {. [هود: 61].
"وهكذا تلتقي علوم الشّريعة مع الطب والهندسة والرياضيات والتّربية وعلم النفس والاجتماع ....الخ في أنها كلها علوم إسلاميّة ما دامت داخل الإطار الإسلامي ومتفقة مع تصوره ومفهومه، ملتزمة بأحكامه، وكلها مطلوب بقدر للمسلم العادي، ومطلوب على مستوى التخصص لفقهاء الأمة ومجتهديها وعلمائها. ولا حدود ولا قيود على العلم في التصور الإسلامي، سواء النظري منه أو التجريبي والتطبيق إلا قيداً واحداً يتصل بالغايات والمقاصد من ناحية، وبالنتائج الواقعية من ناحية أخرى. فالعلم في الإسلام عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله، وأداة إصلاح في الأرض، فلا ينبغي أن يستخدم في إفساد العقيدة والأخلاق، كما لا يجوز أن يكون أداة ضرر وفساد وعدوان. ومن ثم فكل ما يصادم العقيدة الإسلاميّة أو لا يخدم أهدافها ومقتضياتها، فهو مرفوض في المنهج الإسلامي.
"وإن كل نظام تعليمي يحمل في طياته فلسفة معينة منبثقة من تصور معين، ولا يمكن فصل أي نظام تعليمي عن الفلسفة المصاحبة له، ومن ثم لا يجوز أن تتخذ فلسفة أو سياسة تعليمية وتربوية مبنية على تصور مغاير للتصور الإسلامي، وهو ما يحدث الآن حين الأخذ بالنظم غير الإسلاميّة، لأنها في النهاية تصادم التصور الإسلامي وتناقضه، وفي الوقت ذاته فإن للإسلام تصوراً عاماً شاملاً تنبثق منه فلسفة تعليمية وتربوية قائمة بذاتها ومتميزة عن غيرها.
"لذا فإن نظام التّعليم الإسلامي يجب أن يقوم على أساس هذا التصور الخاص المتميز، أما الوسائل فلا ضير من الاستفادة منها في التجارب البشرية الناجحة ما دامت لا تصادم هذا التصور ولا تناقضه.
المراجع
bawaba.khayma.com
التصانيف
عقيدة العلوم الاجتماعية علم النّفس فكر تربوي