أبناؤنا في مرحلة البلوغ يمرون بواحدة من أخطر مراحل حياتهم، تتطلب قدراً كبيراً من الجهد في التربية و المتابعة و الملاحظة. فعندما يصل النمو بالفرد في نهاية الطفولة المتأخرة، فإن يسير قدماً نحو البلوغ الذي لا يتجاوز عامين أو ثلاثة من حياة الفرد، ثم يتطور البلوغ إلى مرحلة المراهقة التي تمتد حتى تصل بالفرد إى اكتمال النضج في سن الرشد، و ذلك عندما يبلغ من العمر 21 سنة تقريباً. فالبلوغ إذن هو القنطرة التي تص بالطفولة المتأخرة بالمراهقة، و المراهقة هي مرحلة الإعداد للرشد.
إن فترة البلوغ هي فترة تداخل، و البالغ لا يعتبر نفسه فيها طفلاً بسبب ما يطرأ على جسمه من تغيرات، و مع قد ينظر إليه على أنه لا يزال طفلاً، خاصة من جانب الوالدين و المعلمين، و عادة ما يؤدي ذلك التناقض إلى الاضطراب و الشعور بعدم الأمن، و في كثير من الأحيان إلى سلوك غير مرغوب فيه.
و يقع على عاتق الوالدين و المربين الاهتمام بالبالغ أو المراهق اهتماماً خاصاً ؛ حتى يستطيع أن يمر بأمان خلال هذه الفترة بعيداً عن الانحرافات السلوكية ، و لا يقع فريسة لبعض الأمراض النفسية. و هذه المرحلة من أهم المراحل من حيث الممارسة الفعلية و التدريب العملي على الأخلاقيات و المبادئ التي كان يعرفها معرفة نظرية أو يمارس بعضها في طفولته، و على الكبار أن يدركوا أن صغيرهم أصبح مكلفاً و سيحاسب على ما يفعل.
و قد قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : ” رفع القلم عن ثلاث : عن المجنون حتى يعقل، و عن المبتلى حتى يفيق، و عن الصبي حتى يحتلم”.
و يتعين على الأباء و المربين الذين يريدون المجتمع الصالح أن يعلموا أن الخلايا الحية لهذا المجتمع وديعة في أيديهم، و أن عليهم أن يتوجهوا إليهم بالدعوة و التربية و الإعداد قبل أي واحد آخر، فالمؤمنون مكلفون بهداية أهلهم و إصلاح بيوتهم، كما هم مكلفون بهداية أنفسهم، و إصلاح قلوبهم، فعليهم أن يتجهوا بالتربية أول ما يتجهون إلى بيوتهم و أهليهم، و أن يؤمنوا هذه القلعة من داخلها، و أن يسدوا الثفرات فيها قبل أن يذهبوا بعيداً عنها، و أن يستجيبوا لله و هو يدعوهم : ” يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم و أهليكم ناراً “.


تأليف: د. شحاته محروس طه

المراجع

مكتبة مهارات النجاح

التصانيف

تصنيف :ثقافات فرعية