وهو من الأمراض النفسية العصابية (Neurosis) ورغم قلة شيوع هذا المرض إلا انه من أكثرها معاناة، وهو من الأمراض التي تختلف فيها وجهات نظر العلماء المختصين في هذا المجال فبعضهم ينظر له بأنه حالة دفاع لا شعوري ضد الأمراض العقلية ( الذهانية Psychosis ) وهؤلاء يتوقعون أنه إذا ما شفى المريض من الوسواس فإن أعراض الذهان وخاصة الفصام تبدأ في الظهور وإذا ما عولج من الفصام تظهر مرة أخرى أعراض الوسواس القهري ويرى آخرون أنها مرحلة وسطى ما بين النفسي والعقلي ، فيما يرى آخرون أنه مرض نفسي عصابي ولا يتحول إلى مرض عقلي إلا إذا كانت الشخصية مهيئة أساساً بالاستعداد للإصابة بالذهان .
الصفات التي تتصف بها الشخصية المهيئة للإصابة بالوسواس (الشخصية الوسواسية ) :
العناد ، عدم المرونة ، حب النظام الزائد والروتين، التدقيق في التفاصيل ، الدقة في المواعيد، الموظف الذي يكون مديره وسواسي الشخصية يصر دائماً على سحب ملف الحضور بعد الثامنة ودقيقة إذا كان العمل يبدأ الساعة الثامنة ، يتصفون بتأنيب الضمير المستمر والمتشدد ، البخل ( إذا صحبك أي من أصحاب الشخصية الوسواسة في رحلة فلا تعول على أن يمد يده إلى جيوبه ليشارك في المصاريف ولا يشعر بالخجل أو الحياء من أنك أنت فقط من يتحمل كل المصاريف ) يتصفون أيضاً بالتزمت والجدية الزائدة ولا يعطون وقتاً للترفيه وللخروج وللتنزه ، مبالغون في النظافة إلى أبعد حد ، شخصية جافة ، عابس في أغلب الأحوال مقطب الجبين حتى عند الضحك ( وهو نادراً جداً ما يستطيع الضحك حتى وإن ضحك فإنه يصطنع ذلك ) غير مريح في محياه ، لا يجيد التعبير ، شكاك إلى أبعد حد، متشائم، فاشل جنسياً ، علاقاته بالآخرين رسمية إلى أبعد حد ، صداقاته قليلة جداً أو معدودة ( لا يواصل الناس) وإن ذهب في مناسبة ما يذهب ويخرج بسرعة ، لا يهتم بزيارة الأقارب والأصدقاء في المستشفيات أو في الأفراح . ملئ بالكراهية والحسد ، يفتقر إلى الحيوية والمتعة ويغيب عنه الشعور بالأمان لا يعرف التصرف في الأحداث الطارئة والمفاجئة رغم أن ذكائهم غالباً فوق المتوسط يكثر في الأعمار من 20 – 40 سنة ويميل التكوين الجسمي لهؤلاء المرض لما يسمى بالمكون الواهن ( الميل للنحافة وللطول مع تضاريس حادة بالوجه وطول في الرقبة والأطراف ).
أسباب الوسواس القهري :
- الأم المثالية جداً والمبالغة في نظافة الطفل ونظام حياته كأنه بالمسطرة (بالمليمتر ) وأن ابنها أحسن ابن وهو الأنظف والمنظم والمرتب .
- أساليب التشدد في التعامل مع إخراج الفضلات لدى الطفل في السنوات الأولى للعمر .
– الأحقاد والميول العدائية المكبوتة المغذية للشعور بالذنب والخطيئة .
- افتقاد الأمان النفسي وخاصة بسبب الطلاق العاطفي داخل الأسرة وغياب الحوار والصراحة بين أفراد الأسرة الواحدة.
- كثرة النقد للطفل ولسلوكه، والأكثر من ذلك أن بعض الأمهات سامحهن الله عندما يخطيء الطفل في سلوك ما فإنها لا تلوم الطفل على هذا السلوك في حد ذاته بل تسقط وتلصق بالطفل كل الأخطاء والعيوب والقصورات .
- العلاقات المحدودة للأباء وعدم إتاحة الفرصة للأبناء والحرمان من التعبير والمبالغة في الحرص الشديد .
- تأنيب الضمير والصراع النفسي المصاحب لممارسة العادة السرية .
- الأسرة المسيطرة على زمام الأمور في كل كبيرة وصغيرة في حياة الأطفال دون تقدير للطفل وحياته ومفهومه عن ذاته ودون أدنى اعتبار لطفولته البريئة ذات العالم الخاص المليء بالخصوصية .
ويتميز الوسواس القهري بوجود وساوس معينة في ذهن المريض رغماً عنه، وهي عادة ما تكون غير سارة وملازمة للمريض وتحمل الهم والغم، ورغم قدرة المريض على التعرف عليها وعلى وعيه بأنها تافهة وخاطئة إلا أنه لا يستطيع إيقافها، وكلما حاول مقاومتها تزداد معه أكثر ومن هنا تأتي معاناته العميقة فهو يعلم ويدرك عدم صحة أفكاره ( على العكس من المريض الذهاني الذي يقتنع ويقنع الآخرين بصحة اعتقاده ) وهو ما يترتب عليه معاناة نفسية واجتماعية حادة.
المراجع
موسوعة الصفاء للصحة النفسية
التصانيف
تصنيف :حياة