أطلقت صحيفة ديلي إكسبريس في مدينة لندن تحذيرات قوية على صفحاتها أخيرا موضحة أن هناك عقاقير طبية مصرح بها في الأسواق وتلقي بالشباب إلى دروب الموت وهم في زهرة الصبا .
كما أعلنت صحيفة صن اللندنية، من جانبها أيضا، أن عقار الميفيدرون، الذي يباع دون وصفات طبية أدى إلى إتلاف غشاء الصفن لدى شبان يتعاطونه على أنه مخدر .
كشف باحثون بريطانيون أن العقار هو من نفس عائلة القات الشهير .
وهناك عدد من القصص التي لا حصر له يرويها الشبان وتنشرها وسائل الإعلام في المملكة المتحدة حول عقار غير معروف كثيرا لكنه يحظى بإقبال كبير، ويتردد اسمه بصور مختلفة منها: الميفيدرون، والغذاء النباتي، والمياو مياو أو إم كات، ولكنه وصل إلى حد كبير من الانتشار في الآونة الأخيرة .
وطالبت الصحف والمدرسون وأولياء الأمور بحظر فوري لعقار الميفيدرون، بينما أوصى لي إيفرسن المستشار الدوائي الرئيس في الحكومة البريطانية أن يوضع العقار تحت نفس التصنيف الذي يوضع فيه الأمفيتامين مع إصدار قرار يجرم كل من يتعامل به بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ما لم تصدر الوصفة عن طريق طبيب معترف به .
ومن جهتها عمدت الحكومة البريطانية إلى استصدار قرار يحظر تداول المفيديرون أو جميع المكونات ذات الصلة به وأصبح الحظر قانوناً سارياً .
الميفيدرون وتأثيره في الجسم
لا يوجد هنالك أية أبحاث عن الطريقة التي تؤثر فيها هذه المادة على الجسم البشري، إلا أن إفيرسين نفسه اعترف في الفترة الأخيرة بأنه لا وجود لبيانات حول السمية التي يمكن العثور عليها في العقار .
وقال دفعت إلى المسارعة لاتخاذ إجراءات على الرغم من الافتقار إلى أدلة قوية . وقررت تصنيف الحقائق الناجمة عن الافتراضات المحمومة .
ويشار إلى الميفيدرون على أنه مثيل اصطناعي للنبات أمفيتامين كاثينون الذي يمكن العثور عليه في الطبيعة على شكل أوراق نبات القات . ويعرف أن مضغ أوراق القات شائع وواسع الانتشار على المستويات الشعبية عند الشعور التي تقطن في شرق إفريقيا . وينتمي الميفيدرون لعائلة الكاثينون الاصطناعية التي تم ابتكارها لتقليد السمات المنشطة للقات .
والواقع فإن أصل هذا العقار غير معروف حتى الآن، وقد بدأ الميفيدرون بالتداول خلال الخطابات المتبادلة على شبكة الإنترنت، ويبدو أن العقار بدأ في الانتشار سريعا منذ ذلك الوقت حيث يتم استخدامه الآن على نطاق واسع في السويد وفنلندا والمملكة المتحدة وإيرلندا وأستراليا .
وينتج القسم الأكبر من الميفيدرون في الصين التي تبيع الكيلوغرام الواحد من العقار ما بين 2500 و400 جنيه استرليني . ولكن لا يعرف أحد على وجه التحديد كم هي الكمية التي توزع على المستوى العالمي .
وما هو واضح الآن أن هناك الكثيرين يستخدمون العقار الآن، حيث تبين من استطلاع قامت به مجلة مكسماج على شبكة الإنترنت وشملت عددا كبيرا من القراء أن الميفيدرون يحتل المرتبة الرابعة بين المواد المنشطة التي يدمن عليها الناس في الغرب .
وقالت فيونا ميسهام خبيرة علم الجريمة في جامعة لنكستر في المملكة المتحدة وعضو المجلس الاستشاري البريطاني المتخصص في شؤون إساءة استخدام العقاقير الطبية ان الوفيات الناجمة عن المخدرات ام لا مفر منه اذا احدثت خفقانا في القلب كما تردد، وبسبب التشابه بين الآثار الجانبية للمنشطات الأخرى التي يمكن أن تكون قاتلة .
وقال داني كاشليك من مؤسسة ترانسفورم في المملكة المتحدة وهي مؤسسة رأي عام بريطانية معارضة لمنع العقار عندما يتم فرض قيود على العقار يبقى الطلب على العقار عاليا . وبدت الزيادة على طلب الميفيدرون عالية بسبب التشدد في حظر عقاقير مخدرة أخرى وتحريمها على التداول . وكذلك تراجع الجودة في تلك المواد .
وأدى الضغط الذي مارسته قوى الأمن وملاحقة تجار المخدرات في ويلز، على سبيل المثال، إلى تراجع المبيعات في إنجلترا وويلز من 60 في المائة العام 1999 إلى 30 في المائة في العام 2009 . وإلى النصف بالنسبة لمبيعات المخدر إكستاسي .
تجربة صحافية
وقرر أحد الصحافيين أن يكتشف بنفسه إلى أي مدى يمكن الحصول على الميفيدرون بسهولة . وبعد بحث قصير على الإنترنت تحت اسم: ميفيدرون يقول انه اكتشف وجوده على المئات من المواقع التي تروج له، ويضيف بعد دقائق من إيجاد احد المواقع عمدت إلى الاتصال به هاتفيا طالبا طلبية خاصة مكونة من 5 غرامات من الغذاء النباتي بسعر 60 جنيها استرلينيا إضافة إلى دفع أجرة نقل تصل إلى 25 جنيها استرلينيا . ولم تمض ساعتان حتى كانت الطلبية قد وصلت إلى البيت وناداني حامل الجرعة من الخارج . وأصر على أن أوقع على جملة أعترف فيها أنني كنت أعلم أن الميفيدرون ليس صالحا للاستهلاك البشري . ومن ثم سلمني ظرفا بنيا مبطنا . وأرسلت على الفور عينة إلى مارك باركن في إدارة العلوم الجنائية ومراقبة الأدوية في كلية كنغز كوليدج لندن . وقارن مارك ما بين العينة التي أرسلتها له وعينة مرجعية فوجد أنهما متطابقتان . وقال لي مارك إن العينة التي بعثت بها إليه نقية نقاء العينات التي تطرح في الأسواق .
ويتابع قائلا بدأت أفكر جديا في تجربة هذا العقار حتى أكتشف بنفسي تأثيره وأتمكن من كسب المزيد من المعلومات حول مدى تأثيره، ولكنني كنت في الواقع قلقا إزاء خطورة تأثيره في صحتي وكان تم تحذيري في وقت سابق أن تعاطي جرعات كبيرة يمكن أن يقتل خاصة أنه قد يؤدي إلى الإصابة بأزمات قلبية، وفي النهاية توصلت إلى رأي بأننا جميعا نركب المخاطر . فبالنسبة لي فأنا أمارس هواية تسلق الجبال والتزلج على الجليد، فضلا عن عبور شوارع لندن . وقد انتهى بي الأمر إلى قرار أنه قبل تجربة العقار ينبغي أن أفتش عن المزيد من التأثيرات التي يتركها الدواء . ولكن المشكلة كانت عدم توفر معلومات كافية يمكن الركون إليها بخصوص تأثيره، سميته وتأثيره على الإدمان . والمشكلة التي واجهتها هي عدم وجود دراسات تعني الميفيدرون وأبحاث خاصة بالمستخدمين وقصص تصف حكايات عن استخدامه . ورأيت أن معظم المستخدمين يصفون تأثيرات العقار على أنها مماثلة لتلك التي تعطيها مواد مثل إكستاسي أو الأمفيتامين .
وأوضح آدم وينستوك من مركز الإدمان القومي في جامعة كنغز كوليدج لندن التي أجرت استطلاع (MIXMAG) قائلاً: إن أي مادة تستخدم في العلاجات النفسية أصبحت رائجة في السنوات الأخيرة ومنها الكيتامين وال GHB وهي مواد جرت عليها دراسات في أوقات سابقة، ولكن لم تكن هناك أية دراسات منشورة حول الميفيدرون وكل ما يمكن الاعتماد عليها قصص يرويها مستخدمون .
وأضاف وينستوك قائلا إنه من المعلومات المحدودة حول سمية المادة فإنه يفضل الابتعاد عن المادة لكافة الأعمار سواء في سن الحادية والعشرين أو حتى أقل . وأي شخص آخر يعاني من إضطرابات ذهنية أو عصبية أو مصاب بأمراض القلب أو ضغط الدم وأي شخص آخر مدمن على الكحول ولديه مشكلات تعاطي المخدارت . وأحمد الله أنني لست واحدا من أولئك الأشخاص .
ويتابع الصحافي حكايته قائلا قررت تناول جرعة صغيرة من الميفيدرون وقمت بقياس بعض من العلامات الحيوية طوال التجربة . وخلال التجربة شعرت بتسارع في دقات القلب من 80 ضربة في الدقيقة إلى أكثر من 110 ضربات بعد أن قمت بشم العقار . وأبلغتني آن روبنسون وهي طبيبة ممارسة عامة أن زيادة ضربات القلب على المائة يعرض الحياة للخطر فبالنسبة للمرضى يمكن أن تثير لدى المريض أزمة قلبية أو حتى موت فجائي . كما ذكرت لقد تناولت جرعة محدودة ورأيت بنفسي تلك الانعاكسات على صحتي . ولكن لا أحد يعرف تأثير العقار في حال تناول جرعات كبيرة .
جريمة يعاقب عليها القانون
سيضاف الحظر الذي ستفرضه الحكومة البريطانية الميفيدرون إلى عدد متنام من المواد التي تحظر الحكومة من تداولها أو التعامل بها .
ويعد تعاطي أو حيازة الميفيدرون في الولايات المتحدة جريمة يعاقب عليها القانون كما في 13 بلداً أخرى .
ومن دون ريب فإن أصابع الاتهام توجه إلى مواقع على الإنترنت التي تروج لمثل تلك العقاقير التي تجعل الحصول عليها سهلا للغاية .
كما أن الضرب بيد من حديد على توزيع مثل هذه العقاقير سيؤدي إلى ظهور بدائل في الأسواق العالمية، وهناك مصممو أدوية يعملون ليل نهار لتطوير أنواع من المكيفات أو المخدرات توازي المخدرات الطبيعية، وهي سيل جارف في الغرب . وبينما الطلب على بعض العقاقير المكيفة لا تزال مشروعة ولا تزال لم تواجه بقوانين المنع، فإن أولئك النهمين الساعين إلى تحصيل المال بتوفير مثل هذه الطلبات سيجدون هم أيضا وسيلة لمواصلة الترويج والتوزيع . وحتى يتوقف الكائن البشري ولا يعود هو نفسه يبحث عن وسيلة لتغيير كبيعة تفكيره من خلال المخدر أو المواد التي تؤدي إلى النشوة فإن لعبة القط والفأر حول المياو مياو واخواتها ستظل قائمة .