الوقوف على الأطلال:

شغلت الأدب الجاهلي مسألة الحياة والموت والبقاء والفناء، ورأى الجاهلي أنه في صراع دائم مع الطبيعة التي تحاول أن تفنيه، فكان حلمه في التغلب عليها منسجما مع تغلبه على قساوة الطبيعة وعبّر عن ذلك شعرًا بالوقوف على الأطلال، الذي يعرف بتعريفات عدة يشملها المؤلف في أنه ممارسة حقيقيّة أو تخيّليّة يقوم بها الشاعر ليبلغنا عن حزنه الشديد لرحيل محبوبته أو ممدوحه عن المكان الذي لطالما التقيا به معًا. والطلل: اسم عرف به المكان الخالي بعد رحيل المحبوبة أو الممدوح.

وللوقوف على الأطلال تأويلات كثيرة، قد لا يتعارض أيّ منها مع الآخر، فالوقوف على الأطلال فيه تذكّر للماضي الجميل، إذ يُذكّر هذا الطلل بالمحبوبة التي كانت تسكن فيه، وبهذا يمتّع الشاعر نفسه باسترجاع الماضي بينهما.

كما أن الوقوف على الأطلال يمثل صراع الإنسان مع الطبيعة، فالطلل عند الجاهلي "يمثل نقطة الانطلاق في تفكير الشاعر الجاهلي، أو بمعنى آخر إنه الصخرة المتمردة البائسة أمام حقيقة الموت والفناء"[1].

وأحيانا يرمز الشاعر بصورة استرجاعه للطلل إلى ذاته، فكما أن الطلل يصبح قفرًا إذا فارقه أهله، ويتغير بمرور الزمان؛ فكذلك الشاعر يلحقه الكبر والعجز، ولذلك نجد من الشعراء مَنْ يدعو إليه من أجل أن يبعث فيها الحياة؛ لأنه بعودة الحياة إليه عودة بها في نفسه وكأنه بعث بعد موت، يقول امرؤ القيس:

ألا عِم صباحًا أيها الطًللُ البَالي * * وهل يَعِمَنْ من كان في العُصُرِ الخالي

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[1] حسين الحاج , أدب العرب في العصر الجاهلي, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر , بيروت, ط2 ,1410هـ - 1990م , ص56


المراجع

موسوعة الأدب العربي بقلم الدكتور عماد الخطيب
الموسوعة الالكترونية العربية

التصانيف

تاجيبيديا في الأدب العربي   العصر الجاهلي   الشعر في العصر الجاهلي   الآداب   فكر أدب الجاهليين