على الرغم من التراجع الاقتصادي الذي أصاب الكثير من الاقتصاديات العالمية في الآونة الأخيرة، تمكن اقتصاد إمارة أبوظبي الذي يعد أحد أكثر الاقتصاديات ازدهاراً وحيويةً في الشرق الأوسط أن يدرأ مخاطر وتداعيات هذا الركود ومواصلة أدائه القوي خلال السنوات السابقة، كما ساهمت أسعار النفط المتصاعدة نسبياً في الأسواق العالمية مدعومة بطلب محلي قوي في الحفاظ على ثبات الاقتصاد المحلي وزيادة ثقة المستثمرين فيه بينما كانت هذه الثقة تتهاوى إلى الحضيض في أماكن كثيرة حول العالم.
وتمنح الالتزامات السياسية القوية وقرارات الاستثمار الحكيمة وسياسات التنمية الاقتصادية طويلة الأمد والتي تنتهجها الحكومة الرشيدة الزخم الكافي لإقتصاد الإمارة ليصبح اقتصاداً متفوِّقاً في النمو والمرونة والتنوع.
رؤية إمارة أبوظبي الإقتصادية سنة 2030
ترسم رؤية إمارة أبوظبي الإقتصادية 2030 خُطط التنويع الاقتصادي لحكومة إمارة أبوظبي وتعكس رغبة الحكومة الحقيقية في استشراف عملية التنمية في الإمارة خلال العقدين القادمين عن طريق وضع خارطة طريق بعيدة الأمد وواضحة المعالم ورسم إطار عام للتنمية الاقتصادية، وتشمل هذه الرؤية ترابطاً أكبر بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ السياسات والخطط الحكومية، وتحدد الرؤية النقاط التالية كأولويات للحكومة لتحقيق التحول الاقتصادي المقصود بحلول سنة 2030.
- إيجاد بيئة أعمال منفتحة وفاعلة ومندمجة مع الإقتصاد العالمي.
- إستخدام سياسة مالية منضبطة يمكنها الإستجابة لمختلف الدورات الإقتصادية.
- إيجاد بيئة فاعلة ومرنة للأسواق المالية والنقدية بمستويات تضخم خاضعة للسيطرة.
- تحسين كفاءة سوق العمل.
- تطوير بنية تحتية قوية وكفؤة وقادرة على دعم النمو الإقتصادي المتوقع.
- تطوير رأس المال البشري يتميز بالمهارة والإنتاجية العالية.
- تمكين الأسواق المالية من أن تصبح الممول الرئيسي للمشاريع والقطاعات الإقتصادية.
التنوع الاقتصادي
تقوم إمارة أبوظبي بتطبيق مجموعة من الخطوات الهامة لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد المفرط على عائدات الصناعات الهيدروكربونية. وترى إمارة أبوظبي أن الخطوة الأولى لبناء اقتصاد مكتفٍ ذاتياً يمكنه مقاومة التقلبات في أسعار النفط وأسواق الأسهم وقطاع العقارات تكمن في تطبيق سياسة تنوع إقتصادي محددة وواضحة الأهداف مع آليات تنفيذ ملائمة، كما تعمل على تحسين المناخ الإستثماري لديها للظفر بإهتمام المزيد من المستثمرين، ولتصبح الوجهة الاستثمارية الأكثر جذباً في المنطقة، وانطلاقاً من هذا الهدف، تمّ تطوير مجموعة من المناطق الإقتصادية المتخصصة التي تلبي احتياجات كبيرة من القطاعات الصناعية والتجارية المختلفة والتي تقدم حوافز كثيرة للمستثمرين من الإعفاءات الضريبية وغيرها.
وتسعى إمارة أبوظبي وهي خامس أكبر مصدر للنفط في العالم أن ترتقي بالدور الذي يلعبه قطاع النفط في العملية التنموية وجعله كمنشط لباقي القطاعات الاقتصادية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة في جميع الميادين، ووفقاً لتقرير صادر عن دائرة التنمية الاقتصادية في سنة 2008، يتوقع أن يتفوق القطاع غير النفطي على القطاع النفطي بحلول سنة 2025 حيث ستتراجع مشاركة القطاع النفطي في مجمل الأنشطة الاقتصادية إلى 40 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي وإلى أقل من 20 بالمئة بحلول سنة 2050.
ومع تواصل نمو القطاع غير النفطي، يتوقع أن يتضاعف إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للإمارة ثلاث مرات بحلول سنة 2025 حين يصل إلى حوالي 315 مليار دولار بالمقارنة مع 105 مليار دولار في سنة 2008. من ناحية أخرى، يستفيد الاقتصاد المحلي من الأموال العائدة من خارج البلاد ومن رغبة المستثمرين الباحثين عن فرص استثمارية داخل البلد وذلك درأً للمخاطر العالية التي يشكلها الاستثمار في الصناديق وأسواق المال الأجنبية مما سيؤدي إلى ضخ المزيد من رأس المال إلى الاقتصاد الوطني ودعم خطط الحكومة لتشجيع مساهمة القطاع الخاص في تطوير مختلف القطاعات الاقتصادية.
وتشمل الإجراءات التي تتخذها الحكومة حالياً كجزء من رؤيتها الاقتصادية الشاملة خمسة محاور رئيسية هي على النحو التالي: خصخصة مجموعة من المشاريع التي تعود ملكيتها للدولة، وتقوية سوق إمارة أبوظبي للأوراق المالية، وتنويع القطاع الصناعي بالتركيز على الصناعات البتروكيماوية والصلب والألمنيوم، وإنشاء مناطق اقتصادية متخصصة وتطوير القطاع السياحي.
التنمية الصناعية
وفي إطار رؤيتها لتحقيق اقتصاد عصري ومتنوع، تواظب إمارة أبوظبي حالياً على تطوير قطاع صناعي قوي وحديث يستطيع أن يحل محل قطاعي النفط والغاز الطبيعي التقليديين كأحد أشهر الروافد الاقتصادية للإمارة، ويجذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية إلى إمارة أبوظبي، وتعتبر صناعات الألمنيوم والحديد والصلب والزجاج والمعادن والبلاستيك والصناعات البتروكيماوية جزئ من بعض الصناعات الثقيلة التي تم تحديدها كمجالات قادرة على تحريك عجلة النمو في قطاع الصناعة، وإيجاد الآلاف من الفرص الوظيفية الجديدة لمواطني الدولة. تمتلك إمارة أبوظبي المقومات الرئيسية لإيجاد قطاع صناعي ناجح من وفرة الأراضي الصناعية والمواد الخام والطاقة الزهيدة والبنية التحتية الصناعية العصرية، وسرعة إنجاز المشاريع، والسهولة في إجراءات الحصول على التراخيص الصناعية وقوانين الملكية الأجنبية المرنة وغيرها من العوامل التي تجعل من إمارة أبوظبي وجهة مناسبة للاستثمارات في قطاع التصنيع، ومع توجه الإمارة لمنح الأجانب حق التملك الكامل في المشاريع الصناعية، يُتوقع أن يجلب هذا القطاع استثمارات أجنبية كبيرة وأن يشغل مجموعة كبيرة من الأيدي العاملة المؤهلة.
السياحة
شاركت الجهود المكثفة التي تبذلها حكومة إمارة أبوظبي لتنويع مصادر اقتصادها في ظهور قطاع السياحة كقطاع قادر على دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتشهد إمارة أبوظبي في الوقت الحاضر طفرة غير مسبوقة في عدد الفنادق والمتنزهات الترفيهية وأماكن التسلية والمراكز التجارية والمجمعات السكنية الفاخرة، والمساكن ذات الواجهات المائية، والمرافق الرياضية والترفيهية، ومعارض الفنون والمتاحف التي تشارك جميعاً في زيادة مجموع السياح الوافدين إلى إمارة أبوظبي لقضاء العطل. تشير الإحصائيات الصادرة عن دائرة الاقتصاد في إمارة أبوظبي سنة 2009 بأن قطاع السياحة يمثل نسبة 2.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في إمارة أبوظبي و6.4 بالمئة من القطاع غير النفطي، وتخطط الإمارة لاستثمار 230 مليار دولار في مختلف المشاريع السياحية خلال السنوات الخمس المقبلة، كما يتوقع أن يزيد مجموع ساكني الفنادق إلى 2.7 مليون نزيل ومجموع الغرف الفندقية إلى 25000 غرفة بحلول سنة 2012، في الوقت الذي تستعد الإمارة لاستقبال 3 ملايين سائح بحلول سنة 2015.
الاستثمارات الأجنبية في إمارة أبوظبي
بينما يستولي دعم المشاريع المحلية وتمكينها من التنافس العالمي مكاناً مهماً ضمن أولويات حكومة إمارة أبوظبي، لم تنس الإمارة التزاماتها بفتح الاقتصاد المحلي أمام التجارة والاستثمارات الأجنبية انطلاقاً من حرصها الدائم على التسويق لنفسها كنقطة جذب رئيسية للاستثمارات في ظل بيئة أعمال حيوية وتنافسية ومنفتحة.
وتهدف إمارة أبوظبي إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في اقتصادها وتعزيز صادراتها غير النفطية خلال العقدين القادمين لدعم الناتج الإجمالي المحلي، وتمثل الاستثمارات الأجنبية في الوقت الحالي نسبة 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع وجود خطط طموحة لزيادة هذه النسبة إلى 23 بالمئة بحلول سنة 2030.
وفي سنة 2010، كسبت إمارة أبوظبي على 2.7 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على الرغم من التراجع الكبير في التدفقات الاستثمارية على مستوى العالم.
التجارة الخارجية
تعمل إلإمارة أبوظبي على توجيه كافة جهودها للنهوض بمكانة الإمارة كمركز رائد للتجارة الدولية في المنطقة، ولتحقيق هذه الرؤية، وضعت الإمارة استراتيجية متكاملة تهدف إلى بلوغ معدلات نمو كبيرة في الصادرات السلعية والخدمية، وتسلط هذه الاستراتيجية الضوء على مجموعة محاور وأولويات، أبرزها تطوير ودعم الصادرات غير النفطية، وإعداد المنتجات المحلية وتأهيلها للدخول إلى الأسواق الدولية والمنافسة فيها، وعقد اتفاقيات التجارة الحرة مع مجموعة من دول المنطقة والعالم، فضلاً عن إقامة مرافق حديثة وتطوير بيئة تشريعية قوية ومحفزة للأعمال التجارية.
المراجع
Abudhabi.ae
التصانيف
إمارة أبوظبي الإمارات العربية المتحدة إقتصاد تنمية العلوم التطبيقية