ألبرخت ألتدورفر Albrecht Altdorfer مصور وحفار ورسام ألماني، توفي في راتيسبون أوريجنسبورغ. لا يعرف الكثير عن نشأته، ويظن أنه ابن المصور أولريخ ألتدورفر، الذي تخلى عام 1491 عن حق المواطنة في بلدة راتيسبون، إلا أن ألبرخت استرد هذا الحق عام 1505 قبل أن يصبح في عام 1519 عضواً في مجلس المدينة الموسع. وفي عام 1526 أصبح عضواً في مجلس المدينة المصغّر وهيأه ذلك لشغل منصب مهندس المدينة في العام ذاته. وليس هناك ما يدل على دراسته الفنية، ولكن أعماله تنبىء بتأثير دورر[ر] Dürer ولوكاس كراناك Lucas Cranach فيه، وتعود أولى رسومه ومحفوراته الخشبية المؤرخة إلى عام 1506. أما أقدم لوحاته «الولادة» و"القديسان فرانسوا وجيروم» و«أسرة الساتير» فمؤرخة في عام 1507.تتميز هذه الأعمال بحركة داخلية تصل إلى حد الغرابة في التعبير، وتبدو فيها الأحياء والصخور والأبنية بتهدمها وتمزقها كأنما تنتمي إلى مملكة النبات وتستجيب إلى قوانين عالم قاس تبتلع غابته الكثيفة جميع الكائنات الصغيرة، (لوحة القديس جورج). وتقوم التقنية التي يستخدمها الفنان على توضيح كل عناصر اللوحة، الأشخاص وتفاصيل الأرض والنبات، إضافة إلى مجموعة حزوز متوازية تساعد في توحيد المجموع. وفي بعض الأعمال، تذكّر ثنيات الثياب التي تتكسر على الأرض، بالجذور تلتف حول الرداء. وفي أعمال أخرى، توحي النباتات المتدلّية على الأشجار والجدران بأشكال شعر إِنساني. وفي عام1511 بدأت مرحلة جديدة من حياة ألتدورفر بسفره إلى النمسة لينجز «رافدة المذبح في سان ـ فلوريان» Retable de Saint Florian، التي تتألف من ثمانية ألواح تمثل «مشاهد آلام المسيح» وأربعة ألواح مكرّسة لسيرة القديس سيباستيان. وفي هذا العمل ألوانٌ جديدة مشعة تساعد على إبراز الأشخاص بحدة فوق الخلفيات المعمارية الملونة بقيم حيادية مستوحاة جزئياً من قطعة إيطالية محفورة تمثل رسماً من أعمال برامانته[ر]Bramante. أتاحت «مشاهد الآلام» المذكورة الفرصة لألتدورفر لتمثيل تبدلات النور في مختلف أوقات النهار، بمهارة فائقة. ويدفع اتساع مساحة «الرافدة» إلى الاعتقاد بأن الفنان أنفق في إنجازها وقتاً طويلاً، ويؤكد ذلك ما يُرى من تطور ملموس في بعض الألواح: فالمشهدان الليليان «جبل الزيتون» و"الاعتقال» اللذان أُنجزا أولاً، يقتربان من أسلوب المرحلة الأولى، في حين تبدو في المشاهد الأربعة لاستشهاد «القديس سيباستيان» التي أتمها لاحقاً، علامات التطور والتجديد.إلى جانب رافدة «سان فلوريان»، قام ألتدورفر بتنفيذ أعمال أخرى كلّفه بها الامبراطور مكسيميليان: رسوم محفورة على الخشب، ورسوم على هامش كتاب «صلوات الامبراطور»، وسبع لوحات أخرى تحكي سيرة القديس فلوريان كانت على الأرجح أجزاء من رافدة مذبح آخر وفيها يزداد تألق الألوان وتدهش الناظر بنظامها المعماري.في بداية العقد الثالث من القرن السادس عشر، يظهر في أعمال ألتدورفر الموضوع الذي سيطر على فنه في هذه المرحلة وهو المنظر الطبيعي.وتعد لوحتا: «منظر العبّارة» و«الدانوب قرب راتيسبون»، أول لوحتين في تاريخ الفن الغربي اقتصرتا على موضوع المنظر.وفي عام 1528 تخلى ألتدورفر عن تعيينه في منصب رئاسة بلدية راتيسبون ليخصص وقته لرائعته الكبرى «معركة الاسكندر» التي يبرهن فيها على عبقريته في الألوان: منظر كوني يشكل مسرح الأحداث، يشاهد من الأعلى، يذكر بالفنان باتينير Patinir في اتساعه وليوناردو دافنشي[ر] Leonardo Davinci في أشكال الجبل، حيث تتعايش الشخصيات الرئيسية، السماء والبحر والأرض، يأتيها الضوء من الشمس والقمر في آن واحد، وتتداخل الأشكال الدقيقة للجنود في كتلة متراصة من تشابك الرماح، وتبدو في تقدمها كأنها تتعشق تضاريس الأرض.إلا أن إنتاجه يقل أو يندر في العقد الرابع وينحصر في أعمال منها أعمال الفريسك Fresque في الحمامات الملكية في راتيسبون، التي لم يبق منها سوى أجزاء قليلة، ولوحة كبيرة تمثل «لوط وبناته» (صورت عام 1537). هنا يبتعد الفنان عن تقاليد الدانوب لكي يتبنى العناصر المفضلة لدى فناني عصر النهضة، ويتركز اهتمامه على الجسم الإنساني، وتحتل الألوان النضرة مكان القيم القاتمة. وفي كل الأحوال يبقى ألتدورفر من أكبر المصورين الألمان القدماء، وقد أثر في فن التصوير الألماني تأثيراً كبيراً ولاسيما رسم المناظر الطبيعية.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
التربية والفنون العمارة فنون