ألفرد أدلر Alfred Adler طبيب وعالم نفس نمسوي، ولد قرب فيينة، وعمل طبيباً فيها بعد تخرّجه في جامعتها عام 1895م. وقد ظهر اهتمامه بحالات العصاب neurosis في وقت مبكر بعد ممارسته الطب، وكان أن دعاه فرويد[ر] Freud إلى حلقته، وبقي أدلر في الحلقة حتى انسحابه منها عام 1911م لاتساع الخلاف بينه وبين فرويد. وقد أنشأ، بعد ذلك، الاتجاه في علم النفس المعروف باسم علم النفس الفردي، وأظهر اهتماماً خاصاً بالتلميذ في المدرسة وتربية الأطفال، وحصل على شهادة معهد التربية في فيينة عام 1924م. ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث عُيّن أستاذاً لعلم النفس الطبي في جامعة كولومبية بنيويورك عام 1927م ثم بمدرسة الطب في لونغ آيلند Long Island بولاية نيويورك عام 1932م. وقد كثرت جولاته العلمية في الولايات المتحدة وأوربة لإلقاء المحاضرات وتوفي في أبردين Aberdeen باسكتلندة في أثناء جولته الأخيرة. ألّف أدلر وحاضر في موضوعات كثيرة بينها علم النفس الفردي، والبنية العصابية، وتفسير الأحلام، والطبيعة الإنسانية، وخلّف عدداً غير قليل من الكتب والمقالات بالألمانية والإنكليزية. وقد نشأت بتأثير من تفكيره العلمي عدة جمعيات لعلم النفس الفردي في الولايات المتحدة والكثير من أقطار أوربة، وظهرت عدة معاهد خاصة بالتدريب على أسلوبه في المعالجة النفسية، وأخذ عددٌ من المدارس بأفكاره التربوية. يرى أدلر أن جسد الإنسان يعمل باستمرار ليتلاءم مع مطالب العالم الخارجي، وأنه يحافظ على توازنه بإجراءات دفاعية وتعويضية، وأن العمل النفسي يأخذ مجراه بترابط وتفاعل مع الجسد ويكون موجهاً بالنزوع إلى الأمن والتكامل والتفوق. لذلك لا يجوز النظر إلى الإنسان من منطلق ثنائية الجسد والنفس بل من وحدة الفرد. والطفل، كما يراه أدلر، فرد يحاول أن يتحكم بمحيطه، وهو يتعلم من ذلك أموراً كثيرة بشأن ما يستطيع وما لا يستطيع فعله. ويكون في جملة ما تقوده إليه ملاحظاته وتقديره للأشياء ومقارنة نفسه بالآخرين، وفيها جميعها الكثير من الخطأ، تكوّن الشعور بالنقص أو الدونيّة، وذلك لكثرة ما يناله من مشاعر الإحباط، ويتطلب هذا الشعور منه تعويضاً، ويكون هذا الحال أساساً فيما يحصل لدى الفرد من توتر، ولدى بعضهم من أعراض عصابية. ثم إن الطفل يولد في بيئة اجتماعية ويتفاعل معها، ويكون بين ما ينتج عن ذلك شعور الفرد بالانتماء. ويعمل التفاعل بين الطفل وبيئته، ومعه آثار التربية والاستعدادات الوراثية، على أن يكوّن الطفل ما يسميه أدلر أسلوب الحياة ويمثل «أسلوب الحياة» نظام الفرد الإدراكي، وقناعاته، والتفسير الذي يكوّنه عن نفسه وعالمه. ومن هذه الزاوية، يقول أدلر، تبدو كل أشكال تعبير الفرد «موسومة» بأثر أسلوب حياته. والحياة تواجه الإنسان بعدد من المسائل تتصل بالعمل، والعلاقات مع الآخرين، والحب والجنس، والكون، وتكيّف الإنسان مع نفسه. وحين تكون شروط طفولة الفرد غير مناسبة، وتكون مشاعر الإحباط متراكمة لديه، فإنه قد يتجه نحو الهروب من حل المشكلات، ويكون السلوك العصابي، مثل القلق والوساوس والمخاوف، شكلاً من أشكال هذا الهروب. ومن هنا يمكن القول إن أثر مشاعر الإحباط لدى فرد ما، وعجزه عن حل مشكلاته، وأسلوب الحياة لديه، وتدخل اللاشعور عنده - تتفاعل هذه كلها لتؤدي إلى تكوّن عصاب لديه يجنبه استمرار الشعور بالأذى أو الخطر الناجم عن حالة الإحباط. إن مثل هذا الفرد في حاجة إلى معالجة. إِنه ليس مريضاً، ولكنه إنسان مضطرب نفسياً. وأسلوب المعالجة الذي يأخذ به أدلر ينطلق من مشروع متكامل يستهدف إعادة تربية ذلك الفرد ويعتمد على كشف الغطاء عن الأخطاء في أسلوب الحياة لديه، وعلى الدخول إلى اللاشعور، كما يعتمد على التشجيع وإنماء الاهتمامات الاجتماعية وتعديل الإدراكات والقيم والدوافع بحيث يغدو ذلك الفرد في النهاية بعيداً عن وطأة الشعور بأنه دون الآخرين، وقادراً على إدراك أن الأخطار التي كانت تبدو له كبيرة هي في الواقع صغيرة ومعقولة.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
التربية والفنون تربية وعلم نفس