موريس هالبڤاكس Maurice Halbwachs فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي، ولد في ريمز Reims، وتُوفِّي في باريس، درس الفلسفة في باريس على يد هنري برغسون[ر] Bergson، وتأثر به كثيراً، فقام بتدريسها في العديد من المدارس الثانوية  قبل سفره إلى ألمانيا سنة 1904 للدراسة في جامعة غوتينغن Gottingen. عاد إلى فرنسا سنة 1905، وهناك التقى إميل دوركهايم[ر] Émile Durkheim أبرز مؤسسي علم الاجتماع، وبدأ اهتمامه بعلم الاجتماع، فعمل محرراً في المجلة الاجتماعية Année Sociologique ومسؤولاً عن قسمي الاقتصاد والإحصاء، الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى ألمانيا سنة 1909 لدراسة الاقتصاد والماركسية في برلين.عُيّن بعد نهاية الحرب العالمية الأولى  أستاذاً لعلمي الاجتماع والتربية في جامعة ستراسبورغ Strasbourg، ثم أستاذاً في جامعة السوربون سنة 1935، وأخيراً شغل منصب رئيس المعهد الفرنسي لعلم النفس الاجتماعي سنة 1944. عاصر هالبڤاكس إميل دوركهايم وماكس ڤيبر[ر] Max Weber  وروبرت ميشيلRobert Michels ت(1876-1936) وجورج غورفيتش[ر] Georges Gurvitch ورادكليف براون Radcliffe Brown ت(1881-1955) ووليم ديلتاي[ر] Wilhelm Dilthey ت(1833-1911) ولوسيان فيفر Lucien Febvre ت(1878-1956) وغيرهم. وتأثر إلى حد كبير بدوركهايم، فأعاد بناء نظريته في «العقل الجمعي» و«الانتحار»، إضافة إلى موضوعات عديدة أخرى تتصل بعلم النفس الاجتماعي، والوعي الفردي وروح الجماعة، ومستوى المعيشة للطبقة العاملة، والمادة والمجتمع وغيرها. بيد أن شهرته ارتبطت بالدرجة الأولى بموضوع الذاكرة الجمعية وبدراساته عن الانتحار وانتقاداته لدوركهايم.ترك هالبڤاكس مؤلفات عديدة أشهرها «الطبقة العمالية ومستوى الحياة» La classe ouvrière et les niveaux de vie ت(1913)، وهي أطروحته في الدكتوراه، و«البنى الاجتماعية للذاكرة» sociaux de la mémoire Les cadres ت(1925)، و«أسباب الانتحار» Les causes du suicide ت(1930)، و«الذاكرة الجمعية» La mémoire collective ت(1950).نظريته في الذاكرة الجمعية:يجد هالبڤاكس أن التكوين الاجتماعي منطو دائماً على مقومات مادية ملحوظة تتمثل في أنماط السلوك والعادات والتقاليد التي يمارسها الناس يومياً في حياتهم الاعتيادية، ويمكن رصدها وملاحظتها على نحو مباشر، ومقومات غير مادية تحكم سير السلوك الإنساني وتؤثر فيه، ويطلق عليها تسمية «الذاكرة الجمعية» التي تنتقل عبر الأجيال بالتنشئة، ويتوارثها الأبناء، وتستقر بوعي الأفراد دون تغيير، ويوضح هالبڤاكس ذلك بالمقارنة بين نموذجين مختلفين من نظم العائلة، ففي المجتمع الحديث يزداد التوجه نحو الأسرة النووية المحدودة في حجمها التي تقتصر على الزوج والزوجة والأبناء غير المتزوجين، في حين يختلف الأمر في الأسرة القديمة، إذ حيث كان في مقدور الفرد ـ طبيعيّاً ـ أن يتزوج في المتوسط ثلاث مرّات أو أربعاً في حياته، وكانت الأسرة واسعة جداً إلى الحد الذي تتاح فيه للأبوين والأقارب من السلالة نفسها أن تضم أعداداً كبيرة من الأتباع، سواء من العبيد المتحررين، أم الأبناء المتبنين، وكان دور الأب والأم بالنسبة إلى الأطفال أقل أهمية من دور الجدود والأصول التي تنتمي إليها الأسرة، ولهذه العائلة الأبوية ثقافة خاصة وشعائر وذاكرة تميزها من غيرها وبنية تقليدية، تؤثر جميعها في التصورات العائلية التي تحدد التصرفات وأشكال التضامن بين أفراد الأسرة. أما في المجتمع الحديث فيكتسب الأبناء جملة من التصورات المختلفة التي تؤلف الذاكرة الجمعية بالنسبة لهم، والتي تحدد أدوارهم في منظومة التفاعل بطريقة مختلفة، فتحدد أشكال هذا التفاعل ونظمه، ويستعين هالڤاكس للدلالة على مضمون نظريته بظاهرة تسمية الأبناء الجدد التي يعرفها الإنسان منذ القديم، فهي تنطوي على بعدين في وقت واحد، فمن جهة أولى تؤدي وظيفة حيوية تتمثل في القدرة على تمييز الأبناء بعضهم من بعض، لكنها من حيث اتجاهاتها ترتبط ارتباطاً قوياً بالذاكرة الجمعية لدى الأسرة، فتحمل جملة من المعاني والدلالات التي تختلف من أسرة إلى أخرى، ومن ثقافة إلى ثقافة.دراساته عن الانتحار:تأثر هالبڤاكس إلى حد بعيد بنظرية دوركهايم حول الانتحار، وانتهى إلى تأكيد بعض المسائل فيها، وإلى نفي بعضها الآخر، فقد لاحظ ـ على سبيل المثال ـ أن تأثير الأديان والعقائد لا ينفصل عن الوسط الثقافي في موضوع الانتحار، غير أن هالبڤاكس لاحظ أيضاً أن فرص الانتحار تتزايد مع الاضطرابات الاقتصادية حيث تظهر أشكال جديدة من العلاقات الاجتماعية، وهي المسألة التي لم يولها دوركهايم الاهتمام الكافي، وهذا ما دفع هالبڤاكس لإدخال عدد كبير من متغيرات الرقابة والضبط التي تؤثر في الظاهرة الاجتماعية عموماً ليقدم  صورة شمولية للظاهرة.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   فلسفة