حصلت سورية على استقلالها في 17 نيسان/إبريل 1946 وكان الشعب السوري يتطلع بعد الاستقلال للوحدة العربية وهذا ما عبر عنه شكري القوتلي أول رئيس للجمهورية وهو يرفع علم الاستقلال بقوله: «لن يرفع فوق هذا العلم بعد اليوم إلا علم الوحدة العربية». ثم ما لبثت أن شاركت بإمكاناتها العسكرية المتواضعة في حرب فلسطين 1948 التي ألقت بظلالها على الواقع العربي عموماً، وكان من تداعياتها أن وقعت في سورية عدة انقلابات عسكرية بدأت بانقلاب الزعيم حسني الزعيم[ر] 30 آذار/مارس 1949 وانتهت بالانقلاب الثالث الذي قاده العقيد أديب الشيشكلي [ر] 11 تموز/يوليو 1953، وقد ثبت من خلال هذه الانقلابات التي زعزعت استقرار سورية أن الهدف هو النيل من عروبة البلاد والعمل على إدخالها في مشروعات استعمارية جديدة لتكون بديلاً من سياسة الانتدابات السابقة وقد تنبه بعض القادة السياسيين إلى هذا الخطر فأكدوا في الدستور الصادر عن المجلس النيابي سنة 1950 عروبة سورية وضمنوه دعوة موجهة إلى الحكام العرب تحثهم على إقامة وحدة عربية تجمع شتاتهم لمواجهة التحديات الخطيرة بعد الإعلان عن إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وتعهد الدول الاستعمارية (فرنسا وبريطانيا) بحماية هذا الكيان الغاصب.في سورية ومنذ قيام أديب الشيشكلي بانقلابه الثاني في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1951 تصاعدت المعارضة لنظامه بسبب ازدواجية السلطة بين الحكومة المدنية برئاسة هاشم الأتاسي [ر] وبين الجيش، وتنادت أحزاب المعارضة إلى عقد مؤتمر في حمص دعت فيه إلى العودة للحياة الدستورية، وبعد مصادمات دموية وخلاف بين العسكريين من مؤيدي الشيشكلي ومعارضيه وصلت إلى حدّ انقسام الجيش قرر الشيشكلي مغادرة البلاد في 28/2/1954 وعاد الأتاسي إلى منصبه، وباشرت الأحزاب السياسية نشاطها واستقرت الأوضاع بعض الشيء وجرت انتخابات نيابية عامة أعادت الاستقرار إلى البلاد بعد أن كُلف السيد فارس الخوري[ر] تشكيل وزارة كان غالب أعضائها من حزب الشعب، ومع أن العلاقة ما بين سورية وشقيقاتها العربيات شهدت تحسناً ملحوظاً في هذه الآونة بيد أن وزارة الخوري واجهت مشكلة الانضمام إلى الحلف التركي - الباكستاني، الذي عرف فيما بعد بحلف بغداد[ر] بعد انضمام العراق إليه، وكانت الأحزاب منقسمة على نفسها إزاء الانضمام إلى هذا الحلف أو معارضته، غير أن المؤكد أن أكثرية ضباط الجيش كانت ترفض الانضمام إلى الأحلاف العسكرية تحت أي مسمى، ونتيجة لهذه التجاذبات استقالت وزارة الخوري وكلف السيد صبري العسلي[ر] تشكيل وزارة جديدة وهو من أشد المعارضين لسياسة انضمام سورية إلى هذه الأحلاف. في هذه الأثناء كانت قيادة الثورة في مصر قد انتهت من تصفية القوى السياسية القديمة وتركزت السلطة بيد جمال عبد الناصر الذي أبرم اتفاقية الجلاء عام 1954 مع بريطانيا وأظهر عزمه على استكمال استقلال مصر السياسي والاقتصادي، وأعلن هو الآخر معارضته الشديدة لحلف بغداد، وبدا واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن ثمة تقارب في وجهات النظر بين سياسة البلدين المناهضين لسياسة الأحلاف، فتوجهت حكومتا البلدين بالدعوة إلى ميثاق الضمان الجماعي الذي وقع عليه من الجانب السوري صبري العسلي وخالد العظم، ليكون نواة اتحاد واسع في المستقبل يجمع بين الدول العربية. وحينما قامت إسرائيل بعدوانها على غزة أواخر شباط/فبراير 1955 حاولت مصر وسورية شراء أسلحة لقواتهما المسلحة لحماية حدودهما غير أن الدول الغربية بما فيها أمريكا امتنعت عن تزويد البلدين بالسلاح وفرضت حظراً على توريد السلاح لكليهما فلجأ عبد الناصر إلى عقد صفقة أسلحة مع الاتحاد السوڤييتي آنذاك بعدما توجهت الحكومة السورية إلى عقد صفقة أسلحة مع تشيكوسلوفاكيا، الأمر الذي أثار حفيظة الدول الغربية فأخذت تغدق الأسلحة الحديثة على الكيان الصهيوني وتدعم سياساته العدوانية وهو ما جعل كلاً من سورية ومصر يتشبثان في مقاومتهما للسياسات الغربية في المنطقة. في هذه الأثناء تقلد السيد شكري القوتلي مهام رئاسة الجمهورية، فكان من أوائل الداعين إلى التقارب مع مصر ونظراً للمخاطر التي يواجهها البلدان فإنه دفع باتجاه توقيع ميثاق للدفاع السوري المصري يقضي بإنشاء قيادة عسكرية مشتركة في تشرين الأول/ أكتوبر 1955، ومرة ثانية كثفت الدول الغربية من ضغوطها على مصر من خلال سحب عرضها بتمويل إنشاء السد العالي في تموز/ يوليو 1956 فكان رد عبد الناصر أن أعلن تأميم الشركة العامة لقناة السويس، وبلغ الصراع ذروته حينما قامت كل من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بعدوانها الثلاثي المشترك والمباغت على مصر يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956. أما في سورية فقد أعلنت الحكومة وقوفها إلى جانب مصر وهبت الجماهير في مختلف مدن القطر تندد بالعدوان وقامت بمنع تدفق النفط عبر الأراضي السورية وطالبت بتفعيل الاتفاقات المعقودة بين البلدين ونجم عن ذلك أن استقالت حكومة الغزي لأنها تعثرت في تنفيذ برنامجها للتناقض الكبير بين الشخصيات المشاركة فيها، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة السيد صبري العسلي تمكنت من صد التيار اليميني المعارض لسياسة التقارب مع مصر فزادت الضغوط على سورية وحيكت المؤامرات من حولها بتدبير من الولايات المتحدة وعملائها المناهضين للتوجهات القومية، مما دفع أكرم الحوراني وخالد العظم وفاخر كيالي الدعوة إلى تشكيل حركة ضمن مجلس النواب تدعو إلى توقيع تعهد من قبل أعضاء مجلس النواب يلزم الجميع باتباع سياسة عربية وحدوية معادية للغرب، وعلى هذه الأسس رفضت حكومة صبري العسلي مبدأ إيزنهاور Eisenhower Doctrine الذي أقره الكونغرس الأمريكي في15/1/1957 وبدا في الأفق أن ثمة عدواناً يخطط له في الخفاء ضد سورية بزعامة الولايات المتحدة إذ أخذ طيران العدو الإسرائيلي يقوم بانتهاكاته المتكررة لأجوائها في الوقت الذي قامت فيه تركيا بحشد قواتها على حدودها الشمالية وبلغت الأزمة ذروتها حينما قامت الولايات المتحدة بإرسال بعض قطع الأسطول السادس قبالة شواطئها دعماً لسياسات كميل شمعون المناوئة للخط القومي العروبي في لبنان، وتنفيذاً للاتفاق المعقود بين مصر وسورية وجه المشير عبد الحكيم عامر دعوة لرئيس الأركان السوري اللواء عفيف البزرة لزيارة القاهرة حيث اتفق الطرفان على ارسال قوات مصرية وصلت إلى اللاذقية في تشرين الأول/أكتوبر 1957 للمشاركة في الدفاع عن حدود سورية. وسبق هذه الأحداث أن وجه السيد أكرم الحوراني رئيس مجلس النواب السوري دعوة للسيد عبد اللطيف البغدادي رئيس مجلس الأمة المصري لإرسال وفد نيابي لزيارة سورية، ووصل الوفد من أربعين نائباً على رأسه أنور السادات وقد فوجئ المدعوون بالاحتفال الحاشد الذي أقيم لهم في دمشق. وتحت قبة البرلمان السوري عقدت جلسة مشتركة بين نواب البلدين تداول فيها المجتمعون المخاطر التي تتعرض لها مصر وسورية، وانتهوا إلى إصدار قرار أعلنوا فيه رغبة الشعبين في مصر وسورية بإقامة اتحاد فدرالي، وعلى أثر ذلك استمر تبادل الوفود بين البلدين على مختلف المستويات برلمانية وعمالية بهدف التنسيق وتوحيد الاصطلاحات وبعض المفاهيم لرسم سياسة تكاملية شعارها العمل من أجل وحدة رائدة مفتوحة أمام جميع الدول العربية المتحررة، وبدا واضحاً في سورية أنه لا يمكن لأحد أن يشكل عائقاً أمام تيار الوحدة، وبدأ العمل على عقد الاتفاقيات المشتركة بين البلدين حيث تم التوقيع على اتفاقيتي الوحدة الثقافية والوحدة الاقتصادية ثم أعقب ذلك إرسال وفد من المجلس العسكري غادر دمشق متوجهاً إلى مصر بتاريخ 11/1/1958، عرض على الرئيس عبد الناصر إقامة وحدة فورية بين البلدين الشقيقين لمواجهة المخاطر والتحديات الخارجية، ومع أن الرئيس عبد الناصر أبدى بعض التحفظات لما قد تواجهه البلاد من مشكلات داخلياً وخارجياً، بيد أن الوفد السوري أصر على إنجاز المهمة التي جاء من أجلها، فعاد عبد الناصر وأعلن أن مصر لا يمكنها إلا أن تتجاوب مع المطالب السورية. وبدأت مفاوضات الاتحاد حينما أمر الرئيس شكري القوتلي بتشكيل وفد للتفاوض برئاسة السيد صلاح الدين البيطار وزير الخارجية السورية، ذهب إلى القاهرة وبجعبته مشروع الاتحاد، وهناك وضع بالتعاون مع السيد علي صبري أهم المقترحات حول مشروع الوحدة الذي حظي بموافقة عبد الناصر. ولدى عودة الوفد المفاوض إلى دمشق اجتمع مجلس الوزراء برئاسة الرئيس القوتلي وبعد التداول تمت الموافقة على المشروع وأحيل إلى مجلس النواب وتمت الموافقة عليه باستثناء عدد قليل من النواب، وفي 31/1/1958 سافر الرئيس شكري القوتلي مجدداً على رأس وفد كبير إلى القاهرة حيث التقى هناك القيادة المصرية بزعامة عبد الناصر، وأصدر الطرفان بياناً مشتركاً تضمن القرار التاريخي بإقامة الوحدة ما بين الدولتين مصر وسورية، وعمت الأفراح كل المدن في القطرين العربيين وكان أول تصريح أدلى به الرئيس عبد الناصر بهذه المناسبة: «في هذا اليوم تلتقي جمهورية مصر مع الجمهورية السورية لتتحدا وتكوّنا الجمهورية العربية المتحدة، دولة عظمى وقوية تنبع إرادتها من ضميرها، تثق في قوتها وتثق في حقها بالحرية، وتثق في حقها بالحياة»، ثم أتبعه بتصريح آخر أذيع يوم 5/2/1958 قال فيه: «إن الساعة التي تطلع إليها أجدادنا، وعمل من أجلها آباؤنا قد دقت أجراسها، وكتب لجيلنا بعد ليل طويل أن يشهد مطلع صبحها»، وفي اليوم نفسه وافق مجلسا النواب السوري والأمة المصري بالإجماع على إعلان الوحدة والمبادئ السياسية للدستور المؤقت، وعلى ترشيح الرئيس عبد الناصر لمنصب رئاسة الجمهورية العربية المتحدة، وجرى الاستفتاء على ذلك وأعلنت الوحدة بين مصر وسورية باسم الجمهورية العربية المتحدة يوم 22/2/1958 وقد عُد هذا يوماً مفصلياً في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، إذ منح الشعب في البلدين ثقته المطلقة لهذا الإنجاز، وتمت الموافقة بالإجماع على هذه الاستفتاء، وفي يوم 5/3/1958 صدر الدستور المؤقت وتم تشكيل حكومة اتحادية برئاسة عبد الناصر مؤلفة من ثلاثين وزيراً، منهم اثنا عشر وزيراً من الإقليم الشمالي وثمانية عشر من الإقليم الجنوبي، تلا ذلك تشكيل مجلس تنفيذي في كل إقليم. وفي وسط هذا التيار العارم أعلن في 8 آذار/مارس 1958 عن قيام اتحاد «فدرالي» بين المملكة المتوكلية اليمنية والجمهورية العربية المتحدة بتأثير من زعماء حركة أحرار اليمن بقيادة أحمد محمد نعمان ومحمد محمود الزبيري وقعه عن الجانب اليمني ولي عهد المملكة محمد البدر بن الإمام أحمد. وبعد أيام قليلة من الشهر نفسه صدر قرار رئاسي يقضي بحل جميع الأحزاب السياسية القديمة من الإقليمين باستثناء تنظيم الاتحاد القومي الذي تأسس في ظل ثورة 23 تموز/يوليو في مصر بديلاً من هيئة التحرير من أجل تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، ومن ضمنها حشد الجهود لبناء أمة متماسكة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. وقدم عبد الناصر إلى دمشق بعدها بأيام قلائل بصفته رئيساً للجمهورية الوليدة وقد استقبلته الجماهير المحتشدة منذ أن وطأ بقدميه أرض المطار وهو إلى جانب الرئيس القوتلي وسار موكب الزعيمين الكبيرين وسط الحشود الشعبية التي قدم قسم كبير منها من لبنان الشقيق لمشاركة الجموع التي قدمت من سائر محافظات القطر السوري فرحتها في هذا اليوم العظيم والجميع يهتف للوحدة العربية المنشودة. وعلى خلفية هذا الإنجاز بات واضحاً أن المنطقة العربية أصبحت على أبواب عصر جديد بدأ يلقي ظله على المشهد السياسي بفعل الشعور القومي المتنامي وبروز عبد الناصر زعيماً قومياً تجاوزت شخصيته المنطقة العربية ليصبح واحداً من أبرز قادة دول العالم الثالث المناهضين للغرب ومشروعاته الاستعمارية وفي مقدمتها تصديه لنظرية سد الفراغ بل إسقاطها، والتزامه بسياسة عدم الانحياز التي كان قد أسهم في إقامتها مع الرئيسين نهرو وتيتو. وقد أوضح عبد الناصر سياسات دولته الحديثة في إحدى خطبه حينما قال: «إن هذه الدولة التي قامت في الشرق ليست دخيلة فيه ولا غاصبة، ليست عادية عليه ولا مستعدية، دولة تحمي ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تقوي ولا تضعف، توحد ولا تفرق، تسالم ولا تفرط، تشد أزر الصديق وترد كيد العدو، ولا تتحزب ولا تتعصب، ولا تنحرف ولا تنحاز، تؤكد العدل، تدعم السلام، توفر الرخاء لها ولمن حولها وللبشر جميعاً».على الصعيد الإقليمي والعربي شعر العرب في جميع أقطارهم بأن أمتهم غدت أمة محترمة ولها مكانتها بين الأمم، وأصبح الجميع ينظر إلى هذه الوحدة على أنها البداية لإنشاء وحدة شاملة تسعى إلى إقامة دولة عربية موحدة تمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. أما على صعيد المنجزات التي تحققت في سنوات الوحدة فيمكن إجمالها بتطور الوضع الداخلي في سورية وفق النهج المتبع في مصر استناداً إلى ثلاثة مبادئ:ـ ربط الحرية السياسية بالحرية الاجتماعية.ـ تجاوز «الليبرالية» فكراً وممارسة والسعي نحو إقامة ديمقراطية اجتماعية.ـ اعتماد الأسلوب غير الرأسمالي في التنمية الاقتصادية من خلال الإصلاح الزراعي والتخطيط المركزي ودعم القطاع العام وتوجيه القطاع الخاص، والتوسع في الخدمات والتأمينات الاجتماعية، والعمل على إلزامية التعليم ومجانيته، وتشجيع الإبداع والتطور المعرفي وكل ما يساعد على تذويب الفوارق بين الطبقات، إلى جانب الانفتاح الواعي على تجارب الآخرين. وكانت لها منجزات عملية تجسدت في بناء المدارس والجامعات والمعاهد وبناء العديد من المراكز الصحية من مشافٍ ومستوصفات في الريف وإنشاء مراكز الخدمات الاجتماعية والزراعية، وشرعت في التخطيط لبناء المصانع وتطوير الصناعات الزراعية ومكننة الزراعة بهدف زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وفي تموز/يوليو 1961 صدرت القرارات الاشتراكية القاضية بتأميم المصارف والعديد من الشركات في البلدين. ومع أن القوى والرموز السياسية في سورية وجدت في الوحدة مخرجاً لها من الأزمات الداخلية والحصار الذي كان مفروضاً على البلاد، وعلى الرغم من الآثار الإيجابية والمكتسبات التي تحققت في ظلها، واجه هذا الإنجاز منذ البداية كثيراً من التحديات تمثلت بعدم رضا الدول الغربية عن قيام هذا المشروع النهضوي لأنه يتعارض مع مصالحها الاستعمارية من جهة، ولأنه خطر حقيقي على صنيعة الاستعمار بالمنطقة (إسرائيل) من جهة ثانية. أما في المحيط العربي فقد واجهت دولة الوحدة مصاعب وعقبات جمة تمثلت بعدم رضا بعض الأنظمة العربية المرتبطة بالدول الغربية عن سياساتها، ورأت بعض الأسر الحاكمة في بعض الدول أنها خطر حقيقي على بقائها في الحكم بسبب التأييد الشعبي المتعاظم لدولة الوحدة، فاستغلت هذه الجهات بعض الأزمات الاقتصادية وأخذت تروج لإشاعات مفادها استغلال مصر للاقتصاد السوري، وأن عبد الناصر يسعى إلى تهجير مليون فلاح مصري إلى الجزيرة، ووصل التشكيك إلى صفوف القوات المسلحة حينما فسر نقل بعض الضباط السوريين إلى مصر على أنه إبعاد لهم عن مواقعهم لعدم ثقة القيادة العامة بهم، وسرت هذه الشائعات في الأوساط الشعبية والرسمية سريان النار في الهشيم، ومما زاد الطين بلة الأخطاء والتجاوزات التي نسبت إلى بعض النافذين وهو أمر استغله الناقمون في الداخل وغالبيتهم من الرموز الإقطاعية في حين بلغ الصراع ذروته بين المشير عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج حول الصلاحيات التي يدعيها كل منهما وشعر عبد الناصر بتلك التداعيات فأصدر قراراً رئاسياً يقضي بتشكيل حكومة وحدة برئاسته يعاونه عدد من النواب من بينهم عبد الحميد السراج، وتم إرسال المشير عامر إلى دمشق للإشراف على الأمور بدلاً من السراج الذي لم يلتحق بعمله الجديد في القاهرة، وإنما استقال من منصبه وانتهى الأمر بقيام مجموعة من الضباط على رأسهم المقدم عبد الكريم النحلاوي مدير مكتب المشير عامر بعملية انقلابية بليلة 28 أيلول/سبتمبر1961 انتهت بترحيل الضباط المصريين وبعض الوزراء إلى مصر، وعلى الأثر تداعت الأحزاب القديمة التي سبق لها أن حلت نفسها وعاد أعضاؤها للتلاقي من جديد بالوقت الذي حاول فيه النحلاوي تعزيز موقفه، فهيأ لاجتماع حضره عدد من كبار السياسيين أقروا فيه ما قام به النحلاوي وزمرته؛ مما عزز الانفصال بين الإقليمين، وكان السبب غير المباشر لما تلاه من انتكاسات وهزائم في الوطن العربي كافة.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا