تتميز بدايات العصور الحديثة بحدثين مهمين. تمثّل الأول بنزوح القبائل الحسانية من بني معقل من المغرب إلى الصحراء الموريتانية، وتأسيسهم العديد من الإمارات فيها. أما الحدث الثاني فيتعلق في بداية الاتصال المباشر بين موريتانيا والغرب الأوربي الذي أدى في نهاية الأمر إلى احتلال موريتانيا وتقسيمها بين فرنسا وإسبانيا.- العهد الحساني: يجمع مختلف النسابين العرب، ولاسيما الموريتانيين منهم على أن بني حسان ينتسبون إلى جعفر بن أبي طالبt، باستثناء ابن خلدون الذي يرى أنهم من عرب اليمن القحطانيين، وينفي طالبيتهم بحجة أن «الطالبيين والهاشميين لم يكونوا أهل بادية ونجعة».والواقع هو أنه لايتوافر كثير من المعلومات الدقيقة حول المراحل الأولى لاجتياز الفروع الغربية من بني معقل للمنطقة الواقعة جنوب الساقية الحمراء لعدم توافر المصادر التاريخية، لكن ما هو ثابت تاريخياً هو أن الهجرة الحسانية من المغرب الأقصى إلى موريتانيا لم تكن هجرة جماعية. وإنما كانت انسياباً بطيئاً لمجموعات حسانية متتالية، فبعد أن أصبح نفوذ قبائل بني معقل واضحاً في المغرب في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي، حين دخلوا في  خدمة الدولة المرينية في  فاس، وصاروا من قبائل المخزن، واستقروا جنوب مراكش، وأخذ السلاطين المرينيون يعتمدون عليهم لتزويدهم بوحدات عسكرية، والسهر على جباية الضرائب وتأمين حدودهم الجنوبية، بدأ اتصالهم بالأراضي الموريتانية، وسرعان ما تحولوا من أداة في أيدي الدولة المرينية وممثليها في التخوم الصحراوية إلى جماعات تطمح إلى الاستئثار بإدارة شؤون هذه التخوم،  فبحسب ابن خلدون إن «بني حسان» كانوا في ثمانينيات القرن الرابع عشر يمتلكون المناطق الواقعة بين دراعة والمحيط الأطلسي، وفي أواخر القرن الخامس عشر وبداية السادس عشر، أصبحوا يفرضون سيادتهم التامة على قبائل الملثمين الصنهاجية، ومعظم الإقليم الموريتاني الحالي، وأخذت كبرى القبائل الحسانية تتنقل في الأراضي الموريتانية الحالية من الغرب إلى الشرق، وهي (بني أودي والبرابيش وارحامنة وأولاد أعمر)، ويعد (بني أودي) أهم القبائل الحسانية في موريتانيا، منهم انحدرت مختلف الإمارات الحسانية التي عرفتها موريتانيا، ولم تكن قبائل بني حسان تخضع لسلطة سياسية مركزية، فهم «ليس لهم ملك ولا قانون ولا مراسيم، وإنما يحكمون وفق أعراف قبلية، وإذا كان من المؤكد أن بني حسان لم يوحدوا المناطق التي سيطروا عليها سياسياً، فمن الثابت أنهم نجحوا في توحيدها ثقافياً بنشر لغتهم (اللهجة الحسانية) في عموم المنطقة الممتدة من تخوم وادي دراعة شمالاً حتى ضفاف السنغال جنوباً، ومن منطقة أزواد شرقاً حتى المحيط الأطلسي غرباً.الإمارات البيضانيةعلى الرغم من أن بني حسان قد انتشروا في معظم الإقليم الموريتاني الحالي منذ القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، وأصبحوا القوة القاهرة فيه، فإنهم لم يحدثوا نقلة نوعية في مجال التنظيم السياسي السائد في المنطقة إلا بعد عملية مخاض تاريخي استغرقت زهاء ثلاثة قرون من الزمن، تفاعلت فيها الأوضاع المحلية المضطربة مع المتغيرات الدولية، والواقع أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في موريتانيا ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين عرفت أحداثاً وتطورات كان لها أثر حاسم في تشكل التنظيمات السياسية التي عرفت بالإمارات البيضانية . ويختلف هذا التنظيم الأميري شبه القبلي بين قبيلة وأخرى في أقاليم القبلة والأدرار، في حين استمر التنظيم على السنن القبلية القديمة في أقصى شمالي موريتانيا وغربيها، ومن تلك الإمارات:- إمارة الطرارزة: وتشغل الزاوية الجنوبية الغربية والجزء الغربي من إقليم القبلة من الأراضي الموريتانية الحالية، وهي منسوبة إلى طروز بن هداج بن عمران بن عثمان بن مغفر بن أودي بن حسان. دخلت في علاقات مبكرة مع الأوربيين تأرجحت بين السلم والحرب حتى الاحتلال الفرنسي لها عام 1905.- إمارة البراكنة: نسبة إلى  برني بن هداج بن عمران، اشتملت رعيتها على مجموعات قبلية متباينة، واستمرت قائمة إلى أن نجح الفرنسيون باحتلال مناطقها في أواخر القرن التاسع عشر.إمارة الأدرار: لم تذكر المصادر التاريخية هذه الإمارة إلا عرضاً، ومعظم ما هو متوافر من مصادرعنها مردّه إلى الروايات الشفهية، وقد ورد ذكرها في بعض تلك الروايات باسم إمارة أولاد احيا بن عثمان (نسبة إلى يحيى بن عثمان بن مغفر) الذين قاموا بتكوين هذه الإمارة في النصف الأول من القرن الثامن عشر، واستمروا يتداولون حكمها  حتى الاحتلال الفرنسي لها في عام 1909.- إمارة ادوعيش: أسسها أحفاد اللمتويين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهي الإمارة الوحيدة غير الحسانية التي عرفتها موريتانيا، وقد اتخذت من إقليم تكانت مركزاً لها. خاض آخر أمرائها بكاربن سويد عدّة معارك ضد الاستعمار الفرنسي في «افطوط» و«أفله». وكانت آخرها معركة بوكادم التي حصل فيها على الشهادة في الاول من نيسان/إبريل 1905.- التنافس الأوربي على الساحل الموريتاني: إبان النصف الأول من القرن الخامس عشر اكتشف البرتغاليون الساحل الموريتاني الأطلسي، ووصلوا إلى رأس بيجادور. ومع توالي الاكتشافات أقاموا في عام 1848 مستعمرة لهم في أرجوان شكلت رأس حربة جغرافية لنشاطاتهم الإفريقية، وحاولوا بسط نفوذهم على الداخل الموريتاني بهدف السيطرة على الطرق التجارية عابرة الصحراء، وأقاموا وكالات تجارية على الساحل بهدف التجارة. ونجحوا بعقد علاقات تجارية مع بني حسان، تمثلت بتزويدهم بالملابس القطنية والفضة والمرجان والعقيق الأحمر مقابل الرقيق والذهب والصمغ العربي والمسك وبيض النعام والجلود.بعد قرنين خلفهم الإسبان الذين امتد نفوذهم حتى بورتنديك (مرسى جريدة). وفي عام 1626 احتل الفرنسيون مصب نهر السنغال، في حين استولى الهولنديون على أرجوان عام 1638 إثر حربهم مع الإسبان. تخلوا عنها لاحقاً إلى الإنكليزعام1655. وفي قرن من الزمن أصبحت هذه الجزيرة ومعها مرسى جريدة سبباً للصراع بين الدول الثلاث. في أثناء ذلك عززت فرنسا مواقعها عند مصب نهر السنغال إثر انسحاب القوات الهولندية من حلبة الصراع، واعترفت معاهدة فرساي 1738 بالسيادة الفرنسية على الساحل الأطلسي ما بين نهر السنغال والرأس الأبيض الذي كان ملك المغرب يعدّه الحد الجنوبي لمملكته، وإبان القرن التاسع عشر أخذ الإنكليز ينافسون الفرنسيين على السلطة والنفوذ في المنطقة، لكن في العام 1817 أصبحت فرنسا تمتلك رسمياً تلك المنطقة في الوقت الذي فقدت فيه بورتنديك وأرجوان أهميتهما، غير أن الإنكليز حافظوا على حقهم بالتجارة في بورتنديك حتى عام 1857؛ في حين سمحت المنافسات الأوربية لأمراء الطرارزة بإطالة أمد استقلالهم.- موريتانيا في العهد الاستعماري الفرنسي 1905ـ 1960: بدأ التوغل  الاستعماري الفرنسي في الأراضي الموريتانية منذ أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر بهدف ربط المستعمرات الفرنسية في شمالي إفريقيا (تونس والجزائر) من جهة، ومستعمراتها الغربية والاستوائية لمنع الدول الاستعمارية الأخرى من السيطرة عليها من جهة أخرى. وقد مر الغزو والاحتلال الاستعماري الفرنسي لموريتانيا بثلاث مراحل:- المرحلة الأولى (1855ـ 1905): تميزت بتأمين حرية التجارة الفرنسية في حوض نهرالسنغال، عن طريق فرض السيطرة الفرنسية على والوفوتاتور وبلاد التكارنة وطرد الموريتانيين من جنوب نهر السنغال. وقد استخدمت فيها الوسائل الدبلوماسية والعسكرية.- المرحلة الثانية؛ وهي مرحلة التوغل السلمي (1900ـ 1905): بقيادة الخبير في الشؤون الإسلامية وصاحب مشروع تأسيس مستعمرة «موريتانيا الغربية» المستشرق كبولاني Coppolani. وقد شهدت هذه المرحلة تأسيس مستعمرة موريتانيا الفرنسية بحدودها الحالية «على الورق أولاً» كما نجح كبولاني في هذه المرحلة أيضاً بفرض الحماية على إمارات طرارزة (1903)، وبراكنة (1904)، وتكانت (1905)، لكن مشروع كوبلاني لم يكتمل، فقد اغتيل على يد مجموعة من الفدائيين الموريتانيين (11 أيار/مايو 1905) بتحريض من الشيخ ماء العينين وأميرأدرار.- المرحلة الثالثة وهي مرحلة الغزو العسكري وتأسيس الإدارة الاستعمارية الفرنسية (1905ـ 1935): تميزت بتنظيم العديد من الحملات العسكرية وأصبحت موريتانيا مستعمرة فرنسية تابعة للحكومة العامة لاتحاد إفريقيا الغربية الفرنسية عام 1920، غير أنها بقيت تحت الإدارة العسكرية، ولم تنقل إلى الإدارة المدنية إلا في عام 1927، وذلك بسبب استمرار المقاومة الوطنية بزعامة الشيخ ماء العينين[ر] الذي عدّ الحرب ضد فرنسا حرباً مقدسة، واستمر في نضاله (حتى استشهاده في حزيران/يونيو 1910)، وتابع ابنه الهيبة من بعده، فاحتل جنوبي المغرب حيث تمكن من أسر القنصل الفرنسي سنة 1912.  ولم تتوقف المعارك بين الفرنسيين والموريتانيين إلا بعد إلحاق الهزيمة بقبائل الرقيبات عشية الحرب العالمية الثانية، فأصبحت موريتانيا مستعمرة مستقلة يديرها حاكم فرنسي تابع للحكومة العامة للمستعمرات الفرنسية في إفريقيا الغربية، ومقر عاصمتها وحاكمها الفرنسي سان لويس Saint Louis بالسنغال.وبموجب دستور عام 1946 أصبحت موريتانيا أحد أقاليم فرنسا فيما وراء البحار، وعضواً في الاتحاد الفرنسي، وترسل عنها ممثلين إلى البرلمان الفرنسي والأجهزة الاتحادية. ويحكمها حاكم فرنسي يتمتع بصلاحيات الجمهورية، وتساعده جمعية محلية تشرف على الشؤون المالية والمصالح المحلية. وفي هذه المرحلة شهد المجتمع الموريتاني تحولات مهمة على المستويات كافة، ففي المستوى الاقتصادي بدأت الإدارة الاستعمارية تهتم بتنظيم قطاع الإنتاج الاقتصادي وتحسينه، لكن إذا ما أُخذ بالحسبان زيادة عدد السكان، فإن ذلك لم يحل دون التدهور الشديد في شروط معيشة جماهير الموريتانيين.فما خصص من أموال للتجهيزات الاجتماعية من مدارس ومستوصفات… الخ، لم يتجاوز 10.2%. في حين ذهب القسم الأكبر من الاستثمارات (34.47%) إلى مشروعات البنى التحتية (النقل والمواصلات)، والحضرية (مدينة العيون، ولاسيما تشييد مدنية نواكشوط)، والبحث عن المعادن (33.20%).  وفي المستوى الاجتماعي - بعد عام 1945- أخذ نظام التعليم العصري يشهد تطوراً حقيقياً. وقد ارتبط ذلك بنمو التوظيفات المالية الحكومية وتطور إدارة المستعمرة تطوراً مستقلاً عن إدارة السنغال(الإدارات الاقتصادية والتعليمية والصحية حتى عام 1945، والخزينة حتى 1957 كانت مشتركة مع مثيلاتها السنغالية). ومع ذلك فإن عدد التلاميذ في عام 1957 لم يزد على 5500 تلميذ، ولم تفتتح أول مدرسة للبنات إلا في عام 1945- 1946.أما في المستوى السياسي، فقد حصل الموريتانيون على المواطنة الفرنسية بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، مما سمح بتأسيس الأحزاب ونشوء حياة سياسية عصرية، وتأسيس حركة التحرر الوطني بقيادة الصفوة المختارة.- حركة التحرر الوطني مرت الحركة الوطنية  في موريتانيا بثلاث مراحل:- مرحلة الكفاح المسلح (1855- 1936): قاد الكفاح فيها الطبقة الأرستقراطية التقليدية الموريتانية من أمراء ورجال دين وزعماء قبائل. واستمرت قرابة قرن من الزمن.- مرحلة النضال الشعبي ومقاومة رموز النظام الاستعماري ومساوئه: اتسمت هذه المرحلة بالمقاومة السلبية السلمية، وتمثلت بمقاومة الجماهير للمدرسة الاستعمارية العصرية؛ ومقاطعتها رموز تلك المدرسة التي كان من أهدافها تشويه هوية المجتمع الموريتاني. ودعت إلى التمسك بالإسلام وتعاليمه والإكثار من المدارس القرآنية وحثّ الأطفال على الدوام فيها. وغالبية أتباع هذا التيار هم من أرباب الزوايا والطرق الصوفية.- مرحلة قيام حركة التحرر الوطني والنضال السياسي (1945ـ 1960): شهدت هذه المرحلة تأسيس حركة التحرر الوطني بقيادة الصفوة المختارة التي تربت في المدارس الاستعمارية، واطلعت على الحضارة الغربية، واستخدمت أساليب نضال عصرية استمدتها من تلك الحضارة، وفي هذه الفترة ظهر حزبان سياسيان هما الاتحاد التقدمي الموريتاني برئاسة مختار ولد دادة، وحزب الوفاق الموريتاني برئاسة خورمة ولد بابانة، وقد شهد الحزب الأول انتشاراً واسعاً بالأوساط الموريتانية على خلاف حزب الوفاق الذي كانت له ارتباطات سياسية بالإدارة الفرنسية، ومع مطلع خمسينيات القرن العشرين فاز حزب الاتحاد التقدمي بانتخابات الجمعية الإقليمية الموريتانية بـ 22 مقعداً من أصل 24، وتولى رئيس الحزب مختار ولد دادة رئاسة الحكومة الموريتانية تحت رعاية المفوض الفرنسي. وفي نهاية الأمر نجح مختار ولد دادة  في التوفيق بين التيارين. وفي عام 1958 أصبحت موريتانيا عضواً في الجماعة الفرنسية، وبدأ العمل على تطوير مدينة نواكشوط؛ لتكون عاصمة للبلاد بدلاً من سان لويس.- الجمهورية الإسلامية الموريتانية منذ الاستقلالفي 28 تشرين الثاني/نوڤمبر 1960 حصلت موريتانيا على استقلالها، وأعلن عن  قيام الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وانتخب مختار ولد دادة أول رئيس لها، وأصبحت  عضواً في الأمم المتحدة على الرغم من معارضة المغرب التي لم تتخلَّ عن مطالبتها بالأراضي الموريتانية إلا في عام 1969 .ومع تعاقب الأزمات فيما بين 1960- 1978، شكّل حكم الرئيس مختار ولد دادة حالة من الاستقرار النسبي. ومع أن الدولة  لم تكن تملك وسائل التدخل أو السيطرة الاجتماعية الفعالة؛ لكنها نجحت في تأكيد نفسها بالتخلي أولاً وسريعاً عن المؤسسات التي ورثتها عن فرنسا، فمنذ عام 1961، تبنت موريتانيا دستوراً جديداً ذى نظام رئاسي، وفي العام نفسه تأسس حزب الشعب الموريتاني بزعامة مختار ولد دادة؛ ليضم جميع الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الموريتانية. وفي عام 1965 أصبح هذا الحزب حزباً وحيداً في البلاد، ونجح تدريجياً - لكونه الأداة الرئيسية لبناء الوحدة الوطنية والملهم لنشاط الدولة - في دمج جميع القوى الحية الرئيسية في الدولة الفتية، وتبنى النظام الاشتراكي الإسلامي.إلا أن ما بذله الرئيس مختار ولد دادة من جهود لتحقيق الوحدة الوطنية، وتنمية الاقتصاد،؛ سرعان ما أصبح في مهب الريح بعد تورط موريتانيا في نزاع الصحراء الغربية، قادت في النهاية إلى الإطاحة بحكم الرئيس ولد داده. في 10 تموز/يوليو 1978، واستيلاء الجيش على السلطة بقيادة العقيد مصطفى ولد السالك، وتولي المجلس العسكري للإصلاح الوطني السلطة في البلاد.ومع مطلع ثمانينيات القرن العشرين احتدم النزاع في موريتانيا على السلطة لعدة عوامل؛ منها: إشكالية الوضع السياسي والاجتماعي المعقد الذي خلفته فرنسا وراءها قبل الانسحاب والذي نجم عنه خلافات مستمرة بين مكونات الشعب الموريتاني - عرب وأفارقة - أو مايعرف (بالبيضان والسود)، إلى جانب المشكلة الصحراوية التي خلقت وضعاً دائم التوتر بين موريتانيا والمغرب، إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، لذلك تعرضت البلاد إلى سلسلة من الانقلابات بدأت بالانقلاب الأبيض الذي وقع في نيسان/إبريل 1979 بقيادة العقيد أحمد ولد بو سيف الذي قتل بحادث طائرة في العام نفسه، فتولى بعده العقيد خونة ولد هيدالة، ثم العقيد محمود ولد لولي، فخونة ولد هيدالة مرة ثانية، وعلى أثر عودته قام بحملة تطهيرواسعة في صفوف الجيش والشرطة؛ الأمر الذي ألب عليه العديد من العسكريين، فأطيح به  في أثناء حضوره مؤتمر قمة فرنكفونية في بورندي كانون الأول/ديسمبر 1984، وتسلّم السلطة رئيس أركان الجيش العقيد معاوية سيد أحمد ولد الطايع الذي استهل حكمه بتسوية الخلافات مع دول الجوار (المغرب - الجزائر- السنغال)، وبذل جهوداً كبيرة لمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي كانت موريتانيا تعانيه، لكنه تعرض بحكم حاجة بلاده إلى مساعدات إلى ضغوط غربية (أمريكية، فرنسية، إسبانية) حسنّت له إقامة علاقات مع «إسرائيل» لتجاوز ما تعانيه بلاده من مشكلات، وبدأت ثمة لقاءات بين بعض المسؤولين الموريتانيين ومسؤولين من الجانب الإسرائيلي انتهت بفتح مكتبي ارتباط في كل من تل أبيب ونواكشوط، أعقبها تبادل زيارات وانتهى الأمر باعتراف موريتانيا «بإسرائيل»، ومع ذلك لم تخرج موريتانيا من ضائقتها، فتعرض النظام لنقد أحزاب المعارضة سواء أكانت قومية أم أصولية، واشتدت الملاحقات في صفوف المعارضين، رافقتها أحياناً حالات من العصيان المدني، استغلها بعض كبار ضباط الجيش الموريتاني في أثناء غياب رئيس الدولة معاوية ولد الطايع لحضور أحد المؤتمرات الدولية، وقاموا بخلعه وفي 3 آب/أغسطس 2005، وتسلم دفة الحكم في موريتانيا المجلس العسكري من اجل العدالة والديمقراطية. ومنذ الأيام الأولى من الانقلاب وعد قائد الانقلابيين العقيد ولد محمد فال بإعادة السلطة إلى المدنيين بعد فترة انتقالية تنتهي في شهر آذار/مارس 2007.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا