محمد رشاد هو السلطان الخامس والثلاثون من السلاطين العثمانيين، ولد ونشأ في إصطنبول، وأمضى أغلب عمره في قصر زنجيرلي كوي، حتى الانقلاب العثماني عام 1909، حين خُلع أخوه السلطان عبد الحميد الثاني، وتولى الحكم بعده، وكان عمره حينئذ 56 عاماً.وصل محمد رشاد إلى الحكم في ظروف صعبة للغاية ليعتلي عرش دولة تسلط عليها أعداؤها في الداخل والخارج، ولذا فلم يستطع أن يواجه تلك التحديات والأخطار لجسامتها، وجرت الأحداث لغير مصلحته ولا مصلحة دولته؛ إذ تسلم «حزب الاتحاد والترقي» شؤون البلاد بدعم من الجيش، فنهج في سياسته منهجاً قومياً، عمل عبره على فرض سياسة تتريك شعوب الدولة العثمانية بأسلوب عنيف، مما أدى إلى تغذية الحركات القومية وقيام الاضطرابات العرقية والاجتماعية والسياسية.ومع أن السلطان محمد رشاد تسلّم الدولة وهي في مرحلة الاحتضار، غير أنه لم يشهد موتها النهائي، ومع ذلك فقد نظر إليه الأوربيون على أنه خليفة أولئك السلاطين الذين ناهضوا أوربا وخاضوا حروباً طويلة ضدها، فاستمروا في عداوته من أجل القضاء على السلطنة. ومن سوء حظه أنه تولى الحكم بالوقت الذي فقدت فيه الدولة كثيراً من أراضيها في أوربا بعد معاهدتي سان استيفانوس San stefano وبرلين. وكانت الأيدي الأجنبية تمرح في البلاد، والخزينة في حالة إفلاس بسبب الحروب المتواصلة، مما أدى إلى تسلط الأوربيين على مالية الدولة بحجة استيفاء ديونهم.ولم يمض على تسلم محمد رشاد السلطنة ثلاث سنوات حتى احتلت إيطاليا ليبيا بالاتفاق مع بريطانيا وفرنسا بموجب الاتفاق الودي عام 1904، وانتزعتها من الدولة العثمانية بعد حرب دامت سنة أجهدت البلاد في أثنائها، وبذلت كل ما يمكنها أن تبذله.ثم جاءت بعد ذلك حرب البلقان (1912-1913) التي أثارها الصرب والبلغار والرومان بدعم من روسيا القيصرية، ونتج منها أن استقلت ألبانيا وسلَّمت جزيرة كريت لليونان ومعها إقليمي سالونيك وكافالا وبعض سواحل مقدونيا، وحصلت بلغاريا على تراقيا وشاطئ بحر إيجة، وحصلت رومانيا على الجزء الجنوبي من دوبروجة الذي يتحكّم بمجرى الدانوب.وفي عهد السلطان محمد رشاد قامت الحرب العالمية الأولى فخاضتها الدولة العثمانية مرغمة إلى جانب ألمانيا والنمسا وبلغاريا ضد بريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا، واستطاعت أن تقاوم أربع سنوات على الرغم من عري جنودها ومرضهم وجوعهم حتى استسلمت عام 1918، إثر هدنة مودروس، ولكن السلطان محمد رشاد لم يشهد سقوط دولته؛ فقد مات قبل شهور من ذلك. وخلفه على العرش أخوه السلطان محمد وحيد الدين الذي أصبحت الدولة العثمانية في عهده قاصرة على تركيا اليوم.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا