جميل بن عبد القادر مردم بك، سياسي ورجل دولة سوري مخضرم، ولد بمدينة دمشق, وتلقى علومه الابتدائية والثانوية بمدرسة الآباء العازاريين، سافر إلى فرنسا وسويسرا حيث أتم تعليمه العالي. بدأ نشاطه السياسي بانتمائه إلى المؤتمر العربي في أثناء انعقاده في باريس، ومنها كان يكتب إلى صحف دمشق مقالاته الممهورة بإمضاء «طالب سياسة». عاد إلى دمشق بنهاية الحرب العالمية الأولى مستشاراً للملك فيصل بن الحسين[ر] وبعد دخول القوات الفرنسية إلى سورية شارك في الثورة السورية الكبرى، وتعرض للملاحقة، فلجأ إلى القاهرة ثم عاد إلى حيفا، فقُبض عليه وسلّم إلى السلطات الفرنسية التي نفته إلى جزيرة أرواد، ثم أفرج عنه بعد شهرين. شارك في تأسيس الكتلة الوطنية ثم بانتخابات الجمعية التأسيسية سنة 1928م التي عملت على وضع دستور للبلاد، وفي عام 1932م انتخب نائباً عن دائرته بدمشق في المجلس النيابي، وتقلّد حقيبتي المالية والزراعة في حكومة السيد حقي العظم في السنة نفسها، شارك مع السيد هاشم الأتاسي[ر] في الوفد السوري الذي غادر إلى باريس، ووقع مع الحكومة الفرنسية معاهدة 1936م، وهناك لمع نجمه مفاوضاً سياسياً بارعاً، وحينما تولى السيد الأتاسي مهام رئاسة الجمهورية كلّف جميل مردم بك تشكيل حكومته الأولى في كانون الأول/ديسمبر 1936م واستمر حتى آذار/مارس 1938م، ثم عدلت بحكومته الثانية التي استمرت حتى شهر تموز/يوليو 1938م، وفي عهد وزارتيه هاتين تم فصل لواء إسكندرون عن الوطن الأم وألحق بتركيا بمساعي الدولة المنتدبة، وصدر أيضاً قرار المفوض السامي الفرنسي القاضي بإقرار نظام الأحوال الشخصية للطوائف الذي قوبل بالاحتجاج والاستنكار من جانب الشعب السوري لتعارضه مع تعاليم الدين الإسلامي، وفي الفترة ذاتها أقدم جميل مردم بك على تعديل معاهدة 1936م مع ممثل الحكومة الفرنسية دون أن يكون مفوضاً؛ الأمر الذي ترك ردود أفعال شعبية أدت إلى استنكار ذلك من قبل مجلس النواب,، وفيها أيضاً مرر جميل مردم بك اتفاقيتي النفط والبنك السوري مستغلاً غياب وزير المالية والدفاع آنذاك شكري القوتلي، مما أدى إلى غضب رئيس الجمهورية، فسحب الثقة من وزارته فاستقال في تموز/يوليو 1938، وغادر إلى العراق. وفي سنة 1940م اتهم مع آخرين من أعضاء الكتلة الوطنية باغتيال عبد الرحمن الشهبندر، لكن المحكمة العسكرية برأت ساحته لعدم ثبوت الأدلة، وبعد عودته إلى دمشق كلّف تشكيل وزارته الثالثة التي استمرت من 28/12/1946 إلى 6/10/1947 وكانت سورية قد حصلت على استقلالها وتم جلاء القوات الفرنسية عنها في نيسان/أبريل 1946، ثم كلف تشكيل وزارته الرابعة التي استمرت من 6/10/1947 إلى 22/8/1948، وفي أثنائها قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تقسيم فلسطين وأعلن عن قيام دولة الكيان الصهيوني،, وشارك الجيش السوري إلى جانب الجيوش العربية الأخرى في حرب 1948، التي انتهت بالهدنة الأولى في حزيران/يونيو 1948، وعلى خلفية استقالة تلك الوزارة طلب إليه تشكيل وزارته الخامسة التي استمرت من 22/8/1948 إلى أن استقال من منصبه في 26/ 12/1948 إثر أحداث عنيفة وقعت في جميع مدن القطر احتجاجاً على تخاذل الحكومات العربية إزاء تلك الحرب، واعتزل العمل السياسي وغادر البلاد إلى سويسرا، ثم أقام آخر حياته في مصر حتى وافته المنية بالقاهرة، ونقل جثمانه إلى دمشق حيث وري الثرى. ومع هذا يعدّ جميل مردم بك أحد رموز الوطنيين السوريين الذين لا ينكر إسهامهم الكبير في تحقيق الاستقلال وتثبيته، ويسجل له صموده في وجه الأعاصير والانتقادات التي وجهت له في حياته وبعد مماته.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
العلوم الإنسانية التاريخ جغرافيا