تقع محافظة اللاذقيّة في الركن الشمالي الغربي من سورية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، يحدّها من الشمال لواء الإسكندرونة، ومن الشرق محافظتا إدلب وحماة، ومن الجنوب محافظة طرطوس، بمساحة إجماليّة قدرها نحو 2300كم2.الجغرافية الطبيعيةتتكون محافظة اللاذقية من وحدتين تضريسيتين: شمالية تدعى الباير والبسيط؛ وجنوبية تشكّل الجزء الشمالي من الجبال الساحلية والسهول التي تحفّ بها باتجاه البحر، ويفصل بين هاتين الوحدتين وادي نهر الكبير الشمالي الذي يكاد يتوسط المحافظة، ويصب في البحر إلى الجنوب من مدينة اللاذقية مباشرة. يتدرج ارتفاع  السطح من الصفر عند الشاطئ إلى 1500م تقريباً في أعالي الجبال الساحلية، وتتلقى أراضي المحافظة كميات كبيرة من الأمطار تراوح بين 850 ملم في اللاذقيّة إلى أكثر من 1500ملم سنوياً في أقصى الشمال (كسب)، وقد أكسبت هذه الأمطار المحافظة طبيعة خلابة، ففيها كثير من الأنهار والينابيع الجارية على مدار السنة، وتكسو 37٪ من أراضيها غابات الصنوبر والأرز والشوح والبلوط والسنديان، وتعدّ غابات الفرنلق الواقعة شماليّ اللاذقية من أجمل غابات الصنوبر في شرقي البحر المتوسط.الجغرافية البشريةكانت محافظة اللاذقيّة مكونة من قضائين (منطقتين) رئيسين؛ هما اللاذقية وجبلة، ثم أحدثت منطقتان إضافيتان في الوسط هما الحفّة والقرداحة، وتضمّ هذه المناطق الأربع 17 ناحية و453 قرية وأكثر من 800 مزرعة، ويتركز نحو نصف سكّان المحافظة البالغ نحو 900 ألف نسمة في المدن (تقديرات 2005)، وتبلغ الكثافة السكانية العامة 390ن/كم2. أما القوة العاملة فتؤلف نحو 45٪ من إجمالي السكان، يعمل نحو30٪ منهم في الزراعة و20٪ في الصناعة والباقي في الخدمات، وتؤلف القوة العاملة النسائية أكثر من الثلث.الجغرافية الاقتصاديةكانت الزراعة إلى عهد قريب المورد الرئيس للسكّان في محافظة اللاذقية، وكان قوامها تقليدياً (زراعة الحبوب والزيتون للاستهلاك المحلي)، ثم أدخلت زراعة التبغ  في عهد الانتداب الفرنسي؛ زراعة اقتصادية تغذي صناعة التبغ المحلية، ويصدّر جزء كبير من الإنتاج، كما دخلت زراعة الحمضيات والخضر في السهل الساحلي، وزراعة التفّاحيّات في المناطق المرتفعة، فأصبحت المحافظة تحتل موقعاً رائداً في إنتاج الخضر والفواكه والتبغ. وعلى العموم تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في المحافظة نحو 50٪ من المساحة الإجمالية، يزرع معظمها حالياً. أما الصناعة فقد كانت محدودة للغاية قبل بضعة عقود، ثمّ شهد هذا القطاع تطوراً كمياً ونوعياً، فأصبح عدد المنشآت الصناعية المسجلة أكثر من 4000 منشأة (بما فيها الصغيرة والمتوسطة)، وتتنوع الأنشطة الصناعية من المعدنية إلى الهندسية إلى الكيميائية والنسيجية والغذائية، وتزداد انتشاراً في السهل الساحلي؛ مما يشكل خطورة على الأراضي الزراعية والسلامة البيئية.محافظة اللاذقية من المحافظات المتقدمة تعليمياً، حيث تبلغ نسبة المتعلمين نحو 90٪ من السكان، وتؤلف الإناث نحو نصف الجالسين على مقاعد الدراسة، وفي المحافظة جامعة حكومية كبيرة ومعاهد وكليات عليا ومتوسطة، وتتميز المحافظة بمستوى خدمات سياحية جيدة من حيث عدد الفنادق والمنتجعات البحرية والخدمات المتصلة بها؛ وبشبكة جيدة من الطرق الإسفلتية التي تربط المدن بالقرى والمزارع التابعة لها وبالمحافظات الأخرى، كما تعد بلدة كسب معبراً حدوديّاً بريّاً باتجاه الأراضي التركية، أما ميناء اللاذقية البحري فيغلب عليه الطابع التجاري، مع وجود خطوط بحرية لنقل الركّاب، ويضيف مطار اللاذقيّة الدولي (مطار باسل الأسد الدولي) منفذاً إضافيا على العالم حيث يستقبل الطيران المحلي والدولي. ومن أهم المواقع السياحية الجميلة (عدا المواقع التاريخيّة) مصائف صلنفة وسلمى والقسطل وكسب ومحيط سد نهر الكبير الشمالي وسد بلّوران وغابات الفرنلق وشاطئ أم الطيور ورأس البسيط.لمحة تاريخيةإن تاريخ اللاذقيّة مدينة ومحافظة قديم وعريق مثلما هي حال معظم المدن والمحافظات السورية، حتى إن لم تحتفظ مدينة اللاذقية بكثير من آثارها، لكن الموجود يكفي للدلالة على الحقب التاريخية التي مرت بها، وتزخر المحافظة بكثير من المعالم ذات الشهرة العالمية، ولعل موقع أوغاريت (رأس الشمرة) - الذي اكتشفت فيه أول أبجدية في العالم - والمينا البيضاء وقلعة صلاح الدين ومدّرج جبلة (الروماني) وآثار رأس ابن هانئ ورأس البسيط وكثيراً من القلاع القديمة المنتشرة هنا وهناك تعبر عن القيمة التاريخية والأثرية  الكبيرة. ومن جهة أخرى تدّل الوثائق التاريخية والشواهد الأثرية على أن مدينة اللاذقية كانت موجودة منذ القرن الرابع عشر ق.م، وقد أسّسها الفينيقيون وأعطوها اسم أمانتا (أي المدينة العتيقة)، وتذكر الوثائق أن القائد اليوناني سلوقس نيكاتور Seleukos I بناها، أو أعاد بناءها، وأطلق عليها اسم لاوذيقيا Laodikeia أو لاوديسيا على اسم والدته. أما يوليوس قيصر فسماها جوليا (يوليا Julia)، وسماها الامبراطور- السوري الأصل -  سبتيميوس سِڤروس Septimius Severus باسم سبتيما الساڤرية (نسبة إلى نفسه)، وبنى فيها قوس النصر ذات الأعمدة الأربعة الماثلة حتى اليوم في إحدى ساحات المدينة.فتح المسلمون اللاذقية سنة 16هـ/637م، ثمّ احتلّها الفرنجة حتى حرّرها صلاح الدين الأيوبي منهم سنة 583هـ/1187م، كما شهدت حكم المماليك والحكم العثماني، ثم الاحتلال الفرنسي، ونشأت فيها حكومات وإمارات محلّية لم تدم طويلاً وصولاً إلى العهد الحالي بعد الاستقلال.مدينة اللاذقيةمدينة اللاذقيةتقع مدينة اللاذقية على رأس صخري ناتئ في البحر شكلته العوامل التكتونية عند تقاطع خطّ الطول 28 ً 47 َ 35 ْ شرق غرينتش مع دائرة العرض 23 ً 31 َ 35 ْ شمال خطّ الاستواء، ويعدّ هذا الموقع حيوياً بالنسبة لمحافظة اللاذقية التي تمتد أراضيها إلى الشمال والجنوب والشرق من المدينة التي تشغل موقعاً متوسطاً على ساحل المحافظة.أثر العوامل الطبيعية في نشأة المدينة: ارتبطت نشأة المدينة بالبحر وصلاحية موقعها مرفأ جيداً تستطيع السفن الرسو فيه؛ للطبيعة الصخرية التي جعلت الشاطئ عميقاً، كما كان لوجود الممر الجبلي المتمثل بوادي نهر الكبير الشمالي الذي يربطها بالداخل السوري، وإشرافها المباشر (بسبب موقعها الناتئ المتقدم في البحر) على جميع السفوح الغربية للمناطق الجبلية المحيطة، بدءاً من جبل الأقرع شمالاً حتى بانياس وطرطوس جنوباً، دور في زيادة أهمية موقعها وجعلها ميناءً للشمال والشرق السوري وعاصمة إقليمية لساحله من دون منازع.المكانة الإدارية والأهمية الاقتصادية للمدينة: عُرفت اللاذقية مركزاً إقليمياً ينافس تاريخياً أنطاكية وإسكندرونة في الشمال وطرابلس في الجنوب منذ العهد الروماني - السلوقي، وأصبحت عاصمة إقليمية في العديد من المراحل، وقد احتفظت المدينة بهذا الدور حتى اليوم؛ لثقلها السكاني والاقتصادي والثقافي في الساحل السوري؛ فهي المدينة الأكبر من حيث عدد السكان (نحو 350000 نسمة، حسب تقديرات 2004)، والمركز الصناعي الأول للإقليم من حيث عدد المنشآت الصناعية وحجمها وتنوعها، إضافة إلى المنشآت الخدمية الصحية والسياحية؛ لذا تشغل مدينة اللاذقية ومحافظتها مركزاً طليعياً في سورية من حيث مستوى كثير من الخدمات، مثل الخدمات التعليمية والسياحية والصحية والاتصالات والسكن وطرق المواصلات.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا