موقع أثري، في منطقة وادي الزرقا، إلى الجنوب من عمان بالأردن. اكتشف في السبعينات من القرن العشرين، وبدأ التنقيب فيه من قبل بعثة أردنية ـ أمريكية مشتركة بإدارة غاري رولفسون G.Rollefson.أظهر التنقيب مستوطنة سُكنت في العصر الحجري الحديث مدّة تزيد على الألفي سنة، وتطورت الحياة فيها على امتداد أربع مراحل أساسية: المرحلة الأولى والأبكر تؤرخ من النصف الأول للألف السابعة ق.م (7000 ـ 6500 سنة ق.م)، عندما كانت هذه المستوطنة قرية صغيرة مساحتها نحو هكتار، عاشت على الزراعة وتدجين الحيوانات ومارست الصيد والالتقاط للخيرات البرية. أقام الناس في بيوت متوسطة الأحجام، بعضها كبير، بُنيت بعناية، حملت بعض جدرانها، زخارف على شكل طيور، وحيوانات مختلفة. دفن السكان موتاهم، الكبار والصغار، فُرادى تحت بيوت السكن، وفي الباحات العامة للمنازل. وكانت القاعدة العامة للدفن هي قطع رؤوس الموتى ودفنها مستقلة عن الأجساد. وُجدت في هذه السوية مكتشفات متنوعة تشير إلى ممارسة السحر في الصيد، دلَّ على ذلك دُمى الحيوانات، كالماعز والبقر، التي غُرست في أجسادها رؤوس السهام. اقتصرت الدمى على الأجسام والرؤوس، وأهمها التي تجسد النساء الحوامل رمزاً لعقيدة الخصب التي مارسها السكان، لكن الكشف الأكثر أهمية من هذه المرحلة هي التماثيل والجماجم والأقنعة المصنوعة من الجص والقصب التي نُفذت معالم وجوهها بدقة عالية، كما اكتشفت أحجام كبيرة لم تكن معروفة من قبل، تدل على ممارسة عقيدة تقديس الأجداد.تعود المرحلة الثانية للموقع إلى النصف الثاني للألف السابعة ق.م (6500ـ 6000 سنة ق.م)، ازدادت خلالها مساحة المستوطنة حتى بلغت نحو 10هكتارات. وازداد اعتماد السكان على الزراعة وتربية الحيوانات من دون أن يحصل تحول مهم في مستوى الحياة الفنية والروحية المعروفة في المرحلة الأولى؛ وإنما ظهرت أبنية ذات مخطط خاص مثّلت بيوت العبادة الأولى. وفي المرحلة الثالثة المؤرخة من النصف الأول للألف السادسة ق.م (6000ـ 5500 سنة ق.م). توسعت المستوطنة، خلافاً للكثير من المستوطنات التي تراجعت وهُجرت في مختلف مناطق بلاد الشام؛ إذ بلغت مساحة عين غزال نحو 12 هكتاراً وأصبح يقود إليها، لأول مرة، شارع مرصوف بالأحجار. وحصل تحول في نمط البناء وتوزيع الغرف، وظهرت مستودعات تخزين كبيرة تشير إلى تصاعد النشاط الاقتصادي للسكان الذين صنعوا، لأول مرة، الأواني الفخارية البسيطة، مما يؤكد الابتكار المحلي للفخار عكس ما ظُن سابقاً بأنه استُورد من الخارج.تماثيل من الجص والقصبتعود المرحلة الرابعة والأخيرة في حياة عين غزال إلى النصف الثاني للألف السادسة ق.م (5500 ـ 5000 سنة ق.م)،  وتنسب إلى ما أصبح يُعرف بالحضارة اليرموكية. تدل أبنية هذه المرحلة على أن الإقامة في الموقع لم تعد دائمة، وإنما موسمية ومتقطعة، بعد أن انصب الاهتمام على الرعي وتراجعت الزراعة، كما حصل تحول مهم في الحياة الروحية والفنون؛ إذ تراجعت إلى حد كبير.عين غزال واحد من مواقع قليلة سُكنت على الدوام، تمكِّن من تتبع مختلف مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والروحية على امتداد زمن طويل حصلت فيه تقلبات بيئية ومناخية، تركت آثارها على مختلف جوانب حياة السكان الذين تجاوز عددهم ألفي نسمة، مما جعل الموقع من أهم القرى الزراعية الباكرة في المشرق القديم وأكبرها.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا