تل أثري يقع على بعد عشرين كم تقريباً إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، مساحته الأصلية نحو 5,6هكتار، تخرب الجزء الأكبر منها.ابتدأ التنقيب المنهجي فيه عام 1989م، من قبل بعثة وطنية من المديرية العامة للآثار والمتاحف بإدارة أحمد طرقجي، وقد أسفرت أعمال التنقيب عن كشف خمس سويات أثرية حتى اليوم.السوية الأولى: ضمت قبوراً إسلامية ترجع للفترات المملوكية والعثمانية على الأغلب، من دون شواهد أو نصوص، وهي قبور بسيطة تخلو من العطايا أو اللقى الجنائزية.السوية الثانية: تضم قبوراً ترجع للفترات الكلاسيكية (السلوقية والرومانية والبيزنطية)، في الفترة الممتدة من 300ق.م إلى القرن السادس الميلادي، وهذا يدل على أن الموقع لم يسكن خلال هذه الفترة، وإنما استخدم مقبرة فقط.السوية الثالثة: تعود لفترة عصر البرونز الحديث (1600ـ1200ق.م)، وقد ضمت منشآت ومجموعة من العناصر المعمارية لبيوت بسيطة، كانت مساكن لمزارعين مارسوا بعض الأعمال الصناعية المنـزلية كالحياكة والنسيج وصناعة الفخار، وكانت هذه البيوت تتألف من غرف صغيرة الحجم (4×4م)، وربما ضم البيت الواحد غرفتين أو ثلاثاً مع ساحة مكشوفة، والواضح أن هذا الموقع كان على صلة تجارية أو إدارية بمصر من خلال بعض اللقى التي عثر عليها وتحمل الطابع المصري، كالأختام المصرية (الجعران) وبعض الأواني المنـزلية المستوردة من مصر.السوية الرابعة: ترجع لفترة عصر البرونز الوسيط الثاني(1800ـ1600ق.م)، وهي الأكثر أهمية من بين سويات الموقع، فقد كشف فيها عن مبنى ضخم يتألف من غرف و باحات كبيرة ذات جدران سميكة من الَلبِن، وأنجزت الأرضيات بتقنيات عالية الجودة، روعيت فيها أعمال الصرف الصحي. وكسيت جدران البناء من الداخل بطبقة من الجص، نفذت عليها رسومات جدارية بزخارف هندسية أو موضوعات مختلفة، إضافة إلى العثور على جرار كبيرة من الفخار كانت تستخدم للخزن، وجميع جدران المبنى كانت تتجه بشكل متعامد نحو الجهات الأربع، وهذا من أسلوب العمارة الأمورية المعروفة والمشابهة لقصور ماري وألالاخ وقطنة.السوية الخامسة: ترجع لفترة عصر البرونز الوسيط الأول (2000ـ1800ق.م) عثر فيها على قبر ضم رفات امرأتين وطفل بوضعية الدفن الجنينية مع مجموعة من الجرار والأواني الفخارية، والتقدمات المرافقة لعملية الدفن التي كانت شائعة في تلك الفترة.إن الرسومات الجدارية التي عثر عليها ضمن السوية الرابعة والتي تمثل في أجزاء منها نساءً ورجالاً ملتحين لهم ملامح آمورية مشابهة لما عثر عليه في قصر ماري الكبير (قصر زمري ـ ليم)، وهي أيضاً مشابهة للرسومات الجدارية في المعابد أو المقابر الفرعونية من حيث التنفيذ وأسلوب الرسم، وهذا يدل على صلات تجارية وحضارية بين منطقة دمشق ووادي النيل في النصف الأول من الألف الثاني ق.م، ويدعم هذا العثور على أختام ذات طابع مصري ضمن هذه السوية. من هنا تأتي أهمية موقع «تل سكا» لوقوعه على أطراف البادية السورية في منطقة وسطى بين بحيرتي العتيبة والهيجانة، الأمر الذي يوضح أنه كان نقطة اتصال مهمة على طريق تجاري يصل بين الفرات الأوسط ووادي النيل عبر البادية السورية. ولا بد أن نقطة عبور القوافل باتجاه الفرات أو وادي النيل كانت تمر حتماً بمنطقة «آبوم» Apum المعروفة في المصادر الكتابية التاريخية، أنها إحدى الممالك الأمورية المهمة، والتي يفترض أن تل سكا أحد أهم مدنها.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
العلوم الإنسانية التاريخ جغرافيا