إن بناء السدود لحجز المياه في سورية ظاهرة قديمة، ففي العهد الروماني أنشئت مجموعة من السدود في مناطق مختلفة من سورية، مازالت آثار بعضها حتى الوقت الحاضر، ولعل خير شاهد على ذلك (سد الباردة) في البادية السورية، وكذلك برك اصطياد الماء وتنقيتها قرب مدينة تدمر في قلب البادية السورية، وكذلك النظام المائي الروماني في خبرة جبل سيس في البادية السورية أيضاً.وفي العهد الإسلامي كانت العناية بنظام الري ورفع المياه لزيادة رقعة الأراضي الزراعية المروية، وخير شاهد على ذلك حجز مياه نهر بردى وتوزيع مياهه في فروع سبعة ليروي الأراضي الزراعية المحيطة بمدينة دمشق من جهاتها كافة، وكذلك حجز مياه نهر العاصي وإقامة النواعير فوقه لرفع المياه إلى سهول حمص و حماة. وإذا كانت فترتا الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي لسورية قد شهدتا نوعاً من الجمود والخمول في مجال استثمار المياه والموارد المائية، فإن السوريين بعد الاستقلال تابعوا تقاليد أجدادهم القديمة بخزن المياه واستثمارها، فبنوا السدود الكبيرة والصغيرة التي تزداد أعدادها يوماً بعد يوم، وتعد القفزة التي تلت الاستقلال أي منذ عام 1946 وحتى اليوم، من أخصب الفترات التي شهدت عناية ونمواً مطرداً في استثمار المياه وإقامة المنشآت المائية وأقنية الري والسدود وصرف المياه الزائدة لتجفيف الأراضي واستصلاحها، من أجل زيادة رقعة الأراضي المروية في سورية.بُدئ بإنشاء السدود في سورية في العصر الحديث بعد الاستقلال بسنة واحدة، ففي عام 1947 بُدئ بإقامة أول سد في سورية في موقع يوسف باشا على نهر الفرات، ومنذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين أخذت الدراسات المائية لإنشاء السدود تأخذ طريقها للتنفيذ، وبدأت تحظى باهتمام الحكومات السورية المتعاقبة سعياً وراء تحقيق مستوى مناسب من الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي. وقد عملت سورية على استثمار مياه الأنهار والسيول عن طريق مشروعات كبرى للري، قامت الدولة والقطاع العام بتنفيذها ؛ بعضها نُفذ واستثمرت مياهه، وبعضها الآخر ماتزال أعمال التنفيذ فيه جارية حتى اليوم.تمثلت تلك المشروعات بإقامة السدود على مجاري الأنهار والسيول وشق القنوات، منها للري أو لسقاية وتنمية الثروة الحيوانية أو لاستغلال مياهها في توليد الكهرباء.تتوزع الثروة المائية في الأراضي السورية على ثمانية أحواض مائية رئيسة، تختلف في تغذيتها ومصادر مائها، منها ما يتغذى بمياه الأمطار والثلوج كحوض حوران والساحل وحوض دمشق والبادية وحوض حلب، ومنها ما تشكل مياه الأنهار الداخلية أو الأنهار الخارجية مصادر تغذيتها الرئيسة.تختلف هذه الأحواض باحتوائها لأعداد السدود من ناحية، ولكميات المياه المختزنة فيها من ناحية ثانية، وإذا ما عدَ سد الفرات من السدود الكبيرة، وكل من سد الرستن وسد بحيرة قطينة وسد تلدو وكذلك سد محردة من السدود المتوسطة، فإن غالبية السدود الأخرى هي من السدود الصغيرة على الرغم من وجود بعض السدود التي تزيد كميات مياهها على 1.88مليار متر مكعب، كما هي الحال في سد تشرين بمحافظة حلب.تتوزع السدود في سورية حسب الأحواض المائية التابعة لمحافظات القطر على النحو الآتي:سد الرستنحوض الفرات: يعد من أهم الأحواض المائية السورية، نظراً لكميات المياه التي يؤمنها نهر الفرات بدءاً من دخوله الأراضي السورية عند مدينة جرابلس الحدودية، كما ترفده روافد صغيرة، منها نهر الساجور والبليخ إضافة لنهر قويق قبل أن تنقطع مياهه في الأراضي التركية. ومن روافده كذلك نهر الخابور. وقد تم إنشاء سلسلة من السدود في الأراضي السورية على نهر الفرات، الهدف منها ري الأراضي وتوليد الطاقة الكهربائية وتربية الأسماك وتنظيم جريان النهر لمنعه من تدمير القرى والمزارع أثناء فيضانه.يعد سد الفرات أكبر هذه السدود قاطبةً وأهمها، ليس فقط بالنسبة لحوض الفرات، إنما بالنسبة لأراضي سورية. أقيم هذا السد عند موقع الطبقة غربي مدينة الرقة، يصل طول السد مع جناحه الأيسر إلى 4500م، وارتفاعه 60م وعرضه عند القاعدة 512م وعند القمة 19م، يرتفع السد 308م فوق مستوى سطح البحر، يحجز كمية من المياه تصل إلى 14 مليار م3في بحيرة الأسد التي تبلغ مساحتها 630كم2 وطولها 80كم بعرض متوسط قدره 8كم. يروي سد الفرات مساحة من الأراضي السورية تصل إلى 640ألف هكتار ويولد طاقة كهربائية تراوح مابين 800ـ1100ألف كيلوواط ساعي، عدا عن ذلك، فإن لهذا السد تأثير في المناخ الأصغري للمنطقة المحيطة ببحيرته، وكان لسد الفرات أثر بالغ في المشروعات الإنمائية السورية ولاسيما «المشروع الرائد» الذي يعد مشروعاً نموذجياً يحتذى به في بقية الأحواض، كما أقيمت مشروعات أخرى بنتيجة هذا السد، فعدا عن المشروع الرائد هناك مشروع مسكنة - حلب ومشروع الفرات الأوسط وبئر الهشيم وغيرها.سد الفراتو من السدود المهمة في سورية التي أقيمت على نهر الفرات، سد البعث الذي يحجز كمية من المياه تصل نحو 90مليون م3، يقع إلى الشرق من سد الفرات ومدينة الثورة التي قامت على ضفة بحيرته، وهو سد تنظيمي،تولّد منه الطاقة الكهربائية. أما سد تشرين فهو أيضاً من السدود المهمة في سورية حيث تصل مساحة بحيرته إلى 166كم2، ويصل مخزون مائه إلى 1.883 مليار متر مكعب.حوض دجلة والخابور: تعد مشروعات المياه والسدود المقامة في حوض دجلة والخابور من المشروعات المهمة في سورية، كونها تسعى إلى التطوير الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي،وكذلك تطوير الصناعات الغذائية والتحويلية التي تعتمد على المنتجات الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية، وتشغيل أكبر عدد من السكان وزيادة الدخل القومي وتنمية الثروة الحيوانية والسمكية وتنظيم جريان نهر الخابور للاستفادة القصوى من مياهه لإرواء الأراضي الممتدة من منطقة رأس العين وحتى بلدة البصيرة، وقد نفذ إثنا عشر سداً على نهر الخابور إضافة لسدين هما قيد التنفيذ، أما كميات المياه المختزنة فتصل لنحو 1.4مليار م3، وتقدر المساحة التي تروى من هذه السدود بنحو 109.025ألف هكتار.أما نهر دجلة فقد أقيم في حوضه سبعة سدود، ستة منها تروي الأراضي بالراحة، وسد واحد تُضخ مياهه بشبكات الري هو سد السفان.حوض العاصي: يعد من الأحواض المائية الهامة في قلب سورية، حيث يخترق نهر العاصي الأراضي السورية بدءاً من محافظة حمص وحماه فإدلب ثم أراضي لواء الاسكندرون، ترفده مجموعة كبيرة من الروافد، سواء من ضفته اليمنى أو اليسرى، وقد أقيم في وادي العاصي 39سداً لغايات توليد الطاقة والري ودرء أخطار الفيضان وسقاية المواشي والشرب والترشيح لتغذية المياه الجوفية، وقد زادت الطاقة التخزينية لهذه السدود عن 708.689مليون متر مكعب، تروي مساحة 123.680ألف هكتار، ويعد كل من سد بحيرة قطينة وسد الرستن في محافظة حمص و سد محردة في محافظة حماه من أهم السدود في هذا الحوض.حوض الساحل السوري: يشمل كلاً من محافظتي اللاذقية وطرطوس. نفذ في هذا الحوض 13سداً، إضافة لأربعة سدود قيد التنفيذ، لتخزين كمية من المياه تصل لنحو 524مليون متر مكعب، لغايات الري والشرب وتوليد الطاقة الكهربائية، وتقدر الأراضي المروية من هذه السدود بما مساحته 39.019ألف هكتار في كلٍ من سهول اللاذقية وجبلة وطرطوس الساحلية، ويعد سد نهر الكبير الشمالي وسد 16 تشرين ومشروع ري السن الذي يروي سكان محافظتي اللاذقية وطرطوس من أهم مشروعات السدود في حوض الساحل السوري.حوض البادية: تم تنفيذ مجموعة من السدود الصغيرة في حوض البادية السورية، وصل عددها إلى 37 سدا،ً تخزن كمية من المياه تصل لنحو 67.855 مليون متر مكعب من المياه لأجل الشرب وتربية المواشي والترشيح ودرء أخطار الفيضانات المفاجئة في بعض أودية البادية السورية وكذلك لأغراض الري، إضافة إلى هذه السدود فقد نفذ الكثير من السدود لتخزين المياه من المسيلات، تروى بمياهها مساحة من الأراضي في البادية تقدر بنحو 950هكتاراً.حوض اليرموك: يشمل محافظات درعا والسويداء والقنيطرة. ويقع هذا الحوض في الجزء الجنوبي الغربي من سورية، ويستمد اسمه من نهر اليرموك، وتشمل أراضي الحوض السفوح الغربية لجبل العرب وسهول حوران وقسم من هضبة الجولان. ترفد نهر اليرموك مجموعة من المجاري المائية الموسمية أهمها : وادي الزيدي و الذهب و الهرير و العلان و الرقاد، تصب كلها في نهر اليرموك الدائم الجريان. أُقيم في حوض اليرموك 41سداً، إضافة لسد الوحدة (المقارن) الذي هو قيد الإنشاء بين سورية والأردن كانت الغاية من هذه السدود هي تأمين مياه الشرب وسقاية الثروة الحيوانية وتربية الأسماك والري. تخزن هذه السدود كمية من المياه تقدر بنحو 224.6مليون متر مكعب، عدا سد الوحدة الذي يخزن لوحده 225مليون م3، تروي هذه السدود مساحة من الأراضي تصل إلى 13.640ألف هكتار، إضافة لري وادي اليرموك من مياه سد الوحدة بدءاً من قاع الوادي وحتى ارتفاع 200م فوق مستوى سطح البحر وتقدر هذه المساحة بنحو 21.226ألف هكتار.حوض بردى والأعوج: أُقيم في هذا الحوض سبعة سدود، لأجل درء أخطار الفيضانات والترشيح لتغذية المياه الجوفية ولسقاية الثروة الحيوانية وكذلك لأغراض سياحية. تختزن هذه السدود كمية من المياه تبلغ نحو 8.282مليون متر مكعب، وتروي ما مساحته 17500هكتار من الأراضي في محافظة دمشق وريفها.حوض حلب: يتكون من حوضين، هما حوض نهر قويق وحوض سبخة الجبول، وقد أُقيم سدان في هذا الحوض، هما سد الساجور وسد السابع عشر من نيسان على نهر عفرين.ويمكن العودة إلى المجموعة الإحصائية السورية، للإطلاع على السدود المختلفة في سورية، حسب توزيعها على الأحواض المائية السورية.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
العلوم الإنسانية التاريخ جغرافيا