زوكوديان Zhoukoudian، تجُّمع لعدة مواقع أثرية، على مسافة 40كم إلى الجنوب الغربي من بكين في شمالي الصين . أكثرها أهمية هو الموقع رقم1، وهو مغارة كلسية كبيرة (140×40م) كشفها السويدي أندرسون J.C.Andersson، وبدأ التنقيب فيها الصيني بي ونزونغ Pei Wenzhong في عام 1929. ثم تجدد التنقيب على فترات متقطعة حتى الثمانينات من القرن العشرين، لقد تجاوزت سماكة الطبقات الأثرية في المغارة 50م، وأتت من هذه الطبقات مكتشفات أثرية بالغة الأهمية على كل صعيد، فقد عثر على جمجمة كاملة لإنسان أطلق عليه الكندي ديفيدسون بلاك D.Black اسم إنسان الصين البكيني، Sinanthropus Pekinensis، وهو أول وأقدم نوع من البشر وجد في منطقة جنوب شرقي آسيا، وقد تبين فيما بعد أن هذا النوع هو أحد أشكال إنسان الهومو اركتوس Homo-erectus الذي كان أول من خرج من القارة الإفريقية منتشراً في مختلف أرجاء آسيا وأوربا. كما عثر في المغارة على بقايا أكثر من أربعين شخصاً من أعمار مختلفة، وتعود هذه اللقى إلى 700000ـ200000سنة خلت. أعطت المغارة أيضاً دلائل هي الأقدم من نوعها على معرفة النار، إذ كشف عن طبقات من الرماد الكثيف ومواقد عديدة، وإن كان من الصعب الحكم فيما إذا كانت كل هذه الدلائل نتيجة إيقاد مقصود أم طبيعي للنار. أثارت مكتشفات الموقع قضية أكل اللحم البشري cannibalisme من قبل إنسان العصر الحجري القديم، وذلك بسبب وجود الكثير من العظام البشرية التي حملت آثار تكسير وتهشيم واضحين، وهي قضية لازالت موضع جدال بين الباحثين الذين يعتقد بعضهم بأن مثل هذا الأمر إن حصل فعلاً، فهو بدوافع دينية واعتقادية سادت بين الجماعات البشرية الأولى، وليس بدافع الجوع وحسب.أشتملت المغارة أيضاً على كميات كبيرة من الأدوات الحجرية، معظمها قواطع ومقاحف ومكاشط وأزاميل وأدوات مقّرضة ومسننة ومعاول وغير ذلك من الأدوات المصنعة من أحجار الكوارتز والكريستال والصوان، كما عثر على الكثير من بقايا الحيوانات كالثور والجاموس وبقر الوحش والجمل والأيل والغنم، وهناك الضبع والنمر والثعلب والطيور وغيرها.إضافة إلى المغارة الرئيسة، هناك الموقع رقم13، والموقع رقم15 اللذان أعطيـا آثاراً من عصر المغارة الرئيسة نفسها، ثم المغارة العليا Upper Cave، التي وجدت فيها آثار أرّخت بين 35000ـ15000سنة خلت، وضمت الأدوات الحجرية والعظمية والحلي والصدف والمغرة الحمراء، وكلها تدل على ممارسات شعائرية ودينية. يعد موقع زوكوديان أحد أهم المواقع العالمية التي أعطت معلومات غزيرة عن ظهور وانتشار الإنسان في منطقة جنوب شرقي آسيا. ولسرعة التنقيب السابق، فالموقع يخضع اليوم لمشروعات دراسية موثقة أملاً في الحصول على المزيد من المعلومات التي يضمها هذا الموقع المتميز، والمسجل على قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا