يُعد خوفو من أعظم ملوك الدولة المصرية القديمة. تولى حكم مصر نحو عام 2650ق.م، وذلك بعد موت أبيه سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة. ورد اسم خوفو في النصوص المصرية القديمة كما يلي: «خنوم خوف وي» و«خوفو».وترجمته «الإله خنوم يحميني»، والمتمعن في هذه التسمية، يرى العربية واضحة للعيان فيها، فالإله خنوم يصور على شكل كبش في الكتابة الهيروغليفية المصرية، ومصدر تسميته مادة غنم العربية، وخو  من المصدر إخاء مؤاخاة أو مواخاة، وفي العامية «الخوه» أي الحماية مقابل ما يدفعه الضعيف للقوي. وورد اسم خوفو عند مانتون «سوفس» Suphis، وعند هيرودوت في تاريخه Cheops.توفر لخوفو من الإمكانات ما لم يتوفر لملك قبله أو بعده من ملوك الدولة القديمة، فقد توفر له الصناع المهرة، الذين اكتسبوا خبرة عظيمة جرَاء بناء هرمين لأبيه الملك «سنفرو». كما توفر له مملكة واسعة يسودها السلام. وقد نتج من كل ما سلف ازدهار الاقتصاد المصري عامة، والتجارة خاصة؛ فقد عثر على اسم خوفو منقوشاً على محاجر منطقة في الصحراء الغربية، تقع إلى الشمال الشرقي من «أبو سنبل»، كما ظهر اسم خوفو أيضاً على آثار معبد مصري، عثر عليه في جبيل شمال بيروت الحالية، يعود تاريخه إلى عصر الدولة المصرية القديمة. وليس أدل على ازدهار التجارة في عهد خوفو من عثور علماء الآثار على خمس سفن موضوعة مفككة في حفر حول الهرم الأكبر، مصنوعة من الخشب المستورد من الساحل السوري، وقد بلغ طول إحدى السفن 43.55م، وارتفاعها عند المقدمة 5م، وعند المؤخرة 7م، وتتكون من 651 قطعة خشبية.كما ازدهرت العمارة في عهد خوفو، فقد شاد المعماريون أعظم وأكبر آبدة معمارية في عصره؛ هي الهرم الأكبر الذي بني ليكون مقبرة للملك، فقد شغل مساحة تقدر بثلاثة عشر فداناًًًًًً (الفدان يزيد قليلاً على 4000م2)، وبلغ ارتفاعه 146م. واستخدم في بنائه نحو مليونين وثلاثمئة ألف كتلة حجرية. تراوحت زنة الواحدة ما بين الطنين والنصف والثلاثة أطنان. يضاف إلى ما سبق مجموعة معمارية، لابد منها لبناء الهرم، ولخدمة روح الملك المتوفىّ، مثل معبد الوادي والمعبد الجنزي والطريق الصاعد الذي يصل بينهما. وغني عن القول، إن بناء كالذي سبق، احتاج إلى خزينة عامرة، وإلى إدارة منظمة، وإلى جيش من المهندسين وعلماء الرياضيات والفيزياء والفلك والعمال العاديين والمهرة.وفيما يتعلق بإدارة الدولة، فقد نجح خوفو في أن يكون على رأس حكم مركزي، لا ينازعه في سلطانه منازع، سواء أكان من البيت المالك، أم من الكهنة، أم من حكام الأقاليم، الذين بنوا قبورهم بجانب الهرم الأكبر، اعترافاً منهم بتبعيتهم له في الحياة الدنيا والآخرة. كما حرّم خوفو إقامة التماثيل لغير الملوك والآلهة؛ حتى لا تؤدى لها الطقوس التي كانت تؤدى لتماثيل الآلهة والملوك، ليصون للآلهة قداستها، ويحول دون ابتذال شعائرها وطقوسها، وليمنع محاكاة الأفراد للملك؛ كي يظل الفرق كبيراً بين الملك المقدس والأفراد.اتهم خوفو بأنه كان ظالماً قاسياً، سخر شعبه في بناء مقبرته، كما جاء في تاريخ هيرودوت، وشاع كذلك في العصور المتأخرة من تاريخ مصر. ولكن تؤكد الأبحاث الحديثة؛ أن خوفو كان محسناً لشعبه، إذ كان يوفر العمل لشعبه طوال أيام الفيضان  التي يتوقف فيها العمل بفلاحة الأرض - وكان يقدم للعمال الأجور العينية من مأكل ومشرب وملبس. وللوصول إلى الحقيقة، لابد من معالجة الأمور في إطارها الزماني والمكاني. ومن الخطأ الجسيم النظر إلى الماضي بعين الحاضر، فنجاح خوفو في مشروعاته العمرانية والاقتصادية والإدارية، يرجع إلى إيمان المصري بتعاليم دينه التي جعلت من الملك ظل الله على الأرض.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا