حمص مركز محافظة، قُدر عدد سكانها بنحو 665 ألف نسمة عام 2001، كانت تُسمى أيام السلوقيين «إيميسا» Emessa، وسُميت حمص بعد انتشار العربية. تشتهر بشدة رياحها ومتنزهاتها على العاصي، تقع في منطقة منبسطة من الأراضي الخصبة، تميل ميلاً خفيفاً نحو مجرى العاصي وبساتينه، الذي تقع في غربه الكلية الحربية ومساكن الوعر ومصفاة حمص، وفي شرقه حمص التراث والقلعة والإدارات وفروع الجامعة والتوسع العمراني الضخم. تُظهر حفرياتها أطلال المدينة الآرامية والهلينستية والرومانية، ومدافن لأمراء أسرة شمسيغرام العربية، التي حكمت عام 96ق.م، وأجزاء من سورها المندثر وأبوابه، التي لم يبق منها غير اسمها «هود» المسدود غرباً، التركمان والسباع جنوباً، وتدمر والدريب شرقاً، السوق شمالاً. واشتهر بحمص معبد الشمس بفضل ابنة كاهنه «جوليا دومنا»، سيدة بلاط روما إلى جانب زوجها سبتيموس سفيروس، ومن ثم كأم للأباطرة «المؤلهين» أبنائها ومن تبنتهم، وناقلة لعبادة إله الشمس من حمص إلى روما. انتشرت فيها المسيحية على يد بطرس الرسول ويوحنا الإنجيلي، وكثرت الدياميس والكنائس، ككنيسة أم الزنار التي يرجع تاريخها إلى 59م، وحوِّل معبد الشمس إلى كنيسة في أواخر القرن الرابع الميلادي، وبعد الفتح العربي الإسلامي لها على يد خالد بن الوليد وميسرة العبسي عام 16هـ/637م، شُيدت المساجد والجوامع، وحولت الكنيسة التي حلت محل معبد الشمس إلى مسجد، أخذ صورته شبه النهائية على يد نور الدين زنكي عام 560هـ/1127م بعد أن هدمته الزلازل، كما أخذ جامع خالد بن الوليد مظهره العمراني العثماني عام 1320هـ/1831م.عانت على مر التاريخ هجمات المتنافسين على حكمها، وتعرضت مرات ومرات للحرق والدمار، وفي الثمانينات اكتشفت مديرية الآثار أطلالاً مدفونة في أثناء إنجاز مشروع حي الأربعين، فحافظت على بعضها في موضعها، أما القشلة التركية فقد أُزيلت ليشاد مجمع دار الحكومة (السّراي) في موقعها، واجتث مبنى السراي الأثري وحُوِّل إلى محال تجارية، وحولت الخنادق المجاورة للسور إلى رقع خضراء (باب تدمر)، أو أحياء سكنية (حي الخندق)، اشتهرت قديماً بأنوالها اليدوية لصناعة النسيج والبسط وحوائج الاستحمام، إضافة إلى الألبسة الريفية والتقليدية، كالعبي والفراء والحطات والعقالات والجلابيات والشراويل المطرزة وبيوت الشعر والبسط وأدوات الفلاحة والتجهيزات الزراعية والأوعية المنزلية والخشبية والمعدنية والفخارية، والصناعات الغذائية. ويرجع إلى العصر المملوكي عمران بعض المساكن في المدينة، منها منزل شهيد السادس من أيار الشيخ عبد الحميد الزهراوي، الذي تحول إلى متحف صغير. توسعت المدينة أيام السلطان عبد الحميد شمالاً في الحي والشارع المنسوبين إليه (الحميدية)، ومن ثم الخالدية (نسبة للصحابي الجليل خالد بن الوليد)، كذلك غرباً في منطقة البغطاسية والمحطة، وفيما بينها انتشرت قصور الأثرياء من الأسر التي تناوبت على تسلم السلطة آنئذ بساحاتها الرخامية وحدائقها المبستنة وأقنيتها المتفرعة عن الساقية المسماة بالدبلان، التي كانت توفر ري الحدائق والبساتين والمياه المنزلية ومياه الشرب للمدينة عبر سبلها العامة والسَّقائين ومساجدها بمساعدة الناعورة. وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أُنجزت محطة سكة الحديد التي تصل حمص بخط الشرق السريع شمالاً، وبالساحل (طرابلس) غرباً، وبرياق والمدينة المنورة جنوباً.تزايد توسعها أيام الانتداب، بعد شق قناة الري الإسمنتية (ساقية الجديدة) بطاقة 8م3/ثا ما بين قطينة وحماة عبر حمص، ليتسارع بعد الاستقلال، وانتشرت شبكات البنى التحتية، المجارير والكهرباء والماء، واستحدثت فيها أول كلية حربية في سورية، وأخذ التوسع الصناعي سبيله إلى هذه المدينة بدءاً بمعمـل الســكر (1200طن/يوم) وملحقاته (لإنتاج العلف الحيواني من مخلفات الشوندر ومن كسبة بذور القطن) وإنتاج 520 طناً/يوم سمن نباتي مهدرج وزيت بذور القطن والنشاء والخميرة والغلوكوز والكحول والصابون، ثم المطاحن الآلية فمعمل الألبان (520 طناً/السنة)، ومعامل الطحينة والحلاوة ومعاصر الدبس ومصنع الخمور والمصابغ الفنية ومصفاة النفط (5.2 مليون طن/السنة) ومعامل حلج الأقطان والغزل والنسيج، وانتهاءً بالمعامل المشيدة في أوائل القرن الحادي والعشرين في ظاهر حمص جنوباً لإنتاج السماد الآزوتي (350 ألف طن أمونيا يوريا/سنة) وسماد الفوسفات الثلاثي (وحمض الفوسفور بطاقة 165 ألف طن، وحمض الكبريت بطاقة 40 ألف طن) ومعمل الطاقة.       نهر العاصي في ضواحي حمصنظمت الخدمات فيها بتوسيع الساحات العامة وتزيينها بالنوافير والرقع الخضراء، وشق الطرقات وتنظيم السير وإبعاد ساحات النقل العام (الكراجات) عن المركز لتخفيف ضغط حركة السير داخلها، وأُنشئت فيها جامعة البعث التي تنفرد من جامعات القطر بكلية الهندسة الكيمياوية والبترولية، إلى جانب الكليات والمعاهد المتخصصة الأخرى، كما اتسع عمران المدينة في الاتجاهات كلها، وخاصة باتجاه الوعر غرب بساتين العاصي التي ترويها ساقية الغمايا.يقدر امتداد مدينة حمص في أوائل القرن الحادي ,والعشرين بـ 14كم بالاتجاه الشمالي الشرقي (طريق سلمية) الجنوبي الغربي (طريق قطينة)، وبـ 11كم في كل من الاتجاهين الشمالي الجنوبي والشرقي الغربي، ووصلت حتى قريتي زيدل وفيروزة شرقاً. وفي إطار التخطيط العمراني، نُقلت مواضع الصناعات والحرف المقلقة للراحة إلى عدة مناطق صناعية، تركزت أهمها في الشمال جوار معمل السكر على طريق سلمية، وأخرى في الجنوب على طريق تدمر، كما شيدت مصفاة تكرير النفط في موقع مستقل غرب العاصي (على طريق طرطوس)، وهي تقوم بتسييل الغاز وضخه مع المشتقات النفطية إلى أهم مراكز المحافظات ومحطات الطاقة، كما تقوم بتصنيع فحم الكوك والمشتقات النفطية المختلفة. تتوسط مدينة حمص بلدتها التقليدية القديمة، وتعاد الحياة لتراثها بتشييد عمارات ذات هندسة معمارية متميزة.وتمتد محافظة حمص وسط سورية حتى الحدود مع الأردن والعراق جنوباً وشرقاً، وحتى الحدود مع لبنان غرباً، تحيط بها محافظات ريف دمشق جنوباً وطرطوس غرباً وحماة والرقة شمالاً، وأخيراً دير الزور من الشمال الشرقي، تعد أكبر محافظات القطر مساحة (42222كم2)، أي 22.8% من مساحة القطر.الجغرافية الطبيعيةمعظم مكوناتها من الصخور الكلسية، بدءاً بالجوراسية في أقصى الغرب، والكريتاسية في مرتفعاتها الجبلية من لبنان الشرقي والقلمون والتدمرية، ثم الباليوجينية في بقية النصف الجنوبي من المحافظة، فالنيوجينية البحيرية شرق العاصي، تستثنى منها الاندفاعية البازلتية غرب العاصي حيث أرض الوعر وجبل الحلو (1058م) وهضبة تلكلخ، وأخيراً تكوينات الدور الرابع الرسوبية القارية المفككة والكونغلوميرا في الحوضات بين الجبال وعند أقدامها.مدينة  حمص ومبنى المحافظةتضاريسها جنوباً بشرق منبسطة في الحماد، تتصف بخبراتها وبشرفتها المشرشرة (طراقات العلب)، كما تتصف البادية بأوديتها الواسعة الضحلة، وفيضاتها المتجهة بميولها نحو نهر الفرات، أما في الغرب والوسط فتسود المرتفعات الجبلية التي تفصل بينها الأحواض البينية المنبسطة، كحوض الدو وسهول حمص شرق نهر العاصي وسهل البقيعة غرباً. أهم جبالها في الشمال: أبو رجمين (1394م) والبويضة والبلعاس والشومرية، وعلى أطراف البادية: التدمرية الشرقية. مناخها متوسطي معتدل بارد ورطب ماطر شتاءً في الغرب ومعتدل حار جاف صيفاً، يتناقص الهطل باتجاه الشرق من 800مم إلى أقل من 100مم، مما يؤثر في وفرة المياه السطحية والجوفية والينابيع أو ندرتها، كما تزداد القارية بالاتجاه ذاته، وهذا ما جعل من المحافظة منطقتين بيئيتين رئيستين: البادية في الشرق والمعمورة في الغرب، يفصلهما خط الهطل 250مم. يخترقها نهر العاصي الذي نُظّم جريانه بسد بحيرة قطينة (250 مليون/م3) وسد الرستن (200مليون/م3)، كما ينبع من غربها نهر الكبير الجنوبي. أما مياه أودية البادية فقد حُجز بعضها خلف سدود سطحية، واستُخرجت مياهها الجوفية بالضخ والفجارات.تربتها تبعاً للتصنيف السلالي في الجبال الغربية فجة عادية متوسطية Xerorthents تسودها الأحراج المتوسطية الطبيعية وتكثر فيها الأشجار المثمرة، أما في سهل البقيعة فالتربة لينة عادية متوسطية عميقة Haplxerolls عالية الخصوبة للمحاصيل، وكذا الأمر في سهول العاصي وشرقيه ذات الترب الشابة البنية الفاتحة (المحمرة) المتوسطية العميقة Typic Xerochrepts، وفي الجبال التدمرية الشمالية تسود التربة ذاتها من النموذج الضحل الذي كان يغطيه مجتمع البطم الأطلسي، تسود إلى الشرق من ذلك في الجبال الترب الفجة العادية الصحراوية الضحلة Lithic Torrorthents، وفي الأحواض والمنبسطات الترب الجفافية العادية الكلسية Calcirthids وعليها نباتات البادية، باستثناء موح تدمر حيث تظهر الترب الجفافية العادية المالحة Salorthids ونباتات السباخ. أما الحيوانات البرية فهي ذاتها المنتشرة في أنحاء القطر لقدرتها على الحركة السريعة واتساع رقعة المحافظة، وقد كانت جبال منطقة حمص وأوديتها وما بينها من مسطحات مائية خير موئل لهذه الحيوانات.الجغرافية البشريةتعد ثاني محافظات القطر تبعاً لعدد السكان البالغين 1660 ألف نسمة عام 2001، أي 9% من سكان القطر، موزعين على ناحية مركز المحافظة (846000 نسمة) أي 51% وخمس مناطق أخرى هي: تلكلخ غرباً والقصير جنوباً والرستن شمالاً والمخرم وتدمر شرقاً. قُدرت أهم تجمعاتها السكنية كما يلي: تدمر 47416 نسمة، الرستن 41000 نسمة، تلبيسة 32000 نسمة، القصير 30000 نسمة، تلكلخ 17500 نسمة، كفرلاها 1670 نسمة، والقريتين 15436 نسمة، المشرفة 14620 نسمة، تلدو 14135 نسمة، شين 13500 نسمة، السخنة 13000 نسمة، تلذهب 10607 نسمة، مهين 10075 نسمة، الحصن 10000 نسمة. تم تخطيط المدن والقرى عمرانياً في النصف الثاني من القرن العشرين، وتم توفير خدمات البنية التحتية الأساسية، والخدمات الصحية. تقل نسبة الأمية لدى السكان الذين تزيد أعمارهم على 10 سنوات عن 10%، ربعهم من الذكور.تتوزع القوى العاملة في المحافظة على القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية كما يأتي: التجارية والسياحية والخدمات العامة 47%، في الصناعات المختلفة والحرف (المهن) 30%، وفي الفعاليات الزراعية - الرعوية 23%.الجغرافية الاقتصاديةتحوي أراضي المحافظة ثروات طبيعية مستثمرة، تصل طاقتها إلى مليون طن/سنة من الفوسفات في خنيفيس والصوانة، وتستخرج ملح الطعام من سبخة تدمر، والرمال الكوارتزية والغضار والجص قرب القريتين، والمارن قرب الرستن (لصناعة الإسمنت)، والنفط والغاز، وقد ظهر الأخير في عدة مواضع من وسط المحافظة وشرقيها، وثمة ثروات أخرى غير مستثمرة لقلة قيمتها اقتصادياً كالكبريت والبورون والحديد واليورانيوم.تقسم أراضي المحافظة إلى أراض رعوية 64% وأحراج 1.2% وغير صالحة للزراعة 23.8% وقابلة للزراعة 10% يُزرع ثلثاها، ويروى منها أقل من 20%. تعتمد الزراعة المسقية على الري بالراحة، بجوار نهري العاصي والكبير الجنوبي، إذ بلغت هندسة الري والسدود شأواً كبيراً منذ الألف الأول قبل الميلاد، بدلالة ترميم سد بحيرة قطينة على العاصي أيام الاسكندر المقدوني. كما تكثر على العاصي السدود التحويلية لري البساتين، وللاستفادة من طاقة جريانه في طحن الغلال. أهم مزروعاتها تبعاً لإنتاجها: الخضار والقمح والشوندر السكري والفول السوداني والقطن، وآلاف الأشجار: الكرمة واللوز والتفاح والزيتون والحمضيات. وتقدر ثروتها الحيوانية بأكثر من مليوني رأس من الغنم و160 ألف رأس من الأبقار و95 ألف رأس من الماعز و3.5 مليون طائر.في حمص 7180 منشأة صناعية، أي 9% من إجمالي القطر، أهمها منشأة تكرير النفط لإنتاج المشتقات النفطية غربي مدينة حمص، ومعامل الأسمدة (الآزوتية والفوسفاتية) عند قطينة، وثلاثة معامل للطاقة الكهروحرورية، يعمل أحدها على زيت الوقود في قطينة والآخران على الغاز الطبيعي في جندر جنوباً وفي الرستن شمالاً، ومعامل الأدوية والمستحضرات الصيدلانية والصناعات النسيجية والحرامات الصوفية والأحذية والألبسة الجاهزة وصناعة الإسمنت ودبغ الجلود وإنتاج السكر وتصنيع عصير العنب والفواكه وحفظها وصناعة الدبس والطحينة والحليب ومشتقاته.تخترقها شبكة مواصلات حديدية، تربط مناجم الفوسفات قرب تدمر بحمص، ومن ثم بشبكة حديد القطر التي تصل الساحل ولبنان بالداخل والشمال بالجنوب، وأخرى مزفتة جيدة في الاتجاهات كافة، تخدم المواصلات القطرية والدولية، وخاصة منها المزدوجة، كما تخدم مناطق المحافظة وريفها، يُضاف إلى ذلك اختراق المحافظة من قبل عدة أنابيب لنقل النفط الخام العراقي والسوري، متجهة إلى أماكن تصديرها على شواطئ البحر المتوسط، وكذلك أنابيب نقل الغاز والمشتقات النفطية من مصفاة حمص باتجاه أهم مدن القطر، وفي المحافظة مطاران صغيران في تدمر والضبعة.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا