حاتوشا Hattusha عاصمة الامبراطورية الحثية[ر]، التي تم الكشف عنها، تحت أنقاض موقع بوغازكوي Bogazkoy في شمالي وسط الأناضول. اكتُشفت المدينة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وعثر فيها بنهاية القرن المذكور على أول الرُقُم المسمارية للغة الحثية. بدأ التنقيب الأثري في الموقع، في مطلع القرن العشرين، من قبل جمعية الاستشراق الألمانية، واستمر بفترات متقطعة على امتداد القرن المشار إليه.تقع المدينة في منطقة جبلية تتخللها مرتفعات مختلفة، أهمها مرتفع بويوك ـ كاله Buyuk-Kala وبويوك ـ كايا Buyuk-Kaya. تعود آثار الاستيطان الأول في الموقع إلى العصر الحجري النحاسي، وقد استمر هذا الاستيطان في عصر البرونز القديم، في الألف الثالث ق.م، وفي عصر البرونز الوسيط أصبح الموقع مستوطنة تجارية آشورية (كاروم). إلا أن نشوء حاتوشا، عاصمة الدولة الحثية، يعود إلى القرن السادس عشر ق.م، في نهاية عصر البرونز الوسيط، وذلك على يد الحاكم الحثي حاتوشيلي الأول، ثم دُعمت على يد شوبيلوليوما في أوج قوة الامبراطورية الحثية في القرن الرابع عشر ق.م، إذ شُيدت مدينة ذات مخطط بيضوي، بطول 2كم تقريباً، أُحكم بناؤها لتتوافق مع المنطقة الجبلية الوعرة والأنهار المحيطة، وغدت نموذجاً لفن العمارة الحثي، المتميز بالفخامة والمتانة والاستخدام الكثيف للأعمدة والنوافذ والأبواب وللألواح الحجرية المختلفة.أحاط بالمدينة سور دفاعي أول، يليه سور ثان سماكته 8م، تعلوه الأبراج، وتخترقه ثلاث بوابات كبرى، تحرسها تماثيلُ «أبي الهول» عند البوابة الجنوبية و«الأُسُود» عند البوابة الغربية و«المحاربين» عند البوابة الشرقية، ويقود إلى داخل المدينة نفق حجري سرّي بطول 71م، تغطيه البلاطات الحجرية.تقوم في داخل السور أبنية المدينة الرئيسة، وأهمها القلعة «بويوك ـ كاله» وهي ذات شكل بيضوي (140×250م)، يحيط بها سور دفاعي تخترقه بوابة رئيسة. وقد بُنيت القلعة على ثلاثة مستويات متتالية، تتوسط المستوى الأول باحة مركزية (70×35م)، تقود بدورها إلى باحة أخرى، وتلتف حول الباحات أبنية تحيط بها الأروقة من كل جهاتها. في داخل القلعة يقع القصر، وهو بناء مربع ضلعه 33م، وهناك المكتبة، حيث عُثر على آلاف الرُقُم الكتابية، وبينها نص المعاهدة التي تمت بين الحثيين والمصريين، إثر معركة قادش الشهيرة في سورية في بداية القرن الثالث عشر ق.م، بينما تقوم الأبنية السكنية في الجزء الشمالي الغربي من القلعة. كُشف في المدينة عن خمسة معابد، شُيدت بشكل معزول في العراء، لكل منها مخططها الخاص، أربعة معابد تقوم في القسم الجنوبي من المدينة، والمعبد الخامس، وهو الأهم، معبد رب العاصفة، الذي شيد على مصطبة عالية في شمالي المدينة، ويتألف من قسمين رئيسين، كما هي حال المعابد الرافدية، تحيط الأروقة بباحته الرئيسة، وتلحق به المخازن والمستودعات والمشاغل وبيوت العاملين فيه.بلغت حاتوشا أوج ازدهارها بين عامي 1350 و1200ق.م، قبل أن تدمّر، على يد شعوب البحر غالباً، وتهجر لنحو ثلاثة قرون، ثم يعاد استيطانها من قبل المهاجرين الفريجيين (وهم أحد شعوب البحر القادمين من شبه جزيرة البلقان) الذين جددوا في القرن الثامن قبل الميلاد بناء أسوار المدينة وقلعتها ومعبدها وقصرها، والتي يُعتقد أن اسمها أضحى بيتريا Petria، التي ازدهرت في منتصف القرن السادس ق.م، قبل أن يدمرها الفرس بحسب ما أورده هيرودت.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم الإنسانية   التاريخ   جغرافيا