نيقولاي أندروتا تشاوشيسكو (أو تشياوشيسكو) Nicolae Andruta Ceausescu، سياسي ورجل دولة ورئيس روماني سابق، ولد في قرية سكورنيتشيستي Scornicesti التابعة لولاية أولتينية Oltinia جنوبي رومانية، كان أبوه فلاحاً فقيراً، فلم يتمكن من الإنفاق على دراسته، مما ولّد لديه حقداً على الطبقة الموسرة، فانصرف إلى قراءة كتب ماركس وإنغلز ولينين، وآمن بالأفكار الشيوعية، وفي سنة 1929، ذهب إلى بوخارست للعمل أجيراً عند صانع أحذية، وفي سنة 1932، انتسب إلى حزب العمال الروماني وبرز فيه، حتى إنه اختير لتمثيل شبيبة بوخارست سنة 1933 في مؤتمر لمناهضة الفاشية، ثم قُبض عليه بتهمة التحريض على الأحزاب، وتوزيع منشورات ضد النظام، ثم سُجن عدة مرات في السنوات التالية، وفي السجون تعرّف غيورغي ـ ديج Gheorghi-Dej، الذي صار فيما بعد السكرتير الأول لحزب العمال الروماني ثم رئيس الدولة.وفي سنة 1939، تعرّف تشاوشيسكو فتاة مؤمنة بالأفكار الاشتراكية مثله هي إيلينا بِتْرِسكو Elena Petrescu من مواليد 1919 فتزوجها، وشاركته في جميع مراحل حياته السياسية، وبعد استيلاء الشيوعيين على الحكم صار عضواً في اللجنة المركزية للحزب. وفي سنة 1955، صار عضواً في المكتب السياسي، وفي 2/10/1955، انتُخب غيورغي ـ ديج بالإجماع سكرتيراً للجنة المركزية لحزب العمال، فلما تُوفي بأزمة قلبية في 19/3/1965، صار تشاوشيسكو أميناً عاماً لحزب العمال الروماني الذي صار اسمه منذ 24/7/1965 الحزب الشيوعي الروماني، وبعد نحو شهر، في 21/8/1965، أضحت رومانية جمهورية اشتراكية بناءً على اقتراح تشاوشيسكو، الذي اقترح أيضاً، كأمين عام للحزب، التعاون مع باقي البلاد الاشتراكية، ولكن على أساس المساواة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الدولية، كما اقترح مساواة جميع المواطنين في رومانية، وإقامة علاقات مع جميع الدول مهما كان نظامها السياسي والاجتماعي، وهي اقتراحات تدل على آرائه في الحكم وميله إلى الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي في التصرف.وفي سنة 1967، بعد حرب حزيران بين العرب وإسرائيل، لم يشترك تشاوشيسكو في تصريح الكتلة الشيوعية المتعلق بالشرق الأوسط، بل اعترف بوجود الدولة اليهودية، ثم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي معها إلى درجة «سفارة»، وبنتيجة ذلك قطعت الجمهورية العربية السورية والسودان علاقاتهما مع بوخارست، بينما أعلنت مصر والعراق تجميد هذه العلاقات. وقامت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير بزيارة بوخارست عام 1972، وكان تشاوشيسكو قد زار مصر قبل ذلك، واجتمع إلى الرئيس أنور السادات، ساعياً للوساطة بين العرب واليهود. وله أثر في الخلاف العقائدي بين الصين والاتحاد السوفييتي الذي كان ينتقده بصورة لاذعة وخاصة عند اجتياح تشيكوسلوفاكية (سابقاً) وغزو أفغانستان.انتُخب تشاوشيسكو رئيساً للدولة الرومانية سنة 1974، وخلال مدة حكمه قويَ الاقتصاد وازدهرت الزراعة والعمران، حتى صارت رومانية تنتج 14مليون طن من النفط في العام، وصار يُكَرر داخلياً بدلاً من إرساله إلى المصافي السوفييتية والألمانية الشرقية لتكريره، وحققت الاكتفاء الذاتي في الصناعة، وكانت مبادلاتها التجارية تشمل أيضاً دول الكتلة الغربية، غير آبهة برأي الكوميكون (لجنة المساعدة المتبادلة)، وانسحبت من حلف وارسو.ولكن حكم تشاوشيسكو في رومانية، أخذ يتسم تدريجياً بسياسة عسكرية وبوليسية، فقد عمدت شرطته السرية إلى كمّ الأفواه وأحكمت الرقابة على حرية الكلام والإعلام، بينما كان يقوم هو وزوجته بتصرفات وصفها بعضعهم بـ «الجرائم»، بل إن سياسته الاقتصادية جعلته يعقد قروضاً كبّلت البلاد، وأجبرتها على اتباع سياسة تقشف، وساد التذمر بين مختلف طبقات الشعب، ومع أنه استطاع تسديد الديون فيما بعد، اشتدت المعارضة لحكمه بعد انهيار الكتلة الشيوعية في شرقي أوربة. وفي 22/12/1989، قامت مظاهرة في بلدة تيميسوارا Timisoara، فأمر تشاوشيسكو، بإطلاق النار على المتظاهرين، عندئذ ثار الشعب الروماني ضده وأيده الجيش، فقبض عليه وحكم عليه بالإعدام مع زوجته إيلينا، وقد نُفذ الحكم بتاريخ 25/12/1989، في بوخارست. وهكذا فإن تشاوشيسكو قد حقق استقلال رومانية في السياستين الخارجية والاقتصادية، ولكنه أساء التصرف داخلياً، مما عجل بنهايته المأساوية.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
العلوم الإنسانية التاريخ جغرافيا