ماركوس أنطونيوس Marcus Antonius، قائد روماني ينتمي إلى أسرة عريقة أنجبت في العصر الجمهوري عدداً من الرجال المشهورين الذين حملوا الاسم نفسه منهم والد ماركوس الشهير بلقب كريتيكوس نسبة إلى حملاته على جزيرة كريت، وجده الذي كان من كبار خطباء رومة.اتصف أنطونيوس بالذكاء والشجاعة وسرعة البديهة، وعُرف بكرمه ولباقته في كسب الأصدقاء، ولكنه كان يميل إلى حياة المجون فأثّر ذلك في مركزه السياسي.ظهرت مواهب ماركوس العسكرية عندما خدم في الجيش الروماني في سورية ومصر (57-55ق.م)، ثم التحق بيوليوس قيصر[ر] Julius Caesar وعمل تحت قيادته في إخضاع بلاد الغال (فرنسة اليوم) بين عامي 54ـ50ق.م، وأخلص له واتخذه مثله الأعلى، ودافع عنه تجاه خصومه الجمهوريين عندما تسلم منصب محامي الشعب عام 49ق.م.كان لماركوس أثر بارز في معركة فرسالوس الشهيرة (48ق.م)، فعهد إليه قيصر، حين صار دكتاتوراً، قيادة جيش الفرسان وتولي أمور إيطالية في أثناء غيابه ثم أقصاه عن مناصبه لسوء تصرفاته، فمكث بلا عمل رسمي حتى عام 44ق.م عندما اختاره قيصر زميلاً له في القنصلية.ولما صُرع قيصر في العام نفسه، أمسك أنطونيوس بزمام الأمور في رومة، غير أن ظهور أوكتافيوس Octavius [ر.أغسطس]، حفيد أخت قيصر وابنه بالتبني، الذي جاء يطالب بإرث خاله الأكبر، أفقد ماركوس تأييد الكثير من أنصار قيصر. كما نالت من مكانته خطَبُ شيشرون[ر] تنديداً به في مجلس الشيوخ. وانتهى الأمر في سنة 43ق.م إلى تحالف أوكتافيانوس Octavianus (وهو اسم أوكتافيوس بعد التبني) مع مجلس الشيوخ، وإعلان الحرب على أنطونيوس، الذي هُزم في معركة موتينه شمالي إيطالية، واضطر إلى الانسحاب إلى بلاد الغال، وهناك تلقى دعماً من حكام الولايات الغربية وعلى رأسهم لِبيدوس Lepidus فازداد مركزه قوة. ثم دفع تطور الأحداث أنصار قيصر إلى التفاهم وتوحيد قواهم. وهكذا التقى أنطونيوس ولبيدوس وأوكتافيانوس عام 43ق.م في شمالي إيطالية، واتفقوا على عقد تحالف سياسي بينهم مدة خمس سنوات عُرف باسم الحكم الثلاثي الثاني. ودخل الزعماء الثلاثة رومة وتسلموا زمام الأمور فيها، وبدؤوا حملة لملاحقة خصومهم السياسيين سقط ضحيتها الخطيب الشهير شيشرون وغيره من أعداء التحالف.ولما اكتملت استعداداتهم العسكرية، انطلق أنطونيوس وأوكتافيانوس على رأس جيوشهما إلى بلاد اليونان، وهناك جرت عام 42ق.م معركة فيليبي Philippi الحاسمة، التي هُزم فيها أنصار الحكم الجمهوري الأرستقراطي وقضى معظم زعمائهم، وكان لأنطونيوس اليد الطولى في ذلك النصر. بدأ أنطونيوس بعد ذلك جولة في الولايات الشرقية الرومانية لتفقد أحوالها، ولما وصل إلى مدينة طرسوس في كيليكية جاءته ملكة مصر البطلمية كليوباترة[ر]، التي كان قد استدعاها لمحاسبتها على ترددها في تقديم الدعم له، فأُغرم بها وأمضى شتاء عام 41/40ق.م عندها في الاسكندرية.وفي ربيع عام 40ق.م غزا الفرثيون[ر] آسيا الصغرى وسورية فأسرع أنطونيوس لمواجهتهم، ووصلت إليه أنباء من إيطالية عن هزيمة أنصاره بقيادة زوجته فولفيه وأخيه لوكيوس أمام زميله في الحكم أوكتافيانوس، فأبحر بقواته إلى إيطالية وكاد ينشب الصراع بين الحليفين، ولكنهما سوّيا خلافاتهما في اتفاق برونديزيوم الذي نال أنطونيوس بموجبه حكم المشرق الروماني، على حين احتفظ أوكتافيانوس بالولايات الغربية، وأُعطيت ولاية شمالي إفريقية للحليف الثالث لبيدوس. وتزوج أنطونيوس أوكتافية (شقيقة أوكتافيانوس) توطيداً لهذا الاتفاق، وانطلق معها إلى أثينة، التي أمضى فيها سنتين يدير أمور المشرق قبل أن يعود ثانية إلى إيطالية لتجديد اتفاق الحكم الثلاثي لخمس سنوات أخرى من عام 37ق.م، ثمّ توجه إلى أنطاكية[ر] في سورية وبدأ يعد العدة لمحاربة الفرثيين. ولمّا كان بحاجة إلى الأموال والإمدادات من مصر منح كليوباترة بعض المناطق في سورية مقابل دعمها له، وهذا يؤكد أن العلاقة بينهما كانت ذات طبيعة سياسية أيضاً.ولمّا لم تحقق حملة أنطونيوس الأولى على الفرثيين الأهداف المرجوة منها بدأ استعداداته لحملة جديدة، ولكن خاب أمله في المساعدات الهزيلة التي أرسلها له أوكتافيانوس مع أخته أوكتافية، فأعادها إلى رومة وأعلن زواجه كليوباترة، ثمّ قام بحملة كبيرة على المملكة الفرثية فاستولى على أرمينية وأسر ملكها، واحتفل بانتصاره في الاسكندرية بدلاً من رومة. ومع أن الرومان أصيبوا بخيبة أمل من تصرفات أنطونيوس، فقد بقي له كثير من الأنصار في رومة، حتى إن القنصلين وعدداً كبيراً من أعضاء مجلس الشيوخ وقفوا إلى جانبه والتحقوا به في المشرق حين اندلع النزاع بينه وبين أوكتافيانوس.بدأت حربٌ دعائيةٌ بين الطرفين تمكن فيها أوكتافيانوس من تشويه صورة أنطونيوس في أعين الرومان وإظهاره صنيعة كليوباترة، وذلك باستيلائه عنوة على وصية أنطونيوس (المزعومة) ونشرها على الملأ. وما إن اكتملت استعدادات الطرفين حتى التقت جيوشهما في بلاد اليونان التي جرت فيها معركة أكتيوم الحاسمة Actium (أيلول 31ق.م). وقد تمكنت كليوباترة من اختراق الحصار البحري الذي فرضه أغريبا[ر] (قائد أوكتافيانوس) والإبحار إلى الاسكندرية وتبعها أنطونيوس تاركاً جيشه بلا قائد، ولما وصل أوكتافيانوس بجيوشه إلى الاسكندرية عام 30ق.م، تقرر مصير أنطونيوس فأقدم على الانتحار، ولحقت به كليوباترة منتحرة بعد أيام.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
العلوم الإنسانية التاريخ جغرافيا