توماس هَنْت مورغَن Thomas Hunt Morgan عالم وراثة أمريكي، وُلد في مدينة لكسِنغتون Lexington بولاية كِنتََكي Kentucky. اهتم منذ طفولته بالعلوم الطبيعية. تلقى إجازته الجامعية الأولى عام 1886 من جامعة كِنتَكي، ونال منها درجة الماجستير عام 8881، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins عام 1890.في عام 1891 عُين مورغن أستاذاً مساعداً لعلوم الأحياء (البيولوجيا) biology في كلية برين مور Bryn Mawr للنساء، وكان غالباً ما يضمّن نتائج بحوثه في محاضراته. ومع أنه كان محاضراً جيداً إلا أن اهتمامه الأساس كان منحصراً في البحث المخبري. وفي عام 1894 مُنح إجازة دراسية لإجراء بحوث في مختبرات المحطة الحيوانية Stazione Zoologica  في نابولي في إيطاليا. وهناك تعرَّف العالم الألماني هانس دريش Hans Driesch، وتأثر بأفكاره الخاصة باستخدام الطرائق التجريبية في البحوث، أكثر من استخدام الطريقة الوصفية فيها، ولاسيَّما في مجال علم الجنين الذي كان موضع اهتمامه الرئيس في تلك المرحلة من حياته. عاد مورغن إلى كلية برين مور عام 1895، ورُقِّي فيها إلى رتبة أستاذ؛ وفي عام 1897 نشر أول كتبه، وكان عنوانه «تطور بيضة الضفدع» Development of Frog’s Egg، وأتبعه بكتاب «التجدُّد» Regeneration عام 1901 بعد أن أجرى بحوثاً على التجدُّد في الأسماك والضفدع ودودة الأرض.في عام  1903 تزوج مورغن تلميذته السابقة ليليان سمبسون Lilian Sampson التي كانت تساعده كثيراً على تنفيذ بحوثه. وفي العام ذاته انتقل إلى جامعة كولومبيا Columbia University في نيويورك، وعيِّن فيها أستاذ علم الحيوان التجريبي، واستقر فيها حتى عام 1928.بمجرد إعادة اكتشاف قانوني مندل في مطلع القرن العشرين بدأ الاهتمام يتزايد بشأن مفهوميهما ودلالتهما. وكان لابد أن يكون وراءهما آلية خلوية بسيطة نسبياً تفسر كيفية التوزيع الحقيقي للـ «عوامل الوراثية» عند تكوين كل من الأفراد الجدد. ويُعدُّ ساتون Sutton أول من أطلق في عام 1903 فكرة كون الصبغيات chromosomes النواقل الحقيقية للوراثة. وتبعه بوفِري Boveri بذلك في العام التالي. وكان هذا الاكتشاف إثباتاً مهماً لاستمرارية الحياة من جيل إلى آخر، وقد تميز بكونه قابلاً للإثبات العلمي على عكس الافتراضات النظرية لداروين Darwin بشأن نشوء الإنسان وتطوره.في عام 1910 بدأ مورغن بحوثه في الوراثة، وقد قادته دراساته إلى اكتشافات مهمة في شأن وظائف الصبغيات كنواقل للوراثة، وكان من أسباب نجاحاته العديدة قدرته على الربط بين طريقتين مهمتين في بحوث الوراثة، هما الطريقة الوراثية - الإحصائية التي استخدمها مندل، والطريقة المجهرية. يُضاف إلى ذلك في اختياره الموفق لذبابة الخلّ[ر] Drosophila melanogaster مادة التجارب في أبحاثه، إذ إن هذه الحشرة الصغيرة الحجم يمكن حفظها وتربيتها ومعاملتها بسهولة في المختبر، وهي تتكاثر على مدار السنة، ويمكن الحصول على أجيال كثيرة منها سنوياً. كما يمكن تمييز الجنسين بعضهما عن بعض بسهولة؛ إضافة إلى أن عدد صبغياتها هو أربعة أشفاع فقط.وفي أثناء هذه الفترة استقطب مورغن عدداً من طلاب الدراسات العليا المتميزين مساعدين له، وكان في مقدمتهم أ. هـ. سترتيفنت A.H.Sturtevant و س. د. بريدجز C.D.Bridges وهـ. ج. مولّر H.J.Muller (الذي حصل على جائزة نوبل عام 1946)، وصار هؤلاء فيما بعد من كبار علماء الوراثة. وقد تميز مورغن  بتشجيع طلابه ومنحهم الدعم العلمي والحرية المناسبة لتأدية أبحاثهم بإشرافه. وكان اقتصادياً ومدبِّراً في صرف المال لشراء التجهيزات، ولكنه - كما قال سترتيفنت - كان كريماً في توفير العون المالي لطلابه. وفي أثناء الربع الأول من القرن العشرين؛ إذ كانت وسائل البحث قليلة وإمكاناته غير وفرة؛ لم يكن أحد من الباحثين يعتقد أن عالِماً سيتمكن من اختراق مجاهل الوراثة على النحو الذي فعله مورغن، وأن يقترح الآليات الموجودة وراء نتائج التهجين في الحيوان والنبات؛ وكونها موجودة في الصبغيات التي لايمكن رؤيتها سوى بالمجهر على هيئة «عوامل وراثية» - تُعرف اليوم باسم مورثات genes (جينات) - مرتبة في مجموعات ارتباطية linkage groups يمكن أن يحدث العبور crossing-over بين بعض منها مع بعض آخر، والأمر البالغ الأهمية أن مورغن توصل إلى معرفة ذلك بطرائق إحصائية. وقد أظهرت دراسات كثيرة لاحقة أن قوانين مورغن لا تنطبق على ذبابة الخلّ فحسب، بل إنها حقائق تحدث أيضاً عند جميع الكائنات الحية.حصل مورغن على منح مالية من معهد كارنيغي Carnegie Institute في واشنطن  لتنفيذ أبحاثه، وذلك بعد أن ثمَّن هذا المعهد أهمية البحوث التي ينفذها مع طلابه. وكانت هذه المنح سخية، وأتت في وقت لم تكن الجامعات الحكومية قادرة على تمويل البحوث الأساسية، كما أن المنح البحثية الرسمية من السلطات الفدرالية لم تكن قد بدأت. مثَّلت الفترة التي قضاها مورغن في جامعة كولومبيا ريعان نشاطه، وكان شجاعاً في تحدي عدد من المعتقدات العلمية السائدة آنذاك، إذ لم يكن راضياً عن كثير من المعالجات المتعلقة بعلم الوراثة الذي بدأ ينمو سريعاً بعد إعادة اكتشاف قانوني مندل، والتي استمرت بين عامي 1901 ـ 1909. وهزأ بتفسيرات نتائج في التربية breeding كانت تُشير إلى »عوامل وراثية« من دون أن تقدم تفسيراً لأماكن وجودها. وأراد دوماً أن يعرف الماهية المادية لهذه العوامل الوراثية، وكان الرأي السائد آنذاك أنه لايمكن أن تكون الصبغيات أماكن تمركز العوامل الوراثية. ظلت ذبابة الخلّ مرتبطة باسمه على الدوام. واكتشف بعد مباشرته استخدامها حدوث طفرة لون العيون البيضاء فيها، وأدى ذلك إلى اكتشافه الوراثة المرتبطة بالجنس sex- linked inheritance، وتلا ذلك اكتشاف طفرة الجناح المختزل، وهي أيضاً مرتبطة بالجنس، ومن ثم وضع نظرية حول «الترتيب الخطي» linear arrangement للمورثات في الصبغيات، ووسع هذه النظرية في كتابه «آلية الوراثة المندلية» Mechanism of Mendelian Heredity عام 1915. كما نجح مع طلابه في اكتشاف أعداد كبيرة من الطفرات في هذه الحشرة، مما ساعدهم على تطوير ظاهرتي الارتباط linkage والعبور crossing-over. وقد اقترح أن نسب العبور تدل على المسافات التي تفصل بين المورثات المرتبطة بعضها مع بعض على الصبغي. وقد واجهت مكتشفاته مقاومة شديدة من بعض العلماء، ولاسيما نظرية العبور، ولكنها تلاشت حالما أمكن مشاهدة هذه الظاهرة بوساطة المجهر. وقد اقترح العالم الإنكليزي ج. ب. إس. هالدين G.B.S.Haldane تسمية وحدة المسافة بين مورثتين مرتبطتين معاً «سنتيمورغن» centimorgan (cM). وساعده طلابه في تلك المدة على تحديد الصبغيات نواقل للمادة الوراثية، وفي مقدمتهم سترتيفنت الذي تفهم إمكان وجود ترتيب خطي للعوامل الوراثية المرتبطة بالجنس، وتمكن من وضع أول خريطة وراثية genetic map عام 1913.تلقى مورغن دعوة للانتقال إلى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology (Caltech) في باسادينا Pasadena؛ ليعمل أستاذاً لعلم الأحياء ومديراً لمختبرات غ. كيرشكهوف G.Kerchkoff، فوافق عليها والتحق بهذا المعهد عام 1928 ، وظل فيه حتى عام 1945. وقد أحضر معه إلى هذا المعهد كلاً من سترتيفنت وبريدجز وت. دوبزنسكي T.Dobzhansky.تابع مورغن بحوثه في هذا المعهد حيث زاره كثير من علماء الوراثة من الولايات المتحدة الأمريكية ومن خارجها، واطلعوا على دراساته ودراسات زملائه. ولسمعته العلمية الجيدة وأبحاثه القيمة، حصل على منح مالية قيمة من مؤسسة روكفلرRockefeller Foundation ومن جهات مانحة عديدة أخرى، ودعمته تلك المنح لتنفيذ البحوث في المعهد المذكور الذي كان مؤسسة علمية خاصة بحاجة إلى الدعم المالي.حصل مورغن على تمديدين لعقد عمله في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ومن ثم تقاعد عام 1942. لكنه احتفظ بمكتب له قريب من القسم الذي كان يعمل فيه، واستمر في العمل المخبري.على الرغم من اهتمامه الكبير بالوراثة التي خصص لبحوثها جلّ وقته؛ فإنه كان مهتماً أيضاً بعلم الجنين embryology؛ ولاسيما في أثناء السنوات الأخيرة من عمره.الوظائف والجوائز التقديريةانتُخب مورغن عضواً في الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية National Academy of Sciences، وعُيِّن عضواً (أجنبياً) في الجمعية الملكية Royal Society في لندن عام 1919، ومُنح جائزة داروين Darwin Award عام 1922.وفي عام 1933 مُنح توماس هنت مورغن جائزة نوبل للطب أو الفيزيولوجيا تقديراً لمكتشفاته المتعلقة بالصبغيات والمورثات، ولاكتشافه طفرة العيون البيضاء في ذبابة الخلّ، وكان أول شخص يُمنح هذه الجائزة في علم الوراثة. وفي عام 1939 مُنح ميدالية كوبلي Copley Medal من الجمعية الملكية.تكريماً لمورغن؛ فإن جمعية الوراثة الأمريكية Genetic Society of America تمنح سنوياً «ميدالية توماس هنت مورغن» The Thomas Hunt Morgan Medal  أحد أعضائها الذي يحقق إسهامات قيِّمة في علم الوراثة. وقد كتب إريك كاندل Eric Kandel الحائز  جائزة نوبل قائلاً ما معناه: «لقد أدّت بصيرة داروين لنشوء الأنواع الحيوانية إلى عدّ بيولوجيا القرن التاسع عشر علماً وصفياً، في حين ساعدت مكتشفات مورغن حول المورثات ومواقعها على الصبغيات على تحويل البيولوجيا إلى علم تجريبي».مؤلفاتهألَّف مورغن في أثناء حياته العلمية 370 ورقة علمية و22 كتاباً، منها الكتب الآتية التي تُعد كتباً كلاسيكية مهمة في موضوعاتها:- الوراثة والجنس Heredity and Sex ت(1913).- الأسس المادية للوراثة The Physical Basis of Heredity ت(1919).- علم الجنين والوراثة Embryology and Genetics ت(1924).- النشوء والوراثة Evolution and Genetics ت(1925).- نظرية المورثة (الجين) The Theory of the Gene ت(1926).- علم الجنين التجريبي Experimental Embryology ت(1927).- الأساس العلمي للنشوء The Scientific Basis of Evolution (الطبعة الثانية، 1935).أنجب مورغن وزوجته ابناً وثلاث بنات، وقد عانى طوال حياته  قرحةً مزمنة في الاثني عشر، وتُوفِّي في باسادينا إثر هجمة حادة أدت إلى انفجار شرياني.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

العلوم التطبيقية  زراعة  بيطرة