كبير Kabir شاعر وصوفي هندي، صاحب طريقة دينية واسعة الانتشار، حاول أن يزاوج فيها بين الفكر الإسلامي والفكر الهندوسي، وكان يعظ بأن جوهر الديانات كافة واحد، ويؤكد المساواة بين جميع البشر. وتعد تعاليمه تمهيداً لمذهب السيخ Sikhism الذي أسسه تلميذه نانَك Nãnak.ليس ثمة معلومات موثوقة حول ولادة كبير، فهي مغلفة بالأساطير والغموض، إذ يختلف الثقات حول نسبه ومكان ولادته. تقول إحدى هذه الأساطير بولادةٍ عذريةٍ مقدسة، فوالدته التي تتحدر من أصل براهماني حملت به على أثر زيارتها معبداً هندوسياً، ولما لم تكن متزوجة فقد تخلت عن المولود الذي وجده نسّاج مسلم فرباه وعلمه. لكن كبير تأثّر لاحقاً بتعاليم الناسك الهندوسي رامانَنْدا Rãmãnanda، فأخذ -حسب ظنه- أفضل ما في العقيدتين وبلور عقيدته التي أسماها «الاتحاد البسيط» Sahaja-yoga والتي تطورت عنها مذاهب عدة، أهمها «مذهب كبير التوحيدي» Kabirpanth والسيخ. قبل كبير من الهندوسية فكرة التناسخ reincarnation وقانون الكارما karma (الثواب أو العقاب لأفعال الإنسان في حياة أخرى)، لكنه رفض عبادة الأوثان والرهبنة ونظام الطبقات الاجتماعية المغلقة caste system، وأخذ عن الإسلام وحدانية الله وتساوي البشر أمامه، إضافة إلى تأثره بأفكار التصوف الإسلامي. ومن ثم تميزت طريقته بسمات أربع: عبادة رب واحد، وتدوين كل ما يرتبط بالدين باللغة المحكية لتحقيق التأثير والانتشار، وتبجيل رجل الدين المعلِّم، والقطيعة مع نظام التفرقة بين الطبقات الاجتماعية.ينسب إلى كبير في الهند نحو مئة عمل أدبي فكري، إلا أنها في واقع الأمر من وضع تلامذته وأتباعه الكثر. وحتى كتابه الرئيسي «بذرة المعرفة» Bijak (1500)، وهو الكتاب المقدس حتى اليوم عند معتنقي «مذهب كبير التوحيدي»، ليس كله من تأليفه. ولكن بما أن كثيراً من قصائد «بذرة المعرفة» قد تكررت لاحقاً في «كتاب المعلم الكبير» Adi Granth (1604) وهو كتاب السيخ المقدس، فلا شك في أن مجموعة قصائد (أو أناشيد) «بذرة المعرفة» تحظى بأهمية كبيرة.يُقال إن كبير لم يخطّ في حياته كلمة واحدة، لكن تلامذته وأتباعه هم الذين دونوا وجمعوا قصائده التي لا تحصى. ولا ينبع الإعجاب العميق بها من قيمتها الفنية، بل من بساطة اللغة التي تزخر بالصور المعبرة فتجد طريقها المؤثّر حتى إلى أبسط الناس فتوقظ في قلوبهم حساً دينياً نقياً، وكذلك من إيقاعاتها الاستثنائية التي تُقارب سلطتها التعاويذ السحرية. لا يوجد في الشعر الهندي أبرع من كبير في تكثيف أفكاره والتعبير عنها في أبيات موجزة. لكنه يلجأ أحياناً إلى لغة ملغزةٍ عصية على فهم غير أتباعه، وهي اللغة التي أخذها من كبار معلمي اليوغا Yoga في شمالي الهند، وذلك بجانب مفردات وصور مستقاة من الحياة اليومية كغلالة يحيط بها الشأن الغيبي الذي تصوره القصيدة. كما تتردد في قصائده مفاهيم اليوغا ومصطلحاتها. إلا أن كبير لا يبغي تحقيق الأثر السحري للكلام، بل المعرفة؛ معرفة الرب الواحد الذي يعبده البشر بأسماء مختلفة ومتعددة، والذي لا يكشف عن نفسه إلا في روح الفرد على نحو سري مفعم بالرحمة. وكسائر الديانات الأخرى يعظ كبير بـ«حب الرب» Bhakti، وهذا الحب عنده ليس إلا منَّة إلهية تسعف الفرد في توجهه الخالص إلى الرب الواحد، إذا مارس الفرد تمرينات اليوغا بغرض التركيز على الرب وإقصاء العالم التافه والخطير عن الذهن.إن أهم أجزاء الكتاب هي الفصول الآتية: «الروح الضالة» Ramaini، ويضم 84 نشيداً، و«الكلمة» Sabda ويضم 115 نشيداً، و«الشهادة» Sakhi ويضم 115 حكمة، كل منها في بيتين من وزن دوها Doha الثنائي التفعيلة. واللغة المحكية التي استخدمت لتدوين قصائد الكتاب هي أدڤاهي Advahi الممتزجة بعناصر من لغة راجستان Rajastan والبنجاب Panjab. ونتيجة لتلغيز اللغة في بعض المقاطع؛ فإن الشرّاح المحدثين غير قادرين على تأويلها، ولهذا فإن ترجمة رابندرانات طاغور [ر] لمجموعة قصائد الكتاب إلى الإنكليزية تنطلق من فهمه وتأويله الذاتي لها.توفي كبير في مدينة مغهار Maghar.
المراجع
الموسوعة.العربية
التصانيف
الآداب اللغات وآدابها الآداب الاخرى