ريونوسوك أكوتاغاوا Ryunosuke Akutagawa روائي ياباني ولد وتوفي في طوكيو. لم يعرف الأدب الياباني الحديث أديباً تألق بمثل السرعة التي تألق بها. كان طالباً يدرس الأدب الإنكليزي في جامعة طوكيو حين نشر عام 1914 بضع ترجمات، ربما كان أهمها للأديب الفرنسي أناتول فرانس[ر]، ثم نشر مجموعة من القصص القصيرة أهمها «راشومون» Rashômon. وفي عام 1916 لفتت قصته القصيرة «الأنف» الأنظار إليه، وأصبح أكوتاغاوا في أقل من عام كاتباً على قدر كبير من الشهرة. ومنذ ذلك الحين وبثقة كبيرة بالنفس أدهشت معاصريه، أصبح ينتج كل سنة عدداً من الأعمال الروائية، أردفها منذ عام 1922 بمقالات وقصائد شعرية وبمجموعات من الحكم والأقوال المأثورة. لكن صحته ما لبثت أن تدهورت وتملكه خوف شديد من أن يفقد عقله، لأن أمه أصابها مسّ من الجنون بعد إنجابه بوقت قصير. وسرعان ما أدى به مزاجه العصبي وطبيعته المتشائمة إلى وضع حدّ لحياته في تموز من عام 1927.تتصف قصص أكوتاغاوا القصيرة التي تكاد تؤلف جلّ نتاجه الأدبي بكونها مزيجاً من الخيال والواقع، ومن الهذيان والتبصّر. ففي كتاباته الأولى أعاد إلى الحياة الماضي المنحدر من عصور  كثيرة متنوعة، وتفنن في التقليد وفي ابتكار أساليب جديدة. لكن ذلك كله كان وسيلة للتخفي، ويستدل على ذلك من عنوانات مجموعاته القصصية، فقد أطلق على إحداها اسم «محرّك الدمى» Le Montreur de Poupées، وأعطى أخرى عنوان «دوّامة الأخيلة» Manége d'ombres، ومع سعيه الحثيث إلى التواري فإن قارئ أعماله لا يفوته أن يشعر بوجوده في كل سطر، فهو يتعرف أسلوبه المميز بسهولة، فلغته غاية في النقاء، وعلى جانب كبير من الدقة والانتظام، وهو يقصّ حكايته بحنكة بالغة ليصل بها إلى عالم الخيال، ثم لا يلبث أن يظهر فجأة وسط مشهد من الحياة الواقعية، فيبدأ بوصف الهواجس التي تنتابه والتي عصفت به. وفي عام 1915 في الأسطر الأولى لقصته القصيرة «راشومون» أو «باب الجحيم» La porte de l'enfer التي لا تزيد صفحاتها على عشر، برز أكوتاغاوا أديباً متمكناً من لغته وأسلوبه، فموضوع القصة مستقى من العصور الوسطى الحافلة بالحروب والكوارث، وبطلها شخص واحد، أما أحداثها فتقع أمام باب راشومون الذي كان من أكثر المناطق ازدحاماً في العاصمة. يركز الكاتب في قصته هذه على دقائق متناهية في الصغر، تجرح بحدّتها الخيال وتعكس القبيح: بَثْرة في الوجه، وحشرة تقف ساكنة على الخشب الأحمر. في هذا المكان الكئيب يصّور أكوتاغاوا نبضات غير منتظمة لقلب متأرجح بين اليأس والرحمة والعنف.في عام 1916 عندما ألف أكوتاغاوا قصة «الأنف» التي تدور أحداثها، كسابقتها، في العصور الوسطى، بدت اللهجة مختلفة وكذلك الموضوع: فهي تدور حول راهب متأذٍ من أنفه الطويل المتدلي على ذقنه، يحاول بشتى الوسائل التخلص منه، وبعد أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من النجاح في مسعاه المحموم يخفق للمرة الأخيرة. يعكس القاص الإحباط المستمر الذي يعاني منه الراهب بجمل خاطفة، تكاد فيها الحيوية أن تخفي تماماً الشعور العميق بالمرارة.لم يكن قد مضى على كتابته «الأنف» بضعة أشهر حين ابتدع سلسلة من الأوهام في روايته «التبغ والشيطان» Le diable et le tabac التي يسلّط فيها الضوء على شيطان الغرب ويزيل الأقنعة عن بعض الشخصيات المشهورة، ويهاجم الأخلاقيات الجاهزة والمفروضة. وفي مؤلفات أخرى يعيد الاحترام  لكائنات لفظها المجتمع.لم يكن وضع أكوتاغاوا النفسي والذهني بمعزل عن الأحداث الخارجية، فالأزمة الاقتصادية وتصاعد الحركة العمالية والتبدلات التي غيّرت معالم طوكيو باتت تنذر بتقلبات جذرية مما زاد من حدة تشاؤمه واكتئابه، ومع أنه تفادى طويلاً الحديث عن نفسه فقد خلف وراءه عدة نصوص تفيض بالمرارة، كتبها في السنة التي اختار فيها أن يلقى الموت ونشرت بعد وفاته. من أهمها: «الشراك» Engrenages و«حوار في الظلمات» Dialogue dans les ténèbres  و«حياة أحمق» La vie d'un idiot و«خيط العنكبوت» و«صور جهنمية»  Figures infernales وغيرها.قلّما عرفت الأجيال اليابانية بعده نتاجاً أدبياً بمثل هذا التألق في لغته الشديدة النقاء التي تمزج الخيال بالواقع. وقد أصبح اسم أكوتاغاوا جزءاً لا يتجزأ من أساطير اليابان.

المراجع

الموسوعة.العربية

التصانيف

الآداب   اللغات وآدابها   الآداب الاخرى